تفاصيل الخبر

لا يجوز إعطاء حزب الله أي نصر سياسي يعوّض فيه خسائره نتيجة العقوبات!

23/11/2018
لا يجوز إعطاء حزب الله أي نصر سياسي  يعوّض فيه خسائره نتيجة العقوبات!

لا يجوز إعطاء حزب الله أي نصر سياسي يعوّض فيه خسائره نتيجة العقوبات!

في الوقت الذي تبدو فيه ولادة الحكومة العتيدة متعثرة لسبب معلن هي تمثيل الوزراء السنة من <8 آذار>، فإن ثمة أسباباً غير معلنة ترى أوساط سياسية متابعة انها قائمة وهي تعرقل عملياً الاتفاق على صدور المراسيم. وعلى رغم اصرار الرئيس المكلف سعد الحريري وقياديين سياسيين آخرين على القول أن لا أبعاد دولية أو اقليمية وراء تعثر تشكيل الحكومة، فإن المراجع المتابعة تعيد الى الأذهان سلسلة تحركات حصلت بالتزامن مع البحث في ولادة الحكومة، من أبرزها الزيارة التي قام بها لبيروت نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون سوريا <جويل رايبرن> الذي التقى عدداً من المسؤولين ومجموعة من السياسيين، لكنه لم يزر قصر بعبدا ولا تحاور هاتفياً مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كما درجت العادة في كل مرة كان يأتي الى لبنان مسؤول أميركي سواء كان رفيعاً أو عسكرياً. وتتحدث المعلومات عن ان <رايبرن> استعمل لغتين وفقاً لطبيعة محدثيه، فهو كان حيناً ديبلوماسياً يختار كلماته بدقة وتأنٍ، وأحياناً أخرى ينزع قفازات الحرير ليتحدث بحدة عن <المخاوف> الأميركية من <نصر> سياسي يحققه حزب الله على الساحة اللبنانية الداخلية بالتزامن مع تطويقه بسلسلة عقوبات تطاول مقربين منه حيناً، وسياسيين أو حلفاء أحياناً.

وفي الوقت الذي تتحدث فيه المراجع المتابعة عن ترابط ما يكمن بين ما قاله <رايبرن> في لبنان، وبين تعثر تشكيل الحكومة وبروز تصلب في مواقف أكثر من طرف وان لم تكن الأسباب واحدة، يستذكر أحد الذين حضروا لقاء مع <رايبرن> في احد الفنادق، بعض ما قاله المسؤول الأميركي في معرض توجيه الانتقاد لحزب الله، عن حضور الحزب في صراعات الاقليم ومشاركته في الحرب السورية الى جانب الجيش السوري دفاعاً عن نظام الرئيس بشار الأسد، ما حمّل لبنان أعباء كثيرة، اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، تجاوزت الـ20 مليار دولار أميركي، ما عدا الخسائر غير المباشرة التي ترتبت عن ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب اللبناني وكثرة هجرة هؤلاء الى الخارج، مستشهداً في هذا السياق، بحجم طلبات الحصول على <فيزا> لدخول الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية عدة. كما استرسل <رايبرن> في الحديث عن العقوبات التي فرضتها بلاده وتلك التي تعتزم فرضها في المستقبل وهي ستشمل شخصيات قريبة من الحزب وتتعاون معه بمعزل عن موقعها. ويكشف أحد الذين شاركوا في اللقاء أن سؤالاً وجه الى المسؤول الأميركي عما إذا كانت العقوبات ستطاول مسؤولين وسياسيين لبنانيين غير حزبيين، فكان جوابه بسرعة <محتمل>، واستدرك ان تقدير هذه المسألة يعود الى الفريق الذي كلفه الرئيس الأميركي <دونالد ترامب> متابعة ملف العقوبات الأميركية. لكن صاحب السؤال أصرّ على <رايبرن> ليحصل على جواب، فابتسم المسؤول الأميركي وقال مازحاً: <لا تخف، لكل مسألة استثناءات... المهم ان الكل تحت المجهر>!

 

<لا حصة وازنة للحزب>

 

وتابع <رايبرن> من دون قفازات ديبلوماسية، ان بلاده، وبصراحة متناهية، لا ترغب في أن يحصل حزب الله وحلفاؤه في لبنان على حصة وازنة في الحكومة العتيدة لئلا يشكل ذلك مكسباً سياسياً يأتي في توقيت <غير مناسب> ليعوض على العقوبات الاقتصادية التي فُرضت أو ستفرض عليه، إضافة الى ان أي تغيير في ميزان القوى الحالي لمصلحة حزب الله وحلفائه سيرتب تداعيات في المستقبل على المشهد السياسي اللبناني وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة خصوصاً، والمجتمع الدولي عموماً، لأن القرار المتخذ دولياً هو <تقليص نفوذ حزب الله> إذا لم يكن في الامكان القضاء عليه (أي على النفوذ). وهنا يروي أحد الحاضرين ان المسؤول الأميركي حدّق في وجوه من حوله ليسألهم عن سبب استغرابهم لما يقوله، لأن هذه العبارات يفترض أن تكون قد ترددت على مسامع سياسيين لبنانيين زاروا الولايات المتحدة الأميركية، أو استقبلوا موفدين أميركيين الى لبنان، إلا ان ما سمعه هؤلاء بقي داخل غرف مغلقة لئلا يتهم هؤلاء السياسيون بأنهم روجوا لـ<تهديدات أميركية>، في حين ان الموقف الأميركي لم يتغير، لا بل هو يأخذ منحى تصاعدياً!

ويضيف الراوي ان <مسك الختام> في حديث <رايبرن> كان يفترض أن يكون في البداية، لكنه آثر على ما يبدو أن يتركه الى النهاية. وهو يتعلق مباشرة بحصول حزب الله على حقيبة الصحة في الحكومة العتيدة. وهنا قال المسؤول الأميركي بوضوح لا لبس فيه: <سمعت ان الرئيس الحريري لن يعترض على منح وزارة الصحة لممثل حزب الله، وان رئيس الجمهورية لم يمانع في ذلك. لكن ألا ترون معي ان هذا الأمر سيكون بمثابة <مكافأة> للحزب في غير موقعها؟>.

وبعد صمت لم يدم طويلاً تابع <رايبرن> حديثه مؤكداً انه إذا ما حصل الحزب على حقيبة الصحة فإن بلاده لن تتعامل مع الوزارة لأن واشنطن تعتبر ذلك تسهيلاً من الدولة اللبنانية لحزب الله بالتواصل مع معظم اللبنانيين لأن كل مكونات المجتمع اللبناني تقصد وزارة الصحة وتطلب منها المساعدات وهذا الأمر يسهل على الحزب التمدد من باب الخدمات الى المجتمع اللبناني ككل في وقت يقتصر حضوره راهناً على البيئة الشيعية وفي مناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية من بيروت. ولم يتردد <رايبرن> في الإشارة بصراحة الى ان وجود الحزب في وزارة الصحة يمكن أن يوفر له موارد مالية جديدة في وقت تعمل الإدارة الأميركية على تجفيف <المنابع> التي تؤمن للحزب اعتمادات مالية يواجه بها الحصار المفروض عليه.

ويقول أحد الذين حضروا اللقاء، ان <رايبرن> لم يشأ أن ينهي اللقاء من دون <إشارة> إيجابية، فاختار الحديث عن الجيش اللبناني والدعم الأميركي المستمر له كي يلعب دوره كاملاً في بسط سيادته على كامل التراب اللبناني. وسجل المسؤول الأميركي في هذا السياق، <اعجاب> القيادة العسكرية الأميركية بكفاءة العسكريين اللبنانيين وقدراتهم القتالية التي تظهر خصوصاً في التدريب المشترك مع الخبراء الأميركيين الذين يتولون الإشراف على <وحدات النخبة> في الجيش.

في ضوء ما ذكره <رايبرن> مع الحلقة الضيقة ممن التقى بأفرادها خلال وجوده في بيروت، تطرح أوساط سياسية مطلعة أكثر من علامة استفهام عما إذا كان هناك أي ترابط بين ما قاله نائب وزير الخارجية الأميركي وبين ما يتردد عن وجود <عوائق> خارجية تحول دون تشكيل الحكومة الجديدة قوبلت بتحفظات من جهات خارجية أخرى، فحصل صدام المصالح ما جعل الاندفاعة الحكومية <تتفرمل> وتتعدد الأسباب، ذلك ان فريق الرئيس المكلف ومن يدعمه من قوى <14 آذار> سابقاً يحمّل حزب الله مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة من خلال التحجج بتوزير سني من قوى <8 آذار>، فيما حزب الله والمتحالفون معه يرمون المسؤولية على الرئيس الحريري مشيرين الى ان الكرة في ملعبه، وله أن يقول نعم لتوزير سني من <8 آذار> لتنفك عقد التأليف وتصدر المراسيم!