تفاصيل الخبر

لا مبادرة قطرية مماثلة لـــ 2008 بل مساعدات مشروطة بتشكيل الحكومة

17/02/2021
لا مبادرة قطرية مماثلة لـــ 2008  بل مساعدات مشروطة بتشكيل الحكومة

لا مبادرة قطرية مماثلة لـــ 2008 بل مساعدات مشروطة بتشكيل الحكومة

 

[caption id="attachment_85909" align="alignleft" width="413"] الرئيس ميشال عون خلال استقباله نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.[/caption]

خلافاً لما توقعه الكثيرون، لم تكن زيارة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مدخلاً لمبادرة قطرية على غرار تلك التي حصلت في العام 2008 ونقلت الى الدوحة قيادات لبنانية التقت على ما عرف بــ"اتفاق الدوحة " وانتج يومها إجراءات اعادت الاستقرار الى البلاد بعد احداث 7و8 أيار (مايو)، وفي السياسة حملت قائد الجيش يومها العماد ميشال سليمان الى رئاسة الجمهورية... ذلك ان رأس الديبلوماسية القطرية حضر الى بيروت للتعبير عن اهتمام بلاده بالوضع اللبناني، وعارضاً على المسؤولين اللبنانيين أي مساعدة ممكنة في مجالات عدة، اقتصادية واجتماعية وانمائية. صحيح ان العروض التي قدمها ظلت ضمن العموميات من دون دخول في التفاصيل، الا ان الاستعداد القطري كان واضحاً لتقديم كل ما يطلبه لبنان لأن امير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي تربطه برئيس الجمهورية العماد ميشال عون صداقة متينة عبر عنها في اكثر من مناسبة، يريد فعلاً لا قولاً مساعدة اللبنانيين، لكن أي مساعدة مهمة مربوطة بتشكيل حكومة تأمل ان تولد سريعاً...

وهكذا اتى الوزير القطري من دون ان يحمل معه أي مبادرات ولا حتى دعوات لزيارة قطر، بل دعوات للقيادات اللبنانية ان تلتقي لمعالجة الفراغ الحكومي الذي سيكون، متى عولج، عنصر جذب اكيد لمساعدات خارجية موعودة تكون بلاده بطبيعة الحال في مقدمة المبادرين اليها. لكن الواقع ان اللبنانيين عاشوا لفترات حلم "الدوحة"، ذلك ان مثل هذا الحلم يدغدغ مشاعر اللبنانيين الذين شعروا في الآونة الأخيرة انهم متروكون لقدرهم، واوقظ هذا "الحلم" في الاذهان يوم نقل الاسطول الجوي القطري القادة السياسيين اللبنانيين الى الدوحة في أيام العام 2008 ليخرجوا بعدها بالاتفاق الذي حمل اسم العاصمة القطرية والذي ارسى، كما بات معلوماً، تفاهمات سياسية اتسمت بالهشاشة والتوليفية، لكنها ارضت الى حد ما كل المشاركين في المؤتمر لاسيما حزب الله و"تيار المستقبل"، لكن الواضح في المشهد اليوم ان الازمة السياسية الفارضة نفسها بعناد، مختلفة المواصفات عن ازمة أيار (مايو) 2008، فهي اقل وطأة كونها ازمة سياسية- حكومية يعتقد قسم كبير من السياسيين انه بالإمكان معالجتها "اذا ما صفت النيات وصحت العزائم"، وفق تقدير احد نواب "حزب الله". وربما الأهم من ذلك ان قطر الخارجة لتوها من "حصار" فرضه عليها لنحو عامين شركاؤها في مجلس التعاون الخليجي، لم تعد في موقع يبيح لها العودة الى أداء الدور الريادي في حل الازمات الإقليمية الذي حرصت على تأديته في الأعوام السابقة، وهو الدور الذي وصف دوماً من خصوم هذه الامارة انه يتجاوز قدراتها وموقعها الجيوسياسي.

 واذا كان المتابعون مقتنعين بأن دوحة ذلك العام ( 2008) وقبله في العام 2006 أي عندما مولت قطر الجزء الأكبر من عملية إعادة اعمار مناطق الجنوب والضاحية الجنوبية التي نكبتها الحرب الإسرائيلية الواسعة في صيف تلك السنة البالغ الحماوة، الا ان ثمة في الأوساط السياسية اللبنانية من يقرأ في زيارة وزير الخارجية القطري ابعاداً ترتبط وثيقاً بالاستراتيجية التي اعتمدتها تلك الدولة الخليجية الصغيرة بالجغرافيا والكبيرة بالامكانات والثروات واستطراداً التطلعات، في اعقاب خروجها من العزلة التي فرضت عليها ومؤداها ان اشهر الحصار تلك لم تجعلها تستسلم لواقع التخلي عن حضورها في ساحات وميادين سجلت فيها صولات وجولات ولها عليها استتباعاً افضال ومنها بطبيعة الحال الساحة اللبنانية التي رفعت ذات يوم عالياً شعار "شكراً قطر" والصقته على جدرانها.

واذا كان الموفد القطري قد حرص في اطلالته الإعلامية بعد جولته على المسؤولين، ان يضع الزيارة في اطار متواضع لا يثير حساسية أي جهة ويظهر انه لم يفد لكي يقطع الطريق على اية مبادرات معروضة (الفرنسية) او على أخرى مقدر لها ان تولد، فإن السؤال المطروح تلقائياً هو من الذي ايقظ الاحلام والامال وأعطى الزيارة هذه الصورة المحورية وهي صورة الدعوة الى مؤتمر حوار للمكونات اللبنانية؟

مساعدات مشروطة

ثمة في وسط الأكثرية النيابية (حزب الله والتيار الوطني الحر) من يستنتج بأن الذين تعمدوا عن سابق إصرار تعميم "نظرية وخبرية" الدعوة أرادها خدمة لاهداف مضمرة ابرزها انها تصب في خانة التصعيد الجنوني للاحتدام على الساحة وإظهار ان ازمة هذه الساحة ازمة وجودية وبنيوية، وهو ما يوفر الأجواء اللازمة لشعارات رفعت أخيراً من نوع التدويل والتهويل بوضع لبنان تحت الفصل السابع وما الى ذلك.

ويقيم الوسط إياه على قناعة فحواها ان المنبت الأساس لهذه "الخبرية" كان صحيفة كويتية. وعلى الفور بادرت منصات إعلامية بيروتية الى تعميمها واشاعتها والبناء عليها والهدف الأساس محاصرة مسبقة لنتائج الزيارة وإعطاء انطباع بأنها قد انتهت الى اخفاق. والابعد من ذلك ان ثمة من تثير هذه الزيارة حفيظته وهواجسه لانه يفترض انها، بصرف النظر عن مآلاتها، تخرق نوعاً من عزلة خليجية غير معلنة على الرئاسة الأولى. واكثر من ذلك ان هناك من يريد الإيحاء بأن الزيارة أتت لتنال بشكل او بآخر من المبادرة الفرنسية الموضوعة قيد التداول منذ آب (أغسطس) المنصرم والتي آلت الى موت سريري قبل ان تعيد باريس اليها الاعتبار أخيراً.

واجمالاً تؤكد مصادر عليمة في دوائر الأكثرية مجدداً قناعتها بأن الازمة في لبنان لا تحتاج الى مبادرات خارجية اذ ان المشكلة الأساسية ليست في تدخلات الخارج بل في تبعية البعض لايحاءات ورسائل الخارج وحساباته والحل يكون عندما يحزموا امرهم ويقدموا لأن الفرصة مؤاتية. الا ان ذلك لا يمنع ان تكون أي مساهمة عربية مفيدة عندما يصبح الحل جاهزاً لأن ذلك يعطي الامل بضخ مساعدات مالية تساهم في انقاذ الوضع الاقتصادي المتردي وهو ما أوحى به الوزير القطري عندما اكد ان تشكيل الحكومة هو باب الطبيعي للمساعدات العربية والدولية وفي مقدمها المساعدة القطرية....