تفاصيل الخبر

 كيف ينظر خبراء المال والأعمال والاقتصاد لفكرة إلغاء الدعم وترشيده؟

23/12/2020
 كيف ينظر خبراء المال والأعمال والاقتصاد لفكرة إلغاء الدعم وترشيده؟

 كيف ينظر خبراء المال والأعمال والاقتصاد لفكرة إلغاء الدعم وترشيده؟

بقلم طوني بشارة

[caption id="attachment_84181" align="alignleft" width="426"] مصرف لبنان .. استمرار الدعم على ما هو عليه حالياً تكفي فقط لمدة سنة كحد أدنى وسنة ونصف السنة كحد أقصى.[/caption]

 في ظل شح الدولار من جهة وتراجع قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار كنتيجة حتمية لضخ كميات هائلة منها في السوق من جهة ثانية، بات مصير المواطن المالي - الاجتماعي- المعيشي على المحك...

لا عمل ولا ضمانات مقابل ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية من حبوب ولحوم بشكل جنوني، ناهيك عن ارتفاع  أسعار الادوية وتكاليف الطبابة. مشاكل وصعوبات بالجملة تواجه المواطن اللبناني، مما جعله للأسف ضحية ما يمكن تسميته بمجتمع الغاب، حيث الأقوى يأكل مالياً الاضعف أي الافقر منه.

سيارات - عقارات - منازل - ذهب وأثاث وحتى ملابس والعاب أطفال مستعملة جميعها معروضة للبيع. اللبناني وفي ظل هذه المأسي بات يقاوم  وبكافة الوسائل. يعرض كل ما يملكه للبيع من اجل تأمين لقمة عيشه بشرف وكرامة دون الخضوع للمهانة وللذل من قبل رجال الدين او من قبل حكام ساهمنا جميعنا بأكبر غلطة بإيصالهم الى سدة المسؤولية. حكام اقل ما يقال عنهم سماسرة، مجرمون وبلا ضمير، فضلوا وما زالوا يفضلون مكاسبهم ومصالحهم الشخصية على مصلحة الوطن والمواطن ... حكام يدعون الشرف والكرامة ويتبرؤن جميعاً من المصائب والويلات التي لحقت بالشعب المناضل الذي ما زال حتى تاريخه يتأمل  بصيص امل محلي إقليمي او دولي ينتشله من قعر البؤس الذي يحياه.

 فالدعم تم رفعه والاسعار باتت جنونية فهل من امل للجمها ؟ وما مضمون فكرة الترشيد والدعم المالي للأسر الأكثر فقراً؟ هل من معايير معينة يمكن الارتكاز عليها لتحديد الأسر المفترض دعمها؟

وما تم اتخاذه من ضخ سيولة أيعتبر منطقياً ومبرراً من كبار رجال الاعمال والاقتصاد؟

 

صقر وصعوبة المرحلة

[caption id="attachment_84180" align="alignleft" width="141"] سامر صقر: الدّعم الحاصل حالياً ما عاد سليماً وعلينا الاختيار بين السيئ والأسوأ.[/caption]

 بداية مع رجل الاعمال اللبناني المقيم في إسطنبول سامر صقر وهو من كبار تجار الاسمنت والمخضرم في مجال المال والاعمال ورئيس لأكثر من تجمع ، حيث قال إن ملف الدعم يتألف حكماً من ثلاث فئات او مكونات. المكون الأول وهو عملة الدولار وتوافرها او عدم توفراها، وهنا لا بد من التساؤل عن إمكانية الجهات المعنية  تأمين الدولار وبأي سعر  لتمويل الاستيراد؟ علماً انه  وبتقدير شخصي ولو تجاوز  سعر الصرف عتبة الـ  25 ألفاً  كما كنت متوقعاً سيكون هناك طلب على الدولار من تجّار يهمّهم تأمين ديمومة الاستيراد، مما يعني حكماً وللأسف انفلات سعر الصرف في السوق السوداء.

وتابع صقر قائلاً:

 - المكون الثاني وهو سعر المواد المدعومة لاسيما في ظل انتشار ظاهرة الاحتكار، وفي السياق ذاته لا بد من التساؤل هل حكومة تصريف الاعمال مستعدة او مهيأة او مسموح لها تفكيك الاحتكارات ؟ أما المكون الثالث فيتمحور حول فئة المواطنين المُحتاجين حكماً الى ما يمكن  تسميته بالبطاقات التموينية، كفترة مرحلية مؤقتة وصولاً الى إمكانية رفع الحدّ الأدنى للأجور لمواجهة التضخم وارتفاع الأسعار وانهيار العملة.

*- كما يبدو من مقاربتك للموضوع أن الأمر صعب للغاية؟

- بالفعل الوضع صعب على اعتبار ان  الخيارات المطروحة في غياب الدولار من الخارج، تتراوح ما بين أن يُخفّض مصرف لبنان نسبة التوظيفات الإلزامية، أو درس آلية لترشيد إنفاق ما تبقى من دولارات إلى حين تشكيل حكومة  قد تكون انقاذية وتفتح الطريق أمام المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

 

*-وماذا عن مسؤولية مصرف لبنان بموضوع الدعم؟

- أساساً الدعم من مسؤولية الدولة وليس خاضعاً او تابعاً لمصرف لبنان. ولكن في ظل شح الأموال وفي ظل وجود خزينة عامة خاوية لسبب او لآخر، ترى الدولة نفسها ملزمة بالعودة إلى مصرف لبنان. وللأسف هذا الأخير عمد الى  خلق وتأمين النقد عن طريق طباعة كميات كبيرة من العملة، علماً ان اجراء كهذا له  تداعيات سلبية، تحديداً في رفع معدلات التضخم. وهذه المعالجة بتنا نلمس تداعياتها السلبية على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.

 

 صقر والفترة الانتقالية والاجراءات 

[caption id="attachment_84179" align="alignleft" width="167"] دان قزي: المقصود بالترشيد تخصيص مبلغ مالي تتراوح قيمته ما بين الـ50 و100 $ لكل عائلة محتاجة.[/caption]

*- تتكلم عن فترة انتقالية مرحلية تتجلى ببطاقة تموينية للمواطن ، فكيف يمكن التأكد من معلومات من يعبئ الطلب للاستفادة من هذه البطاقة ؟

 

- بالفعل هناك فئة كبيرة من المواطنين باتت تحت خط الفقر وبحاجة مرحلياً لدعم او مساعدة من قبل الدولة وعلى كل مواطن يجد نفسه بأنه من ضمن هذه الفئة ان يعمد الى تقديم  طلب للاستفادة من دعم الدولة.

  

*-على ماذا يحتوي هذا الطلب؟

 

 - يحتوي معلومات دقيقة عمّا إذا كان مقدمه يتمتّع بمصادر معيشية أخرى، يتمّ التحقيق فيها. والتركيز في هذا الإطار يجب أن يتمحور حول وجوب التوقيع على هذا الطلب من قِبَل المُستفيد، كما من جانب   المخاتير، او أعضاء في البلديات، في شكل يُضفي طابعاً قانونياً على هذا العمل.

 

*-ولكن في بلد كلبنان تطغى عليه المحسوبات هل يمكن الاعتماد على المخاتير وأعضاء البلديات من اجل الحصول على معلومات دقيقة؟

 

- للأسف أن المحاسبة غائبة في لبنان.  ولكن امام السيئ والأسوأ علينا الاختيار. فالدّعم الحاصل حالياً ما عاد سليماً، لأنه يساعد المُحتاج وغير المُحتاج معاً. وهذا الواقع يتطلّب القيام بتغيير يبدأ من مكان ما، ويؤدّي الى حلول.

 

*- مهما تكن المعايير دقيقة  نرى أن هناك احتمال حصول إجحاف بحق البعض، فالعديد من أصحاب الممتلكات والمؤسسات تحولوا الى فقراء عملياً بسبب تآكُل الرواتب؟ فكيف تفسر ذلك؟

 

- لا يمكننا ان ننسى او نتناسى بأن الدولة لا قدرة لها على دعم الجميع لذا لا بد من إجراء مفاضلة بالتقديمات، فالأولويات تقتضي بمساعدة من يتقاضى أقلّ من مليونَي ونصف المليون ليرة لبنانية. مبدأ المفاضلة وليس التمييز له اسبابه، وبات محتماً خصوصاً أن الإمكانات المالية الرسمية المتوافّرة، لم تَعُد مرتفعة.

 

 

*- بعد المرحلة الانتقالية المؤقتة هل من إجراءات يفترض تنفيذها؟

- يجب ان تعمد الدولة لاحقاً الى وضع سياسات ضريبية وتنموية على اعتبار أنّ كلفة الدعم الشهرية ممكن أن لا تتعدّى الـ100 مليون دولار، تُموّل عبر إلغاء الإعفاءات الضريبية، وفرض ضريبة على القيمة المُضافة  تتراوح بين 6% و20%، حسب القطاعات. كما يجب إلغاء كلّ الاحتكارات لتشجيع المنافسة والاستثمارات الجديدة وذلك بالتوازي مع الغاء الرسوم الجمركية . كما يجب أن تُرفع نسبة الضرائب على كلّ ما ليس أساسياً، وتوجيه الأموال لدعم الصناعات المحلية التي تُعيد إنتاج رأس المال وليس دعم سلع ستُبدّد بعد أشهر. الأهم من كلّ ذلك، هو إلغاء الضرائب التي تزيد من كلفة العمل ليبقى سوق العمل فعّالاً، ووضع سلّم متحرّك للحدّ الأدنى للأجور شهرياً. .

قزي والدعم والمعايير

 وبدوره قال الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور دان  قزي إن سياسة الدعم في لبنان متبعة منذ اكثر من عشرين عاماً، اذ كان بإمكان المواطن وبأي لحظة تحويل راتبه من الليرة الى الدولار بسعر 1500 ليرة للدولار الواحد، وكان بإمكانه صرف أمواله بالدولار بكل الدول السياحية . اللافت انه ومع ارتفاع سعر الدولار وتجاوزه الـ 8000 ليرة في السوق السوداء استمر الدعم على البنزين والدواء والقمح وذلك على سعر 1500 ليرة للدولار الواحد. الدعم كان ولا يزال حتى تاريخه يمول من أموال المودعين في لبنان من مقيمين او مغتربين في الخليج العربي او الدول الأوروبية. وتم صرف حتى تاريخه 85 في المئة من أموال المودعين، وبقي فقط 15 في المئة من تلك الأموال . مما يعني ان الـ 17 مليون دولار التي اعترف بها  حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وفي حال استمرار الدعم على ما هو عليه حالياً تكفي فقط لمدة سنة كحد ادنى وسنة ونصف السنة كحد اقصى. ونتائج ذلك ستكون حكماً انقطاع بالمحروقات وبالتالي الكهرباء في كل المناطق اللبنانية.

 

*-نلاحظ من خلال حديثك رفض مطلق لفكرة الدعم، فعلى ماذا ارتكزت ؟ 

-الدعم كما هو متبع حالياً يطاول كل فئات المجتمع ويستفيد منه الغني كما الفقير، لذا لا بد من اتباع الية معينة لترشيده لما فيه مصلحة الدولة والمستهلك في آن معاً. والمقصود بالترشيد تخصيص مبلغ مالي تتراوح قيمته ما بين الـ50 و 100 $ لكل عائلة محتاجة.

 

*-ولكن في بلد تطغى عليه المحسوبيات هل من السهل تحديد العائلات المحتاجة؟ وبالتالي هل من معايير قد تعتمد لمعرفة مدى احتياج او عوز هذه العائلات؟

 

-هناك سبعة معايير لا بد من اتباعها لمعرفة مدى احتياج العائلات في لبنان وهي:

-الحساب المصرفي.

- قيمة فواتير الكهرباء - الهاتف الخليوي- والهاتف الأرضي.

- امتلاك او عدم امتلاك هاتف خلوي، وتحديد قيمة هذا الهاتف.

- الاستفادة من تقديمات الضمان.

- قيمة الضرائب المدفوعة للبلدية من قبل هذه العائلة مما يحدد قيمة المنزل المسكون من قبلهم.

- قيمة فواتير الإسكان.

- نوع وموديل وقيمة سيارة العائلة المحتاجة.

 

 *-في ظل النظام المصرفي المعتمد هل من الممكن الحصول على المعلومات المتعلقة بالحساب المصرفي وبمدفوعات الإسكان؟

 

- كل من يقدم للحصول على المساعدة عليه أن يوافق مباشرة على مبدأ رفع السرية المصرفية عن كامل حساباته الدائنة والمدينة، مما يسهل العمل لتحديد مدى استفادة هذه العائلة من فكرة الدعم المالي، علماً ان المبالغ يفترض أن تعطى بنسب متفاتة وفقاً لمدى مطابقة معلومات العائلة المحتاجة مع المعايير السبعة.