تفاصيل الخبر

لا ضيـــــر فــي بقـــــــاء الــــــرئيس الأســــــد لأنــــه حائــــــط فــي وجــــه تقسيـــــم سوريــــــــا!

16/02/2017
لا ضيـــــر فــي بقـــــــاء الــــــرئيس الأســــــد  لأنــــه حائــــــط فــي وجــــه تقسيـــــم سوريــــــــا!

لا ضيـــــر فــي بقـــــــاء الــــــرئيس الأســــــد لأنــــه حائــــــط فــي وجــــه تقسيـــــم سوريــــــــا!

 

بقلم وليد عوض

aoun-jordanie----A

ليس قانون الانتخابات الجديد هو الهاجس الوحيد لأهل السياسة في لبنان. هناك على أرضنا من الناقورة جنوباً الى عكار شمالاً أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري يتزايد عددهم يوماً بعد يوم. وإذا كان المشهد حتى الآن لا يترك أثره في عيون اللبنانيين، فإنه مع الوقت سينبههم الى مشكلة اقتصادية سكانية كما حصل عام 1948، عند سقوط فلسطين في أنياب الميليشيات الاسرائيلية وهي <شترن> و<الهاغانا> و<الأرغون>، وإهداء نظام كميل شمعون الجنسيات اللبنانية بالجملة لأغنياء النازحين الفلسطينيين، وترك الباقين أسرى المخيمات بين عكار في الشمال والناقورة في الجنوب. وحسناً فعل معين المرعبي وزير الدولة لشؤون النازحين يوم السبت الماضي حين توجه الى حلبا، معقل منطقة عكار على رأس وفد من المنطقة لزيارة مفتي المنطقة الشيخ مالك جديدة في حضور المجلس الاداري للأوقاف، حيث قال ان هناك 33 مليون دولار ومشروع الأوتوستراد العربي الطويل العمر والبنى التحتية والجامعة اللبنانية ومعالجة مشكلة النزوح على كل المستويات تجري متابعتها بشكل شخصي ومباشر ويومي من رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري.

وقال الوزير المرعبي في هذا اللقاء ان هناك مليوناً ونصف المليون نازح سوري يتأثرون من أزمة النزوح بسبب غياب البنى التحتية في مناطق النزوح السوري حيث لا مياه ولا كهرباء ولا طرقات ولا جامعة ولا مدارس كافية ولا مرافق تؤمن فرص عمل.

وهو أول مسؤول لبناني يتعاطى مع ملف النازحين السوريين، بصورة مباشرة لا بالكلام البعيد. ولو سار باقي وزراء الحكومة على منواله لدخلنا في حل مشكلة تكبر مع الأيام وتشكل هاجساً كبيراً في حياة اللبنانيين.

وقد ترك الإمام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، كلمة مأثورة عن الفقر حين قال: <لو كان الفقر رجلاً لقتلته>. والفقر والحرمان هما الخطران اللذان يواجهان مستقبل اللبنانيين، ويمليان عليهم الضغط على المسؤولين لتحريرهم من هذا الهاجس الكبير. فقد تعاملوا مع النزوح الفلسطيني عام 1948 على أنها مشكلة أيام، فصار عمرها حتى الآن تسعاً وستين سنة،ومن مواليدها عبر أبنائها الأغنياء الموسرين فندق <فينيسيا> وبنك <انترا> وفندق <فاندوم> وستوديو بعلبك. منذ ذلك الحين واللبنانيون يتعايشون مع هذه المأساة التي صارت جزءاً من حياتهم اليومية. والآن هم الآن أمام مأساة النازحين السوريين ويتساءلون: كم ستدوم هذه المأساة التي صارت جزءاً من أكلنا وشربنا؟ والى متى ستشكل المنافسة في العمل حالة تنافس وزحام مع النازحين السوريين؟

السوريون جزء لا يتجزأ من حياة اللبنانيين، ومصاهراتهم مع دمشق وحلب وحمص وحماه واللاذقية متقادمة العهد، والأمهات السوريات يملأن القطاع العائلي، فأين ستصب الحلول؟

 

ملف النزوح السوري

حين أنشأت الدولة، وبطلب من الرئيس ميشال عون، وزارة لشؤون النازحين، فتحت باب النقاش والمعالجة حول طوفان النازحين السوريين في لبنان، وقد انضم إليهم مؤخراً عدد من رجال دين الأقليات، ليضعوا المشكلة في إطار الحل، ولا يتركون النازحين السوريين كتلة مهملة في حياة اللبنانيين اليومية.

فالنازحون السوريون مثلما هم هاجس ومشكلة عند اللبنانيين، وكذلك هم مشكلة عند أكثرية المجتمع الدولي. وما زيارة المفوض العام لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين <بيير كرينبول> للبنان، إلا جزء من الاهتمام الدولي بثلاثين ألف نازح جديد من سوريا الى لبنان، هرباً من المعارك الطاحنة في الجنوب السوري ولاسيما منطقة درعا، حيث المعارك مشتعلة ساعة بعد ساعة، وهذا بحد ذاته يشكل مشكلة أخرى غير المخيمات الفلسطينية المتوارثة كمشكلة بدون حل منذ نكبة عام 1948.

والنازحون السوريون ملف شائك حمله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هذا الأسبوع الى القاهرة، وتحديداً الجامعة العربية وقصر الرئاسة، وقال للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ان لبنان بلد الأربعة ملايين نسمة، واللبنانيين المنتشرين في العالم، لا يستطيع أن يتحمل وحده مشكلة النزوح السوري بعد النزوح الفلسطيني عام 1948، وان على المجتمع العربي أن يتعاون وإياه في مواجهة طوفان النزوح السوري. وهذا ما قاله الرئيس عون أيضاً ضمن خطابه في الجامعة العربية على مستوى مندوبي الدول..

ويؤمن العماد ميشال عون بأن طوفان النزوح السوري، إضافة الى فلسطينيي المخيمات، عبء على الاقتصاد اللبناني وفرص عمل اللبنانيين، وأن لبنان يشهد يومياً تظاهرات ضد اختطاف النازح السوري من أفواه اللبنانيين فرص العمل، والرغيف اليومي. وهذا ما قاله الرئيس اللبناني لملك الأردن عبد الله الثاني، حتى لا يأخذه الاستغراب إذا ظهرت على الشاشة التلفزيونية يومياً تظاهرات تطالب بإنقاذ الاقتصاد اللبناني من النزوج السوري.

 

يا لميس... اسمعي!

aoun-sissi-1--A

وهذا ما قاله الرئيس عون لمذيعة التلفزيون المصري لميس الحديدي زوجة الإعلامي التلفزيوني عمرو أديب وهو يستقبلها في قصر بعبدا يوم الأحد الماضي. لم يكن الرئيس عون يصارح هذه المذيعة المتفوقة كشكوى عربية، لأن لبنان منذ العام 1948 وهو ساحة تظاهرات للقضية الفلسطينية والقضية الجزائرية، وقضية الزعماء السوريين الأحرار، بل كان يبوح لها بهذه الشكوى اللبنانية حتى لا تكون عروبة لبنان في خطر وتسمح للمتآمرين على العروبة أن يحيكوا مؤامراتهم، وقد ظل لبنان زمان الخمسينات يعاني من التنكر لعروبة لبنان، حتى جاء عهد الرئيس فؤاد شهاب وأوقف قاطرة التآمر..

والرئيس عون يدرك جيداً ان النازحين السوريين سيكونون القنبلة الموقوتة في عهده، بعد النزوح الفلسطيني، وان المجتمع العربي هو المدعو أولاً وآخراً الى إعانة لبنان على مواجهة هذه المشكلة الجديدة خصوصاً وان لبنان هو ساحة الانتصار للقومية العربية، والمثل والمثال في الدفاع عن القضية العربية.

ويبقى الموضوع السوري ككل.

لقد فاجأ الرئيس ميشال عون جمهور تلفزيون <سي بي سي> عندما قال للمذيعة لميس الحديدي انه لا يرى ضرورة لإزاحة الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة كحل سوري، ومخرج للأزمة السورية، بل يرى فيه تثبيتاً للسلطة في سوريا، ومواجهة لا بد منها مع ميليشيات التحكم في المناطق السورية ولاسيما ادلب في الشمال، ودرعا في الجنوب. وفي رأي رئيس الجمهورية اللبنانية ان بقاء الرئيس الأسد في سدة السلطة كفيل بمنع مخطط تقسيم سوريا واللعب في خريطة المنطقة، إضافة الى تشريع لبنان لسلاح حزب الله في سوريا.

ريح... الخارج!

وطبيعي ألا يرضي هذا الكلام الهيئات والأحزاب التي تطالب برحيل بشار الأسد كحل لاستيلاد مستقبل سوري جديد يسلك خط الاعتدال، وفي مقدمة المحتجين على هذا الكلام، وإن لم يجاهروا به، هم الرئيس سعد الحريري الذي جعل جريدته اليومية <المستقبل> تهاجم النظام السوري وبشار الأسد، ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، ورئيس اللقاء الديموقراطي الزعيم وليد جنبلاط، فكل بورصات الثلاثة مصوبة على الاعتبار الآتي: لا مستقبل للسوريين مع بقاء نظام بشار الأسد.

وهذه هي الفجوة الأولى في العلاقة مع الرئيس ميشال عون وحلفائه الذين تكاتفوا معه لإيصاله الى سدة الرئاسة، ومن شأن هذه الفجوة أن ترتد على ساحة الانتخابات التي ستجري يوم 21 أيار (مايو) المقبل، وعلى التحالفات بين قانون انتخابات أكثري، وقانون انتخابات نسبي كالذي يطالب به الرئيس نجيب ميقاتي.

ورحلات الخارج هي الضوء الكشاف للمتاعب التي ستأتي الى الساحة اللبنانية.

ويوم 21 أيار (مايو) هو الفاصل..