تفاصيل الخبر

لا ترقية لـ126 عقيداً الى رتبة عميد ولا خيار أمامهم إلا مجلس شورى الدولة!

03/01/2020
لا ترقية لـ126 عقيداً الى رتبة عميد ولا خيار أمامهم إلا مجلس شورى الدولة!

لا ترقية لـ126 عقيداً الى رتبة عميد ولا خيار أمامهم إلا مجلس شورى الدولة!

 

في الوقت الذي تواجه فيه وحدات الجيش اللبناني ظروفاً صعبة في تعاطيها مع المتظاهرين والمعتصمين في بيروت والمناطق اللبنانية، وفيما يتحمل الجيش الكثير من حملات التجني والافتراءات حول دوره منذ بداية <الثورة> في 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي... في هذا الوقت بدأت تتفاعل سلباً قضية ترقية عقداء في الجيش اللبناني الى رتبة عميد مما يضع العلاقة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري على المحك مرة أخرى وسط انطباع ان الضباط المعنيين بمرسوم الترقية الى رتبة عميد سوف يدفعون ثمن التجاذبات السياسية الحاصلة والتي أدت الى سقوط <التسوية> بين الرئيس عون ورئيس <التيار الوطني الحر> الوزير جبران باسيل من جهة، والرئيس الحريري من جهة أخرى، ولعل ما أعلنه الرئيس الحريري عشية عيد الميلاد من مواقف سلبية صوّب فيها على بعبدا وعلى باسيل ما يكفي للتأكيد بأن <الدف انفخت> وتفرق العشاق كل الى مكان!

كيف بدأت قصة مرسوم الترقية؟

بدأت القصة عندما ناقش المجلس العسكري في الجيش برئاسة العماد جوزف عون، مسألة ترقية 126 عقيداً الى رتبة عميد من بينهم ضباط من دورة 1994 وهي الدورة المعروفة باسم <دورة العماد عون> والتي كانت سببت في نهاية العام 2017 خلافاً بين قصر بعبدا ومقر الرئاسة الثانية عندما أعد مرسوماً لتسوية أوضاع ضباط دورة 1994 خلا من توقيع وزير المال علي حسن خليل، الأمر الذي أثار يومها اعتراض الرئيس نبيه بري، وبعد تسوية شكلية صدر مرسوم تسوية أوضاع هؤلاء الضباط مقترناً بتوقيع وزير المال. وخلال مناقشة المجلس العسكري لاقتراح العماد عون ترقية هؤلاء الضباط الى رتبة عميد وقع انقسام داخل المجلس إذ صوت لصالح الترقية ثلاثة أعضاء وعارضه ثلاثة أعضاء آخرين. إلا ان صوت رئيس المجلس العماد عون رجح الترقية وصدر القرار على رغم اعتراض الضباط المسلمين الثلاثة، الذين ينتمون سياسياً الى الرئيس الحريري والرئيس بري والوزير والنائب السابق وليد جنبلاط. أسباب معارضة هؤلاء الضباط طائفية لأن عدد المسيحيين في ما بينهم هو 98 مسيحياً، مقابل 28 مسلماً. ولإبعاد الصيغة الطائفية عن الاعتراضات، قيل ان عدد العقداء المقترحين للترقية كبير جداً إذ لا يحتاج الجيش الى 126 عميداً اضافياً، علماً ان ثمة مقدمين سيرقون الى رتبة عقيد وهؤلاء بعد سنوات سوف يرقون الى رتبة عميد ما يحدث <تخمة> عمداء في الجيش ويؤدي الى خلل في الهرم العسكري الذي يفرض خفض عدد العمداء بدلاً من رفعه.

الحريري يعارض

 

وبعد ارفضاض جلسة المجلس العسكري، رفع القرار الى وزير الدفاع الياس بوصعب مع المعطيات كافة وحيثيات ما حصل من نقاش، فحمل الوزير بوصعب الموضوع الى الرئيس نبيه بري سعياً وراء احتواء الأزمة بعدما وصلت أصداء ان الرئيس الحريري لن يوقع مرسوم ترقية العقداء الى رتبة عميد ما لم يتم خفض العدد والتزام المناصفة. ونُقل عن الرئيس بري انه لا يرضى بأن يحدث هذا الملف ضجة سياسية، واقترح خفض العدد من خلال اجراء تعديلات في المرسوم تفضي الى مقاربة أكثر واقعية. إلا ان الأمر تعقد من جديد عندما طلب الوزير بوصعب موعداً من الرئيس الحريري للبحث معه في الموضوع والتوصل الى اتفاق يمكن أن يكون من أسسه خفض العدد، إلا ان الموعد لم يحدد، الأمر الذي دفع بالوزير بوصعب الى توقيع مرسوم ترقية العقداء وأحاله الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء ليأخذ مجراه. لكن الرئيس الحريري وقع سائر المراسيم المتعلقة بترقية الضباط حتى رتبة عقيد من دون توقيع المرسوم المختلف عليه.

ويروي الوزير بوصعب انه حاول القيام بالاتصالات واللقاءات اللازمة لتحاشي الوصول الى <المشكل> الذي وقع لكن عدم اللقاء مع الرئيس الحريري حال دون التوصل الى اتفاق حول المرسوم ولو اضطر الأمر الى خفض العدد بالتنسيق مع رئيس الحكومة، لافتاً الى انه وقع المرسوم بهدف حفظ حق الضباط إذا تعثرت ترقيتهم قبل حلول العام الجديد، لأنه بعد ذلك يتطلب الأمر اصدار قانون خاص لتعديل المهل المتعلقة بترقية الضباط المنتمين الى الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة. وأوضح بوصعب انه إذا كان هناك خلل طائفي في هذا المرسوم لصالح المسيحيين، فإن الدورتين التاليتين تعكسان خللاً مماثلاً لمصلحة المسلمين نتيجة الأحداث التي حصلت في الأعوام 1990 و1991 و1992 والتي تم بعدها حل الميليشيات ودمجها بالأجهزة الأمنية.

في المقابل، تتحدث مصادر الرئيس الحريري ان التوازن الطائفي غير مؤمن في ترقية العقداء الى رتبة عميد، في وقت لم يوقع الرئيس عون مراسيم تعيين فائزين في مباراة مجلس الخدمة المدنية بحجة غياب التوازن الطائفي، فكيف مسموح توقيع مراسيم الضباط مع الإقرار بالخلل وغير مقبول توقيع مرسوم الفائزين في مباراة مجلس الخدمة المدنية، فالخلل الطائفي واحد في الحالتين ومقاربته تفرض التعاطي بمساواة وعدالة مع الحالات المماثلة، مع العلم بأن الذين فازوا في مجلس الخدمة المدنية هم من الفئة الرابعة، بينما الضباط العمداء هم مثل موظفي الفئة الأولى سواء في الراتب أو في المهام التي تسند إليهم. وأضافت المصادر نفسها ان ترقية العقداء ستجعل ملاك المؤسسة العسكرية متخماً بالعمداء ولن تكون هناك مراكز قيادية ليشغلها هؤلاء الذين يضافون الى نحو 400 عميد في الخدمة الفعلية وهذا العدد غير واقعي بالنسبة الى جيش مثل الجيش اللبناني لا يتجاوز عديده 80 ألف عسكري بين جندي ورتيب وضابط.

والسؤال يبقى لو كانت العلاقات طبيعية بين الرئيسين عون والحريري هل كان للمرسوم أن يواجه أزمة كالتي يواجهها اليوم؟ تجيب مصادر متابعة ان الخلاف بين الرئيسين انعكس سلباً على مسألة ترقية الضباط لأن امكانية الحل كانت واردة من خلال خفض عدد الضباط المستفيدين من الترقية. لكن انقطاع التواصل بين الرئيسين عون والحريري أوصل الملف الى الطريق المسدود... بحيث لن يبقى أمام الضباط المتضررين من عدم ترقيتهم إلا مجلس شورى الدولة الذي يمكنهم أن يراجعوه للبت بهذه المسألة الخلافية التي ظاهرها عسكري وتقني، وباطنها سياسي بامتياز!