تفاصيل الخبر

لا بديل عن غسيل الكلى عند حدوث القصور الكلوي

18/03/2016
لا بديل عن غسيل الكلى  عند حدوث القصور الكلوي

لا بديل عن غسيل الكلى عند حدوث القصور الكلوي

 

بقلم وردية بطرس

0,,17018081_303,00

الكلى هي عبارة عن أجهزة مركّبة ومدهشة تقوم بعدد من المهام الأساسية للحفاظ على صحتنا. اما المهمة الرئيسية للكلى فهي ازالة السموم والماء الزائد من الدم، كما تساهم في السيطرة على ضغط الدم، وفي انتاج كريات الدم الحمراء والحفاظ على صحة العظام. تتحكم الكلى بنسبة معادن وجزيئيات عدة في مجرى الدم ومنها الصوديوم والبوتاسيوم، وتساهم في السيطرة على مستوى الحموضة في الدم وتعمل على التحكم بدقة بمستويات الملح والماء في الجسم بحيث يبقى ضغط الدم مستقراً. والكلى مسؤولة عن: تكوين البول، ازالة الفضلات والسوائل الزائدة في الدم، التحكم بالتوازن الكيميائي للجسم، المساهمة في الحفاظ على صحة العظام، المساهمة في افراز كريات الدم الحمراء. ومرض الكلى المزمن هو الفقدان التدريجي لوظائف الكلى خلال فترة تمتد بين الأشهر والسنوات، ويعاني 8 الى 10 بالمئة من السكان البالغين من الفشل الكلوي بشكل من الأشكال بينما يموت الملايين قبل الأوان سنوياً بسبب المضاعفات الناتجة عن أمراض الكلى المزمنة. ولقد زادت نسبة الاصابة بأمراض الكلى المزمنة بنسبة 82 بالمئة بين العامين 1990 و2012. ويمكن لأمراض الكلى المزمنة ان تتطور في اي سن مهما اختلفت الظروف. وتشكّل أمراض الكلى في بعض البلدان احدى أبرز أسباب الوفاة. ففي المكسيك تم تصنيف أمراض الكلى المزمنة في المرتبة الثالثة ضمن لائحة الأسباب الأكثر شيوعاً للوفاة في العام 2010. وتُعتبر أمراض الكلى من الأمراض الشائعة والضارة بالصحة وغالباً ما يمكن علاجها. ويفتقر أكثر من 600 مليون شخص الى الرعاية الصحية المناسبة بسبب تعذر الوصول الى العناية المتخصصة للكلى، فحوالى 112 دولة في العالم تفتقر الى الموارد والتجهيزات الطبية الخاصة بغسيل الكلى وزرعها. وتقتل أمراض الكلى المصاب بها بشكل صامت، وبالتالي هي أمراض تؤثر الى حد بعيد على نوعية حياة الانسان الا انه يمكن الحد من خطر الاصابة بأمراض الكلى بطرق سهلة.

تجدر الاشارة الى انه تنامى الاحتفال بـ<اليوم العالمي للكلى> عاماً بعد عام، منذ تكريسه في العام 2006، وتزايد عدد المشاركين فيه من مختلف أنحاء العالم، وراح يتزايد تنظيم المزيد من الأحداث ليطال مجتمعات أوسع تحرص على تثقيف أقرانها بهدف حماية الكلى والعناية بها. وبعد سنوات قليلة على انطلاق <اليوم العالمي للكلى> تم تنظيم 212 احتفالاً بهذه المناسبة في العام 2010. ومنذ ذلك الوقت ازداد عدد الفعاليات التي يتم تنظيمها في العالم لتصل الى أكثر من 560 حدثاً في العام 2014، كما انضمت دول جديدة الى الحملة منذ انطلاقتها، حيث شاركت 66 دولة في <اليوم العالمي للكلى> سنة 2007، لترتفع الأصوات في وجه أمراض الكلى في 157 دولة حول العالم في العام 2013، كما شاركت في <اليوم العالمي للكلى> وزارات الصحة العامة في أكثر من 30 بلداً في العام 2014.

فمتى يحتاج المريض لغسيل الكلى؟ ففي المراحل المبكرة من مرض الكلى المزمن لا يحتاج المريض لغسيل الكلى، ويمكن ان تمتدّ مراحل مرض الكلى المزمن لسنوات عديدة. ولكن اذا أُصيبت الكلى بالفشل (المرحلة الخامسة من مرض الكلى المزمن) فسيحتاج المريض الى غسيل الكلى أو زرع الكلى من أجل البقاء على قيد الحياة.

ومن المستحسن ان يبدأ المريض بغسيل الكلى عندما تنخفض وظائف الكلى الخاصة به الى 15 بالمئة أو أقل او اذا كانت لديه عوارض حادة بسبب أمراض الكلى، مثل ضيق في التنفس او تعب او تشنجات في العضلات او غثيان او قيء، وسيساعد طبيبه على ان يقرر متى يبدأ غسيل الكلى حسب العوارض ونتائج الفحوصات المخبرية التي تقيس كفاءة وظائف الكلى المتبقية. واذا لم تكن هناك أية عوارض، فقد يستطيع الانتظار لبدء غسيل الكلى. وحيث ان الفشل الكلوي المزمن غالباً ما يحدث ببطء، فأحياناً لا يعرف المصاب مدى السوء الذي وصلت اليه حالته الى ان يبدأ غسيل الكلى فيبدأ الشعور بالتحسن كثيراً.

الدكتورة بولين ابو جودة

تشرح أسباب القصور الكلوي

 

فمتى يستوجب اخضاع المريض لغسيل الكلى؟ وماذا يحدث اذا لم يبدأ بغسيل الكلى في الوقت المناسب؟ وبأي الحالات لا ينفع غسيل الكلى ويستوجب اجراء عملية زرع الكلى؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على الدكتورة بولين ابو جودة الاختصاصية في أمراض الكلى، ونسألها عن الأسباب التي تؤدي الى القصور الكلوي فتقول:

- أولاً يستدعي الأمر غسيل الكلى عندما يكون هناك قصور كلوي حيث نضطر ان نخضع المريض لغسيل الكلى، اذ في هذه الحالة لا يعود العلاج بالأدوية نافعاً لذلك يكون الخيار المناسب هو غسيل الكلى. بالنسبة لغسيل الكلى عند الأطفال فنضطر ان نخضع الطفل عند اصابته بالقصور الكلوي لغسيل الكلى، لأن الطفل لا ينمو بشكل جيد عند اصابته بذلك فنلجأ الى هذا الخيار. وطبعاً علينا ان ننظر الى المسببات التي أدت الى القصور الكلوي: عند الأطفال 60 بالمئة من الحالات تكون بسبب عيوب خلقية في الكلى او المسالك البولية و40 بالمئة تكون بسبب أمراض مكتسبة. وننظر الى الأمر بحسب السبب المباشر وحسب اختلاف العوارض، ومن الممكن ان يحدث في الحالات المتقدمة أن الأدوية لا تعود تساعد في العلاج ولا نتوصل الى النتيجة المرجوة فنضطر ان نخضع الطفل لغسيل الكلى كما ذكرت. وعند الأطفال، من الضروري ان تتوافر الكلية في المرحلة المتقدمة اي عندما تصبح هناك حاجة لزرع الكلى، وكلما توافرت الكلية من متبرع او واهب بوقت أسرع يكون ذلك أفضل، لأنه طبعاً بعدما يخضع لغسيل الكلى يكون الحل الأفضل هو عملية الزرع لأنه لا يمكن ان يستمر على هذه الحالة اي غسيل الكلى لوقت طويل.

مسببات القصور الكلوي

ــ وماذا عن الكبار؟

- طبعاً قبل اخضاع المريض لغسيل الكلى علينا ان ننظر الى المسببات أيضاً كما هي الحال بالنسبة للأطفال. ومن أهم المسببات التي تؤدي الى القصور الكلوي عند الكبار السكري وارتفاع الضغط، لأنهما يؤديان الى القصور الكلوي ولا تنفع الأدوية في هذه الحالة ويستوجب اخضاع المريض لغسيل الكلى. واذا لم يخضع لغسيل الكلى فعندما يصل الى مرحلة الفشل الكلوي أي عندما تعمل الكلى بأقل من 15 بالمئة تصبح هناك خطورة على حياة المريض لأن هذا الأمر قد يؤدي الى تورم مع احتباس السوائل، وهذا الاحتباس سيشكل خطورة بشكل مباشر وممكن ان يحدث ارتفاع الضغط بدرجات عالية فيشكل خطورة على حياة المريض ويؤدي ذلك الى نزيف في الدماغ او جلطات وغيرها... ومن الممكن ان يحدث اضطراب بما يتعلق بالأملاح في الجسم مثل البوتاسيوم لأنها لا تعد تُصرف عبر الكلى. واذا حدث ارتفاع الضغط بدرجة عالية فمن الممكن ان يتسبب بتوقف وظيفة القلب، ولهذا نعمل على التوعية ضمن الحملة التي أطلقتها وزارة الصحة العامة للحماية من أمراض الكلى للعام 2016 والتي يمكن الوقاية منها.

زرع الكلى

ــ وهل هناك فترة محددة قبل اللجوء الى عملية زرع الكلى؟

- بالنسبة لغسيل الكلى فلا يقدر المريض ان يخضع لغسيل الكلى لوقت طويل، فإذا توافرت الكلية من متبرع يجب اخضاعه لعملية زرع الكلى لان ذلك أفضل له. ولكن كما تعلمين فالقانون اللبناني يسمح بوهب الأعضاء من قبل أفراد العائلة فقط (تجدر الاشارة الى ان القانون اللبناني يسمح بوهب الأعضاء من قبل شخص حي او واهب متوفٍ، ووهب الأعضاء يجب ان يكون مجانياً ومن دون شروط. يجب ان يكون الواهب الذي لا يزال على قيد الحياة فرداً من العائلة: اب، أم، أخ، أخت، ابن عم، ابن خال او عم، خالة او عمة، جد او جدة. يجب ان لا يضر هذا الوهب او التبرع بصحة المتبرع وذلك بعد مدة قصيرة او طويلة). وعادة تتراوح فترة غسيل الكلى خلال أشهر من ثم يتوجب اجراء عملية زرع الكلى وذلك بعد اجراء الفحوصات للتأكد اذا كان هناك تطابق.

ــ واذا لم يقبل المريض ان يخضع لغسيل الكلى منذ البداية فهل يشكل ذلك خطورة على صحته؟

- اذا لم يقبل المريض باخضاعه لغسيل الكلى فستحدث معه مشاكل عديدة مثل التورم واحتباس السوائل اذ لا يقدر ان يتبول، ومن الممكن ان يفارق الحياة خلال أيام اذا لم يخضع لغسيل الكلى.

 

أمراض الكلى تتزايد في الدول النامية

الدكتورة-بولين-ابو-جودة

ــ هل تزداد نسبة أمراض الكلى في السنوات الأخيرة؟ ولماذا؟

- هناك تزايد في أمراض الكلى عند الأطفال والكبار بسبب تزايد أمراض الضغط والسكري، وتجدر الاشارة الى ان السكــــري وارتفـــــاع الضغـــط يشكلان خطــــــورة على الكبار كما الأطفال خصوصاً في الدول النامية، فان أمراض الكلى المكتسبة تزداد أكثر وخصوصاً في البلدان العربية حيث ان زواج القربى يؤدي الى تزايد أمراض الكلى.

ــ وهل من عوامل أخرى تؤدي لأمراض الكلى؟

- من العوامل التي أدت لزيادة أمراض الكلى هو الوزن الزائد، اذ انه السبب الأساسي خصوصاً عند الأطفال وحتى الكبار لأنه نقطة الانطلاق لكل الأمراض الناتجة، فاذا كان الشخص يعاني من الوزن الزائد عليه ان يتنبه لوضعه وينقص من وزنه، لأنه 30 بالمئة من الأشخاص المصابين بالسكري وارتفاع الضغط يتعرضون لأمراض الكلى.

الوقاية من أمراض الكلى

 

ــ ما أهمية الوقاية؟

- هناك مسؤولية تبدأ من المنزل الى المدرسة والمجتمع ككل. يجب ان تكون هناك توعية كافية للوقاية من أمراض الكلى خصوصاً عند الأطفال، فعلى الأهل ان يتنبهوا لصحة أولادهم، فاذا كانوا يعانون من زيادة الوزن فيجب ان يعملوا على انقاص أوزانهم لأن زيادة الوزن عند الأطفال تؤدي في ما بعد الى مشاكل عديدة مثل السكري وارتفاع الضغط، وبالتالي يصبحون عرضة للاصابة بأمراض الكلى. ثانياً على المدارس ان تساهم في نشر التوعية حول أمراض الكلى والوقاية منها، ويجب ان يكون هناك ارشاد صحي للأطفال لكسب العادات الجيدة. وايضاً على الوزارات المختصة ان تعمل على توعية الناس أكثر، كما يجب تجهيز المدارس الرسمية بعدد أكبر من الحمامات، لأنه للأسف أحياناً يواجه التلاميذ مشكلة في هذا الخصوص إذ يكون هناك حمام واحد لعدد كبير من التلاميذ، فعندما يريد التلميذ ان يدخل الى الحمام يضطر ان ينتظر دوره وما شابه، وأحياناً كثيرة لا يدخل الى الحمام. كذلك فإن مزاولة الرياضة أمر ضروري لأن عدم مزاولة الرياضة يؤدي الى مشاكل صحية، ولهذا أصبحت التوعية ضرورية للوقاية من أمراض الكلى.