تفاصيل الخبر

كيف أكون وديعة سورية وأنا رفضت طلب الرئيس الحريري  أن أكون في اللقاء التشاوري ضد قرنة شهوان؟

06/02/2015
كيف أكون وديعة سورية وأنا رفضت طلب الرئيس الحريري  أن أكون في اللقاء التشاوري ضد قرنة شهوان؟

كيف أكون وديعة سورية وأنا رفضت طلب الرئيس الحريري  أن أكون في اللقاء التشاوري ضد قرنة شهوان؟

SAM_2663

المحكمة الخاصة بلبنان استمعت الى العديد من شهادات السياسيين اللبنانيين في الآونة الأخيرة ومنهم النائب السابق الدكتور غطاس خوري الذي جاء في شهادته على ذكر ما يسمى بـ<الوديعة السورية> من نواب لبنانيين ومنهم الوزير والنائب السابق بشارة مرهج والنائب الراحل عدنان عرقجي، والنائبان السابقان باسم يموت وناصر قنديل والنائب الحالي محمد قباني. فهل كان هؤلاء وديعة سورية كما قال خوري؟ أم انه يتجنى عليهم أو على بعضهم؟

<الأفكار> استضافت في مكاتبها النائب السابق بشارة مرهج وحاورته على هذا الخط، بالإضافة الى شؤون وشجون الوضع في لبنان والمنطقة سياسياً وأمنياً وسر بروز ظاهرة <داعش> بدءاً من السؤال:

ــ جئت وزيراً للداخلية عام 1992، فهل ذلك لأنك <وديعة سورية> كما اتهمك النائب السابق غطاس خوري في شهادته أمام المحكمة الدولية؟

- جئت وزيراً للداخلية يوم 31 تشرين الأول/ اكتوبر من العام 1992 في حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي لم أكن أعرفه، بل تعرفت إليه خلال الاستشارات الوزارية. فأنا خرقت لائحة الرئيس سليم الحص النيابية عام 1992 رغم انه كان من المفترض أن أكون على لائحته، لكنه التزم بنجاح واكيم وشعرت أنه محرج بسببي فعرفت أن الرئيسين الحريري وفؤاد السنيورة اتصلا به آنذاك وطلبا منه روبير دباس، فاعتذر مني لارتباطه بنجاح واكيم وروبير دباس، فترشحت مع لائحة الرئيس رشيد الصلح الذي أشرف كرئيس للحكومة على هذه الانتخابات وخرقت أنا وإياه لائحة الرئيس سليم الحص، وبرز اسمي لأنني الوحيد الذي نجحت في اللائحة المنافسة، وكانت لدينا قوة شعبية على الأرض وكنت بين الناس طوال مدة الحرب وأعتني بهم صحياً واجتماعياً إلخ..

وأضاف:

- وكنائب أرثوذكسي عن بيروت دخلت في المعادلة الوزارية بدون تخطيط لأنه منذ ما قبل الاستقلال كان هناك نائب أرثوذكسي يتمثل في الحكومات سواء حبيب أبوشهلا أو نسيم مجدلاني أو فؤاد بطرس، وعندما فزت أنا ونجاح واكيم بالنيابة، تقدم حظي على حظه وصرت مرشحاً طبيعياً لدخول الحكومة، وآنئذٍ كما علمت لاحقاً، ان الرئيس الحريري لم يكن ميالاً لتسليم وزارة الداخلية لميشال المر، لأن العلاقة بينهما كانت فاترة آنئذ، ولما جاء تشكيل الحكومة كان لا بد من تمثيل الأرثوذكس في بيروت، فتقدم اسمي على اسم نجاح واكيم.

 

أنا والرئيس الحريري

 

ــ هل استدعاك الرئيس الحريري وقال لك ذلك؟

- لا.. كانت هناك مأدبة في دير البلمند على شرف البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم، وصدف أن الوقت تزامن مع تشكيل الحكومة، فذهبت الى هناك، وكان الرئيس الياس الهراوي موجوداً إضافة الى زوجته السيدة منى، وعندما سلمت عليهما رحبت بي السيدة منى بحرارة، بينما الرئيس الهراوي عبس في وجهي ففهمت آنئذٍ أنني سأكون وزيراً.

ــ لماذا وجم الرئيس الهراوي في وجهك؟

- لأنه كان يعرف أنني سأكون وزيراً للداخلية وكان يتمنى أن يكون المنصب مع ميشال المر، وعندما تركت البلمند ذهبت الى منزل شقيقي في منطقة فردان لأرتاح قليلاً، وصدرت المراسيم وفوجئت باسمي وارداً فيها كوزير للداخلية.

ــ لماذا الداخلية بالتحديد؟

- جرى العرف أن توزع الوزارات السيادية على الطوائف الأربع الكبرى، ولذلك كانت من نصيبي كأرثوذكسي، خاصة وان ميشال المر تسلم نيابة الرئاسة لأنه متقدم عليّ لاسيما وان السنّة تسلّموا المالية بشخص الرئيس الحريري، والخارجية كانت للموارنة بشخص فارس بويز والشيعة تسلموا الدفاع بواسطة محسن دلول.

ــ وكيف تعرفت الى الرئيس الحريري آنذاك؟

- كان ذلك خلال الاستشارات النيابية في مكتب الرئيس نبيه بري وسألته عن صحته وطرحت عليه سؤالاً واحداً عن رأيه بالجامعة اللبنانية، فقال إنه مهتم بها كثيراً، فقلت له آنئذٍ إنني أدعمه بكل قوتي وأسير معه في هذا الاتجاه على اعتبار ان الاهتمام بالجامعة يرسم لوحة كبيرة بما معناه انه مهتم بالمؤسسة اللبنانية الأساس التي تجمع الشباب اللبناني، وبالفعل كان صادقاً في هذا الموضوع وتبيّن أنه اهتم بها وأنشأ أكبر مجمع لها.

ــ وأول اجتماع كوزير للداخلية مع الرئيس الحريري؟

- كان أول اجتماع بيننا عندما قال لي إنه يريد النهوض بالوزارة فأعطيته صورة عنها وقلت إنها وزارة فقيرة، فوسائل الاتصال ضعيفة، ولا توجد لديها الآليات المطلوبة والأجهزة تفتقد الى الأسلحة ووسائل النقل، فقال إنه يريد تجهيز الوزارة وتقويتها لكننا كنا نسير على القاعدة الإثني عشرية ولا نملك أي شيء في الوزارة حتى انني لم أكن أملك سيارة مرافقة. وأكد لي ضرورة النهوض بها بدءاً من قوى الأمن، والأحوال الشخصية والدفاع المدني والأمن العام. وأذكر انني زرت بعض المؤسسات التابعة للوزارة فوجدتها بدون أبواب ولا يوجد مرافق صحية ولا كراسٍ ولا طاولات. ولذلك وضعنا خطة متكاملة وحضرنا مشروع قانون وافق عليه مجلس النواب للحصول على أموال للنهوض بالوزارة، وأذكر أن المبلغ آنئذٍ وصل الى مليون دولار توزع لشراء الأسلحة والتدريبات والتجهيزات والسيارات، والاهم كانت المكننة.

 

قصة الوديعة السورية

ــ طالما جئت الى الوزارة بهذا الشكل، لماذا اعتبارك <وديعة سورية>؟

- أولاً، غطاس خوري كان جديداً في العمل السياسي ومعرفته محدودة بالأشخاص وبتاريخهم السياسي، وثانياً، على الأرجح كان يقيس على نفسه، وأنا كانت علاقتي تفاعلية مع الآخرين سواء السوريين أم العراقيين أو مع الرئيسين رشيد الصلح أو رفيق الحريري، ولم تكن علاقة تبعية كما كانت علاقة غطاس خوري مع الرئيس الحريري. وأنا موجود قبل النيابة وقبل تشكيل الحكومة وتحديداً منذ العام 1963 وزمن الجامعة الأميركية والتظاهرات التي كنا نقوم بها آنذاك، وبالتالي نحن في قلب الصراع السياسي وغطاس خوري تحدث عن حكومة 2005 عندما كان الرئيس الحريري يريد تشكيلها.

ــ كيف كانت علاقتك مع سوريا؟

- كانت تفاعلية والموقف الذي ينسجم مع توجهاتنا وأفكارنا كنا نؤيده، لاسيما في ما يتعلق بالمقاومة، وأنا في وزارة الداخلية قمت بجهد خاص لإزالة كل العقبات عند الحدود التي تؤخر حركة المواطن وحركة التجارة والنقل بين البلدين، وخفضت مدة الوقت التي كانت تستغرقه المعاملات عند الحدود من ساعتين الى عشر دقائق، ولذلك اختلفت مع وزارة المالية السورية ومديرية الجمارك حول هذا الموضوع حيث كان الجانب السوري يرفض إلغاء الرسوم كما اقترحت آنئذٍ على اعتبار أن هناك تنسيقاً أمنياً وسياسياً بين البلدين.

ــ هل كانت هناك محاولات تسلّط من السوريين عليك في الوزارة؟

- لم أشعر بذلك على الإطلاق، لأنني كنت أعرف حدود السلطة وحدود المسؤولية.

وأضاف قائلاً:

- غطاس خوري لم يفهم المعادلة السياسية التي كانت قائمة حينئذٍ واعتبر أن أي سياسي لا بدّ أن يلتحق بطرف ما انطلاقاً من كونه ملحقاً بالرئيس الحريري، ولكنني كنت مع الرئيس الحريري في كتلة نواب بيروت، إنما كان لي رأيي الخاص وكنا أساساً نشكل ائتلافاً من كل التيارات من الحزب التقدمي وحركة <أمل> وحيث لم يكن تيار <المستقبل> موجوداً بعد، وبالتالي كنا نتفاهم على كثير من الأمور وبعضها الآخر نختلف حولها. فأنا مثلاً اختلفت مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري حول الملف العراقي، وكان الخلاف كبيراً، وصحيح انه كان يملك مشاعر قومية دفينة، لكنه كان مضطراً لمسايرة السعودية، وأنا كنت أدعو لنشاطات ضد الحرب على العراق.

ــ يعني كنت مع صدام حسين؟

- لا... كنت مختلفاً مع صدام حسين لكنني كنت ضد الحرب على العراق وقدت تظاهرة وندوات واعتصامات شعبية وأنا وزير، ولذلك اختلفت في هذا الموقف مع   الرئيس الحريري بين عامي 2002 و2003، وهذا ما أدى الى خروجي من الكتلة، ولذلك فإن غطاس خوري يتحدث عن مرحلة أصبحتُ فيها خارج الكتلة النيابية التي كان يترأسها الرئيس الحريري، لاسيما بعد حرب العراق عام 2003 وإثر خلافات حول قضايا داخلية، لاسيما ما يتعلق بقانون دمج المصارف والانفاق تحت هذا العنوان، حيث كنت أعارض أن تدفع الدولة مبالغ باهظة للمصارف المتعثرة بسبب سوء الإدارة والنهب اللذين مارسهما البعض في المصارف، وكان يفترض أن يعاقب أصحاب هذه المصارف ويتم إنقاذ المصرف المتعثر.

وأضاف يقول:

- آنئذٍ كان غطاس خوري رأس الرمح دفاعاً عن العلاقة مع سوريا، وفي تلك الفترة نشأ لقاء قرنة شهوان المعارض لسوريا، فلمعت فكرة عند بعض النواب والوزراء المسيحيين بإنشاء لقاء مضاد برئاسة الشيخ قبلان عيسى الخوري رحمه الله باسم <اللقاء النيابي التشاوري>، والرئيس الحريري طلب مني الانضمام للقاء التشاوري فرفضت بحجة أنني لا أؤمن بهذه الصيغة لأنها صيغة طائفية، وأعتبر أن هذا اللقاء من أفضل الأعمال السياسية بعد اتفاق الطائف.  وقال إن الاخوة في سوريا يريدون ذلك، فقلت إن هذا من أسوأ الأعمال، وهذا الأمر يعرفه غطاس خوري جيداً لأنه كان رأس الرمح في إنشاء هذا اللقاء، حتى ان اللواء غازي كنعان طلب منا الانضمام إليه وتحدث مع الأخ معن بشور، فاعتذرنا لا بل قلت إنني أترك النيابة والوزارة ولا أدخل في لقاء طائفي.

لم أكن حليف السوريين

ــ ماذا عن انضمامك للائحة الرئيس الحريري عام 1996؟

- حينئذٍ كنا ذاهبين الى منزل الرئيس تمام سلام لإعلان اللائحة عن الدائرة الثانية من هناك، وهي ائتلافية تضم تمام بك وأنا ونبيل دو فريج وممثلاً عن حزب الله، لكن السوريين فرطوا السبحة، وجاء اللواء جميل السيد يبلغ المجتمعين بهذا المعنى حتى طلب ألا أكون في هذا الائتلاف ويتمثل بدلاً مني نجاح واكيم، لكن الرئيس الحريري لم يقبل والرئيس سلام لم يكن ميالاً لذلك، ففرط الائتلاف ودخلنا آنئذٍ مع لائحة الرئيس الحريري لا بل كان الجهاز الأمني اللبناني - السوري المشترك يفضل نجاح واكيم عليّ، فكيف أكون وديعة سورية؟! الى ذلك يعرفه غطاس خوري وهو يورط نفسه بكلام لا أساس له من الصحة.

واستطرد قائلاً:

- صحيح أنني كنت أحب السوريين وألتقي معهم في الخلفية السياسية، لكن مع ذلك كنت أختلف معهم في كثير من الأمور، ولذلك أستغرب من  غطاس كمثقف ودكتور في الجامعة الأميركية أن يقيس الأمور بهذا المقياس الضيق. ففي السياسة لدينا ميدان رحب للتفاعل واستقلاليتنا هي الأساس في تجمع اللجان والروابط الوطنية حتى ان شعارنا في الانتخابات كان <استقلاليتنا تساوي وجودنا>. وأنا أقدر المصالح القومية العليا والعلاقة بين لبنان وسوريا، ولذلك اجتهدت لتقريب الشعبين من بعضهما البعض وفتح أبواب التجارة على أوسع مدى لأنني مؤمن بالإتحاد العربي والقومية العربية، ولكن هذا لا يعني أنني تابع لأحد، سواء لنظام أو لشخص، سوى القومية العربية.

<داعش> والمقاومة

ــ كيف تنظر الى تنظيم <داعش> ونمو ظاهرته؟

- أعتقد أن هذه المرحلة عابرة في تاريخنا الحديث و<داعش> نتيجة طبيعية لتراكمات الأحداث في المرحلة السابقة وفشل الأنظمة في استيعاب المسألة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فنشأت بيئة جاهزة لتقبل التطرف بسبب زحف الأرياف على المدن وزيادة الأمية والجهل والبطالة، علماً أن هذه الأفكار المتطرفة موجودة دائماً في حياة الشعوب، ناهيك عن تشجيع الخارج لهذه الظواهر من خلال احتضان هذه الحركات المتطرفة.

ــ هل يعني ذلك أنك تتهم أميركا بهذا الموضوع؟

- منذ زمن بعيد وأميركا تضم مكاتب ومؤسسات تعنى برعاية التطرف من أجل تمزيق المجتمعات العربية. وأعتقد أيضاً أن خلفية هذه الظواهر صهيونية، حتى ان مجلس الامن القومي الأميركي كان كله صهيونياً.

ــ ألا تخاف على لبنان من <داعش>؟

- الحالة الثقافية المتقدمة في لبنان بالإضافة الى الاندماج الاجتماعي يتركان هوامش للحد من غلو هذه الظواهر، لأن التنوير موجود في لبنان و<داعش> هو ابن الانعزال والتخلف والتدخل الخارجي بحيث لا يستطيع <داعش> إنشاء ركائز حقيقية له في لبنان، إلا في بعض البيئات المنسحقة والمهمشة، إنما ليس لهذه الحركات أي مستقبل في حياة الشعوب العربية والإسلامية، خاصة وان الإسلام في طبيعته يرفض الغلو والتسلّط على الغير لأن لا إكراه في الدين.

ــ وكيف نظرت الى عملية مزارع شبعا وما سبقها؟

- إسرائيل لا يمكن أن تدخل في عملية التهويد الكاملة لفلسطين إلا إذا شعرت أن هذه الأمة العربية في حالة تمزق وانحلال، ولذلك فهي تسعى لإثارة الفتن وتشجيع الاقتتال في المنطقة كي يستمر النزف من أجل تنفيذ مشروعها التاريخي وهو إعلان الدولة اليهودية الكاملة والتخلص من الفلسطينيين. ومن هنا إذا كانت المقاومة مشروعة في كل وقت، فهي اليوم مشروعة ومطلوبة أكثر من أي وقتٍ مضى. ومزارع شبعا مناطق لبنانية صريحة ولا يحق لإسرائيل أن تكون موجودة هناك، ومن حق الشعب اللبناني أن يستعيد هذه الأراضي الغنية بالمياه والمحاصيل ولها أهل وأصحاب لبنانيون.

ــ ألا تخاف من عدوان اسرائيلي مستقبلي؟

- أخاف من اسرائيل أن تغزو أفكارنا وتتحرك في مجتمعاتنا بحرية، حتى ان اسرائيل كانت موجودة في كثيرمن مؤسساتنا دون أن يدري الرأي العام سواء في بعض الأحزاب، بدليل انه تم اكتشاف ذلك من خلايا التجسس لاسيما في الجيش وأجهزة الأمن، وإذا كانت موجودة في هذه المؤسسات التي من المفترض أن تكون محصنة، فما بالك في المؤسسات الأخرى؟! فالمقاومة ليست ضرورية فقط من أجل لبنان، بل ضرورية من أجل فلسطين والأمة العربية ومنعة هذه الأمة، لأننا اذا لم نقاوم إسرائيل في هذه اللحظة بكل ما نملك، فالمشروع الصهيوني في تهويد الأراضي المحتلة سيشق طريقه.