[caption id="attachment_81227" align="alignleft" width="392"] الرئيسان ميشال عون وحسان دياب وثالثهما الانتخابات الفرعية المؤجلة[/caption]
هكذا بكل بساطة، طوت السلطة امكانية اجراء انتخابات نيابية فرعية لملء 8 مقاعد نيابية شاغرة تتوزع على اقضيـــة الشوف (مقعد واحد) وعاليه (مقعد واحد) وبيروت الاولـــى (مقعدان) والمتن (مقعدان) وكسروان (مقعد واحد) وزغرتا (مقعد واحد)، وذلك بقرار مشترك اتخذه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب خلافاً لما ينص عليه الدستور اذ استند الى البدعة المسماة "الموافقة الاستثنائية" التي ولدت على ايام الامين العام السابق لمجلس الوزراء المرحوم سهيل بوجي التي لجأ اليها خلال فترة تصريف الاعمال الطويلة في عهد الرئيس ميشال سليمان واستمرت مفاعيلها في عهد الرئيس عون. اذن، لا نواب جدداً قبل 2021 يملاؤن المقاعد التي شغرت باستقالة النواب السابقين سامي الجميل ونديم الجميل والياس حنكش وبولا يعقوبيان ونعمة افرام، وميشال معوض، وهنري حلو، ومروان حمادة... بل سيبقى مجلس النواب ناقصاً ثمانية نواب ومؤلفاً واقعياً من 120 نائباً من دوائر لبنان كافة، وبالتالي فإن التمثيل النيابي للاقضية الستة سيكون ناقصاً، وكذلك التمثيل الطائفي للموارنة والارمن الارثوذكس والدروز من دون ان يؤثر ذلك على الميثاقية في مجلس النواب نظراً لوجود نواب آخرين يؤمنونها. واللافت ان حزباً مثل حزب الكتائب لم يعد له وجود في مجلس النواب وذلك للمرة الاولى منذ الاستقلال اذ لم يغب الحضور الكتائبي، ولو بنسب متفاوتة، عن الندوة البرلمانية. لا يختلف اثنان على عدم دستورية قرار الرئيسين عون ودياب لأن الدستور ينص صراحة في المادة 41 على انه اذا خلا مقعد في المجلس يجب الشروع في انتخاب الخلف في خلال شهرين، ولا تتجاوز نيابة العضو الجديد اجل نيابة العضو القديم الذي يحل محله. اما اذا خلا المقعد في المجلس قبل انتهاء عهد نيابته بأقل من ستة اشهر فلا يعمد على انتخاب خلف. واستطراداً فإن رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال خالفا الدستور ويمكن بالتالي الطعن في القرار اذا وجد من يطعن به امام مجلس شورى الدولة، لأن قرار عدم اجراء الانتخابات، هو قرار اداري وتنفيذي يطاول امرين، الاول الحؤول دون ملء المقاعد الشاغرة باستقالة النواب الثمانية، والثاني تعطيل قرار وزير الداخلية باجراء الانتخابات الذي اعده بموجب مرسوم وارسله لتوقيع الرئيسين بعدما اقترن بتوقيع وزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني الذي رصد مبلغ 7 مليارات ليرة لبنانية هي كلفة اجراء الانتخابات... وهكذا سيحل تاريخ 13 تشرين الاول (اكتوبر) المقبل من دون ان تكون الانتخابات قد تمت خلال شهرين من تاريخ حصول الشغور في المقاعد النيابية. ويقول قانونيون ان مفهوم دعوة الهيئات الناخبة لا يعرض على مجلس الوزراء بل يكتفي لنفاذه ان يوقعه الوزير المختص ورئيسي الحكومة والجمهورية، وبالتالي فإن امتناع احدهما عن التوقيع يعطل عمل الدولة ويرتب مخالفة دستورية وانتهاكات لنص المادة 41 من الدستور. التأجيل والخلل الدستوري ويضيف قانونيون ان التريث الى ما بعد 1/1/2021 كما ورد في كتاب التأجيل، مبالغ فيه لأنه اكثر من ثلاثة اشهر وبالتالي فإن ترك الامر مفتوحاً من دون تحديد مهلة زمنية يزيد من مفاعيل الخلل الدستوري خصوصاً ان نظرية "القوة القاهرة" يجب ان تفسر في معناها الضيق وليس التوسع في التفسير واستطراداً من غير الجائز استسهال التأجيل الا في الحالات القصوى. ويستذكر حقوقيون محطات لتجاوز المادة 41 من الدستور، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، عندما استشهد النائب بيار الجميل في 21/11/2006 بينما جرت الانتخابات الفرعية في آب (اغسطس)2007، اي بعد حوالي تسعة اشهر، وكذلك لم تحصل الانتخابات الفرعية بعد انتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية وشغور مقعده النيابي في كسروان، كما لم تحصل انتخابات فرعية عندما اغتيل النائب انطوان غانم. وفي كلا الحالتين، كنا خارج الستة اشهر الاخيرة من ولاية مجلس النواب. ويسجل هؤلاء الحقوقيين لقرار التريث الذي صدر بتأجيل هذه الانتخابات انه "للمرة الاولى تكبدوا عناء تبرير التأجيل بينما في السابق كان يتم تجاهله، فالكتاب الصادر عن امين عام مجلس الوزراء يفند الاسباب، ويستند الى رد وكتب الوزارات المعنية وكذلك رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، وهو من دون ان يسمي استند الى القوة القاهرة عندما ذكر حالة الطوارىء وانفجار المرفأ و"كورونا" التي تحول دون اجراء الانتخابات". وفي رأيهم ان الاستناد الى حالة الطوارىء لا يكفي بحد ذاته، لأنها تقتصر على بيروت ولا تعلق تطبيق الدستور، كما ان "كورونا" حاضرة في التظاهرات، فما الذي يمنع من اتخاذ تدابير التباعد، وهو ما ورد في كتاب وزارة الصحة الذي لم يقل باستحالة اجراء الانتخابات؟ ولكن يبدو ان الرأي الغالب كان لهيئة التشريع والاستشارات التي ركزت على موضوع الانفجار وما تعرض له الناخبون في بيروت الاولى حيث يوجد مقعدان شاغران، واستحالة اجراء الانتخابات في يوم واحد. رأي هيئة الاستشارات وبعيداً عن الآراء القانونية التي تؤكد عدم دستورية خطوة التأجيل، فإن القرار الرئاسي استند الى آراء عدد من الوزارات المعنية مثل الداخلية، والمالية والصحة والتربية (استعمال المدارس كمراكز اقتراع)، والدفاع لكن الابرز كان رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل التي افادت في كتابها رقم 683/2020 تاريخ 2/9/2020 ان اعلان حالة الطوارىء قد ينتج عنها، عملاً باحكام المرسوم الاشتراعي رقم /52/ تاريخ 5/8/1967، عدة تدابير منها منع تجول الاشخاص والسيارات في الاماكن وفي الاوقات التي تحدد بموجب قرار، وبالتالي وطالما ان حالة الطوارىء مستمرة ولم ترفع، فإن امكانية اجراء العملية الانتخابية قد تتعطل في حال اضطرت السلطة العسكرية لسبب او لآخر ان تمنع تجول الاشخاص والسيارات في اليوم المحدد لاجرائها. وفي ضوء صدور مرسوم في مجلس الوزراء يمدد حالة الطوارىء في بيروت الى مهلة قد تشمل او لا تشمل المهلة الدستورية لاجراء الانتخابات النيابية الفرعية، يكون بامكان الحكومة اتخاذ القرار بارجاء موعد اجراء الانتخابات الفرعية المذكورة الى موعد يحدد لاحقاً تبعاً لزوال او عدم زوال اعلان حالة الطوارىء في بيروت. كما ان قانون الانتخابات النيابية رقم 44 تاريخ 17/6/2017 لاسيما المادة 41 منه تنص على وجوب اجراء الانتخابات النيابية سواء الفرعية او غير الفرعية في جميع الاراضي اللبنانية في يوم واحد، الامر الذي يعني ان اجراء انتخابات فرعية خارج منطقة حالة الطوارىء في بيروت، يكون مخالفاً للمادة /41/ من قانون الانتخابات النيابية ويعرض العملية الانتخابية التي قد تجري للطعن بها امام المرجع الدستوري المختص. لذلك وفي ضوء اعلان تمديد حالة الطوارىء في بيروت وفي ضوء الاسباب المدلى بها في طلب الاستشارة والتي تشكل استحالة او شبه استحالة لاجراء العملية الانتخابية، انتهت هيئة التشريع والاستشارات الى القول انه بامكان مجلس الوزراء اتخاذ القرار بتأجيل موعد الانتخابات الفرعية الى موعد يحدد لاحقاً. واستناداً الى ما تقدم، رأى الرئيسان عون ودياب الأخذ برأي هيئة التشريع والاستشارات، واصدار موافقة استثنائية ارجأت اجراء الانتخابات الى ما بعد 1/1/2021.... على ان يعرض الموضوع لاحقاً على مجلس الوزراء على سبيل التسوية!