تفاصيل الخبر

كيف يصبح تمام سلام بطل التغيير بدل أن يكون كبش محرقة الفساد السياسي؟  

04/09/2015
كيف يصبح تمام سلام بطل التغيير  بدل أن يكون كبش محرقة الفساد السياسي؟   

كيف يصبح تمام سلام بطل التغيير بدل أن يكون كبش محرقة الفساد السياسي؟  

 

بقلم خالد عوض

tamam-salam--1 أمام رئيس الحكومة تمام سلام فرصة تاريخية. ليس المطلوب منه الاستقالة بل تجيير تمسك كل العالم بحكومته لتغيير اللعبة السياسية الداخلية. لنسلم جدلا أن الحكومة الحالية، حكومة المصلحة الوطنية، هي خط الدفاع الأخير أمام الانزلاق في الفوضى. ولنسلم أيضا أن كل الأطراف السياسية غير قادرة على الاستقالة لأن الأجندات الإقليمية لا تسمح لها بذلك. إنطلاقاً من ذلك ومن كلام رئيس الحكومة أنه جزء من الناس وأنه لا يمكن إلا أن يكون مع <الأوادم> فليكن بعض التغيير الذي يطلبه الشارع من خلال الحكومة وليس من خارجها. كيف؟

المطلوب من رئيس الحكومة أولاً الطلب من صديق عمره وزير البيئة محمد المشنوق أن يستقيل. ليس لأن الوزير مسؤول عن فساد سياسي عمره ربع قرن تفشى مؤخراً في منظر النفايات، بل لأنه غطى عليه وتعامل معه وكأنه أمر واقع وطبيعي. التهمة إذا مزدوجة: الفشل وتغطية الفساد. في كل الدول التي تحترم شعبها يستقيل الوزير أو المسؤول عندما يدوي فشله في ملف معين. ليكن تمام سلام من الذين يحرصون أن تحترم الحكومة اللبنانية شعبها <فيستأذن> صديقه بالاستقالة. ويكفي بيان استقالة يتوجه به وزير البيئة إلى اللبنانيين بشفافية ومصارحة حتى يتحول من متهم إلى شريك في بناء وطن جديد فتكون استقالته  استثماراً بسيطاً منه في عملية إصلاح وطني شامل.

ماذا تنفع الاستقالة؟ هي سابقة مهمة جداً في بناء دولة كما يريدها اللبنانيون <الأوادم>. في أقل تقدير، سيضطر  كل وزير آخر إلى التفكير كثيرا قبل التقاعس و<التفاسد> مهما كان حجم الغطاء السياسي الذي يحميه. الهدف الثاني من الاستقالة هو وضع حجر الأساس لحل جذري لمشكلة النفايات في لبنان عن طريق تعيين وزير لا ينتمي إلى أحد سوى علمه.

المطلوب من رئيس الحكومة ثانياً الطلب من وزير الطاقة آرتور نظريان الاستقالة، هو ومدير عام مؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك. الإثنان جزء من منظومة فشل لا يمكن للبنانيين أن يقبلوا بها بعد اليوم. يكفي أن نجهل أين ذهب الوفر في انخفاض أسعار النفط المقدر بأكثر من ٦٠٠ مليون دولار حتى نهاية شهر آب (أغسطس) المنصرم حتى نتوجه بأصابع إتهام كبيرة إلى الوزير والمدير. ربما هما أيضاً غير ضالعين مباشرة في منظومة الفساد ولكنهما يغطيان بطريقة أو بأخرى أكبر <مافيا> فساد في البلد، تلك التي تتعاطى في استيراد وتوزيع النفط والأخرى المرتبطة بتجارة المولدات، معدات واشتراكات.

ارتور-نظاريانهل هناك وزير كهرباء منقذ؟ حتماً لا ولكن التغيير في مؤسسة الكهرباء ووزارة الطاقة هو تفعيل إيجابي لمبدأ المحاسبة. وإلى حين اندثار الحساسيات الطائفية في نظامنا يمكن تعيين وزير أرمني حتى لا يختل التوازن الطائفي الحالي.  من المفيد أن نتذكر أن آخر استقالة لوزير كهرباء في الدولة اللبنانية كانت للمرحوم جورج أفرام منذ ٢٢ عاماً. وفي ظل ما نعانيه اليوم من ظلام كهربائي بينما يشكل الإنفاق على الكهرباء أكثر من ثلث الدين العام، يظهر بوضوح أن كل الوزراء منذ هذا التاريخ انخرطوا بشكل أو بآخر في شبكة الفساد. وإذا سألتم المصارف اللبنانية ستقول لكم أن <مغارة> الكهرباء في لبنان صنعت نسبة غير قليلة من أثرياء البلد. ترى على حساب من؟

الأمر الثالث المطلوب من رئيس الحكومة تمام سلام لإحداث الصدمة الإيجابية المنشودة هو إقرار مرسوم لرفع السرية المصرفية عن كل الوزراء والنواب في لبنان وإعطاء مصرف لبنان الحق في كشف كل حسابات أي وزير أو نائب عند أول طلب من الناس أو الإعلام.

من خلال هذه الخطوات يمكن أن يصبح ابن صائب سلام جزءاً من الحل بعد أن تحوّلت حكومة المصلحة الوطنية الى حكومة المصالح السياسية. سيتفاجأ رئيس الحكومة كيف أن الناس ستكون معه إلى درجة غير مسبوقة. وبالناس ومعهم ستتوفر له قدرة كبيرة في إدارة مجلس الوزراء كان لا يمكن أن يحصل عليها رغم الغطاء الدولي والإقليمي والداخلي لحكومته.

لا شك أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري ينشد الاستقرار من خلال الدعوة إلى الحوار الوطني لحل المشاكل السياسية العالقة. ولكن دولته نسي أن مطالب الناس أصبحت في مكان آخر. وربما يجدر تذكيره بأسماء الحركات الشعبية مثل <طلعت ريحتكم> و<بدنا نحاسب> حتى يفطن الى إدراج أهم بند ينتظره الناس من الحوار: استقالة كل الطبقة السياسية الحالية عن طريق تعهدها بعدم المشاركة في أي انتخابات نيابية آتية. هكذا يصبح الحوار مرحلة انتقالية إيجابية بدل أن يكون، كما هو المقصود منه، تعزيزاً سلبياً للنظام الحالي الذي اثبتت التجربة منذ ١٩٩٠ أنه وقّع حلفاً أبدياً مع الفساد.