تفاصيل الخبر

لا تعيينات مالية في المدى المنظور... وملف الـ"كابيتال كونترول" طوي الى غير رجعة!

16/04/2020
لا تعيينات مالية في المدى المنظور...  وملف الـ"كابيتال كونترول" طوي الى غير رجعة!

لا تعيينات مالية في المدى المنظور... وملف الـ"كابيتال كونترول" طوي الى غير رجعة!

 

[caption id="attachment_77007" align="alignleft" width="331"] الرئيس حسان دياب... لتدقيق مالي في حسابات المصرف المركزي لعامي 2019 و2020 حصراً.[/caption]

أمران يبدو أنهما لن يتحققا في المدى المنظور: التعيينات المالية، والقانون المعروف بـ"كابيتال كونترول"، ولعل المصادفة الغريبة ان هذين الأمرين من مسؤولية وزير المال غازي وزني الذي كان اقترح حصول التعيينات المالية، ثم سحب رئيس الحكومة حسان دياب الاقتراح بعد التفاهم معه، في وقت كان فيه الوزير وزني متحمساً لإعداد قانون "كابيتال كونترول" ثم صرف النظر في ليلة "ما فيها ضو قمر"! وفي الحالتين يمكن القول بأن حكومة الرئيس دياب مُنيت بخسارة معنوية كبيرة، في وقت تتلمس فيه تحقيق "إنجاز" ما تدرجه في سجلها الذي لا يزال فارغاً من "الانجازات" الايجابية، علماً ان ثمة من يعتقد بأن تعليق تسديد سندات "اليوروبوندز" هو "انجاز" ايجابي يُسجل للحكومة!

وتقول مصادر متابعة ان ملف التعيينات المالية مؤجل الى اشعار آخر بسبب الخلافات السياسية والمحاصصة التي كادت أن تمر في جلسة مجلس الوزراء ما قبل الأخيرة قبل أن يسحب الرئيس دياب البند بعد "مطالعة" اعتبر فيها ان هذه التعيينات "لا تشبه" حكومته وانه "غير راضٍ عنها"، لكن الخلافات السياسية يجري تغليفها بأسباب أخرى تعطي حججاً اضافية لعدم اقرار التعيينات، منها ان تعيين نواب حاكم مصرف لبنان سوف ينتظر اقرار هيكلية جديدة للمصرف المركزي تقلص عدد نواب الحاكم من أربعة الى نائب حاكم واحد، وكذلك إعادة النظر في الهيكلية الادارية، وخفض عدد المديرين من 12 الى 6 لأن الوضع كما هو الآن غير صحيح على حد تعبير الرئيس دياب لدى مغادرته مجلس الوزراء الأسبوع الماضي...

أسباب معلنة غير الأسباب الحقيقية!

وثمة من يربط التعيينات في مصرف لبنان وبدء عملية إعادة الهيكلة، بالتدقيق المالي المركز الذي قرر مجلس

[caption id="attachment_77008" align="alignleft" width="516"] الرئيس نبيه بري: مشروع الـ"كابيتال كونترول" لن يصل الى مجلس النواب.[/caption]

الوزراء اجراءه في المصرف لتحديد أسباب الخسائر التي سجلت في ماليته العامة، ومثل هذا التدقيق لن ينتهي في وقت قصير وقد لا يصل الى النتيجة التي يسعى البعض للوصول إليها، لاسيما وان ثمة سعياً لوضع حاكم المصرف المركزي رياض سلامة في موضع المسؤول عما يحصل في المصرف خلال السنوات الماضية، والحملات عليه تنوعت وتعددت أسبابها وآلياتها وأطرها، إلا ان التدقيق المنتظر لا تخضع له الحسابات السابقة، كما يقول الرئيس دياب، بل يقتصر على العامين 2019 و2020 لمعرفة أسباب "المشكلات" وما يسميه رئيس الحكومة بـ"الفجوة"، في حين ان فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و"التيار الوطني الحر" يريد تدقيقاً في كل حسابات المصرف منذ سنوات، لاسيما في الخطوات التي كان يتخذها في ادارة الشأن النقدي في البلاد انطلاقاً من صلاحياته المحددة في قانون النقد والتسليف، وصولاً الى ما يُعرف بـ"الهندسات المالية" التي استفادت منها مصارف عدة كبرى ووسطى. وتوقعت مصادرمتابعة ان تشهد هذه المسألة تبايناً في الآراء بين الرئيس عون وفريق الحكم من جهة، والرئيس دياب من جهة أخرى، لأن الفريق الأول يريد العودة الى الوراء، فيما الفريق الثاني يريد حصر التدقيق في حسابات 2019 و2020. وفيما يروج فريق الحكم ان لا بد من تغيير يطاول حاكم المصرف، يحرص الرئيس دياب على القول بان لا علم لديه بوجود نية لتغيير الحاكم في الوقت الحاضر، معتبراً ان ما يدور من تعليقات وتسريبات حول هذه المسألة يندرج في إطار الحملة السياسية التي يتعرض لها الحاكم سلامة والذي دفعته في إحدى مراحلها الى حد الظهور على شاشة التلفزيون والاعلان عن ممتلكاته وموجوداته المالية والعينية وما ورثه من أقرباء له من أراض، وذلك في خطوة مستغربة كان يمكن تفاديها لولا ان الحاكم وجد نفسه مضطراً للافصاح عن ممتلكاته بسبب الحملة المنظمة التي تستهدفها وتضمنت في ما تضمنت شريطاً ينقل تقريراً أعدته إحدى المجلات الفرنسية وتبين انه مفبرك ولا أساس له من الصحة.

وتتساءل المصادر نفسها، انه في جو مضغوط كالذي يخيم اليوم على الوضع العام في البلاد، كيف يمكن لتعيينات مالية أن تمر في مجلس الوزراء؟ خصوصاً انها تتطلب مناخاً سياسياً هادئاً لن يتوافر في المدى المنظور ما يجعل مسألة التعيينات المالية معلقة الى إشعار آخر، خصوصاً ان تعديل هيكلية مصرف لبنان يحتاج الى قانون يقره مجلس النواب ولا شيء يضمن راهناً امكانية تمرير مثل هكذا قانون في ظل التجاذبات السياسية الحادة التي تعصف بالحياة السياسية الراهنة في البلاد، فضلاً عن ان ثمة من يعتبر ان البحث في تعديل هيكلية مصرف لبنان سوف يقود حتماً الى إعادة النظر بصلاحيات الحاكم وهو أمر يرفض الكثيرون المساس بها، وفي مقدمهم الرئيس نبيه بري الذي كان لافتاً استقباله للحاكم سلامة في "عز" الحملة التي استهدفته من فريق العهد، وكأن الرئيس بري يقول لمن يهمه الأمر ان الحاكم سلامة "خط أحمر"، وهو في هذا الموقف يلتقي مع الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وآخرين من أحزاب المعارضة.

[caption id="attachment_77009" align="alignleft" width="516"] حاكم مصرف لبنان رياض سلامة... "خط احمر".[/caption]

"كابيتال كونترول"... وداعاً!

وفيما يبدو ان ملف التعيينات لن يفتح قريباً للأسباب المتعددة، فإن ملف قانون "كابيتال كونترول" لن يفتح أبداً... لأن أصوات المعترضين عليه أكثر بكثير من أصوات المدافعين عنه، وفي مقدمة المعترضين الرئيس نبيه بري الذي أكد لزواره ان مثل هكذا قانون لن يصل الى ساحة النجمة ولن يدخل استطراداً مبنى المجلس. وهذا الموقف كان عكسه "بأمانة" وزير المال غازي وزني الذي سحب مشروع القانون الذي كان قد أعده، وقال أمام مجلس الوزراء انه لن يعود الى المجلس بصيغة أخرى بحجة ان الصيغة التي اقترحها صارت "عدة صيغ" بعدما أدخلت إليها مواد لم ترد أساساً في صيغة وزير المال. لكن المصادر المطلعة تتحدث عن موقف نهائي من الرئيس بري ترك مفاعيله على موقف الوزير وزني وجعله يتراجع عن المشروع الذي كان أعده و"تفهّم" الرئيس دياب موقف وزني ولم يحرجه أكثر من ذلك. ويندرج موقف بري في إطار الملاحظات القاسية التي وجهها الى وفد جمعية المصارف داعياً الأعضاء فيها الى التجاوب مع مطالب الناس وتسهيل الأمور عليهم بدل وضع شروط تعجيزية كي يحصلوا على جزء من مدخراتهم أو من رواتبهم وتعويضاتهم. ولم يعد سراً، وفق المصادر نفسها، ان الرئيس بري يريد أن يتحمل أصحاب المصارف مسؤولياتهم في التخفيف من الصعوبات التي تواجه المودعين والزبائن، ورفضه لمشروع "كابيتال كونترول" يرتكز في أحد أسبابه الى ان هذا المشروع من المطالب التي تقدم بها أصحاب المصارف!

في أي حال، لن يكون من السهل مقاربة ملف التعيينات المالية في وقت قريب وسوف يستمر الحاكم سلامة من دون نواب، فيما تستمر لجنة الرقابة على المصارف بتركيبتها الراهنة انطلاقاً من مبدأ استمرارية المرفق العام!