بقلم خالد عوض
ستخسر إيران اقتصادياً من استمرار إنخفاض أسعار النفط، هذا ما يمكن أن تكسبه إيران من إلغاء العقوبات الاقتصادية عليها. بل ستكون خسارتها أفدح إذا لم تبادر الشركات العالمية، بسبب تراجع الطلب العالمي على النفط، إلى الاستثمار في الحقول النفطية الإيرانية بالسرعة والحجم المطلوبين لرفع مستوى الصادرات النفطية الإيرانية. الضغط الإقتصادي الذي تعاني منه إيران اليوم أكثر من أي يوم آخر سينعكس على استراتيجيتها في المنطقة. ولن تتأخر الدولة الإسلامية من إكتشاف حاجتها الماسة إلى التقارب مع جيرانها الخليجيين لإن مصيرها الإقتصادي مربوط فيهم أكثر بكثير من ارتباطه بالدول التي وقعت معها الاتفاق النووي. هذا من الناحية الإقتصادية.
أما في الجانب العسكري فهناك قول شهير أن الحلول السياسية تنضج عندما يتعب معظم المتحاربين على الأرض.
هذا الكلام ينطبق كثيراً على إيران وأعوانها العسكريين في سوريا.
حزب الله لم يدخل الحرب في سوريا على أساس أنها ستمتد لأربع سنوات وستكلفه هذا العدد من القتلى. ومهما كان شد المعنويات قوياً، فإن مقاتلي الحزب تحولوا إلى بيادق في لعبة الأمم وأنهم يموتون من أجل تحسين شروط التسوية وليس من أجل تحرير القدس. وبينما هم ينزفون الدماء، توقع إيران، داعمهم الأساسي، إتفاقاً لا يمكن إلا أن يصب في مصلحة إسرائيل. وإذا كان هناك من توصيف لمعركة الزبداني مقارنة بمعركة القصير منذ سنتين فهو أن حزب الله تعب من الحرب في سوريا.
الكلام نفسه ينطبق على الثوار السوريين. لم يحصلوا على الدعم الذي وعدوا به بسبب جنوح بعض مكوناتهم إلى الإرهاب. ومع التحولات الإقتصادية الناتجة عن تدهور أسعار النفط لن يحصلوا عليه حتى لو نفضوا ثوب الإرهاب عنهم.
هل يعني كل ذلك أن التسوية في سوريا أصبحت ممكنة وقريبة؟
من الواضح من خلال إعلان مجلس الأمن الأخير حول ضرورة الإسراع في حل سياسي إنتقالي في سوريا من دون أن يصدر أي اعتراض روسي على ذلك، أن قطار التسوية السياسية في سوريا انطلق. ولكن الصعوبات أمامه كثيرة، وبالتالي فإن الرحلة إلى الحلول ستكون طويلة وستظل تواكبها العمليات العسكرية. ومع استلام النظام السوري مؤخراً مزيداً من طائرات <ميغ> الروسية من المتوقع أن تستمر حروب تحسين المواقع... وزيادة الخراب. خاصة أن هذه الطائرات لم تأتِ لمحاربة إسرائيل أو لتحرير الجولان، والدليل أن إسرائيل لم تعترض أبداً عليها كما جرت العادة عند كل صفقة سلاح روسية مع سوريا.
هبوط أسعار النفط سيؤثر كثيراً في المدة والشكل الذي ستأخذه التسوية. لا حلول مالية سحرية بعد اليوم لا من الخليج ولا أي مكان آخر، كل بلد سيتحمل الى حد كبير حجم الدمار الذي جلبه لنفسه، وهذا ينطبق أيضاً على لبنان. فبعدما تخطى الدين العام رسمياً حاجز السبعين مليار دولار، ومع توقع تراجع اهتمام الشركات العالمية للتنقيب عن الغاز في مياهنا، لا بد من التفكير في حلول داخلية تخرج البلاد من القمقم السياسي والاقتصادي الذي هو فيه منذ سنوات.
كيف؟
أولاً: بالتغيير السياسي الذي يقول إن أمراء الحرب لا يمكن أن يصنعوا السلام والازدهار. وثانياً بالإقرار ان ثقافة الفساد تكلف البلد عدة مليارات من الدولارات ولا بد من التخلص منها.
إذا كان هناك عبرة وحيدة من الهبوط الحاد في أسعار النفط، فهي أنه ولى زمن المساعدات والهبات وأن الوقت هو الآن للاعتماد على النفس.