تفاصيل الخبر

”قطوع“ ”بروكسل -3“ مرّ من دون مضاعفات خارجية لكن ملف النازحين بقي ”لغماً“ يهدّد الحكومة في كل حين!

21/03/2019
”قطوع“ ”بروكسل -3“ مرّ من دون مضاعفات خارجية  لكن ملف النازحين بقي ”لغماً“ يهدّد الحكومة في كل حين!

”قطوع“ ”بروكسل -3“ مرّ من دون مضاعفات خارجية لكن ملف النازحين بقي ”لغماً“ يهدّد الحكومة في كل حين!

بقلم وليد عوض

 

الضجة التي أثيرت في لبنان قبيل انعقاد مؤتمر <بروكسل - 3> لعرض واقع النازحين السوريين ومدى مساهمة الدول المانحة في إعانتهم، وما قيل عن مواقف يمكن أن تصدر مع <تغييب> وزير شؤون النازحين صالح الغريب عن الوفد اللبناني الرسمي الى المؤتمر، وردود الفعل التي صدرت، المؤيدة منها لإبعاده عن الوفد والرافضة لذلك... كل هذه الضجة التي وتّرت البلد لمدة أسبوعين، تبيّن أنها لم تكن في محلها. فالمؤتمر لم تصدر عنه مواقف <مثيرة> ورئيس الحكومة سعد الحريري الذي رئس الوفد اللبناني الى بروكسل لم <يتجاوز> ما ورد في البيان الوزاري عن مسألة النازحين، ولم تحصل أي مواجهة بين لبنان والمجتمع الدولي خلال المداولات حتى عندما حث الرئيس الحريري الدول الحاضرة والغائبة في آن، على الضغط على سوريا لإعادة النازحين مرحّباً بأي مبادرة أممية في هذا المجال وتحديداً المبادرة الروسية، وداعياً الدول المانحة الى زيادة مساهمتها المالية للتخفيف من الأعباء المالية التي يتحمّلها لبنان والتي تفوق قدرته في ظل ظروفه الاقتصادية الصعبة...

ملف النازحين مادة خلافية

غير أن مرور <قطوع> مؤتمر بروكسل بسلام، لا يعني أن ملف النازحين السوريين لم يعد مادة خلافية في البلاد، وسبباً مباشراً للخلافات داخل الحكومة من جهة، وبين التيارات السياسية المتحالفة والمتخاصمة من جهة ثانية، بدليل التعليقات التي واكبت المؤتمر وصدرت بعد انتهاء أعماله في العاصمة البلجيكية والتي راوحت بين مرحّب مع تحفظ، ورافض بلا تحفظ وصولاً الى حد إعلان رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بأن الأموال التي تقررت في بروكسل <هي لإبقاء النازحين السوريين> وليس لإعادتهم الى بلادهم!

وفي هذا السياق لوحظ أن مواقف الوزير باسيل جاءت متقدمة للمواقف التي تصدر عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ما يؤشر الى <التناغم> القائم بين الرئيس ووزير خارجيته ما يدفع الى الاعتقاد بأن المواجهة المقبلة داخل الحكومة ستكون حول ملف النازحين خصوصاً بعدما استبقت مصادر حكومية ما ستكون عليه حصيلة هذه المواجهة، بالتأكيد على أنه من يستعد لشن هجوم سياسي وإعلامي على مؤتمر بروكسل، عليه أن يقدم الدليل لقطع الطريق على ربط عودة النازحين بالحل السياسي في سوريا. وتضيف المصادر نفسها ان من يتهم المجتمع الدولي بتوطين النازحين في أماكن إقامتهم المؤقتة، في دول الجوار، عليه من موقع تحالفه أو صداقته مع المسؤولين في سوريا أن يطلب منهم التعاون الفوري لإعادة النازحين الى بلداتهم وتعطيل لغم التوطين من دون اللجوء الى المزايدات والخطب <الشعبوية>.

ولاحظت مصادر متابعة أن في الأفق السياسي اللبناني تتلبّد غيوم داكنة نتيجة التباين في وجهات النظر حول ملف النازحين الذي يتوقع أن يشهد عملية <شدّ حبال> بين فرضية الفريق المؤيد لعودتهم بالتنسيق مع المسؤولين السوريين، والفريق الذي لا يرى هذا الرأي انطلاقاً من موقفه الرافض لأي بحث مع السوريين طالما استمر نظام بشار الأسد. وعن مؤشرات عملية <شد الحبال> المتوقعة، الاتهامات التي ساقتها مصادر <التيار الأزرق> بحق أركان فريق <الممانعة> من أنهم يحاولون بمواقفهم الالتفاف على مؤتمر بروكسل لـ<إعفاء> الرئيس الأسد من مسؤوليته في إعادة مواطنيه الى بلداتهم التي نزحوا منها تحت وطأة الحرب.

ويتساءلون ما الذي يمنع الرئيس الأسد من أن يتجاوب من دون أي تردد مع حلفائه لتنظيم عودة النازحين، ولماذا لا يترجم الرئيس عون رغبته في عودة النازحين بالطلب من الرئيس السوري تسهيل العودة الآمنة لأبناء بلده. وفي رأي فريق <التيار الأزرق> أن توجيه الاتهامات الى الرئيس الحريري بأنه ساهم في بروكسل بإبقاء النازحين في لبنان وعدم عودتهم هو <تصعيد خطير> و<كلام كبير> يقال بحق رئيس الحكومة الذي حمل الى بروكسل همّاً مزدوجاً يكمن في الضغط على الرئيس السوري لتأمين عودة آمنة للنازحين من جهة، وفي حث المجتمع الدولي لزيادة المساعدات لأنه كان يتخوف من أن يكون هناك ضعف في الإدارة الدولية من أجل تأمين كلفة استضافتهم. ولهذه الغاية قال الحريري في كلمته إن موازنة 2019 لن تتضمن أية اعتمادات لمساعدة النازحين لأن العجز فيها فاق المعقول والمقبول في  موازنات الدول.

 

<لغم> داخل الحكومة

وأشارت  مصادر <المستقبل> الى أن الحملة التي شنتها وسائل إعلام التيار الوطني الحر وبعض وزرائه ونوابه بعد مواقف الوزير باسيل فيها الكثير من <التجنّي> على رئيس الحكومة الذي لم يخرج في بروكسل عن الإجماع في مقاربة ملف النازحين وفق ما ورد في البيان الوزاري، خصوصاً أن الرئيس الحريري دعا المجتمع الدولي الى التعاطي بواقعية مع ملف النازحين لأنه يرى أن ربط عودتهم بالحل السياسي لا يعفي دول هذا المجتمع من تقديم المساعدات للذين ينوون العودة لتوفير كل ما هو مطلوب لتأمين اندماجهم في بلداتهم إذ لا شيء يمنع من تقديم مساعدات للذين يعودون طوعياً خلال المرحلة الانتقالية تمكنهم من إعادة ترميم منازلهم وتأهيل البنى التحتية في الحد الأدنى، ومثل هذه المساعدات تسمح بخفض عدد

النازحين تدريجياً في لبنان، علماً أن موقف الرئيس الحريري هذا يتناغم مع مطالب الرئيس عون الى الأمم المتحدة والدول المانحة بأن تكون المساعدات للنازحين في بلداتهم وقراهم، لأن ذلك يشجعهم على العودة اليها والبقاء فيها.

في ضوء ما تقدم، ترى مصادر متابعة أن <لغم> ملف النازحين قد ينفجر داخل الحكومة إذا لم يسارع المعنيون الى تطويق المواقف الحادة التي تناولت رئيس الحكومة والتي وصفها بـ<المزايدات المزعجة> لاسيما وأنه لم يخرج في بروكسل عن مضمون البيان الوزاري، بل أتاحت له اللقاءات مع المسؤولين الدوليين الذين شاركوا في المؤتمر، معرفة الكثير من المعطيات حول موقف دمشق من مسألة العودة لعل أهمها ما نقله إليه مسؤول أوروبي كبير التقاه على هامش المؤتمر وفيه أن سوريا تشترط، من أجل تسهيل عودة النازحين السوريين من لبنان الى أراضيها، مبادرة لبنان الى التواصل معها على أعلى المستويات الرسمية والحكومية. إلا أن الرئيس الحريري أبلغ المسؤول الأوروبي أن لبنان يقيم علاقات ديبلوماسية مع سوريا والتنسيق الأمني مستمر بين البلدين عبر المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وأي مطالبة برفع سقف التواصل في الوقت الحاضر لا يلقى تجاوباً من الفئات اللبنانية كافة، وهذا الأمر غير متوافر راهناً ولا بد من انتظار المزيد من الوقت

والتطورات.

ووفق المصادر نفسها فإن نزع فتيل التفجير داخل الحكومة مسألة باتت ملحة، وهو ما تمنى البعض على الرئيس عون أن يقوم به قبل الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، لأن استمرار التراشق الإعلامي وعبر مقدمات الأخبار سواء في المحطة <البرتقالية> أو المحطة <الزرقاء>، من شأنه أن يزيد الأمور تعقيداً ويعطّل مفاعيل <التسوية> الكبرى، وإن كان الطرفان أكدا أنهما لن يفرّطا بهذه <التسوية> لأي سبب كان.

 

83 بالمئة من النازحين

يريدون العودة!

وسط هذه المعطيات، برز في الأسبوع الماضي موقف مشترك من السفيرين الفرنسي والألماني في بيروت <برونو فوشيه> و<جورج بيرغلين> عكسا توجهاً أوروبياً حيال المطلب اللبناني بإعادة النازحين السوريين، اذ ذكر الديبلوماسيان الأوروبيان أن ثمة رغبة مشتركة من بلديهما في مساعدة السوريين على العودة الى وطنهم، وهذا يفرض سد الفجوة بين رغبة النازحين بالعودة وعدم قدرتهم على ذلك حالياً. وأشارا الى أن الاستطلاعات الأخيرة بين النازحين التي أجرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تظهر أن 83 بالمئة منهم يرغبون بالعودة، لكن 5 بالمئة منهم سيعودون خلال هذا السنة. ويجمع السفيران على أن مستقبل النازحين السوريين الموجودين في لبنان هو في سوريا، لكن العائق الرئيسي، حسب السفيرين، هو <مناخ الخوف والظلم في سوريا ذلك أنه منذ نشوب النزاع اعتقل النظام أو أخفى قرابة 70 ألف شخص، والاعتقالات وأعمال التعذيب والقتل مستمرة حتى يومنا هذا>.