تفاصيل الخبر

لا أحــد ضــد الحــوار لـكن الـحــوارات الـسـابـقـــة لــم تـطـبّـــق مـــا تــم الـتــوافــق عـلـيــــه!  

11/09/2015
لا أحــد ضــد الحــوار لـكن الـحــوارات الـسـابـقـــة  لــم تـطـبّـــق مـــا تــم الـتــوافــق عـلـيــــه!   

لا أحــد ضــد الحــوار لـكن الـحــوارات الـسـابـقـــة لــم تـطـبّـــق مـــا تــم الـتــوافــق عـلـيــــه!  

SAM_3416يتطلّع اللبنانيون الى مؤتمر الحوار الذي دعا إليه رئيس المجلس نبيه بري وبدأ أعماله يوم الأربعاء الماضي، وكلّهم أمل بالوصول الى نتائج إيجابية للمشاكل والأزمات المتراكمة بدءاً من الفراغ الرئاسي الى التعطيل المجلسي والحكومي وصولاً الى إيجاد الحل الجذري لأزمة النفايات التي خلفت انتفاضة شبابية شعبية. فهل هناك بوادر خير أم ان الحوار مجرد مضيعة للوقت بانتظار نضوج التسويات الإقليمية؟!

<الأفكار> التقت وزير التنمية الإدارية النائب نبيل دو فريج في مكتبه الوزاري داخل مبنى <ستاركو> وحاورته عشية انعقاد طاولة الحوار في هذا الملف، بالإضافة الى شؤون وشجون الوضع الداخلي بكل تجلياته بدءاً من السؤال:

ــ هل تأمل خيراً من طاولة الحوار، أم ان الأزمة أبعد من ذلك؟

- أنا شخصياً لا آمل الكثير من طاولة الحوار، لكن المشاركة فيها أمر ضروري، لاسيما وأنني شاركت في جلسات الحوار السابقة لاسيما عام 2006 يوم شارك في جلسات الحوار سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وليس الحاج محمد رعد الذي شارك في جلسات الحوار اللاحقة، ولدي كل المحاضر بما يقارب الألف صفحة، وكنت أراجع هذه المحاضر وأتمعّن فيها.

ــ ما الخلاصة التي وصلت إليها من خلال هذه المراجعة؟ علماً بأنه سبق أن تم التوافق على نقاط عديدة، لاسيما المتعلقة بالشق الفلسطيني؟

- المشكلة في لبنان أنه يتم التوافق على قرارات ولا تطبّق، وأنا وصلت الى خلاصة مفادها أن لا لزوم للحوار طالما أن الحوار الأساسي الذي جرى عام 2006 لم يطبّق شيئاً منه. وهنا أستشهد بما يقوله العماد ميشال عون انه لا بد من أن نعرف ماذا سنتكلم في الحوار، وما هي الأولويات، والأكيد أن انتخاب رئيس الجمهورية بالنسبة لنا هي الأولوية المطلقة التي تحل معظم المشاكل في البلد وتجعل المؤسسات تسير ولا تتعطل كما يحصل اليوم. لكن في تقديري أنه لا بد من طاولة حوار يكون هناك بند وحيد على جدول أعمالها وهي الأسباب التي أدت الى عدم تطبيق مقررات طاولات الحوار السابقة.

الطائف والراعي الأميركي

ــ الطائف لم ينفذ حتى الآن، فكيف بطاولات الحوار؟

- الطائف مسألة أخرى، لأنه لم ينفذ بقوة السلاح، ولم ينفذ بغطاء أميركي لسوريا عندما جاء وزير الخارجية الأميركي <جيمس بايكر> الى منطقة الشرق الأوسط وحاول تأمين غطاء عربي لدخول الجيش الأميركي الى الكويت، وطرد صدام حسين من هناك عام 1993، واستطاع تأمين هذا الغطاء عبر سوريا يوم وافق الرئيس الراحل حافظ الأسد على تأمين الغطاء للأميركيين عبر إرسال 7 آلاف جندي سوري، وكان الثمن أطلاق يد سوريا في لبنان وتطبيق الطائف كما يريد السوريون عبر تأمين الأمن، وقسم من الاقتصاد وإبقاء الورقة السياسية في يد سوريا.

وأضاف:

- وهكذا كان، وترك <بايكر> الشام وجاء الى حوش الأمراء عند الرئيس الراحل الياس الهراوي، وصودف أن كنت ضيف الرئيس الهراوي على العشاء وأخبرني بما حصل، لكن البند الذي يتحدث عن انسحاب الجيش السوري الى خط عين دارة وضهر البيدر ثم الى البقاع، لم يطبق ووافق الأميركيون على ذلك. ومن هنا فقد طبّق الأسد اتفاق الطـــــائف كما يريد هو بطريقة فرّق تسد، ولم يستطع أحد آنذاك رفض ذلك، لكن عام 2006 لم يعد الاسد موجوداً والأميركيون لم يعطوا صكاً لأحـــد بــــإدارة لبنان، ومع ذلك لم تنجح طاولة الحوار في تطبيق الــقرارات التي اتخذت.

ــ الحوار اليوم يختلف ويتعلق ببنود هي على تماس مباشر مع الناس، بمعنى أن تسيير أمور الدولة عبر المؤسسات أمر حيوي لكل اللبنانيين. ألا يمكن أن نصل الى نتيجة بدل الدخول في الفوضى والانهيار؟

- القصة لا تستلزم أي حوار، وكان الأجدى وقف التعطيل الحكومي أولاً، وأنا يوم حصل جدال بين رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل، وعلّقت أعمال مجلس الوزراء بسبب ذلك، تدخّلت وعرضت للرئيس سلام مسألتين: الأولى، هي أن الوزير باسيل يقول إنه يريد إنزال الناس الى الشارع، لكن رغم سعيه  لذلك فلن يستطيع إنزال أكثر من 20 ألف متظاهر، وإذا طلب المجتمع المدني من كل اللبنانيين النزول الى الشارع ورمي جبران باسيل ونبيل دو فريج بالنفايات ينزل 4 ملايين لبناني، بمعنى أن الناس ضاق صدرها من التعطيل وتريد تسيير أمورها، وهذا الكلام قلته قبل نزول حملة <طلعت ريحتكم> الى الشارع، ولو كنت أنا وراء هذه الحملة، لكنت سميتها <طلع ديننا> حتى نلغي الطائفية من السياسة. فأنا كوزير ضقت ذرعاً بالتعطيل وعدم الإنتاج في مجلس الوزراء فكيف حال الناس؟

وتابع قائلاً:

- أما السؤال الثاني الذي وجهته للرئيس سلام فهو أنني سألت عن مهمة هذه الحكومة، وما إذا كانت وجدت لتأخذ قرارات كبرى أم هي وجدت فقط لتسيير الأمور العادية، وخلصت الى نتيجة هي أن الحكومة لو كانت لإقرار قرارات مصيرية، ما كان نبيل دو فريج وزيراً فيها، لكن وجدت الحكومة لتسيير أمور الناس كحد أدنى، والزبالة هي الحد الادنى ولا بد من معالجتها، وكذلك دفع الرواتب والمساعدات للمستشفيات والقروض والهبات... فهذه البنود تخص الناس وأبسط واجبات الحكومة إقرارها وإلا لا داعي لوجود حكومة أصلاً. والشيء المضحك المبكي هنا أن البعض لا يزال يصدق حجة المعارضين واتخاذ الآلية سبباً للمعارضة. وهنا أسأل: كيف يدافعون عن صلاحيات رئيس الجمهورية وهم يعطلون انتخاب الرئيس؟!

 

انتخاب الرئيس والمعادلة الإقليمية

ــ  هل يمكن للحوار أن ينتج توافقاً على انتخاب رئيس طالما أنه البند الأول أم أن هذا الاستحقاق أسير المعادلات الإقليمية والدولية؟

- لا شك أن الضوء الأخضر لانتخاب الرئيس أصبح إقليمياً بعدما كان لبنانياً في الجلسة الأولى عندما تم التصويت فيها ونال سمير جعجع 48 صوتاً، وهذه كانت رمزية لبنانية للإستحقاق الرئاسي، لكن مع انسحاب حزب الله والتيار الوطني الحر وبعض حلفائهما من الجلسة، سحبوا الاستحقاق من لبنانيته ووضعوه في الخارج... وبالأمس قال مسؤول إيراني أنه لم يأتِ بعد أوان انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان.

ــ هل تنتظر التوافق الإيراني - السعودي؟

- صحيح. هذا ما قاله المسؤول الإيراني.. فكيف يمكن لنا أن ننتظر التوافق الإقليمي؟ فنحن نعتبر ايران سوقاً كبيرة خاصة بالنسبة لرجال الأعمال، وستكون هناك فرص عمل للشركات اللبنانية مع بدء ورشة البناء والإعمار في إيران بعد توقيع الاتفاق النووي وفك الحظر عنها. وبالنسبة للسعودية يكفي وجود الجالية اللبنانية فيها والمساعدات التي تقدمها للبنان، ولسنا ضد أي بلد منهما، لكن هل يجوز أن ننتظر أن يتفقا حتى ننتخب رئيساً؟! وعلى كل حال، فأي رئيس سيأتي لا يمكن له بأي شكل من الأشكال أن يعادي هذين البلدين، لا بل ان مصلحة لبنان هي أن نكون على وفاق تام مع ايران والسعودية...

ــ لماذا الحوار إذن في نظرك؟

- الحوار إذا لم ينفع لا يضر أساساً كما تقول الأمثال الشعبية.

حوار حزب الله و<المستقبل>

ــ هل سيكون على نمط حوار حزب الله و<المستقبل>؟

- حوار حزب الله و<المستقبل> هو لتخفيف جو الاحتقان في الشارع كي لا نصل الى مرحلة الانفجار وإذا وصلنا لا سمح الله الى هذه المرحلة، فأنا أقولها بصراحة إنه لن يبقى هناك أي شيعي أو مسيحي أو غيرهما من الأقليات في لبنان.

ــ يقال هنا إن الوجود المسيحي ضمانة للبنان ولعدم تكرار ما حصل في بعض الدول العربية. فماذا تقول؟

- إذا حصلت الفتنة المذهبية لا سمح الله، فمن سيفجر نفسه سيستهدف الطرفين، لا بل سيبدأ بتيار <المستقبل> للقضاء على أي اعتدال سني قبل القضاء على باقي الطوائف، وبالتالي لن يبقى أحد في منأى عن الاستهداف بما في ذلك حزب الله لأنه يحارب، والقوى المتطرفة والتكفيرية لا تحارب بل تنتحر ولا أحد يقوى على مواجهة من يريد الانتحار،  وكلما زاد الفقر وتراجعت الحالة المعيشية والاقتصادية في البلد، كلما زاد التطرف والإرهاب، لا بل ان النزوح السوري في البلد يشكل قنبلة موقوتة مع وجود أكثر من مليون ونصف مليون نازح بينهم على الأقل 200 ألف شخص مدربون عسكرياً لمدة ثلاث سنوات في بلدهم، وبينهم على الأقل 10 بالمئة ممن لديهم الاستعداد لتفجير أنفسهم إذا عمّت الفوضى وحصلت أي فتنة في لبنان.

ــ أما كان المفروض أن يشارك الرئيس سعد الحريري شخصياً في الحوار؟

- الرئيس نبيه بري دعا رؤساء الكتل النيابية والرئيس فؤاد السنيورة هو رئيس كتلة <المستقبل> والرئيس الحريري هو رئيس التيار.

ــ وماذا عن مقاطعة القوات؟

- الدكتور سمير جعجع محق في مقاطعته، وكان لا بد لحملات المجتمع المدني التي تطرح شعار  <بدنا نحاسب> أن تحاسب من يعطل اعمال الحكومة ويعطل انتخاب الرئيس، حتى ان النفايات كانت السبب لنزول الناس الى الشارع، والأمر يتطلب أكثر من قرار حكومي بالموافقة  على خطة الوزير أكرم شهيب عبر اعتماد اللامركزية في المطامر وتأمين الحلول المؤقتة ودعم البلديات بالمال المستحق لها لتقوم بواجبها. لكن للأسف، فوزيرا التيار الوطني الحر جبران باسيل والياس بوصعب أوقفا المرسوم الصادر في الشهر الأول من هذه السنة ويتضمن توزيع عائدات البلديات عن الخلوي من 2010 حتى 2013 وتصل القيمة الى 667 مليار ليرة و6 مليارات  ليرة للقرى التي لا توجد بلديات فيها، ولم يوقعا هذا المرسوم بحجة أن الأموال  أكثر من ذلك، فقلنا لهما إن الأمر يتطلب في هذه الحالة تدقيقاً في الحسابات وهذا يستغرق وقتاً، ولذلك يجب إقرار المرسوم وإن ظهر فيما بعد أن هناك أموالاً إضافية يصدر مرسوم ملحق، لكنهما رفضا الاقتراح وجمد المرسوم ولا يزال.

وتابع قائلاً:

- واليوم يستطيع مجلس الوزراء الاجتماع وإقرار الخطة على أن تعطى الأموال للبلديات ويبدأ التنفيذ بعدما ضاق الناس ذرعاً بالنفايات، وكان من المفترض أن يوزع اقتراح الوزير شهيب على الوزراء من قبل الأمانة العامة لمجلس الوزراء وتجتمع الحكومة استثنائياً لهذه الغاية وتقر اقتراح الخطة فوراً، ولا يجوز ربط هذا الأمر بالحوار وبالآلية الوزارية المتبعة.

محطة عون والرئاسة

ــ لنعود الى الرئاسة ونسألك: طالما أن الأمر مرتبط بالخارج، فهل هذا يعني اننا نحتاج الى <دوحة 2> وتكرار تجربة الرئيس التوافقي؟

- صحيح، إنما توافقي بين السعودية وايران.

ــ البعض طرح معادلة الأقوياء بحيث يأتي العماد عون رئيساً للجمهورية والرئيس بري رئيساً للمجلس النيابي والرئيس الحريري رئيساً للحكومة، فماذا عن هذا الطرح؟

- لو كان عون سيأتي رئيساً للجمهورية لكنا منذ البداية وافقنا على ذلك وانتهى الأمر، وهو أصلاً لم يترشح مثل الدكتور جعجع الذي نال 48 صوتاً، لكن نواب عون مع نواب حزب الله وضعوا ورقة بيضاء ولم يقترعوا.

التظاهرات وأهدافها

ــ يقول العماد عون انه الأكثر تمثيلاً وجاءت تظاهرة 4 الجاري في ساحة الشهداء لتؤكد ذلك. بماذا ترد؟

- تظاهرة 4 أيلول/ سبتمبر كانت أكبر فشل للتيار الوطني الحر، لأن هذا التيار طلب مساعدة الحزب القومي في المتن ورأيناهم كيف نزلوا الى ساحة الشهداء من منطقة ضهور الشوير ومناطق أخرى. ورأينا أعلام <المردة> وجمهور <الطاشناق> وبعض عناصر من حزب الله.

ــ أليس هؤلاء مندسين؟

ضحك وقال:

- لا.. حزب الله أعطى لجماعته الحرية لمن يريد النزول الى التظاهرة والمشاركة فيها، ونزل عدد من انصاره. وإذا أردنا الحديث عن القوى مسيحياً، فإنني أرى أن الدكتور سمير جعجع هو الأقوى، وما أضعف ميشال عون هو صهره جبران باسيل وطريقة حديثه في كل البلدات التي زارها، وبخاصة عندما قام بجولة في الخارج وأخذ يتحدث طائفياً ومذهبياً حتى في البرازيل والأرجنتين وكندا، وزار مناطق مسيحية دون أن يزور جاراتها الأخرى المسلمة رغم الادعاء اليوم انه رئيس التيار الوطني الحر.. فأي وطني حر هذا الذي يتحدث طائفياً ويجول فقط على القرى المسيحية؟!

ــ ماذا عن <دوحة 2>؟

- هناك بعض الصحافيين المحسوبين على 8 آذار والأجهزة توقعوا منذ فترة أن تحدث خضة أمنية كبيرة في بيروت، وبعدها اجتماع لبناني خارج لبنان وسيكون في سلطنة عُمان التي تملك علاقات جيدة مع ايران وتقف على الحياد حيال الأزمات الناشئة ولا تتدخل في شؤون الدول الأخرى..

ــ وكيف تقرأ الحراك المدني وتوسّع مروحة مطالبته من حل النفايات الى إسقاط النظام؟

- هناك شخص أميركي يدعى <جين شارب> وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة <ماساتشوستس> والأب المؤسس للحراك المدني، يتحدث في برنامج من 10 نقاط عن أسباب إنجاح الحراك المدني حيث يؤكد ان أي حراك لا يدوم إلا إذا كان أحد ما يدعمه، ولا بد من خلق شعارات شعبية له، وان تتأمن لمواكبة هذا الأمل وسيلتان إعلاميتان على الاقل، وان كل تظاهرة لا بد ان تركز على سلمية التحرك، وان يتم احتلال الوزارات أو السفارات بطريقة سلمية، وأن يتم تعطيل القوى الأمنية من خلال رفع الصوت والقول إن قوى الأمن تتعدى بالقوة والعنف على سلمية التظاهر، حتى تكبل أيدي العناصر ولا تعرف القيادة كيفية التعامل مع المتظاهرين، وهذا ما حصل في لبنان.

ــ هل يعني أن هذا الحراك مرتبط بأجهزة مخابراتية، أو بجهات خارجية كما قال وزير الداخلية نهاد المشنوق؟

- لا شك أن الحراك المدني بدأ بشكل تحرّك مدني صغير وتم استغلاله فيما بعد من قبل قوى خارجية، وهذا واضح، لكن الاتهامات لا بد أن تستند الى أدلة موثقة وليس لأن لوائح الطيران تتضمن رحلات أركان وسيلتين إعلاميتين بشكل لافت الى دولة عربية، فمن حقنا الاستنتاج  ما نريد، لكن الاتهام لا بد أن يستند الى أدلة كافية.