تفاصيل الخبر

كيف يمكن التأسيس اقتصادياً على التوافق السعودي الإيراني في لبنان؟

04/11/2016
كيف يمكن التأسيس اقتصادياً على  التوافق السعودي الإيراني في لبنان؟

كيف يمكن التأسيس اقتصادياً على التوافق السعودي الإيراني في لبنان؟

 

بقلم خالد عوض

1سعد-الحريري

فجر الإثنين ١٠ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي حاول الحوثيون استهداف قاعدة الملك فهد العسكرية قرب مدينة <الطائف> وتمكنت المظلة الدفاعية السعودية من تفجير الصاروخ قبل أن يصل إلى هدفه. ومثلما أراد الحوثيون استهداف مدينة <الطائف> في الأراضي السعودية، كان حزب الله يحبذ تغيير دستور <اتفاق الطائف> في لبنان. ولذلك كان الفراغ الرئاسي المستمر لأكثر من سنتين الخطر الحقيقي المحدق بالدستور اللبناني الذي رعته السعودية عام ١٩٨٩ وأدى يومئذٍ إلى وقف الحرب اللبنانية.

من هنا يجب قراءة النتيجة الواقعية للصراع الاقليمي في لبنان: يأتي مرشح حزب الله مقابل بقاء نظام <اتفاق الطائف>. أي أن الطرفين أقرا بالتعادل الإيجابي في لبنان بعد فشل أي محاولة للحسم وتغيير التوازنات. يربح المرشح المقرّب إلى محور إيران بعد أن يلتزم بالنظام الذي يحظى بالرعاية السعودية. إذاً، لا غالب ولا مغلوب بين السعودية وإيران في لبنان.

الحالة الاقليمية التعادلية نتجت عن سباق الطرفين مع الإنتخابات الرئاسية الأميركية، التي يمكن أن تؤدي إلى إدارة أشد حزماً في المسألة السورية ستؤثر سلباً على الحالة الإيرانية في المنطقة. فإذا كانت إيران وسوريا وأساطيل روسيا الجوية لم تتمكن من حسم معركة حلب مع إدارة <رخوة> مثل إدارة <اوباما>، فكيف يمكن أن تكون عليه الاحوال مع إدارة جديدة تريد إبراز أنيابها في المنطقة والتأسيس على الإنجاز العسكري في <الموصل>؟

المهم في كل ذلك أن العماد عون أصبح رئيساً جامعاً لكل اللبنانيين، والأهم أنه يرمز إلى نقطة توافق اقليمي نادرة بل غير موجودة اليوم في أي منطقة أخرى من الشرق الأوسط. ومن واجب الحكومة العتيدة البناء على هذا سياسياً بالطبع ولكن اقتصادياً أيضا، وهذا أضعف الإيمان.

كيف يمكن ذلك ودول الخليج لا يمكنها تقديم أي شيء خلال هذه الفترة العصيبة عليها اقتصادياً؟ وإيران ليست أفضل حال بتاتاً، فهي منغمسة في حروب متعددة وليس بإمكانها الانفلاش مالياً أكثر من ذلك خاصة أن عون-9اقتصادها يعاني بشدة من تضخم كبير، والداخل الشعبي بدأ يفقد الثقة بالنظام كله بسبب ذلك.

البداية من الودائع المصرفية في البلدين. في بنوك إيران أكثر من ٣٥٠ مليار دولار، وفي المصارف والمؤسسات المالية السعودية أكثر من ألف وخمسمئة مليار دولار، مما يعني أن هناك محفظة استثمارية معظمها في يد القطاع الخاص في البلدين، فيها أكثر من ألف وثمانية وخمسين ألف مليار دولار قادرة على الاستثمار. يكفي أن يستقطب لبنان ما يساوي واحداً بالمئة أي حوالى عشرين مليار دولار في سنوات العهد الست من أفراد وشركات هذين البلدين وغيرهما من دول المنطقة، حتى ينقلب الوضع الاقتصادي اللبناني رأساً على عقب. التحدي هو في تحضير البلد لاستقطاب استثمارات خارجية بقيمة عشرين مليار دولار. ومع كل الاحترام لكلمة رئيس المجلس النيابي نبيه بري وتأكيد خطاب القسم للرئيس عون على ضرورة تفعيل العلاقة مع المغتربين اللبنانيين، فإن الخطوة الأولى يجب أن تكون في جذب الاستثمارات إلى البلد لأنها هي التي ستأتي باللبنانيين المغتربين إلى بلدهم. وبدل إحياء وزارة المغتربين، يجب التطلع إما إلى إنشاء وزارة للتخطيط والاستثمار تجهز الأرضية الاستثمارية في البلد، أو الى إحياء وتوسعة المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار <ايدال> وربطها بعدة وزارات مثل الخارجية والأشغال والمالية وإعطائها صلاحيات واسعة مع تحديد مؤشرات أداء من بينها استقطاب ما لا يقل عن ثلاثة مليار دولار سنوياً.

هناك سيولة كبيرة في العالم اليوم تبحث عن الاستثمار الذكي، ومن الضروري أن يتعلم لبنان طريقة جذب الاستثمارات إلى البلد والإبتعاد عن سياسة التسول التي أمعن فيها منذ العام ١٩٧٥. والاستثمارات تتطلب تحضير بنية تحتية بشرية وقانونية وتشريعية ومادية في ظل استقرار سياسي وأمني. والأهم من كل ذلك فالاستثمارات تبحث عن بيئة بعيدة عن الفساد وترفض التعايش معه.

لتكن بداية العهد من خلال استراتيجية البحث عن استثمارات خارجية. فنجاح هكذا استراتيجية سيكون الخطوة الثابتة في طريق بناء الدولة وليس بالضرورة العكس. وبدل أن نغرق في محاولات إصلاحات داخلية شاقة اليوم، يمكن اللجوء إلى الشروط التي تتطلبها الاستثمارات الاجنبية كمدخل للإصلاح والتغيير، وبذلك لا يبقى الإصلاح خاضعاً للتسويات بل يصبح ضرورة يطلبها الخارج من اللبنانيين.

إذا كان الرئيس اللبناني صنع هذه المرة في الداخل فليس صعباً أن يكون الخلاص الاقتصادي عن طريقه ولكن بصناعة خارجية تساعد على لجم الفساد وتكون بعيدة عن التزلف والتسول والتنازلات السيادية.