تفاصيل الخبر

لا خــلاف بـيـــن بعبــدا وحـاكمـيـــة مـصــــرف لـبـــنـان ولقـــاءات عـــــون - سلامـــة المـتكــررة عــــززت الـثـقـــــة!

17/05/2019
لا خــلاف بـيـــن بعبــدا وحـاكمـيـــة مـصــــرف لـبـــنـان  ولقـــاءات عـــــون - سلامـــة المـتكــررة عــــززت الـثـقـــــة!

لا خــلاف بـيـــن بعبــدا وحـاكمـيـــة مـصــــرف لـبـــنـان ولقـــاءات عـــــون - سلامـــة المـتكــررة عــــززت الـثـقـــــة!

 

أعــــــادت الأزمـــــة الاقتصاديـــــة والمالية التي نشأت مجدداً خلال درس موازنة الدولة للعام 2019 إحياء الحديث عن دور مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة، لاسيما في ما يتعلق بالهندسات المالية التي أجراها في عدد من المصارف اللبنانية والتي يقول بعض الخبراء الماليين انها وفرت أرباحاً كبيرة للمصارف التي عليها بالتالي أن تساهم في خفض عجز الموازنة من خلال مدها بمداخيل إضافية أبرزها الضريبة على فوائد المودعين من جهة، ورفع الرسوم على أرباح المصارف <التي تربح كثيراً...>.

وتزامن كل ذلك مع حركة الاحتجاجات التي برزت في صفوف العمال والمستخدمين وسط جو من الشائعات والتحليلات التي استهدفت قدرة الليرة اللبنانية على الصمود في وجه الدولار الأميركي. ولعل <ما زاد الطين بلّة> الترويج باحتمال وقوع انهيار مالي واسع سببته معلومات كانت تنتقل من وسائل التواصل الاجتماعي وصولاً الى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة. ولعل أخطر الانعكاسات ما ورد من معطيات حول ان المستثمرين العرب والأجانب - ومن بينهم مجموعة كبيرة من المستثمرين الصينيين - <فقدوا> حماستهم للاستثمار في قطاعات استراتيجية وباتوا يميلون الى إبطاء إيقاع حماستهم، إما لغياب حافز الاستثمار في بلد مهدد بالإفلاس - كما روجوا - وإما لاعتقادهم أنهم يستطيعون الحصول لاحقاً على مشاريع معينة بأسعار متدنية.

وعبثاً حاول المعنيون <إطفاء> هذه الشائعات أو على الأقل الحد من تأثيراتها اليومية على الساحة الداخلية، إلا أن مساعي التهدئة لم تحقق المرجو منها، وقد سجلت خلال الأيام الماضية <تجاوزات> كان يمكن وضع حد لها لو صفت النوايا! إلا أن الأبرز في إطار المناخات السلبية التي أشيعت، كان <إحياء> بعض المعنيين بالملف المالي، الواقع الذي كان قد تم تخطيه مراراً والمتعلق بالشائعات التي طاولت العلاقة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فهل فعلاً ثمة خلافات بين رأس الدولة وحاكم مصرفها؟...

التشاور لا ينقطع!

المطلعون على العلاقة بين الرجلين يؤكدون أن لا صحة للشائعات التي راجت في هذا السياق، فالرئيس عون يحرص من جهته على استقبال الحاكم سلامة مرة كل ثلاثة اسابيع أو عند أي طارئ، والحاكم بدوره يُسعد بلقاء رئيس الجمهورية دورياً لاطلاعه على حقيقة الوضع المالي في البلاد بعيداً عن <التباشير> بقرب إفلاس البلاد. أكثر من ذلك، فإن هؤلاء المطلعين يؤكدون أن التشاور الهاتفي بين الرئيس عون والحاكم سلامة يكاد يكون على مدار الساعة، ما ينفي أي فتور في العلاقة بينهما والتي تعود الى سنوات عدة خلت وليس بعد انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية. ويلتقي أكثر من خبير اقتصادي ومالي على القول ان الإجراءات التي أجراها الحاكم ساعدت على صمود ركن أساسي في الحياة الاقتصادية اللبنانية، هو المصارف، حتى قيل إن الثقة بالعملة الوطنية مرتبطة بشكل أو بآخر بشخص الحاكم سلامة الذي غدا رمزاً لـ<سلامة النقد>، وأي هزة يمكن أن تحصل له أو معه سوف تنسحب <هزات> على الواقع المالي والمصرفي في البلاد وسيكون من الصعب تفاديها، في وقت تركز الدول العربية والأجنبية اهتمامها على ضرورة تنفيذ توصيات <مؤتمر سيدر> التي تدعو الى <تحصين> عمل المصرف المركزي الذي يعتبر صمام الأمان في الاقتصاد اللبناني.

وتصف مصادر مطلعة العلاقة بين الرئيس عون والحاكم سلامة بأنها <واقعية>، لاسيما وأن رئيس الجمهورية يدرك أن التعاطي مع هذا الملف يحتاج الى حنكة ودراية، وان التفاهم مع الحاكم في كل ما يخص السياسة النقدية وتكييف مسارها مع متطلبات تنشيط الاقتصاد يبقى أهم بكثير من <استثمار> ما يصل الى بعبدا من حين الى آخر من معلومات تتصل بأداء الحاكم سرعان ما يتبين انها تستهدف وضع اسفين في العلاقة بين الرئيس والحاكم. إلا أن هذه المصادر تقرّ بأن المواقف التي أعلنها وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش - وهو من الوزراء المقربين جداً الى رئيس الجمهورية - تركت انطباعاً لدى الرأي العام والجهات المصرفية والاقتصادية وكأن الوزير بطيش كان ينطق باسم رئيس الجمهورية، خصوصاً ان الإصلاحات والمقترحات التي طرحها وزير الاقتصاد والتجارة جديرة بأن تدرس بهدوء بعيداً عن الانفعالات والحسابات الشخصية والمكاسب الآنية. وقد حرص الرئيس عون على إبلاغ من راجعه يومذاك بمواقف الوزير بطيش، أن من حق الوزير أن يعبّر عن رأيه ويقدم اقتراحاته، خصوصاً إذا كان ابن القطاع المصرفي - كما هو حال الوزير بطيش - إلا أن ذلك لا يعني أن رئيس الجمهورية يتبنى أي طروحات ما لم يدرسها الخبراء والمعنيون لأن قرارات الرئيس يفترض أن تبنى على

معطيات وأرقام وتوقعات دقيقة.

 

لا مساس باستقلالية مصرف لبنان!

كذلك حرص الرئيس عون، مباشرة ومداورة، على التأكيد بأن ما اشيع عن وجود نية لإنهاء أو تقليص استقلالية مصرف لبنان غير صحيح لا بل غير وارد أصلاً، وهو يندرج في قائمة الشائعات التي راجت في الفترة الأخيرة وأثرت سلباً على الواقع المالي المازوم أصلاً. وفي أحد اللقاءات التي عُقدت في قصر بعبدا، بدا الرئيس عون متحمساً جداً لجهة طمأنة الحاكم بأن الظروف الراهنة الاقتصادية والمالية على حد سواء تفرض التركيز على ما يعزز العلاقة بينهما وعدم الاكتراث بما يُقال هنا وهناك، وهو أمر أكده ايضاً الحاكم لرئيس الجمهورية لافتاً الى أنه لم يردّ يوماً على الحملات التي تستهدفه يومياً، وهو لا يتحدث الى الإعلام إلا للحديث عن الواقع المالي ولدحض كل الشائعات التي تتحدث عن <إفلاس> الدولة حيناً وتوقف المصارف أحياناً. ويرى خبراء ان سلامة اصبح جزءاً عضوياً من <الستاتيكو المالي> للدولة الصامدة حتى الآن، وبالتالي فإن المتحمسين لإقصائه يجب أن يعلموا بأنه لن يتجاوب مع رغباتهم لأنه يعتقد - وعن حق - بأن إخراجه من المصرف المركزي سيؤدي الى تداعي الاستقرار النقدي الذي سعى الى المحافظة عليه منذ أن تسلم حاكمية مصرف لبنان، وهو ماض في السياسة النقدية والمالية التي يعتمدها والتي أثبتت الأحداث جدواها مع غياب أي بديل فعال لها.

 

<الترويكا الرئاسية>

تدعم سلامة!

وفي رأي المطلعين أن الحاكم ليس وحيداً في <المعركة> التي تشن ضده، بل يقف الى جانبه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي <بارك> الزيارة التي قام بها أمين سر كتلة التنمية والتحرير النائب أنور الخليل للحاكم مؤخراً والتي اعتبرت رسالة دعم من الرئيس بري، الذي يلتقي ايضاً مع رئيس الحكومة سعد الحريري في التوجه نفسه حيال دور الحاكم ومسؤوليته. من هنا أتى قرار مجلس الوزراء بصرف النظر عن المادة 60 المقترحة في مشروع موازنة 2019 والتي كانت تنص على إخضاع الموازنات وتعديلاتها والحسابات للمؤسسات العامة (ومنها مصرف لبنان) لمصادقة وزير المال علي حسن خليل الذي يقول البعض انه يسعى ليكون وصياً على ما يقوم به مصرف لبنان، وهذا ما سارع وزير المالية الى نفيه مؤكداً استقلالية حاكمية مصرف لبنان في إدارة الشأن النقدي في البلاد، وبنتيجة إسقاط المادة 60 من مشروع الموازنة، سقطت كل الطروحات التي راجت مؤخراً عن تغيير مرتقب بالعلاقة القانونية بين وزارة المال والمصرف المركزي.

ويرى المراقبون أن الكلام الذي ردّده الرئيس الحريري في مجلس الوزراء قبل أسبوعين ودعا فيه الوزراء وغير الوزراء الى التوقف عن استهداف المؤسسات الناجحة مثل مصرف لبنان وطيران الشرق الأوسط وكازينو لبنان وغيرها... إشارة واضحة الى وجود <خط أحمر> لا يمكن لأي كان تجاوزه لأنه يهدد الاستقرار النقدي والمالي للدولة من جهة، ويفتح <أبواب جهنم> من جهة اخرى على الاقتصاد اللبناني الذي ما إذا تعرض لانتكاسة كبيرة فإنه يصيب البلاد بكاملها ويتجاوز الاشخاص ودورهم أو مسؤولياتهم.

في أي حال، بين بعبدا وحاكمية مصرف لبنان ثقة تتجدد حسب المطلعين يوماً بعد يوم ولن تهتز لأن عوامل الثقة والمصارحة والواقعية تبقى الأساس في مقاربة الملف المالي ودور مصرف لبنان فيه.