أبلغ أحد المرشحين البارزين لرئاسة الجمهورية من خارج <الأربعة الأقوياء> (ميشال عون وسليمان فرنجية وسمير جعجع والرئيس أمين الجميل). أصدقاء له الأسبوع الماضي ان المعطيات التي توافرت لديه من مصادر سياسية وديبلوماسية عربية وأجنبية، تشير الى ان لا انتخابات رئاسية هذا الصيف، وان شهر تشرين الثاني/ نوفمبر لناظره قريب، مؤكداً ان الرئيس العتيد سيكون من خارج <نادي الأربعة> ولن يكون ممن يشكّل دخوله الى قصر بعبدا تحدياً لأحد، لاسيما للقيادات المارونية الاساسية مجتمعة أو منفردة. وزاد <المرشح التوافقي> توصيفاً إضافياً على المسار الانتخابي عندما قال ان <الرئيس العتيد> لن يكون ممّن يحتاج انتخابه تعديلاً دستورياً لأن لا رغبة في الوقت الحاضر بالمساس بالدستور أو فتح على المسار الانتخابي عندما قال ان <الرئيس العتيد> لن يكون ممّن يحتاج انتخابه تعديلاً دستورياً لأن لا رغبة في الوقت الحاضر بالمساس بالدستور أو إدخال تعديلات جديدة عليه!
بعض الذين سمعوا <المرشح التوافقي> يسهب في الحديث عن <مواصفات> الرئيس العتيد والتي تنطبق في غالبيتها عليه، انصرفوا الى تقييم ما قاله من خلال المعطيات المكوّنة لديهم، لاسيما وانهم على صلة بمراجع سياسية وديبلوماسية فالتقوا على ان لا انتخابات رئاسية قريبة وان الملف سيبقى مطوياً الى حين تستجد معطيات إقليمية ودولية، إذا ما أسفر الحراك الإقليمي والدولي بين الرياض وطهران وموسكو ودمشق (برعاية أميركية غير مباشرة) عن حلحلة في الملف السوري المفتوح على احداث عسكرية وسياسية متزامنة.
وفي هذا السياق، تقول مصادر متابعة ان ثمة توزيعاً جديداً للاهتمامات يجري العمل على تثبيته على أرض الواقع في الدول المضطربة والتي تتوزع بين اهتمام سعودي بالوضع في اليمن، و<رعاية> إيرانية للوضع في العراق، و<متابعة> روسية قريبة ومؤثرة للموقف في سوريا بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية على قاعدة مبادئ مؤتمر <جنيف> الذي قد يولّد عند انعقاده صيغة سياسية للحكم في سوريا لا يغيب عنها الرئيس السوري بشــــــار الأســــــــد بـــشكل أو بآخر، على ان يتزامن ذلك مع وضع حد لتنظيم <داعش> و<جبهة النصرة>، وإبــــــــراز <المعارضــــــــــــة السوريــــــــــة> بعـــــد دمــــــج فصائلهـــــــا دمجـــــاً كامـــــلاً وفاعلاً. أما بالنسبة الى لبنان، فإن المصادر المتابعة تتحدث عن <خرق> لمصلحة لبنان يمكن أن يحصل كنتيجة للتفاهمات المتتالية التي ستحصل مع الأفرقاء الفاعلين في كل ما يتصل بالملفات الإقليمية الأساسية في العراق واليمن وسوريا.
مفاعيل الاتفاق النووي... متأخرة
وإذ تقرّ المصادر نفسها بما حققه <الاتفاق النووي> بين ايران والدول الخمس + 1 من مناخات إيجابية، تدعو الى انتظار استكمال مفاعيله خلال فترة زمنية تتراوح بين ثلاثة أو ستة أشهر على الأقل يمكن ان يعود لبنان بعدها الى خارطة الحلول لأنه غير مدرج في الوقت الراهن في قائمة أولوية القضايا المطروحة للمعالجة والحل، بدليل ان كل ما يتلقاه لبنان حالياً لا يتجاوز <النصائح> و<التمنيات> والدعوات الى <التهدئة> والطلب من الأطراف اللبنانيين إبقاء حركة التواصل والحوار في ما بينهم. ولعل النتيجة العملية لمثل هذه الدعوات هي استبعاد أي إمكانية لانتخاب رئيس للجمهورية في مدى قريب، يعرض المؤسسات الدستورية لمزيد من الشلل والاهتراء، خصوصاً إذا ما استمرت الخلافات على ما هي عليه والتي لا أدلة واضحة بإمكانية الوصول الى تفاهمات قريبة لاسيما بعد تمديد تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الأركان العامة اللواء وليد سلمان والأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء محمد خير، وردود الفعل التي أطلقها رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون حيالها.
وتؤكد مراجع رسمية وأخرى ديبلوماسية لـ<الأفكار> ان الاستحقاق الرئاسي سيبقى على <رف> الانتظار فترة زمنية إضافية قد تتجاوز شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الى ما بعد السنة الجديدة، وهو ما لمسه أكثر من مرجع سياسي كانت له لقاءات في دول إقليمية وأوروبية فاعلة، لاسيما بعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي <لوران فابيوس> لطهران، والخطوط التي فتحت بين إيران والسعودية بمبادرة روسية، لاسيما بعدما تأكدت المعلومات عن زيارة المسؤول الأمني السوري اللواء علي المملوك للرياض قبل أسبوعين واللقاء الذي عقده مع ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وعدد من معاونيه لاسيما المسؤولين في الاستخبارات السعودية.
واشنطن مع الإرادة اللبنانية
ويقول نائب في القوات اللبنانية ان رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع سمع خلال زيارته للرياض قبل أسابيع كلاماً يشير الى ان لا جديد متوقعاً في الاستحقاق الرئاسي قبل نهاية السنة الجارية، لاسيما وان العلاقات الإيرانية - السعودية لا تزال تحت تأثير مفاعيل التشنج التي ستأخذ وقتاً حتى تتبدد، الأمر الذي يتطلب انتظاراً إضافياً في شأن الملف الرئاسي اللبناني الذي سيغيب عن جولة وزير الخارجية الأميركية <جون كيري> على عدد من عواصم المنطقة.
وفي هذا السياق، سعت مراجع ديبلوماسية أوروبية الى جعل لبنان على جدول المحادثات الأميركية المرتقبة، إلا ان جواب واشنطن أعطى الأولوية لمرحلة ما بعد الاتفاق النووي وان لبنان لا يزال خارج الأجندة الأميركية حتى إشعار آخر، لكنه سيكون على طاولة البحث عندما تطرأ تطورات إيجابية من الحراك الإقليمي والدولي المستمر بعد مرحلة الاتفاق النووي. لكن مصادر الإدارة الأميركية أبلغت مراجعيها الأوروبيين بوجوب التواصل الدائم مع الأطراف اللبنانيين أنفسهم لأن المجتمع الدولي لا يمكنه ان يقف ضد الإرادة اللبنانية إن هي صبّت لمصلحة مرشح رئاسي معين لا يشكّل انتخابه استفزازاً لأي فريق أو يعتبر انتصاراً لفريق آخر. واستناداً الى المصادر نفسها فإن واشنطن تدعم التفاهم اللبناني - اللبناني على قاعدة التسوية التي كانت دائماً المدخل الطبيعي للأزمات اللبنانية المتلاحقة منذ الاستقلال وصولاً الى مؤتمر الطائف.
<سيبة> الاستقرار
وانطلاقاً من هذه الوقائع، ترسم مصادر مطلعة المرحلة المقبلة التي ستفصل بين الوضع الراهن وعودة الاهتمام الى الملف الرئاسي اللبناني، فتشير الى ان الأشهر المقبلة لن تكون <مريحة> سياسياً، فيما يجهد المجتمع على جعلها <مستقرة> أمنياً واقتصادياً، لذلك يركّز الساعون على <تمرير> الأشهر المقبلة بهدوء على تحقيق <هدنة سياسية> معقولة من خلال استمرار حكومة الرئيس تمام سلام ولو بالحد الأدنى من الإنتاجية، والمحافظة على الاستقرار الأمني من خلال دعم المؤسسات الأمنية ولاسيما منها مؤسسة الجيش، وعلى الاستقرار الاقتصادي والمالي من خلال انتظام أداء مصرف لبنان الذي يحظى، كما أداء المؤسسة العسكرية، بالدعم الأميركي الواضح، مضافاً إليه الاهتمام الأوروبي المستمر على أكثر من صعيد. من هنا، يمكن - حسب المصادر نفسها - لمس الحرص الذي أبدته واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي على المحافظة على <الاستمرارية> في المؤسسة العسكرية الأبرز أي الجيش، من خلال <تشجيع> خطوة التأجيل الثلاثي لتسريح قائد الجيش ورئيس الأركان والأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى، وكذلك التمديد لمدير المخابرات العميد إدمون فاضل على رأس مديرية المخابرات بعد استدعائه من الاحتياط وهو ما سيتم مبدئياً في أواخر الشهر المقبل.
أحد الديبلوماسيين الأوروبيين المتابعين عن قريب للحياة السياسية اللبنانية، قال في الأسبوع الماضي أمام مجموعة ضيقة من أصدقائه ان الصورة التي نُشرت عن زيارة قائد الجيش العماد قهوجي الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لشكره على مبادرة طبع عملة من فئة 50 ألف ليرة لبنانية تذكارية لمناسبة عيد الجيش، كان ينقصها الرئيس تمام سلام لتكتمل <السيبة> التي تمسك بدفة الاستقرار في لبنان، السياسي والأمني والاقتصادي... فضلاً عن رمزية صورة تجمع بين مرشحين رئاسيين هما: سلامة وقهوجي يشكّل كل منهما عنوان التوصيف الرئاسي المقبل، فإذا كانت الأولوية أمنية فالمرشح موجود، وإذا كانت الأولوية اقتصادية... فالمرشح موجود أيضاً!