تفاصيل الخبر

لا خلفية سياسية وراء طلب عون التحقيق في ملابسات خطف العسكريين والاعتداء عليهم في آب 2014!

08/09/2017
لا خلفية سياسية وراء طلب عون التحقيق في ملابسات خطف العسكريين والاعتداء عليهم في آب 2014!

لا خلفية سياسية وراء طلب عون التحقيق في ملابسات خطف العسكريين والاعتداء عليهم في آب 2014!

ميشال-عونلم يفاجئ إعلان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الطلب الى الجهات المعنية التحقيق في كل ما يتصل بقضية خطف العسكريين اللبنانيين في 2 آب/ أغسطس 2014 في جرود عرسال، الأوساط السياسية والرسمية على حد سواء، وإن كان الشكل الذي أعلن فيه هذا الطلب قد ارتبط بالتهنئة بعيد الأضحى وعشية إحياء ذكرى اعلان <لبنان الكبير> لأن ثمة من رأى أن هذا الطلب كان يجب أن يتم يوم أعلن الرئيس عون انتصار لبنان على الارهاب في حضور وزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جوزف عون، نظراً للترابط القائم بين هذه الاحداث مجتمعة. إلا أن الرئيس عون ارتأى يومئذ عدم المزج بين التهنئة بالانتصار من جهة، وطلب التحقيق من جهة أخرى لئلا تؤثر هذه المعطيات على مسار التحقيق لاحقاً.

أما بالنسبة الى عدم مفاجأة الأوساط السياسية بموقف الرئيس عون، فهو يعود الى أمرين: الأول ثبات موقف رئيس الجمهورية منذ كان رئيساً لتكتل التغيير والإصلاح لجهة إصراره في حينه على تحديد المسؤوليات في ما حصل في جرود عرسال غداة عيد الجيش في الأول من آب/ أغسطس 2014، لاسيما وأنه يعرف من خلال تجربته الشخصية كقائد للجيش ومن خلال المعطيات الميدانية التي تكونت لديه أنه كان في الإمكان عسكرياً تفادي حصول عملية الخطف أو على الأقل منع الخاطفين من الهرب برهائنهم الى حيث تحصنوا وصولاً الى الانتقام من العسكريين. وفي هذا السياق يذكّر المطلعون على موقف <الجنرال> عون أنه نادى مراراً بالتحقيق في ما حصل، لكنه لم يكن ينشر ذلك الموقف اعلامياً حفاظاً على معنويات الجيش ومنعاً لأي صدمة يمكن أن تحصل نتيجة اثارة هذه المسألة علنياً، ولعل أحد اسباب معارضته التمديد للقائد السابق للجيش العماد جان قهوجي في اليرزة، كان موقفه من معالجة اعتداء الإرهابيين على العسكريين في المنطقة في ذلك النهار.

 

وفاء لذكرى الشهداء

أما السبب الثاني لعدم استغراب الأوساط الرسمية والسياسية فيعود الى أن الرئيس عون فاتح بعض السياسيين والرسميين بضرورة التحقيق في ما حصل قبل ثلاثة أعوام لا لشيء إلا وفاء لذكرى الشهداء الذين سقطوا في منطقة عرسال يوم المواجهة مع الإرهابيين، والذين خطفوا وظل مصيرهم مجهولاً. وفي هذا السياق، يقول الرئيس عون انه من غير الجائز أن تذهب دماء الشهداء هدراً، خصوصاً إذا ما تبين وجود أخطاء في الاداء العسكري الميداني أو في مرحلة إصدار الأوامر أو أي تفصيل آخر، لأن التغاضي عن هذه الاخطاء يراكم أخطاء أخرى في مجالات أخرى، كما يجعل العسكريين من مختلف الرتب يتخلون عن المناقبية والشدة والانضباط، و<يشطحون> في تفسير الأوامر المعطاة اليهم، أو بكل بساطة يتجاوزونها فتنعدم القيادة وتتراجع الأمرة. فضلاً عن أن ما حصل في البلاد منذ آب/ أغسطس 2014 وحتى موعد التحرير قبل أسبوع، ليس بالأمر الهين كي يمر مرور الكرام من دون محاسبة المقصرين أو المتورطين أو الذين عن جهل أو قصد تركوا ما حصل يومذاك من دون متابعة ورعاية. من هنا، وانطلاقاً من هذه الاسباب كان الطلب الرئاسي للتحقيق في كل ما حصل، وهو تحقيق يؤكد الرئيس عون انه لن يكون مسيساً أو لتصفية حسابات، بل سيكون تحقيقاً مسلكياً ومهنياً صرف يتولاه القضاء العسكري وفقاً للأصول التي ترعى عمل النيابة العامة العسكرية والمحكمة العسكرية في تعاطيها مع المخالفات التي يرتكبها عسكريون لأي سبب كان، مع الإقرار بأن ما حصل في منطقة عرسال ليس بالأمر العادي أو التقليدي. ووفقاً للمعلومات المتوافرة لدى <الأفكار>، فإن فكرة تشكيل لجنة تحقيق برلمانية - عسكرية، التي راودت البعض، لم تكتمل فصولاً لأن رئيس الجمهورية ليس في وارد <إغراق> هذا الملف في وحول السياسة والحسابات الشخصية والاعتبارات التي لا تأتلف مع القواعد والأصول القانونية. أضف الى أن التجارب السابقة علّمت الجميع بأن لجان التحقيق البرلمانية لا تصل في النهاية الى نتيجة وتغرق في المعطيات غير المكتملة وتدخل فيها السياسة طرفاً... والدليل الأخير الذي لا يزال شاهداً على تخبط الدولة هو الذي حصل في لجنة التحقيق في طائرات <البوما> التي تولاها آنذاك نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي وتم تغيير التقرير مرتين لاعتباراتيدركها الرئيس الفرزلي أكثر من غيره.

لا نية للنيل ظلماً من أحد

وتؤكد مصادر معنية أن التحقيق في ما حصل في عرسال لا يهدف الى النيل من أي عسكري مهما علت رتبته ولا من أي سياسي كان في موقع لحظة-تلقيهم-خبر-العسكريينالمسؤولية، بل هو يهدف الى تحديد الجهات التي قصّرت أو اخطأت في التقدير بهدف جلاء الحقيقة ومنعاً لتحميل هذا المسؤول أو ذاك وزر ما جرى بحيث توضع الأمور في نصابها وتتوقف الحملات السياسية والاعلامية التي أضرت بالمؤسسة العسكرية منذ ذلك الحين وحتى اليوم، الى درجة أن بعض السياسيين نسي أن المجموعات الارهابية احتلت مناطق لبنانية وان ما حصل هو اعتداء على السيادة الوطنية، فراح يتطاول على المؤسسة العسكرية ويوجه اليها سهام التقصير حيناً، وسهام التجريح أحياناً، ما أثّر سلباً على معنويات العسكريين وعلى أدائهم أحياناً. لذلك لا بدّ من وضع حد لهذا التوتر المستمر وعلامات الاستفهام التي تطرح في مناسبة ومن دون مناسبة من خلال التحقيق الذي سيجريه القضاء العسكري وفقاً للأصول.

ورفضت المصادر المعنية الربط بين مطالبة الرئيس عون بالتحقيق، وما وصف بـ<دفاع> الرئيس نبيه بري في كلمته في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر عن القائد السابق للجيش العماد قهوجي أو عن الرئيس تمام سلام، مشيرة الى أن ذلك ليس توجه رئيس الجمهورية ولا يعكس تمسكه بمواقفه المبدئية. وتجزم المصادر نفسها بأنه لا مساءلة سياسية لمسؤولين كانوا في موقع المسؤولية في تلك الفترة، بل الهدف هو البحث عما إذا كانت تتوافر عوامل جرمية يعاقب عليها القانون، علماً ان الانتصار على الإرهاب لن يكتمل إلا بمعرفة ملابسات خطف العسكريين الحقيقية ولماذا لم يتم إنقاذهم قبل نقلهم الى الجرود، خصوصاً أن ثمة مسؤولين غير عسكريين يتحملون ايضاً المسؤولية في ما وصلت اليه حادثة الخطف وبعد ذلك التصفية.

وتؤكد المصادر نفسها ان الرئيس عون يريد إبعاد هذا الملف عن التراشق السياسي لأنه يمس بالاستقرار وبمعنويات الجيش، وان هذه الخطوة تفاهم عليها الرئيس عون مع الرئيس سعد الحريري، وهي تهدف في جانب منها الى التضامن مع اهالي العسكريين المخطوفين الذين طالبوا بمحاسبة الذين أوصلوا اولادهم الى هذا المصير. لذلك أبقى الرئيس عون التحقيق في القضاء العسكري ولم يحل الجريمة الى المجلس العدلي لأن مثل هذه الحالة تتطلب موافقة مجلس الوزراء، ما يعني فتح الباب أمام النقاش السياسي، إضافة الى أنه اذا اضطر الامر الى استجواب عسكريين من رتب مختلفة، فإنه من غير المألوف مثولهم أمام المجلس العدلي في وقت ان القضاء العسكري هو من يرعى محاسبة العسكريين، إضافة الى أن الضحايا هم من العسكريين ومن كان مسؤولاً في العمل العسكري هم من العسكريين ايضاً.

وشددت المصادر الى أن الحصانة تصبح مرفوعة حكماً عن الجميع عندما يضع القضاء العسكري يده على ملف بهذه الاهمية، وان استماع النيابة العامة العسكرية الى أي مسؤول عسكري ليس جديداً في الحياة القضائية العسكرية.

وتوقعت المصادر أن يأخذ التحقيق مجراه وأن يصل الى معطيات محددة تضيء على جوانب مهمة في حدث اساسي هزّ لبنان وما يزال!