تفاصيل الخبر

لا مــكـــــان للــحــــــل مــــا دامـــــــت مــــــــزارع شـبـعـــــــا وتـــــــلال كـفـرشـوبـــــــــا تــحـــــــت الاحــتــــــــــلال!

20/12/2018
لا مــكـــــان للــحــــــل مــــا دامـــــــت مــــــــزارع شـبـعـــــــا  وتـــــــلال كـفـرشـوبـــــــــا تــحـــــــت الاحــتــــــــــلال!

لا مــكـــــان للــحــــــل مــــا دامـــــــت مــــــــزارع شـبـعـــــــا وتـــــــلال كـفـرشـوبـــــــــا تــحـــــــت الاحــتــــــــــلال!

 

بقلم وليد عوض

كلهم يقرعون الأجراس، ويحذرون من الزمن الآتي، ومن الخوف المعشش وراء الأبواب. وها هو المتروبوليت الياس عودة في الاحتفال بذكرى استشهاد الصحافي والسياسي الراحل جبران تويني يدق جرس الخطر قائلاً: <لبنان يحتضر وكأن لا أحد يبالي، فيما كنا نحن المواطنين البسطاء الذين يتحملون تعنت المسؤولين وصلفهم. كنا نتوقع وعياً وحساً بالمسؤولية وتخلياً عن كل مصلحة من أجل إنقاذ البلد>.

لقد وصف المطران عودة الداء فكيف وصف الدواء؟!

<في ظل هذا الانهيار الاقتصادي وضيق العيش وتقلص فسحة الأمل، أملنا أن يقوم المسؤولون بخطوة انقاذية شجاعة، وأن يؤلفوا حكومة طوارئ مصغرة تضم شخصيات حيادية بعيدة عن استغلال البلد وتقاسمه، شخصيات مشهود لها بالعلم والخبرة والنظافة والغيرة>.

إذن وضع المتروبوليت عودة الروشتة لاخراج البلاد من عتمتها السياسية، وهي حكومة مصغرة تضم الشخصيات ذات الكف النظيف، واسعة الخبرة والمعرفة ولا تمارس سياسة الاستغلال.

فهل الحل، بعد ذلك كله، بالحكومة المصغرة؟!

في عرف وزير الخارجية جبران باسيل أن حكومة من ثمانية عشر شخصاً، تشبه الوردة التي تتمايل من أوراقها وأشراقها، وتنهي مشكلة النواب المسلمين الستة ككتلة مصدرة للوزير السني الجديد. إلا ان الرئيس نجيب ميقاتي لم يكن بهذا المفهوم عندما خرج ظهر الأربعاء ما قبل الماضي من لقاء مع الرئيس نبيه بري، وكان يشدد على ضرورة احترام الدستور، وعدم التجمد أمام الوزراء السنة الستة فيصل كرامي وعبد الرحيم مراد والوليد سكرية وعدنان طرابلسي وجهاد الصمد وقاسم هاشم. فالدستور ــ حسب الرئيس ميقاتي ــ هو الميزان.

ثم شبه الرئيس ميقاتي القرار الحكومي، ودائماً حسب الدستور، بخزنة لها مفتاحان: واحد مع رئيس الجمهورية، وآخر مع رئيس الوزراء، وكل ما عدا ذلك مجرد رسم على الماء!

والرئيس الحريري جدد موقفه في عدم توزير أحد أعضاء نواب السنة الستة المستقلين من ميكروفون منتدى الاستثمار اللبناني ــ البريطاني في لندن قبل عشرة أيام معولاً على مقررات مؤتمر <سيدر> في باريس لإعادة استدراج المستثمرين الى لبنان، مع الاتكال في هذا الموضوع على القطاع الخاص، وخصوصاً في إعادة بناء البنى الاستثمارية.

وهكذا تتعالى <البالونات> الداعية الى الانقاذ، وينتظر اللبنانيون آخر خرطوشة للرئيس ميشال عون في طرح مبادرة الانقاذ، وإلا فالكارثة واقعة، كما قال من منصة احتفاله بالرئيس النمساوي <الكسندر فان دير بيلن> في قصر بعبدا قبل عشرة أيام.

نصيحة شارل حلو

فماذا يمكن للرئيس عون أن يصنع؟!

الرئيس عون قارئ تاريخ من أول طراز، ويعود في هذا المضمار الى عهود آخرين مثل الرئيس شارل حلو الذي كان يؤمن بأن الجزرة أحياناً أهم من العصا، وان استدعت الظروف استعمالها أحياناً. من ذلك ان مرفأ بيروت شهد اضراباً شاملاً طلباً لزيادة الأجور، وتخفيف الضرائب، وكان مجلس الوزراء منعقداً برئاسة الرئيس الشهيد رشيد كرامي، وجرى البحث في موضوع المرفأ، فالتفت الرئيس حلو الى وزير الداخلية الدكتور محمد كنيعو وقال له:

ــ يا حكيم انزل الى المرفأ، واستخدم يداً من قطن بدلاً من يد من حديد!

واستجاب الدكتور كنيعو ونزل الى الميناء وطلب الاجتماع بقادة المضربين، واستخدم الحوار بأعلى الدرجات، ونجحت <روشتة> الحكيم في فك اضراب المرفأ!

ومن الماضي كان الرئيس فؤاد شهاب يستوحي العديد من القرارات، وإذا واجه أية مشكلة مستعصية، كان في مجلس الوزراء يلتفت الى أمين عام رئاسة الحكومة ناظم عكاري، وكان رئيس وزراء سابقاً، ويقول له: شو عندك حلول يا ناظم بك؟!

وكان ناظم عكاري بذاكرته الوقادة يستوحي أزمات مرت على السراي ويقول: هكذا كانت الأزمة وهكذا تصرف الرئيس!

ويدرس الرئيس ميشال عون العديد من وقائع التاريخ في مجلس الوزراء استشرافاً لحل يخرج البلاد من وهدة العدم، وشفير الانهيار الاقتصادي، بعدما طالت فترة انتظارنا تأليف الحكومة الجديدة شهوراً طويلة. ويدرك رئيس الجمهورية ان مفتاح الانقاذ في قبضته وله مؤيدوه كما له خصومه. ولذلك ينبغي الامساك بالموقف على أسرع ما يكون لأن البلاد لم تعد تحتمل أي تأخير في مواجهة الانهيار الاقتصادي. وهي المرة الأولى التي يهدد فيها التجار بالاضراب بعدما بلغ السيل الزبى!

لبنان الذي لا يملك حتى الآن مجلس وزراء، ولكنه يملك رصيداً كافياً في المحيط الخارجي، بفضل صيته المالي. فقد زاد اجمالي ودائع الزبائن بالقطاع الخاص والقطاع العام بنسبة 2,3 بالمئة على أساس سنوي ليصل الى 175,5 مليار دولار في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. كما ارتفعت نسبة الدولرة (قياساً للدولار) في ودائع القطاع الخاص الى 69,5، بعدما كان 66,9 في العام الماضي.

وكان لافتاً تفاؤل الرئيس الحريري من لندن والوعد بإشراقة الحكومة الجديدة في المدى القريب مع تمسكه بعدم توزير أي نائب من النواب المسلمين السنة الستة، مع الوصول مع الرئيس ميشال عون الى خاتمة سعيدة للأزمة الحكومية، ولكن مجيئه تأخر أياماً للوفاء بظروف عائلية وتخرج ولده حسام من المدرسة العسكرية.

النواب الستة خارج التشكيلة ومع ذلك فالرئيس عون عمل بشعار العالم الكيميائي الفرنسي <لافوازييه> أي <وجدتها>. فهل هناك ملامح لهذا الحل؟

حكومة في الغد

يستبعد المتصلون بالرئيس عون تعديل نهجه في توليه أي حكومة خارج نطاق حكومة الثلاثين وزيراً، وكل صيغة أخرى، من حكومة الثمانية عشر وزيراً الى حكومة الاثنين وثلاثين وزيراً أصبحت خارج السطر. فعلى أي سطر سترسو الأمور؟

والرئيس عون محاط الآن في سلوكه الحكومي بسوار من المؤيدين منهم نائب البقاع اللواء جميل السيد الذي أطرى محاسن الرئيس عون، واعتبره عسلاً، وقال <إذا كان حبيبك عسل لا تلحسو كلو>.

فمن سيفكك عقد الأزمة الحكومية؟!

قبل انفجار أحداث باريس في حي <الشانزليزيه> كان الرئيس الفرنسي <ايمانويل ماكرون> يتوسط للمساعدة في حل الأزمة اللبنانية، وكلف سفيره في لبنان <برونو فوشيه> بمتابعة الملف وإحاطة قصر <الإليزيه> بكل جديد، والنصيحة المهداة الى الرئيس الحريري بأن يدعو الى فتح الدفتر الحكومي، وأن يمارس الرئيس عون شيئاً من التنازلات، فبدون التنازل من هنا وهناك لن يكون هناك مولود!

وها هو الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط في حوار مع الإعلامي مارسيل غانم على شاشة <أم تي في> يوم الخميس الماضي يقول انه لا يرى أن هناك قضاء في لبنان، وانه ينبغي إنشاء خلية خاصة للقضاء في لبنان، حتى يأنس المواطن اللبناني الى الحلول، لأن كل شيء في هذا الباب باق في مكانه، وان الفساد لا يزال يعشش في البلاد، برغم النداءات المتواصلة ضد الفساد. ولكن أين السيف المنتفض ضد الفساد ليتلقفه جملة وتفصيلاً بدلاً من التعامل معه كقصيدة شعرية؟

وإذا كان  هناك عجز لبناني عن تفكيك الأزمات، وبصورة خاصة الأزمة المعيشية، فهل يمكن للبنان أن يتكل على اليد الدولية؟!

وفي هذا الباب نتساءل: أين المجتمع الدولي الذي أعلن مساعدته لنا، في استرجاع مزارع شبعا، وتلال كفرشوبا، والقسم اللبناني من بلدة الغجر، حتى يعود الى لبنان حقه الجغرافي ولم يفعل؟ أين المدد الدولي في مسألة إدعاء اسرائيل بوجود أنفاق لحزب الله تمهيداً لشن عدوان عليه؟

وما دام بقاء تلال كفرشوبا ومزارع شبعا في قبضة الجيش الاسرائيلي فلا غنى عن الحرب مهما طال المدى!

ويكفي أهالي القرى الجنوبية ما يعانونه من الخوف والارتباك المعيشي!

ولم يعد مقبولاً أن تبقى القرى الجنوبية تحت عيون قوات <اليونيفيل> وحضورها الدولي!