تفاصيل الخبر

كيـــف يولــــد رئـيـــس الـجـمـهـوريــــة الـمـقـبـــــل؟

11/01/2018
كيـــف يولــــد رئـيـــس الـجـمـهـوريــــة الـمـقـبـــــل؟

كيـــف يولــــد رئـيـــس الـجـمـهـوريــــة الـمـقـبـــــل؟

 

بقلم وليد عوض

باسيل-و-عةن

لماذا نجح الرئيس ميشال عون بسرعة واجتاح العقبات التي صادفت غيره من الرؤساء؟ لماذا استطاع أن يتعامل مع الوزراء وكأنه مدرب فرسان؟ لماذا لا يحفل كثيراً بالخلاف الناشب بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري على السلطات الدستورية؟ لماذا استطاع أن يصل الى سدة رئاسة الجمهورية وإن طال المشوار فيما غيره لم يتجاوز الألف باء؟ أسئلة تحتاج الى جواب وتفسير، على أساس أن رئيس الجمهورية الناجح قادر على أن يكون وراء رئيس الجمهورية الآتي، كما كان الرئيس فؤاد شهاب وراء وزير التربية شارل حلو عام 1964.

والرئيس ميشال عون يفكر في سنتين: الأولى سنة 2020، سنة ذكرى ولادة دولة لبنان الكبير، وسنة 2022، موعد انتهاء ولايته الدستورية، وتحضير خليفة في قصر بعبدا. وإذا كانت مهمة سنة 2020 استحضار أكبر عدد من رؤساء العالم ليشهدوا ذكرى ولادة لبنان على خريطة الشرق الأوسط، فإنه بذلك يكون قد حقق نصراً سياسياً خارجياً واستعد لترك السلطة وهو في أوج مكانته كرئيس جمهورية.

أما الاستحقاق الثاني، وهو البحث عن خليفة في قصر بعبدا، فهو الشاغل الأكبر، فالرجل متأثر بالرئيس فؤاد شهاب باني المؤسسات الدستورية.

والذين يزورون منزل رئيس الجمهورية الراحل الذي تحول الى متحف ومكتبة في جونيه ليسوا من الأوفياء فقط، بل هم يتفحصون الأسباب والدواعي التي جعلت فؤاد شهاب قدوة للسياسي المسيحي والمسلم ومثالاً يحتذى في اكتساب القوة الادارية  والجماهيرية. ولولا أخطاء المكتب الثاني لما كان الرئيس شهاب قد كسب أية عداوة.

وكما فؤاد شهاب قدوة إدارية، كذلك قدر ميشال عون. وكما استطاع فؤاد شهاب، بضوء أخضر من الرئيس عبد الناصر اعطاء سيف الرئاسة لوزير التربية والفنون شارل حلو الذي استطاع أن يحكم البلاد بذكاء ومرونة وثقافة عالية، كذلك يبحث ميشال عون عن خليفة له يحمل أوصافه، ويكمل مسيرته في جرأة اقتحام المؤسسات. فمن هو الرجل المؤهل لهذا الدور؟

 

رئيس جمهورية الغد!

في العام 2022 سيكون الرئيس ميشال عون في سن التسعين، وهي سن التقاعد، لا سن الانطلاق، إلا إذا تمثل العماد عون بالمستشار الألماني <كونـــراد أدينــــاور> الذي حكم ألمانيـــا في نهايــــــة الأربعينـــــات، ومطالـــــع الخمسينات، فهو ظاهرة لا تتكرر، وقد عرف كيف ينقل خلافته الى وزير المال <لودفيغ إرهارد> الذي ساس شؤون الدولة بأفضل الرؤى، وأحسن التدبير.

والشخص الذي يراهن عليه العماد عون هو صهره وزير الخارجية جبران باسيل زوج ابنته شانتال. فهو يعلن كل طموح إلا رئاسة الجمهورية، على أساس أن رهانه يقوم على تجديد البيعة لميشال عون.

ولكن إذا أبدى العماد عون عزوفه عن طلب ولاية جديدة، فإن اسم جبران باسيل، يرد ضمن لائحة أسماء مثل الدكتور شارل رزق رئيس مؤسسة فؤاد شهاب، وأمين سر تكتل التغيير والاصلاح النائب ابراهيم كنعان، ونعمت افرام رئيس مؤسسة <اندفكو> وريث والده الوزير الراحل جورج افرام، والوزير السابق فريد هيكل الخازن، ووزير الداخلية الأسبق زياد بارود، ورئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، والوزير السابق سجعان قزي، ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل، والوزير السابق الزعيم الشمالي سليمان فرنجية، ورئيس جمعية المصارف الدكتور جوزف طربيه، ووزير الداخلية السابق العميد مروان شربل.

والأسماء المرشحة لرئاسة الجمهورية عام 2022 ليست للاستهلاك التلفزيوني ودنيا اليافطات، بل على كل واحد منها أن يدخل الامتحان أمام الناس، فيتنافسون على حل مشكلة النفايات بدءاً من مطمر <كوستا برافا> والاستعانة بتجارب الدول الأخرى لمواجهة مشكلة النفايات بالرؤى المناسبة، ومتابعة ملف الكهرباء عبر بواخر النفط الآتية من تركيا. وحل مشكلة الموقوفين في السجون دون محاكمة وتلافي ملابسات الموقوفين بإصدار عفو عام، كذلك الذي استفاد منه الدكتور سمير جعجع بعد وقت طويل في سجن وزارة الدفاع، وتوحيد الموقف اللبناني ضد التجاوزات الاسرائيلية في الجنوب، وفتح الأبواب أمام فرص عمل بالجملة في لبنان تغني الشباب اللبناني عن طلب تأشيرات السفارات، وتوليد حالة صحية يستفيد منها الفقراء ولا يرتمون أمام أبواب المستشفيات بدون إغاثة.

wael00031 

بين عون وبري

تبقى المشكلة الرئيسية في علاقات الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري الذي يتكئ في هذا المجال على كتف وزير المال علي حسن خليل، فالرجل الذي يعتبره الرئيس بري مستشاره الأول هو نائب عن الجنوب وله حضوره السياسي والانتخابي في منطقة الخيام. وفي حين يرى الرئيس بري أن مرسوم ترقية الضباط دون توقيع وزير المال، يخالف ما جرى الاتفاق عليه في اتفاق الطائف عام 1979، وكان الرئيس بري يتابع مباحاثات المؤتمر بالتليفون من بيروت ساعة بعد ساعة، فإن اجتهاداً آخر مثل اجتهاد الوزير السابق حسن الرفاعي يقول إن المناصب التي ينص على توازنها في اتفاق الطائف هي وظائف الفئة الاولى مثل المدير العام وما يماثله من مناصب، بينما تشكيلات رؤساء الدوائر تخضع للكفاءة والشفافية. وقد اقترح الرئيس بري أن يضم توقيع وزير المال الى مرسوم ترقية الضباط، فتسلم المسألة وتنطفئ ولكن الرئيس عون غير موافـــــق على هذا الاقتراح. وآخر المطاف على ما يبدو، هو الاحتكام الى القضاء باعتباره فـــــوق كل نزعـــــة حزبيــــــة، ولا حـــــل آخـــــر حتى الآن.

ماذا يقول أبو الطائف؟

والسؤال هنا: ماذا يقول أبو الطائف الرئيس حسين الحسيني؟

رئيس مجلس النواب السابق يرى أن الصمت زين والسكوت سلامة في هذا الموضوع لأنه بدأ يأخذ طابعاً طائفياً، بدل أن يأخذ الطابع السياسي. وفي فم الرئيس الحسيني ماء ولا يريد أن يتدخل في هذا الموضوع، وإن كان المرجع الدستوري هو مجلس النواب سيد التشريع.

كذلك تبقى القدس هي القضية عند اللبنانيين والعرب. وبقدر ما يدافع المواطن اللبناني عن القدس، ويرفض التعامل معها كعاصمة لإسرائيل، كما هو قرار الرئيس الأميركي <دونالد ترامب>، بقدر ما يحاول الانضمام الى التجمعات التي ترفض تهويد القدس لأنها جزء من التراث القومي والمدينة التي أسري اليها رسول الله محمد بن عبد الله ليلاً وصلى الخليفة عمر بن الخطاب على أحد أدراجها، حتى لا يأتي المسلمون من بعده ويقولوا: هنا صلى عمر ويبنوا عليه مسجداً.

كل هذه الهواجس ينبغي أن تسكن نفس كل ماروني يتحضر منذ الآن لترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية عام 2022، وعليه أن يختار الدولة الأكثر تأثيراً في الموضوع مثل فرنسا، على اعتبار أن الرئيس <دونالد ترامب> سحب يديه من تأييد الدولة الفلسطينية، وما يصرح به بعد ذلك ليس سوى مجرد كلام في كلام.

هذه هي خطوط مقام رئاسة الجمهورية، وكل اهمال لهذه القواعد يعني الخروج من الاعتبار القومي. وتظاهرات السبعينات في بيروت من أجل القدس وفلسطين تكفي كدليل على الزاد القومي الذي يتسلح به اللبنانيون لمواجهة العالم. والغد الآتي هو ارض الامتحان!