تفاصيل الخبر

قزي عاد الى مجلس الوزراء ولا تداعيات كتائبية لفصله من الحزب وحكيم غير مستقيل دستورياً بل منقطع ــ مثل ريفي ــ عن حضور الجلسات!  

01/07/2016
قزي عاد الى مجلس الوزراء ولا تداعيات كتائبية لفصله من الحزب  وحكيم غير مستقيل دستورياً بل منقطع ــ مثل ريفي ــ عن حضور الجلسات!   

قزي عاد الى مجلس الوزراء ولا تداعيات كتائبية لفصله من الحزب وحكيم غير مستقيل دستورياً بل منقطع ــ مثل ريفي ــ عن حضور الجلسات!  

File photo shows Lebanon's Justice Minister Ashraf Rifi speaking in his office in Beirut لم ينتظر وزير العمل سجعان قزي الذي أصدر حزب الكتائب قراراً بفصله <فصلاً نهائياً> من الحزب الذي انتمى إليه منذ ما يزيد عن 40 سنة، طويلاً ليرد عملياً على قرار صرفه وذلك بعودته الى ممارسة عمله الوزاري وحضور جلسات مجلس الوزراء وكأن شيئاً لم يكن، وبالتالي فإن استقالة الوزيرين الشفهية التي قدمها رئيس حزب <الكتائب> النائب سامي الجميّل لرئيس الحكومة تمام سلام عندما زاره في السرايا الكبير، لم تسر على الوزير قزي، بل سرت فقط على وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم الذي التزم قرار المكتب السياسي بالاستقالة والامتناع عن الحضور الى مقر الوزارة والى مجلس الوزراء رافضاً بذلك تصريف الأعمال ما أبقى معاملات وزارة الاقتصاد مجمدة حتى إشعار آخر.

وبعيداً عن الاعتبارات السياسية التي دفعت رئيس الكتائب الى خطوته والتي أخرجت حزبه من أن يكون <شاهد زور في حكومة صفقات>، على حد تعبيره، فإن قرار فصل الوزير قزي مرّ بهدوء على الصعيد الحزبي إذ لم يترك أي تداعيات أو ردود فعل معترضة، في وقت بدا فيه النائب الجميّل <ممسكاً> بقرار الحزب ما حال دون بروز حركات <تمرد> أو <عصيان حزبي> أو حتى اعتراض على الخطوة، باستثناء ردة فعل الوزير قزي نفسه. إلا ان الواضح ان رئيس الكتائب الذي لا يريد أن يلصق بنفسه وبحزبه صفة <الفساد> التي عممها على وزراء حكومة الرئيس سلام من دون استثناء، فوجئ بردة فعل رئيس الحكومة الذي رحّب بعودة الوزير قزي الى مجلس الوزراء، وبـ<انزعاج> الوزراء الحلفاء في <المستقبل> ووزراء الرئيس ميشال سليمان والوزراء <المستقلين> الذين شملتهم تهمة <الفساد> من دون أن يقدم النائب الجميّل الدليل على فسادهم باستثناء الحديث عن <الصفقات> و<المغانم> التي قال ان الوزراء يحصلون عليها!

وبدا من خلال مرحلة ما بعد <إقالة> الوزير قزي من مسؤولياته الحزبية ان النائب الجميّل مصمم على مقاربة ملف التعاطي مع الحكومة السلامية من زاوية <المعارضة الحادة> من الخارج بعد تعذر الاعتراضات من الداخل نتيجة اعتماد معادلة اعتراض مكونين أساسيين في الحكومة لإسقاط أي قرار أو الحؤول دون صدوره. وفي هذا السياق، يقول النائب الجميّل انه وجد حزبه وحيداً في الحكومة فقرر <استعادة ثقة الناس> بدل من البقاء في الحكومة <التي يقول عنها رئيسها أنها عاجزة وفاسدة>. إلا ان قرار مقاطعة الحكومة بالاستقالة، لن ينسحب على مشاركة النائب الجميّل في <هيئة الحوار الوطني> التي تضم رؤساء وممثلي الكتل المشاركة في <الحكومة الفاسدة>، لأن الحكومة غير طاولة الحوار حيث يعتبر الجميّل ان النقاش يتم مع الطبقة السياسية <الفاسدة> بحرية ومسؤولية من دون أي التزام لدور تنفيذي كما هو الحال بالنسبة الى الحكومة.

استقالة حكيم غير دستورية

 

غير ان جواز التعاطي الكتائبي في مسألة الاستقالة من الناحية السياسية، لا يعني جوازه من الناحية الدستورية حيث يتبين ان القرار الكتائبي باستقالة الوزير حكيم لا مفاعيل دستورية له لأن وزير الاقتصاد لم يقدم استقالة خطية وفقاً للأصول، ولم يصدر عن مجلس الوزراء مجتمعاً مرسوم قبول الاستقالة لعدم وجودها دستورياً وإن مورست سياسياً. وهذا الأمر سيحول حتماً دون ممارسة الوزير حسين الحاج حسن مهماته في وزارة الاقتصاد والتجارة بالوكالة استناداً الى مرسوم توزيع الوزارات بالوكالة على الوزراء الصادر بعيد تشكيل حكومة الرئيس سلام وقبل حصول الشغور الرئاسي، ما يطبق نظرية <لا معلق ولا مطلق> على الوزير حكيم الذي هو في وضع الممتنع عن ممارسة مسؤولياته الدستورية والوزارية علماً ان اتفاق الطائف نقل الوزير من موظف في السلطة الاجرائية يُعين بمرسوم من رئيس الجمهورية الى شريك في الحكم باسم طائفته والجهة السياسية التي ينتمي إليها، أي ان دوره بات مزدوجاً، فهو يلاحق ادارة الوزارة التي يتولاها وهو شريك أساسي في القرار السياسي في مجلس الوزراء بحيث يصوّت أو يمتنع، وتضاعفت هذه المسؤولية في ظل الشغور الرئاسي الذي نقل صلاحيات رئيس الجمهورية الى مجلس الوزراء مجتمعاً.

 

<تصريف الأعمال> للحكومة

ككل وليس للوزراء افرادياً

سجعان قزي 2 

وفي هذا الإطار، أبلغت مراجع قانونية ودستورية <الأفكار> ان حالة <تصريف الأعمال> لا تنطبق مطلقاً على الوزراء المستقيلين بل هي صفة ملازمة فقط للحكومة ككل ومحددة في الدستور في حالات واضحة ولا إشارة دستورية الى وزير <يصرّف الأعمال> بدليل ان مرسوم توزيع الوزراء بالوكالة على الوزارات هو الذي يلحظ هذه الحالة أي ان لكل وزير أصيل، وزير بالوكالة يتولى ادارة شؤون الوزارة بصلاحيات كاملة عند غياب الوزير الأصيل لأي سبب كان ما يعني ان لجوء الوزير أشرف ريفي الى <تصريف الأعمال> هو بدعة وهرطقة دستورية لاسيما وان استقالة ريفي لم تقبل رسمياً وإن كانت قُدمت خطياً إذ كان يُفترض بوزير العدل المستقيل أن يمتنع عن <تصريف أعمال> وزارته لأن الاستقالة فعل ارادي أُعطي للوزير، بحيث يتمكن الوزير بالوكالة (أي الوزيرة أليس شبطيني) من إدارة شؤون الوزارة بالوكالة استناداً الى نص مرسوم توزيع الوزارات على الوزراء بالوكالة.

وتشير المراجع القانونية الى ان القول بأن قبول استقالة الوزير هو من <الصلاحيات اللصيقة> برئيس الجمهورية وان كتاب الاستقالة يُقدم إليه، هو قول مردود جملة وتفصيلاً، لأن الدستور لم ينص على <صلاحيات لصيقة> بالرئيس أو صلاحيات <بعيدة>، بل كان واضحاً بأن أشار الى ان صلاحيات رئيس الجمهورية تنتقل في حال الشغور وكالة الى مجلس الوزراء من دون أن يميز بين هذه الصلاحيات، ما يعني استطراداً ان استقالة الوزير تصبح نافذة متى صدر مرسوم قبولها عن مجلس الوزراء مجتمعاً أي حاملاً تواقيع رئيس الحكومة والوزراء كما هو معتمد حالياً بالنسبة الى المراسيم العادية التي لا تحتاج الى موافقة مجلس الوزراء وكان يقتصر توقيعها على رئيسي الجمهورية والحكومة والوزير المختص (أو الوزراء المختصين).

وتؤكد المراجع ان استقالة الوزير حكيم غير قائمة دستورياً طالما انه لم يقدمها خطياً ولم يصدر مرسوم بقبولها، ويمكنه في أي لحظة ممارسة صلاحياته الوزارية في إدارة شؤون وزارة الاقتصاد. أما بالنسبة الى الوزير ريفي فاستقالته خطية لكنه لم ينتظر مرسوم قبولها وعاود إدارة وزارة العدل قاطعاً الطريق بذلك على الوزيرة بالوكالة أليس شبطيني من ممارسة مسؤولياتها الوزارية بالوكالة. وتشير المراجع نفسها الى ان هذه الحالات الشاذة دستورياً <غير موجودة> إلا في لبنان حيث تتحلل المؤسسات الدستورية تدريجاً ويفتح كل وزير دستوراً على حسابه، في وقت يتفادى فيه الرئيس سلام، المؤتمن راهناً مع حكومته على احترام الدستور وأحكامه، مواجهة الوزراء <المستقيلين> بهذه الحقائق الدستورية لئلا يزيد التشنج والانقسام داخل حكومته الواقفة على حافة السقوط بعدما بلغت المواقف الاستعراضية لعدد من الوزراء حداً لا يوصف!

وفي رأي المراجع القانونية ان استقالة الوزير يجب أن تُقدم الى رئيس الحكومة وتسجل في قلم الأمانة العامة لمجلس الوزراء لأن مرسوم قبولها يجب أن يورد حيثيات عدة منها <الاستقالة الخطية> ورقم التسجيل وتاريخه، وان القول بأن استقالة الوزير لا تقدم إلا لرئيس الجمهورية، فهو قول مردود دستورياً وقانونياً لأن لا نص دستورياً يشير الى ذلك، في حين ان استقالة رئيس الحكومة تقدم الى رئيس الجمهورية ليستند عليها ويكلف الحكومة تصريف الأعمال ريثما تشكل حكومة جديدة. أما المسألة الأكثر خطورة التي تنشأ عن حالة <نصف الاستقالة> غير الدستورية، فتكمن في أن الوزير المستقيل ــ كما هو حال الوزير ريفي ــ الذي يمارس مسؤولياته الوزارية خارج مبنى الوزارة، عطّل بغيابه عن مجلس الوزراء امكانية البحث في أي بند يتعلق بوزارته لأن المجلس لا يبحث مواضيع في غياب الوزير المعني، وبالتالي فقد انقطعت العلاقة بين مجلس الوزراء ووزارة العدل (ولاحقاً بين المجلس ووزارة الاقتصاد) وتعطلت مصالح العاملين في الوزارة وسائر المواطنين من أصحاب العلاقة، وهذه حالات لا تستقيم لا في المنطق السياسي ولا في الأصول والقواعد الدستورية.

فهل من يسأل ويحاسب ويحمي مصالح الناس وحقوقهم؟