تفاصيل الخبر

لا يجب تأجيل لقاحات الأطفال في ظل وباء "الكورونا"

24/06/2020
لا يجب تأجيل لقاحات الأطفال في ظل وباء "الكورونا"

لا يجب تأجيل لقاحات الأطفال في ظل وباء "الكورونا"

بقلم وردية بطرس

[caption id="attachment_79062" align="aligncenter" width="602"] تطعيم الأطفال[/caption]  

الاختصاصي في طب الأطفال الدكتور بيار معوض:أخذ لقاحات الأطفال في مواعيدها المحددة خصوصاً ما دون السنتين أمر ضروري لحمايتهم من الأمراض

في ظل وباء "كورونا" 

 

 عندما يتعلق الأمر بالأطفال الذين تبلغ أعمارهم عامين أو أقل من الضروري حضور الفحوصات المنتظمة واللقاحات، حيث تحمي اللقاحات من الأمراض التي تهدد الحياة بما في ذلك الحصبة وشلل الأطفال. وكذلك تساعد زيارات طبيب الأطفال المنتظمة مع الأطفال في سن الثانية او أقل على التحقق من وجود أو عدم وجود علامات التوحد ومراقبة تطور الكلام والمشي.

وبالنسبة لبعض اللقاحات فيحصل الأطفال على جرعات اضافية عند عمر 4 و 11 و 16 عاماً. أما الأطفال الأكبر سناً الذين لا يحتاجون الى لقاحات، فإن الفحوصات السنوية يمكن غالباً تأجيلها أيضاً. ولقد حذّر كبار الخبراء من أن التأخير في التطعيم يمكن أن يسبب تفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها في وقت لاحق من العام. وقالت منظمة الصحة العالمية في بيان لها: إن التطعيم هو خدمة صحية أساسية قد تتأثر بوباء (كوفيد – 19) وسيؤدي انقطاع خدمات التطعيم او اللقاحات حتى لفترات وجيزة الى زيادة أعداد الأشخاص المعرضين للاصابة وزيادة احتمال الاصابة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات مثل الحصبة.

 ومع بداية انتشار فيروس (كورونا) تصاعدت المخاوف من ان يؤدي إرجاء حملات تطعيم الأطفال في العالم بسبب تفشي الفيروس الى تأثيرات سلبية على صحة ملايين الأطفال حول العالم. كما كان قد حذّر صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من احتمال عدم حصول 117 مليون طفل في العالم على تطعيم الحصبة في موعده هذا العام بسبب أزمة تفشي (كوفيد – 19). كما أجبر الفيروس ملايين العائلات في العالم على تأجيل اعطاء اللقاحات المجدولة لأطفالهم في وقت يؤكد الأطباء على أهميتها خصوصاً في الدول التي تتميز بنظم صحية جيدة. ويعتبر أطباء الأطفال ان تأخير اللقاحات قد يضّر بصحة الأطفال ويعرضهم أكثر للاصابة بفيروسات مهددة لحياتهم ومنها فيروس كورونا المستجد.

الدكتور بيار معوض وأهمية اللقاحات للأطفال

[caption id="attachment_79061" align="alignleft" width="250"] الدكتور بيار معوض: لقد برهن النظام الصحي في لبنان فعاليته في هذه الفترة الصعبة[/caption]

 فما أهمية أخذ اللقاحات في مواعيدها المحددة؟ وهل يؤثر تأخير أخذها او تأجيلها على صحة الأطفال؟ وغيرها من الأسئلة أجاب عنها الاختصاصي في طب الأطفال الدكتور بيار معوض وهو رئيس دائرة طب الأطفال في مستشفى القديس جاورجيوس في بيروت. وسألناه أولاً:

* ما أهمية أخذ اللقاحات بمواعيدها المحددة في ظل وباء (كوفيد – 19)؟

- من الضروري ألا يتم تأخير أو تأجيل أي لقاح خصوصاً للأطفال بأعمار صغيرة جداً، حتى في كل دول العالم نُشرت توصيات بأنه على الأقل يجب ان يأخذ الأطفال ما دون السنتين كل اللقاحات التي يتوجب أخذها في الوقت المحدد لها، مهما كانت هناك من صعوبة لاصطحاب الطفل الى طبيب الأطفال في ظل الوباء. وهذا جيد للأطفال من أجل ان يكتسبوا مناعة، وللحفاظ على صحتهم وسلامتهم حتى لا يُصابون بأمراض أخرى بالاضافة الى فيروس (كوفيد – 19) في وقتنا هذا. كما رأينا واحدة من احتمالات عدم اصابة الأطفال بفيروس كورونا المستجد هو ان نظام المناعة لديهم معزز على مدار الوقت نظراً للقاحات والفحوصات التي يخضعون لها بانتظام، ولهذا الأعراض لديهم ليست كما الكبار والمتقدمين في السن، وبالتالي أخذ اللقاحات اجباري في أوقاتها المحددة لحماية الطفال ولكي لا تحصل أية مشاكل، وربما لاحقاً أيضاً من أجل حمايتهم من امراض أخرى.

لقاح الحصبة والثلاثي

* لا شك أن كل اللقاحات ضرورية ولكن أي اللقاحات لا بد من أخذها مهما كانت الظروف صعبة في زمن الوباء وعدم قدرة الأهالي على تحمل أعباء اللقاحات، وهل هناك لقاحات معينة تشكل خطورة اذا لم يأخذها الطفل في موعدها المحدد؟

- أساساً اللقاحات لها أهمية خاصة في لبنان، وهي تُقسم الى نوعين: اللقاحات الأساسية التي لا يجب تفويتها أبداً لأي سبب كان وهي: الحصبة وابو كعيب ولقاح الثلاثي والشلل، فهذه اللقاحات يجب أن تُؤخذ بالوقت المخصص لها. وهناك لقاحات إضافية وواحدة منها للالتهاب الرئوي الذي يجب ان يُعطى لأن له أهمية كبيرة في هذه الفترة، ولقاح جدري المي لأنه من أكثر اللقاحات التي لا يجب أن يتأخر الأولاد عن أخذها.

اللقاحات لأعمار 10 و 12

* ذكرت بأنه لا يجب تأجيل او تأخير اللقاحات لأطفال ما دون السنتين ولكن ماذا عن الأولاد فهل التوصيات هي نفسها؟

 - التوصيات هي نفسها ولكن نعود الى اللقاحات الأساسية التي تكون لأقل من السنتين، ونأتي الى عمر ما بين 4 و 6 سنوات والتذكير بلقاحات الحصبة والثلاثي، ثم هناك ما بين 10 و 12 سنة حيث يجب أخذ اللقاحات بالموعد المحدد، ولكن بالنسبة للأولاد الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10 و12 سنة لديهم الوقت لأخذ اللقاحات، فمثلاً اذا تأخر بضعة أشهر فلا خوف عليهم، اي ليست هناك خطورة عليهم كما هو حال الأطفال ما دون السنتين، إذ إن تأخير اللقاح لطفل ما دون السنتين لمدة شهر، مضّر أكثر بكثير ما إذا تأخر شهراً او أربعة او حتى ستة أشهر عند ولد في العاشرة او الثانية عشرة من عمره.

* في ظل جائحة الكورونا فاذا تأخر الولد عن أخذ لقاح معين بالوقت المحدد فماذا يحصل اذا التقط فيروس (كوفيد – 19)؟ وهل سيصبح جسمه اضعف لمقاومة الفيروس؟

- بالمبدأ الخطورة ليس من (كوفيد – 19) أكثر من المرض الذي سيُصاب به اذا تخلف عن أخذ اللقاح المضاد لذلك، يعني مثلاً اذا تخطى أخذ لقاح الحصبة والتقط مرض الحصبة فعندها سيكون لدينا مشكلة صحية، وهذا يساهم بأن يتفشى مرض الحصبة في بلد بالأساس فيه مرض الحصبة أكثر من بلدان أخرى، ولهذا ربما لا تزيد الخطورة على (كوفيد – 19) عند الأولاد ولكن نخاف من (كوفيد – 19) اذا تم تأجيل أخذ اللقاحات او لم تؤخذ والتي يجب ان نحمي الأطفال فيها بهذه اللقاحات.

* ذكرت إحدى الدراسات أنه في منطقتنا تؤخذ اللقاحات ومنها لقاح السل. فهل يحمي لقاح السل من الاصابة بفيروس (الكورونا) في الوقت الذي نرى أنه في أوروبا لا يؤخذ لقاح السل كما عندنا فما صحة الأمر؟

-  بالعكس هذا الأمر غير دقيق لأنه عندنا في لبنان ليس هناك لقاح السل، اي لا نجريه إلا في حالات استثنائية جداً، فهو غير موجود، حتى إنه بالأساس غير مذكور بتوصيات الجمعية اللبنانية لطب الأطفال ووزارة الصحة الذين تعاونوا منذ بضع سنوات ليصدروا جدول اللقاحات بشكل علمي قدر الامكان، فلبنان ليس وارداً فيه لقاح السل. في الماضي البعيد كان يتم أخذ لقاح السل في لبنان بينما اليوم فهو غير متوافر ولا يُجرى بصورة روتينية.

* إذاً ليس صحيحاً بأن لقاح السل يحمي من (كوفيد – 19)؟

- ليس كذلك لأن هناك بلداناً عديدة مثل فرنسا يعطى فيها لقاح السل بصورة روتينية لكل الأطفال، لكن انظري كم سجلت فيها حالات اصابة بفيروس (الكورونا). لقد نُشرت تقارير عن هذا الأمر ولكن لم يتم التأكد من صحتها اي أنه غير مثبت علمياً.

 لبنان وتطعيم الأطفال بانتظام

* في لبنان يتم الإشادة بالتوعية من حيث أخذ اللقاحات في مواعيدها المحددة. برأيك كطبيب أطفال ماذا تقول عن أهمية ذلك؟

- هذا السؤال له شقان: الشق الأول: إن نظام طب الأطفال في لبنان مرتكز على تطعيم الأطفال عند طبيب الأطفال، فهذا الأمر أساسي جداً ولهذا معظم الأطفال هم بصحة جيدة لأنهم يخضعون للفحص بانتظام في كل شهر أو شهرين، ولا يلغى أو يؤخر أي لقاح للأطفال، لا بل تُجرى اللقاحات بصورة علمية وقد أثبتت فعاليتها، ونحن في لبنان أصبحنا محميين من الشلل والحصبة في الكثير من المناطق. إذاً هذا النظام الصحي الذي يُعمل به منذ أكثر من عشرين أو ثلاثين سنة في لبنان قد أثبت فعاليته، ولا يجب ان نبتعد عنه لأنه أمر مهم بالنسبة لصحة الأطفال. الشق الثاني هو ربما ليس الآن في ظل الكورونا الذي يؤخر ببعض اللقاحات، ولكن طبعاً تظل لدينا طريقة علمية ان نعوّض عن هذه اللقاحات التي جرى تأخيرها، ومن المعروف أن اللقاح الذي يؤخر نقدر أن نعوضه مع جرعة اضافية، فكل هذه الأمور واضحة ومعروفة.

ويتابع:

ـ المشكلة التي نخاف منها الآن أكثر من الكورونا هي الوضع الاقتصادي في البلد، إذ يمكن أن يؤثر تأخير أخذ بعض اللقاحات على الأطفال بسبب الوضع الاقتصادي، وهنا آمل من وزارة الصحة أن تعي خطورة هذا الأمر وأن تكون اللقاحات دائماً متوافرة بالمستوصفات التابعة لوزارة الصحة وعبر الشركات التي توفر اللقاحات لكي نؤدي هذا الواجب بالصورة الصحيحة. لقد برهن النظام الصحي في لبنان فعاليته بشكل جيد في هذه الفترة الصعبة.

* كأطباء الأطفال هل رأيتم بأن الأهل كانوا يواظبون على اصطحاب أولادهم للمراجعة الطبية او يتجنّبون ذلك خوفاً من التقاط العدوى؟

- غالبية الأهالي كانوا يتصلون بنا عبر الهاتف ليسألوا ما العمل بهكذا حالة خصوصاً اذا كان لديهم أطفال بعمر الشهرين او الأربعة أشهر، اذ كان مهماً لهم الاطمئنان على صحة أطفالهم. وكل أطباء الأطفال في لبنان كانوا يداومون في عياداتهم وينظمون كل المواعيد بشكل ألا يتأثر أحد ولا يكون هناك اختلاط بين العائلات داخل العيادات، وكانوا يحددون المواعيد بشكل ألا تلتقي العائلات في قاعة الانتظار، بل كان يتم استقبال كل عائلة لوحدها حفاظاً على صحتهم وسلامتهم مع أخذ كل اجراءات الوقاية.

 اللقاحات في العالم العربي 

* وهل هناك التزام بتطعيم الأطفال بكل اللقاحات في العالم العربي والغربي؟

- أتصور في العالم العربي نهتم بهذا الأمر كثيراً أكثر من بلدان أخرى، فمنذ أيام قرأت تقريراً عن فرنسا يقول إن هناك اصراراً لإعادة الاهتمام باللقاحات وخصوصاً في هذه الفترة، اذ لاحظوا أن هناك تأخيراً بتطعيم الأطفال باللقاحات. وأتصور أنه في البلدان العربية وخصوصاً في لبنان اهتممنا باللقاحات أكثر بكثير من بلدان أهم منا بالتطور التكنولوجي.

* الى أي مدى يؤثر عدم أخذ اللقاحات بالمواعيد المحددة عند الأطفال؟

- تأكد عبر سنوات أن اللقاحات أساسية، وأأسف أن نسمع أصواتاً من فترة لأخرى تتحدث عن تجارة اللقاحات ويقولون إن هذه اللقاحات تسبب أمراضاً وهذا غير صحيح. حُكي الكثير عن الألومينيوم والزئبق الذي كان يُوضع في اللقاحات منذ زمن بعيد، أي منذ ثلاثين أو أربعين سنة، إذ كانت هناك لقاحات مثلاً تُوضع فيها عشر جرعات في علبة واحدة وكانوا يضعون فيها هذه المواد اي الألومينيوم والزئبق لحفظها، ولكن الآن تبيّن أن اللقاحات الجديدة أكثريتها خالية من هذه المواد ولا تسبب اي شيء للجسم، وبالتالي ليس صحيحاً ما يُحكى عن ضررها، وحبذا يتنّبه الناس في وسائل التواصل الاجتماعي لهذه الأخبار التي ينشرونها إذ عليهم أن يتأكدوا من صحة المعلومات لأن هذا الكلام اذا صدقه شخص واحد فيكون العتب عليهم لأنهم نشروا معلومات خاطئة.

وختم قائلاً:

ـ للقاحات أهمية كبيرة سواء في الأيام العادية او في ظل وباء الكورونا، وعلى الأشخاص الذين لا يقدرون أن يغطوا ثمن بعض اللقاحات التي تكون تكلفتها مرتفعة ألا يترددوا بأخذ اللقاحات حتى لو في المستوصفات او المراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة، إذ من الضروري أن يأخذ الولد اللقاح بشكل دوري وكما يجب من أجل حمايته. وأتصور أن كل أطباء الأطفال في لبنان دائماً جاهزون لمساعدة الأهالي في هذه الفترة الصعبة لتمر بسلامة لأن أهم شيء هو صحة الطفل. صحيح ان (كوفيد – 19) انتشر بسرعة وله تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي وعلى الصحة والى ما هنالك... ولكن عندما نعرف سبل الوقاية منه وكيف نحمي أنفسنا أتصور أنه يجب ان نكمل حياتنا والأمور الأساسية في الحياة نسبياً بشكل طبيعي.