تفاصيل الخبر

قطـيعــــة كامـلــــة الأوصــــاف بيـــن نصـــر الله وجنـبـــلاط فهل يصلح ”العطّار نبيه“ ما أفسده الدهر بين الزعيمين؟

26/07/2019
قطـيعــــة كامـلــــة الأوصــــاف بيـــن نصـــر الله وجنـبـــلاط  فهل يصلح ”العطّار نبيه“ ما أفسده الدهر بين الزعيمين؟

قطـيعــــة كامـلــــة الأوصــــاف بيـــن نصـــر الله وجنـبـــلاط فهل يصلح ”العطّار نبيه“ ما أفسده الدهر بين الزعيمين؟

 

عندما وقعت الواقعة بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب والوزير السابق وليد جنبلاط، واندلعت <حرب التويتر> بينهما وامتدت الى القاعدة الاشتراكية والقاعدة المستقبلية، سارع صديق الطرفين رئيس مجلس النواب نبيه بري الى ادارة محركات مساعيه الحميدة وتمكن بعد جهد جهيد من جمع الرئيس الحريري وجنبلاط في عين التينة، فكان سلام وكلام و<مصارحة في العمق>، وخرج الرجلان <مثل السمنة والعسل> من دارة رئيس مجلس النواب لتبدأ بينهما صفحة جديدة ــ قديمة صححت مسار التحالف الذي كان قد بدأ منذ أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري وصولاً الى ابنه الشيخ سعد، مع الزعيم الدرزي  الذي يعرف متى يخاصم ومتى يصالح، ومتى يتقدم ومتى ينكفئ... وبعد ذلك <العشاء غير السري> في عين التينة عادت المياه الى مجاريها بين <بيت الوسط> و<كليمنصو>، واستؤنف التشاور والتنسيق وتبادل عبارات الاطراء وكأن شيئاً لم يكن... الى درجة ان الرئيس الحريري مال صوب جنبلاط حليفه القديم ــ الجديد في المواجهة التي حصلت في قبرشمون وما تلاها من تداعيات حين أبى الرئيس الحريري أن تحال جريمة محاولة اغتيال الوزير صالح الغريب الى المجلس العدلي مفضلاً تعليق جلسات مجلس الوزراء أكثر من أربعة أسابيع على أن ينعقد المجلس ويصار الى التصويت على إحالة الجريمة الى المجلس العدلي بصرف النظر عما ستكون عليه النتيجة، سلبية كانت أم ايجابية.

اليوم يقف الرئيس بري أمام أزمة مستجدة نتجت عن تدهور العلاقة بين شريكه في <الثنائية الشيعية> حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصر الله، و<صديقه> و<حليفه> وليد بك، متردداً في القيام بالمساعي الحميدة إياها التي قام بها يوم اختلف الرئيس الحريري مع جنبلاط واندلعت <حرب التغريدات بينهما>. ذلك ان الرئيس بري يدرك ان العلاقة التي تدهورت بين قيادة المقاومة ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي تجاوزت <تغريدات> من هنا، وتصريحات من هناك، والمواجهة حصلت بين الرجلين مباشرة بعد <تحضيرات> سابقة لم تخلُ من الحدة الجنبلاطية أحياناً، فيما آثر السيد نصر الله البقاء صامتاً وألزم وزراء الحزب ونوابه الاقتداء به. لكن تطور الكلام الجنبلاطي واتساعه ليشمل سلاح المقاومة ومستقبله، وواقع مزارع شبعا غير اللبنانية في رأي جنبلاط، وموقفه الأخير من حادثة قبرشمون... كل ذلك أخرج الخلاف الى العلن فكانت مواقف السيد نصر الله في اطلالته التلفزيونية مع الزميل عماد مرمل عبر شاشة <المنار> النقطة التي أفاضت الكأس وصارت الأحداث مفتوحة أمام الجميع، فالسيد نصر الله استذكر كلام جنبلاط عن <سلاح الغدر> ومواقفه من <لالبنانية> مزارع شبعا، وغيرها مما يعتبره السيد <سقطات> جنبلاطية، ليفتح ملف كسارة آل فتوش في عين دارة التي يقف جنبلاط وحزبه ضدها لاسيما وان وزير الصناعة وائل أبو فاعور ألغى ترخيصاً بإنشاء المعمل كان منحه سلفه وزير الحزب الدكتور حسين الحاج حسن، على رغم موقف الحزب الواضح بضرورة عدم تعطيل هذا المعمل لأنه يحظى بتراخيص قانونية ولا يشكل خطراً على البيئة أو غيرها. واسترسل <السيد> في رواية ما حصل في الاجتماع الذي ضم معاوني جنبلاط ونصر الله في عين التينة وما طلبه يومذاك الجانب الجنبلاطي من <حصة> في معمل عين دارة، ومن تسويق نتاج معمل سبلين في سوريا مع بدء عملية الاعمار على أنه من انتاج معمل آل فتوش.

 

سقوط <الخطوط الحمر>!

وبدا من خلال سرد <السيد> لرواية معمل عين دارة وما رافقتها من ملابسات، ان السيد نصر الله أسقط <الخطوط الحمر> التي كانت موضوعة في العلاقة مع جنبلاط وقرر ان <يكسر الجرة> بعد فشل كل المساعي التي بُذلت لايجاد حل لمعمل الاسمنت في عين دارة ولإعادة المياه الى مجاريها في العلاقة مع جنبلاط والتي <تعوكرت> جداً بعد حادثة قبرشمون التي استهدفت مباشرة حليفاً أساسياً لحزب الله هو رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني الأمير طلال ارسلان ووزيره صالح الغريب، وغير مباشرة الحليف الثاني رئيس <التيار الوطني الحر> وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي مُنع من الوصول الى بلدة كفرمتى وكاد أن يكون ضحية التحرك الاشتراكي على الأرض في ما لو أصرّ على الحضور الى كفرمتى.

ولم يتأخر جنبلاط في الرد على السيد نصر الله واختار <بيت الوسط> ليوجه انتقاداً لاذعاً الى قائد المقاومة يشبه ما كان يقوله في عهد <14 آذار>، وصولاً الى حد القول بأنه مع السيد نصر الله في قضية فلسطين فقط وليس معه في أي قضية أخرى، غامزاً من قناة وجود حزب الله في سوريا ومن مواقف الحزب حيال الأزمة السورية والتباعد الذي اتسعت مساحته بين الاشتراكيين وقاعدة المقاومة. ومن تابع جنبلاط ذلك اليوم وهو يتكلم من <بيت الوسط> عن السيد نصر الله أدرك من دون أي لبس انه لم يعد هناك أي <حيط عمار> بين الزعيم الاشتراكي وقائد المقاومة وقاعدتها، وان جنبلاط ــ الذي قال له السيد نصر الله في تشرين الثاني الماضي في معرض حديث جنبلاط عن تدخل سوري وإيراني في موضوع تأليف الحكومة آنذاك: <زبّط انتيناتك يا وليد بك> ــ ازدادت هواجسه من ان حزب الله اتخذ قراره بالابتعاد نهائياً عنه وصنفه في خانة <خصوم المقاومة> و<حليف> من هم ضدها على الساحة اللبنانية والعربية والاقليمية... وربما الدولية!

 

والذين التقوا جنبلاط خلال الأيام القليلة الماضية شعروا ان خلافه مع حزب الله وأمينه العام ترك تداعيات كثيرة زادت من <هواجس> الزعيم الاشتراكي بأنه مستهدف منذ ما قبل جريمة قبرشمون، سياسياً واقتصادياً ودرزياً، وهو صارح كثيرين، بينهم سفراء دول كبرى التقوا به عند سفير بلد أوروبي صديق للبنان، بأن ثمة من يريد تقويض زعامته وتطويقه في كل المجالات واسقاط آحادية زعامته الدرزية والوطنية، وان مرحلة ما بعد جريمة قبرشمون ستكون أصعب عليه وعلى قاعدته مما كان الوضع قبل الجريمة. ويعتبر جنبلاط ــ كما صارح من التقاهم، ان ثمة محاولات حثيثة لإحداث تغيير في المعادلات السياسية القائمة من خلال استحداث حيثيات داخل الطائفة الدرزية تقاسمه النفوذ والمكاسب السياسية والادارية والمواقع في الدولة، كل ذلك مقدمة لاضعافه سياسياً و<محاصرته>، وهو يعتبر ان <هجوم> السيد نصر الله عليه وتناوله في مسألة شخصية مثل قصة معمل عين دارة، يهدف الى <تعريته> أمام الرأي العام اللبناني عموماً، والدرزي خصوصاً، بأن معركته للحفاظ على البيئة في عين دارة هدفها الحقيقي مشاركة آل فتوش في معملهم وتسويق انتاج معمل سبلين في سوريا! وفي حسابات جنبلاط ــ كما قال للذين التقى بهم ــ ان الحملة عليه لن تتوقف وانها تتجاوز قيادة حزب الله لتصل الى القيادة السورية التي تقف وراء هذه الحملة وتغذيها من خلال حلفائها السياسيين وداخل الطائفة الدرزية في لبنان، وذلك لـ<معاقبته> على محاولاته تحييد دروز سوريا في الحرب الأخيرة ودعواته المتكررة لهم كي لا يدعموا النظام السوري في حربه من خلال عدم الانخراط في الجيش السوري. ولا يغيب عن بال جنبلاط خلال سرده لوقائع <واضحة> عن استهدافه، ما حصل مع والده الشهيد كمال جنبلاط في زمن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وما قاله عنه الرئيس السوري الحالي بشار الأسد قبيل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، عما يمكن أن يفعله الأسد به وبدار المختارة والجبل.

 

هواجس جنبلاط كثيرة!

نفوذ حزب الله وإيران يتنامى!

وينقل بعض الذين التقوا جنبلاط مؤخراً، ان تحالفه مع الرئيس بري ثابت والعلاقة مع الرئيس الحريري <تتحسن من جديد>، في حين لا علاقات واضحة مع الوزير جبران باسيل الذي يميز جنبلاط بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يلتقيه من حين الى آخر و<يرتاح> للحديث معه، لكن سرعان ما تعود العلاقة الى الجمود نتيجة مداخلات سلبية. ويضيف هؤلاء ان جنبلاط صارح من التقاهم من شخصيات سياسية وسفراء أجانب بأن التأثير الايراني على لبنان يزداد تدريجاً من خلال نفوذ حزب الله <المتنامي> والذي يتجاهل ما يعرف بـ<خصوصية الجبل> ويدعم خصومه الارسلانيين بإشارة خارجية يقصد بها سوريا التي يعتبر جنبلاط انها عادت تتحرك على الساحة اللبنانية من خلال حلفائها وبعض الأجهزة التي تنسق معها. ويلفت جنبلاط الى انه فعّل علاقته مع موسكو على رغم <البرودة> التي أصابتها في الآونة الأخيرة نظراً لتأثير القيادة الروسية في مجرى الأحداث في المنطقة، فضلاً عن دورها مع القيادة السورية التي يقول جنبلاط انها تستهدفه وتحاصره، فلا بد والحال هذه لمن يردعها، ولروسيا هنا الدور الرائد. لذلك أوفد جنبلاط القيادي الاشتراكي حليم بو فخر الدين الى موسكو حيث التقى نائب وزير الخارجية الروسية <ميخائيل بوغدانوف> الذي نقل مصدر اشتراكي عنه قوله ان العلاقة مع جنبلاط والمختارة والحزب التقدمي الاشتراكي <تاريخية كانت وستبقى>. وأكد الطرفان، وفقاً لمصادر اشتراكية استمرار التواصل ما أوحى بامكانية قيام جنبلاط بزيارة قريبة الى موسكو لم ينفِ حصولها أكثر من مصدر اشتراكي، مع التأكيد على ان النائب تيمور جنبلاط سيرافق والده في هذه الزيارة. ويميز الاشتراكيون بين علاقتهم مع موسكو، وموقفهم من الأزمة السورية، مستشهدين بالتجاوب مع المسعى الجنبلاطي عندما تعرضت السويداء للاعتداء من ارهابيي <داعش> حيث كان الدور الروسي أساسياً في تحرير الرهائن الدروز آنذاك، ويضيفون بأن الموقف الروسي <حاسم> لجهة عدم السماح بأي تهجم على جنبلاط لأن موسكو لا يمكن أن تفرّط بأصدقائها، وستكون الى جانب جنبلاط ليتخطى المرحلة الصعبة الراهنة...