تفاصيل الخبر

لا خـضــوع ولاخـمــول بـعــد الـيــوم

24/12/2015
لا خـضــوع ولاخـمــول بـعــد الـيــوم

لا خـضــوع ولاخـمــول بـعــد الـيــوم

SAM_5208بقلم سعيد غريب

نحتفل باعيادنا منذ أربعين عاماً على وقع الأزمات المتلاحقة والمشاكل المتراكمة والتسويات غير الناضجة والحلول شبه المستحيلة.

بعد أربعين سنة، لم يعد لدينا من الوقت ما نضيّعه، لقد ضاق الزمن وكل لحظة فيه قياساً الى ظروفنا تعادل عمر إنسان.

قبل خمسة وعشرين عاماً، قالوا لنا إن الحرب انتهت، ولكنني خفت من السلام لأن الحرب هي تحدي الموت فيما السلام هو تحدي الحياة. ولأننا لم نكن جاهزين للسلام.

أربعون سنة مضت وكأننا نحاول المستحيل، نحاول، وعند كل نكسة نعود فنبدأ من الصفر، كما النملة التي تحمل حبة تكبرها حجماً ووزناً.

نحتفل منذ أربعين سنة ولدينا إيمان بأننا مقبلون على لبنان جديد يخرج من التجربة.

ولكن ماذا في الجانب الآخر من الصورة؟

إنه مشهد عظيم ليس له مثيل في العالم:

هي قوة لا تفسير لها تبقي لبنان على قيد الحياة ورسالته مفتوحة أمام العالم الخارجي.

هي عدوى <لبننة> العالم أجمع إذا أراد هذا العالم أن يبقى على قيد الحياة.

إن أعياد لبنان، بل الأصح طوائف لبنان هي سرّ خلاصه واستمراره على قيد الحياة، ولولاها لكان لبنان تاريخاً.

هي، ورغم الخطاب الطائفي حيناً والمذهبي حيناً آخر، وصعوبة شفاء الذاكرة وتنقيتها من رواسب الحرب، تمكنت من نقل ثقافتها الى دول كانت حتى الأمس القريب بمنأى عن أي خضات طائفية وعرقية.

استطاعت بفعل انصهارها ولو البطيء، أن تتفاعل وتتناغم وتتواصل، بحيث ترى المسيحي مثلاً يبادر الى إقامة إفطارات رمضان، والمسلم يسارع الى وضع شجرة الميلاد وتشييد مغارة الطفل يسوع في منزله.

إن لبنان الذي عانى الكثير من ظلم دول، ينظر اليوم الى هذه الدول وهي تعيش الظلمات.

إن لبنان الذي دفع غالياً ثمن نقل مشاكل العالم الى أرضه، يتفرّج اليوم على دول هذا العالم وهي تبحث عن حلول لمآسيها وكأنها عقاب من الله.

وبعيداً من الشماتة، يستمر شعب لبنان متسلحاً بإيمان عميق، في تصدير ثقافة العيش الواحد بين الطوائف رغم الفرز الجغرافي، والعيد الواحد رغم الفارق بين الأديان، والتواصل الفكري والجسدي رغم بعض الموانع، وتشديد المسلم على إبقاء الرئاسة للمسيحيين رغم تشدد المسيحيين وعدم إقدامهم.

إن عيدي الميلاد والمولد النبوي يلتقيان هذا العام ولدى أبنائهما شوق ملحّ لأن يروا لبنان ملتقى الحضارات والديانات السماوية، ومضرب مثل للشعوب التي تخلت عن دياناتها وتعيش في الفراغ القاتل منذ عقود من الزمن.

إن عيدي الميلاد والمولد النبوي مناسبتان كبيرتان للعودة الى الأصول والأصالة، والاستغناء عن ثقافة الاستهلاك والمال والسلطة، وللعودة الى الإلفة والمحبة والتواضع والتعاون ونظافة القلوب.

إن شباب لبنان في العام 2016 سيكونون قدوة لشباب العالم ولاسيما شباب العالم المتخلف والمتقدم في آن، لأن عجينتهم ممزوجة بخميرة صالحة منبتها الأجداد الذين أنجبوا ثلاثة قديسين يشفون المرضى المسلمين والمسيحيين على حدّ سواء.

وليس تقاطر النساء المحجبات خصوصاً والمسلمين عموماً الى سيدة حريصا ومقام القديسين الثلاثة: شربل والحرديني ورفقا سوى عينة عن تلاحم الديانات السماوية.

إن لبنان المستقبل سيكون عظيماً في شبابه المؤمن والذكي، لا المتعصب. هؤلاء الشباب هم مدركون اليوم أكثر من ذويهم في ما مضى ان المال لن يفسدهم وكذلك الخوف، وأن المهزلة لن تتكرر لأن المتراسين أعني 8 و14 آذار سيزولان ولن يكون كذب على النفس ولا استقطاب جمهور ولا غريزة ولا تعصب ولا شراء ذمم.

ولن يسمحوا بأن <يتمقطع> بهم أحد كما هو حاصل اليوم، سيطهرون الشاشات بالمبيدات، وستكون حرية التعبير ضد التبعية لا عنها. حرية التعبير ضد الانصياع الجبان لإرهاب المتراسين والرشى المفعمة بالروائح.

إن شباب لبنان سيأخذون شعب لبنان الى حيث لا خضوع ولا خمول. سيتخرجون غداً من المدارس والمعاهد والجامعات ليتفوقوا بعد غد على اللصوص.

إن شباب لبنان سيرددون في يوم النور وبمساعدة الأنبياء والقديسين: لن نكون ضحايا بعد اليوم، سنأخذ لبناننا ونعيد إليكم لبنانكم.