تفاصيل الخبر

لا ارتــدادات دستـوريـــة لاستقـالــة وزيــــري الكتـــائب واعتراض قزي أبقاه في الحكومة.. لكنه أخرجه من الحزب!

24/06/2016
لا ارتــدادات دستـوريـــة لاستقـالــة وزيــــري الكتـــائب  واعتراض قزي أبقاه في الحكومة.. لكنه أخرجه من الحزب!

لا ارتــدادات دستـوريـــة لاستقـالــة وزيــــري الكتـــائب واعتراض قزي أبقاه في الحكومة.. لكنه أخرجه من الحزب!

­­­2سجعان-قزيإعلان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل عن استقالة وزيري الحزب سجعان قزي وآلان حكيم من الحكومة لن تكون له أي مفاعيل دستورية طالما أن رئيس الحكومة تمام سلام لن يصدر مرسوماً بقبول الاستقالتين على غرار ما فعل مع الاستقالة الخطية التي قدمها وزير العدل اللواء أشرف ريفي قبل أشهر، فضلاً عن أن رئيس الكتائب اكتفى بإبلاغ الرئيس سلام <استقالة> الوزيرين قزي وحكيم من دون أن يقدم إليه استقالتين خطيتين بحجة أن الاستقالة الخطية تُقدّم لرئيس الجمهورية الغائب منذ ما يزيد عن سنتين..

وفيما تتناقض الاجتهادات في تفسير النصوص الدستورية المتعلقة باستقالة الوزراء من الحكومة بين من يقول إن مجرد تقديم الاستقالة الخطية يجعلها نافذة، وبين من يرى استحالة قبول الاستقالة لأن ذلك من الصلاحيات اللصيقة برئيس الجمهورية وغيرها من التفسيرات، فإن التداعيات السياسية للاستقالة تبقى الأكثر تأثيراً من النواحي الدستورية والقانونية لأنها تضيف <هزة> جديدة على سلسلة <الهزات> التي تصيب الحكومة السلامية منذ أن دخل <العجز> الى مفاصلها بعد سلسلة الانتكاسات التي أصابتها، لاسيما في عدم تمكنها من إنجاز الكثير من القضايا الملحة وأهمها التعيينات الإدارية ومراسيم تعيين موظفين ناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية، عدا عن ملفات الاتصالات والنفايات وطرق وزارة الأشغال ومشاريع مجلس الإنماء والإعمار وملف المديرية العامة لأمن الدولة... إضافة الى ما تركته استقالة الوزير أشرف ريفي من انعكاسات تم استثمارها في الانتخابات البلدية والاختيارية في طرابلس.

وعلى رغم أن استقالتي الوزيرين غير المقدمتين وفق الأصول والقواعد الدستورية، وغير المبتوت بهما، لم يرَ فيهما مجلس الوزراء المنعقد الأسبوع الماضي <استقالة> بل <غياباً عن حضور الجلسة>، إلا أن ذلك لا يعني أن لا خلل ميثاقياً أصاب الحكومة بعد خروج وزيرين مسيحيين منها يمثلان مكوناً مسيحياً في الحياة السياسية اللبنانية هو حزب الكتائب، لكن هذا الخلل لن يؤثر على استمرارية الميثاقية داخل الحكومة مع بقاء وزراء مسيحيين آخرين، كما حصل بعد استقالة الوزير ريفي واستمرار التمثيل السني في الحكومة على  نحو فاعل. كذلك لن تترك هذه الاستقالة المزدوجة أي تداعيات على صعيد النصاب داخل مجلس الوزراء إذ أن غياب ثلاثة وزراء يبقي غالبية الثلثين (18 وزيراً) متوافرة لانعقاد الجلسات بصورة دستورية.

استغراب سلام وتبريرات الجميل

وفيما أبدت مصادر حكومية استغرابها للخطوة الكتائبية التي رأت أنها أتت في غير موضعها، لأن الوضع في البلاد لا يحتمل مثل هذه الهزات السياسية، حرصت المصادر الكتائبية على <تبرير> الأسباب التي دفعت رئيس الحزب الى إعلان استقالة الوزيرين قزي وحكيم على رغم معارضة الأول وخروج الوزير رمزي جريج عن المظلة الكتائبية التي دخل الحكومة في ظلها، ما أفقد الاستقالة تأثيراً إضافياً، فأشارت الى أن الحزب لا يريد أن يكون شريكاً بعد اليوم في <عجز> الحكومة عن معالجة ملفات عالقة مثل ملفي النفايات و<سد جنة> والتلزيمات بالتراضي التي تفوح منها رائحة الفساد وغيرها من المسائل الإدارية التي يتم تجاوز رأي وزراء الحزب بها على رغم أن بعض التعيينات الإدارية يعنيهم ولم يؤخذ برأيهم.

وأكدت المصادر الكتائبية أن الاستقالة المزدوجة نهائية ولا رجوع عنها على رغم ما سببته من إضعاف للفريق الذي كان يُعرف بـ14 آذار والذي يشكل مع الوزراء المستقلين القريبين منه، أكثرية داخل الحكومة السلامية، وهو - أي فريق 14 آذار - خسر ثلاثة وزراء بعد استقالة الوزراء ريفي وقزي وحكيم. إلا أن المصادر الكتائبية رأت أن خطوة الاستقالة غير مرتبطة بمعادلة الـ<3 ثمانات> التي قامت عليها حكومة الرئيس تمام سلام، التي أعطت 8 وزراء لـ14 آذار و8 لـ8 آذار و8 لـ<المستقلين>، علماً أن حزب الكتائب - حسب المصادر - لم يعد يعتبر نفسه في 14 آذار منذ زمن بعيد وإن كان يلتقي مع الكثير من الاهداف التي تعمل هذه القوى لتحقيقها.

مواجهة <الثنائية المسيحية> وإحراجها

وفي مقابل رواية الكتائب عن إعلان استقالة الوزيرين، وتفسيرات المصادر الحكومية، ثمة من يرى في الخطوة الكتائبية حسابات أخرى لا ترتبط مباشرة بـ<عجز> الحكومة ولا بعدم <الشراكة> مع الفساد وغيرها من الأسباب التي صدرت عن الصيفي، بل تتصل مباشرة بالحضور الكتائبي على الساحة المسيحية بعد <إعلان النوايا> و<تفاهم معراب> بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والذي تأثر سلباً بعد بقاء الكتائب خارج هذه <الثنائية المسيحية> على رغم الدعوات المباشرة وغير المباشرة التي وُجهت الى رئيس الكتائب ليجعل من الثنائية ثلاثية. وبدا من خلال الانتخابات البلدية والاختيارية أن الشارع المسيحي الذي رحّب باتفاق <التيار> و<القوات>، سجل على حزب الكتائب بقاءه خارج التحالف المسيحي خلافاً لما تقتضيه الظروف السياسية الراهنة في لبنان في ضوء تنامي ظاهرة الاصطفافات المذهبية والطائفية.

ويبدو، وفقاً لمصادر متابعة، أن رئيس الكتائب النائب سامي الجميل قرأ جيداً الدروس التي أنتجتها الانتخابات البلدية في القاعدة المسيحية وقرر الاقتراب منها أكثر و<دغدغة> مشاعرها الرافضة لما يجري في الحياة السياسية اللبنانية من تهميش للدور المسيحي لاسيما بعد استمرار الشغور الرئاسي، فأطلق مواقف ضد الأداء الرسمي متحدثاً عن <صفقات> و<سمسرات> يقوم بها وزراء وصولاً الى حد الاستقالة علّه يصيب عصفورين بحجر واحد، فيحجز المزيد من الحضور الاعتراضي في الشارع المسيحي، ويتحضّر لخوض الانتخابات النيابية التي ستحصل في الربيع المقبل بعد سقوط خيار التمديد الثالث للمجلس النيابي نهائياً.

وتضيف المصادر المتابعة أن النائب الجميل الذي يزعجه <التناغم> القائم بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، أراد من خلال استقالة وزيري الحزب، <تجاوز> معارضة الدكتور جعجع الموجود خارج الحكومة السلامية منذ تأسيسها من جهة، وإحراج العماد عون من جهة ثانية إذا ما استمر وزراء <التيار> و<التكتل> داخل الحكومة المتهمة كتائبياً بـ<الفساد> و<السرقة> و<المحسوبيات> وغيرها من الاتهامات والشعارات التي تخصص <الجنرال> بإطلاقها ضد الحكومات السابقة كلما احتاج الى <شدّ عصب> القاعدة العونية. علماً أن كل المعطيات تشير الى أن الاستقالة الكتائبية من الحكومة ليست سوى محطة ستكون لها تتمة في إطار <المعركة> التي يخوضها النائب الجميّل منذ أن تنازل والده الرئيس أمين الجميل عن رئاسة الحزب وسلمها له في <انقلاب هادئ> شهده المكتب السياسي الكتائبي. ومن أبرز وجوه هذه <المعركة> الاحتكام الى الشارع وتنظيم الوققات الاحتجاجية وإطلاق حملات إعلامية تكشف <عورات> بعض الوزراء ولا تستثني <الطبقة السياسية> التي يعتبر الجميل الابن أنها تواجه أزمة بنيوية بعدما فقدت صدقيتها وتخلّت عن مسؤولياتها وأهملت واجباتها، واستسهلت تغيير مواقفها تبعاً لمصالحها الضيقة إلخ... ولا يريد النائب الجميل أن يكون شريكاً مع هذه الطبقة على حدّ قوله.

وفي رأي المصادر نفسها، أن النائب الجميل يريد من خلال موقفه من استقالة الوزيرين، التدليل على أن الحزب لا يتمسك بوزارة أو وزارتين، في حين أن غيره (أي التيار الوطني الحر) يستمر في الحكومة رغم اعتراضه على أدائها وعلى تعاطيها مع المشاريع التي يتولاها وزراء <التيار> و<التكتل>، في محاولة للإيحاء بأن حزب الكتائب ليس <طالب سلطة>، فيما غيره يتمسك بالكراسي الوزارية ولا يترجم اعتراضاته بخطوات عملية.

واعتبرت المصادر المتابعة أن قول بعض المسؤولين الكتائبيين بأن موقف رئيسهم في حراكه الاعتراضي سيؤدي الى تحريك الجمود الحاصل في الملف الرئاسي، لا يقع في مكانه الطبيعي لأن تجميد هذا الملف غير مرتبط بالداخل اللبناني فحسب، بل له امتدادات إقليمية وخارجية، إضافة الى أن استقالة وزير أو وزيرين أو ثلاثة وزراء لن تقدم أو تؤخر في مصير الاستحقاق الرئاسي الذي له حسابات أخرى غير مرتبطة بأداء الحكومة السلامية أو حضورها وفعاليتها.

قزي يعترض ويخرج من الحزب

غير أن المفاعيل التي تركها إعلان رئيس الكتائب عن استقالة وزيري الحزب، تجاوزت حكومة الرئيس سلام التي استمرت في عملها ولم تتأثر بغياب الوزيرين حكيم وقزي، لتصيب حزب الكتائب نفسه بعدما خرج للعلن الخلاف القديم - الجديد بين النائب الجميل والوزير قزي الذي اعترض على الاستقالة وصوّت ضدها في اجتماع المكتب السياسي، وأطلق في الأيام التي تلت مواقف برز من خلالها التباين في وجهات النظر بينه وبين النائب الجميل، لاسيما في ما خص قرار قزي الاستمرار في تصريف الأعمال في الوزارة والاكتفاء بالتغيب فقط عن جلسات مجلس الوزراء، لاسيما وأن مرسوم قبول الاستقالة لن يصدر، وبالتالي لن يتمكن الوزير بالوكالة نهاد المشنوق من ممارسة مهام وزير العمل بالوكالة، في حين يريد الجميل أن ينقطع سامي-الجميل-تمام-سلام---1قزي وحكيم كلياً عن ممارسة مسؤولياتهما الوزارية.

ولعل ما زاد الطين بلّة، أن رئيس الحزب حضر الى السرايا الكبير ليبلّغ سلام قرار الحزب من دون أن يرافقه الوزيران المعنيان، الأمر الذي اعتبره الوزير قزي خروجاً عن الأصول وأرفق اعتراضه بالقول إنه كان شريكاً في اتخاذ القرار مع الرئيس الشهيد بشير الجميل وهو في سن العشرين <فلا يمكن وأنا في سن الستين أن أتحوّل الى منفذ لقرار من دون أن أكون شريكاً فيه>. واعتبر قزي تأكيداً على موقفه المعارض لقرار المكتب السياسي الكتائبي، أن الوقت الراهن ليس وقت التخلي عن المسؤولية وإنما هذا أوان المواجهة والصمود، <علماً أن قناعتي الدستورية فهي أن الاستقالة من هذه الحكومة لا قيمة تنفيذية لها، بل هي موقف سياسي لا يمنع الوزير من الاستمرار بدوره وممارسة كامل صلاحياته بما فيها حضور جلسات مجلس الوزراء>.

وأدى إصرار الوزير قزي على الاستمرار في <تصريف الأعمال> بعدما وصف الاستقالة بأنها <غير دستورية> الى مواجهة بينه وبين رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل لم تنفع فيها الوساطات التي بُذلت لمنع تفاقم الخلاف وانتهت بقرار من المكتب السياسي بفصل الوزير قزي من الحزب <فصلاً نهائياً>، وتولى إذاعة بيان المكتب السياسي - على غير عادة - نائب رئيس الحزب جوزف أبو خليل نظراً لرمزية <العم جوزف> الذي يعتبر من <الحرس القديم> و<مُلهم> الحزب ورفيق المؤسس بيار الجميل ومرشد الرئيس الشهيد بشير الجميل الذي كان الوزير قزي <يده اليمنى> ومن أقرب الكتائبيين إليه من الجيل الشاب في الثمانينات.

ووفقاً لمصادر مطلعة أن النائب الجميل رفض المراجعات التي وردت إليه لإيجاد حل وسط يقضي بانقطاع قزي عن حضور جلسات مجلس الوزراء، فيما يستمر في تصريف الأعمال وتوقيع بريد الوزارة على غرار ما يفعل الوزير أشرف ريفي، إلا أن الجميل الابن أصرّ على أن تكون الاستقالة <كاملة> وأن ينقطع حكيم وقزي عن العمل في الحكومة كلياً، فتجاوب حكيم مع رغبة الجميل فيما تمسك قزي بحقه في تصريف الأعمال لأن الاستقالة لم تُقبل ولأن الرئيس تمام سلام اعتبر أن استقالة وزيري الكتائب يجب ان تكون خطية.. إذا كانت جدية. وقد أثار كلام رئيس الحكومة <عاصفة> داخل المكتب السياسي الكتائبي أدت الى الإصرار على الاستقالة مع قرار فصل قزي لمخالفته نظام الحزب وقرارات مكتبه السياسي.

قزي: قرار خاطئ

في المقابل، اعتبر الوزير قزي أن فصله من الحزب هو قرار خاطئ كما قرار الاستقالة، مشيراً الى أنه <قرار قديم> كان ينتظر التوقيت الملائم، وذلك على خلفية <الفتور> الذي ظلل علاقته مع النائب الجميل منذ انتخابه رئيساً وحلوله محل والده الرئيس أمين الجميل الذي كان قزي أحد أبرز معاونيه وهو الذي سماه لدخول حكومة سلام، فيما سمى النائب الجميل آلان حكيم ليكون وزيراً للاقتصاد والتجارة. وأوحى الوزير قزي من خلال ردود الفعل التي أطلقها بعد قرار الفصل، بأن التدبير الحزبي الذي اتخذ بحقه هو نتيجة تراكمات، لأنه لم يجارِ دائماً الرئيس الشاب في توجهاته وخياراته، وكان يعلن <معارضته> داخل المكتب السياسي الى حد وصفه أحد أعضاء هذا المكتب بـ<الحزبي المشاكس>!

أما مصادر النائب الجميل فأكدت لـ<الأفكار> أن الرئيس الجميل لم يتدخل في القرار الحزبي، وأنه لم يدعم قزي في <تمرّده> على قرار الحزب بالاستقالة من الحكومة، لأنه - أي الجميل الأب - آل على نفسه عدم التدخل في شؤون الحزب منذ أن تولى نجله الرئاسة وانصرف هو الى الاهتمام بـ<بيت المستقبل>.

وعلى قاعدة ما حصل، <ليس رمانة بل قلوب مليانة>، فإن الوزير قزي سيخفف من عمله الوزاري نسبياً لكنه سيبقى يصرّف الأعمال كوزير غير حزبي، وإن قال هو انه ما زال كتائبياً، وأنه يمثل <الكتائبيين> في الحكومة وليس القيادة السياسية للحزب...

يُذكر أن تدابير الصرف في حزب الكتائب ليست جديدة، إذ سبق أن فُصل من الحزب النائب إدمون رزق والنائب الراحل لويس أبو شرف بعدما خالفا قرار المكتب السياسي في أواخر السبعينات!