تفاصيل الخبر

لا أريـــد رئـاســـة ولا وزارة ولا نـيـابــــــة بـــل أريـــد وطـنـــــاً يـضـمـــن مـسـتـقـبـــل أولادنـــا!  

21/08/2015
لا أريـــد رئـاســـة ولا وزارة ولا نـيـابــــــة  بـــل أريـــد وطـنـــــاً يـضـمـــن مـسـتـقـبـــل أولادنـــا!   

لا أريـــد رئـاســـة ولا وزارة ولا نـيـابــــــة بـــل أريـــد وطـنـــــاً يـضـمـــن مـسـتـقـبـــل أولادنـــا!  

SAM_9663مجلس الوزراء في إجازة بعدما بلغ التعطيل حداً لا يستطيع معه إقرار أي بند بسبب الخلافات داخل مكونات الحكومة حول التعيينات الأمنية وآلية عمل مجلس الوزراء رغم أن هناك ملفات عاجلة لا تتحمل التأجيل والمماطلة كملف النفايات ورواتب الموظفين وإقرار القروض والهبات الموعودة، الأمر الذي دفع وزير الاتصالات الشيخ بطرس حرب الى إعلان اعتكافه عن حضور الجلسات طالما انها لا تنتج وتتحول الى سجالات ونقاشات بدون طائل. فماذا يقول المعني بهذا الاعتكاف؟!

<الأفكار> التقت الوزير حرب داخل مكتبه في مبنى البريد والاتصالات المركزي وسط بيروت وحاورته في هذا الملف، بالإضافة الى الاستحقاق الرئاسي الذي ينتظر، على ما يبدو، التسوية الإقليمية، وشؤون وشجون أخرى.

سألناه بداية:

ــ أمام التعطيل في مجلس الوزراء استعملت سلاح الموقف كما كان يفعل الرئيس سليم الحص، وأعلنت الاعتكاف عن حضور الجلسات، ونحن انتظرنا أن يأتي الموقف من الرئيس تمام سلام فإذ بك تتقدم وتعلن عن اعتكافك فماذا تقول!

- لا قسمة بيني وبين الرئيس تمام سلام... فهذا الموقف الذي أعلنته يعبر بشكل اكيد عن قرفي ورفضي المشاركة في مسرحية التعطيل، والأكيد أنه يعبر عن موقف الرئيس سلام.

ــ يعني كنت ضمير تمام سلام؟

- ضمير تمام سلام موجود، وأنا كنت المعبّر عن ضميره لأن موقفي لا يتناقض مع موقفه، لكن مشكلة الرئيس تمام سلام أن لديه قيوداً خاصة وأن أي موقف له يطيّر مجلس الوزراء، بينما إذا اعتكفت أنا فلا تأثير على الحكومة كما حال رئيسها، وبالتالي لو اتخذ الرئيس سلام هذا الموقف لأصبحت البلاد بلا حكومة، وهذا أمر خطير، لكن كان لا بد من التعبير عن موقف ما إزاء مسلسل التعطيل فعبّرت عن هذا الموقف دون أن أكلف من أحد، ورأيت أن السكوت مؤامرة على البلد. وأنا لن أسكت، وقد لجأت الى هذا الخيار بعد معاناة لأشهر.

عون: أنا أو لا أحد!

ــ البعض يسأل لماذا تأخرت في الاعتكاف؟

- لأنني كنت أراهن على صحوة ضمير عند البعض الذين لا عمل لهم سوى النكايات ومحاولة فرض الرأي على الآخرين والابتزاز السياسي انطلاقاً من مقولة: <إما أن تفعلوا كما نريد وإما نمنعكم من فعل أي شيء>، وهذا ما عطل البلد ومسيرته وخلق تداعيات ومشاكل بدءاً من النفايات مروراً بالكهرباء والمياه وصولاً الى الرواتب والقروض والديون المترتبة على لبنان، حتى ان القروض المقدمة الينا من الممكن أن تذهب سدى إذا لم تقر وتصل الى حوالى 750 مليون دولار، وهذا مبلغ لا يستهان به خاصة وان البنك الدولي يحذرنا من احتمال أن يطير هذا المبلغ، لكن رغم كل هذا فلا يوجد إحساس ولا ضمير ولا مسؤولية، وكأن هؤلاء غير معنيين بالبلد، حتى انني لا أنسى في حياتي تلك الجلسة الوزارية يوم طرح وزير الصحة وائل أبو فاعور قضية الطفلة إيلا بلان وضرورة تركيب أطراف لها بناء على قرار يتخذ في مجلس الوزراء، لكن رغم ذلك، كان هناك موقف رافض للبحث في هذه القضية وهذا أمر يتنافى مع المنطق والإنسانية، وبالتالي هناك محاولة لممارسة الديكتاتورية من أقلية في مجلس الوزراء.

ــ كل وزير أصبح رئيساً للجمهورية حتى  صرنا بأربعة وعشرين رئيساً. فهل هذا منطقي ودستوري؟

- طبعاً لا...

ــ هل تحدثت مع الرئيس تمام بك قبل اتخاذ هذه الخطوة؟

- طبعاً، وشرحت معاناتي وقلت له إنني لن أستمر في حضور الجلسات، علماً بأن الموقف الذي اتخذته ليس موجهاً ضده بل بالعكس، فأنا الى جانبه وهو صديقي وأقول إنني جاهز للوقوف معه عندما يتخذ أي قرار مناسب ويسير بعملية التصويت داخل مجلس الوزراء كما يقول الدستور، وأكون أول من يلبي الطلب... فأنا لم أستقل إنما أعتكفت فقط عن حضور الجلسات ولم أعتكف عن دوري كوزير حيث أعبّر عنه في وزارتـــي وعندما لم يعد له فائدة في مجلس الوزراء الذي تحوّل الى مجلس فلاسفة وسفسطة كلام ونقاش لا أكثر، أو الى ما يشبه سوق عكاظ، ونحن نتناقش حول جنس الملائكة والبلد ينهار، وبالتالي كان لا بدّ من صرخة.

ــ المعروف عنك شفافيتك، وهنا يقول الناس ان هناك مافيات في ملف النفايات ومحاصصة بين بعض أهل الحكم. فما قصة ذلك؟

- لن أنصّب نفسي حكماً على الناس، لكن هذا الملف من دون شك فيه الكثير من الشبهات، مما يسمح للناس أن يوجهوا مثل هذه الاتهامات. فهناك أناس متهمون بأنهم أصحاب مصالح في هذا الملف ويتصرفون على أساس تأمين مصالحهم أو تأمين مصالح مستقبلية لهم، والصراع قائم على هذا الأساس، والكل يعرف هذه القصة. فلا يجوز أن يستمر لبنان بهذه الحالة منذ سنوات حيث لا توجد أي خطة جدية للنفايات، ونحن اتخذنا قراراً بهذا الحضوص عام 2010 وقررنا خطة للنفايات ولو نُفّذت هذه الخطة لكان اليوم لدينا محارق ولا نعاني من أي مشكلة، وبالأمس سكت البعض على ما كان يحصل لتمرير مصالحه.

ــ وهل هناك وزراء بين المستفيدين؟

- لست في موقع محاكمة أحد، وأنا رجل سياسي أحترم كل الناس وأترك للأجهزة المختصة أن تكشف ذلك.

الاعتكاف حتى تصويب المسار

ــ اليوم اعتكفت، فإلى متى؟

- إذا استمر مجلس الوزراء على هذه الحالة سأبقى معتكفاً لأنه كما سبق وقلت، لم يعد هذا المجلس مجلساً للوزراء بل تحوّل الى مجلس للنقاش والجدال وليس للإنتاج، وبدل أن أقضي الوقت في جدل عقيم، أفضل أن أداوم في وزارتي لأؤمن مصالح الناس وحاجاتهم.

ــ أنت شخصياً مشروع رئيس جمهورية، لكنك لا تسوق نفسك وتعتكف عن الترشح وكأنك تترك الأمر للآخرين. فلماذا؟

- مررت عبر مرحلة خلال تجربتي السياسية عرفت خلالها أن العمل لتسويق نفسي ما هو إلا مجرد تزلف ومجرد اتصالات في سبيل إرضاء من في يدهم القرار الإقليمي والدولي، وأنا أسمح لنفسي بأن أقول إنني لا أريد رئاسة ولا وزارة ولا نيابة، بل أريد وطناً، وأريد لأولاد الناس وأولادي من بينهم أن يجدوا مستقبلاً في بلدهم ويعيشوا في أمن وأمان واستقرار، وإذا كان ثمن الرئاسة أن نفقد هذا الحلم، فلست متأسفاً على الرئاسة. ولست مقتنعاً بأن هناك مستقبلاً جميلاً لنا طالما أن الأمور سائرة بهذا الشكل، لا بل أرى أن البلد يدمّر وأرفض أن أشارك في هذا العمل حفاظاً على ضميري ولست مستعداً للسكوت على الشواذ وعلى الجريمة التي ترتكب بحق وطننا، ولست طامعاً في أي لقب.

ــ هل موقفك نابع من كونك تعرف سلفاً أن <صنع في لبنان> ليست واردة؟

- أعتقد أن العماد ميشال عون في موقفه المدعوم من حزب الله حوّل الرئاسة من صنع لبناني الى صنع إقليمي ودولي، لأن النواب اللبنانيين لو نزلوا الى المجلس وعملوا وفقاً لضمائرهم، لكان لدينا اليوم رئيس للجمهورية، لكن تعطيل الرئاسة هو إثبات للرأي العام بأننا عاجزون عن انتخاب رئيس لأن قسماً منا لا يحترم النظام والديموقراطية ولا معنى للإنتخاب الذي تحوّل الى توافق وإجماع وهذا يتناقض مع المبادئ الديموقراطية، ولو كانت الطبقات السياسية السابقة  قد تصرفت مثل ما يتصرف العماد عون، لما كنا استطعنا انتخاب رئيس للجمهورية في أي يوم، وأنا في جلسة مجلس الوزراء رددت على مقولة أحد الوزراء عندما تساءل: لماذا ممنوع على المسيحيين أن يكون لديهم واحد من الزعماء الأربعة رئيساً؟ وسألت عما إذا كان مسموحاً لأحد من هؤلاء الأربعة أن يصبح رئيساً أو لثلاثة منهم، لاسيما وأن العماد عون لا يريد أحداً غير اسمه ولا يوافق لا على سمير جعجع ولا على سليمان فرنجية ولا على أمين الجميل! لذلك فنظرية الأربعة الكبار لا معنى لها لأن هذا يعني إما ميشال عون رئيساً للجمهورية أو لا يكون رئيس وحتى جمهورية. هذا أولاً، وثانياً، من قال إن هذه النظرية صحيحة وأن الأقوى شعبياً ويملك أكبر كتلة نيابية، من المفترض أن يكون الرئيس؟! فالرئيس سليمان فرنجية وصل بعدما وافق المجلس عليه لم يكن أقوى من كميل شمعون شعبياً وليس أقوى من بيار الجميل وريمون إده أيضاً، لكن الزعماء الأقوياء تفاهموا على شخصه ووضعوا ثقتهم فيه بعدما وجدوا أنه يملك مقومات الرئيس. والرئيس كميل شمعون عندما ترشح ضد حميد فرنجية عام 1952 لم يكن الأقوى مسيحياً، وريمون إده عندما ترشح ضد فؤاد شهاب عام 1958 كان الأقوى مسيحياً واختير فؤاد شهاب.

وأضاف:

- فإذا أردنا تطبيق هذه النظرية فلن تكون هناك انتخابات رئاسية في لبنان.. وأنا أكيد أن المستوى الشعبي الآن للعماد عون أدنى بكثير مما كان عليه عندما جرت الانتخابات، وهو أصلاً ربح في بعبدا بدعم شيعي، وفي المتن بدعم أرمني، وفي جبيل بدعم شيعي وليس لأنه الأقوى مسيحياً.

مزحة الاستطلاع

ــ لو افترضنا ذلك، ألا ترى أنه أحرجكم بطرح الاستفتاء؟

- هذه مزحة، وأي استطلاع يتم لا يعبّر عن حقيقة الأمر لأنه يستند الى رغبة ومصالح من يقوم به مع احترامي لمؤسسات الاستطلاع، علماً بأن المؤسسات التي تحترم نفسها لا تدخل في مثل هذه الاستطلاعات. هذا أولاً، وثانياً من قال ان الدستور يتحدث عن استطلاع واستفتاء؟! فهذه نظريات واختراعات لتعطيل الرئاسة، والدستور واضح ويقول بالانتخاب. فهناك جريمة ترتكب بحق البلد وبحق المسيحيين ووجودهم وكينونتهم ومستقبلهم لأن قوة المسيحيين في هذا البلد أن يكونوا متفاهمين وأن تكون هناك دولة تحمي حرياتهم وحرية معتقدهم، وليس الزعيم أو غيره، وبالتالي كيف نفكر بحماية المسيحيين إذا كنا لا ننتخب الرئيس المسيحي؟! وهنا وبكل صراحة أقول إن ميشال عون هو المسؤول والمانع لانتخاب الرئيس ورغم ذلك فهو يتحدث عن حقوق المسيحيين وهذه مهزلة.

عون الممر وليس المقر          

ــ بالأمس قال أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله إن العماد عون ممر إجباري للتفاهم على الرئاسة ولم يقل انه مقر أو مستقر. ألا ترى بعض التحول في هذا الموقف؟

- هذا صحيح والكلام الذي قيل جديد. وأرى ان هناك تطوراً في موقف حزب الله، خاصة بعد زيارة وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف للسيد حسن نصر الله حيث كان هناك تفاهم بأنه لا يمكن انتخاب ميشال عون رئيساً، لكن هذا لا يمنع أن يؤخذ رأي عون بالاعتبار، وبالتالي أصبح عون الممر لانتخاب الرئاسة وهذا تطور أساسي، ونحن سبق واقترحنا على ميشال عون أن يشارك في صناعة الرئيس، لكن جوابه كان دائماً إما أن يكون هو الرئيس أو لا رئاسة.

ــ طالب السيد نصر الله المسيحيين أيضاً بالنزول الى المجلس لإعادة التشريع. فما هو موقفكم من ذلك، خاصة وان الرئيس نبيه بري حريص على الميثاقية ولا يدعو لجلسة تخلو من المكوّن المسيحي في ظل رفض الكتل المسيحية للتشريع في غياب الرئيس؟

- موقف حزب الله واضح، وهو مع فتح الدورة الاستثنائية للمجلس ووزيرا حزب الله  وقعا على مشروع فتح الدورة، فيما وزراء عون لم يوقعوا. وأنا هنا صاحب رأي في هذا الموضوع وأقول إن قرارات مجلس الوزراء يجب أن تؤخذ بالغالبية المحددة في الدستور، لكن في المراسيم العادية تكون هناك سلطة مطلقة لرئيس الجمهورية لأن من صلاحيته أن يردها، وأنا اعتبرت ضرورة توقيع الـ24 وزيراً، لكن وزراء عون وقفوا ضدي والرئيس سلام أخذ برأيهم ضدي، وتحفظت في الجلسة آنذاك على هذا الطرح.

وتابع يقول:

- اليوم يطلبون السير بدورة استثنائية للخروج من المأزق وذلك بالاكثرية المطلقة أي 16 وزيراً، وأنا ضد هذا الرأي رغم أن موقفي يزعج الرئيس نبيه بري إلا أنني منسجم مع نفسي في التمسك بالنص الدستوري، وإذا كان الرئيس بري يضمن مشاركة احدى الكتل المسيحية في جلسة تشريعية ويعتبرها مثياقية، فأنا آنذاك مستعد لتوقيع المرسوم، لكنني لست أكيداً بأنني لو وقعت ستشارك الكتل المسيحية لتكون الجلسة ميثاقية.

ــ لماذا لا تطرح نفسك مرشحاً للرئاسة؟

- سبق وأعلنت عن ترشيحي في دورتين، وطرحت برنامجاً انتخابياً، لكنني مؤمن هذه المرة بأن لا نتيجة للترشح.

ــ ترشح سمير جعجع مكانك...

- هو حر، ولا أستطيع منع أحد من الترشح، ومن حق الجميع أن يترشحوا. فأنا وضعت نفسي تحت تصرف البلد، وإذا كانت الظروف السياسية مناسبة وقرر النواب أن أكون المرشح، فلا مانع عندي لكنني لن أجعل من نفسي مادة إعلامية وأترشح كدعاية لاسيما وأنني أملك تراثاً سياسياً ومواقفي معروفة وتعبر عني.

ــ يعني لا تترشح بل تلبي النداء؟

- لن أسعى، وإذا طلب مني تحمل المسؤولية فلن أهرب من ذلك..  ولو كانت هناك ديموقراطية في البلد لكنت ترشحت بشكل أكيد.