تفاصيل الخبر

”قطوع“ الأنفاق الحدودية مرّ بلا مضاعفات... ومجلس الأمن لم يتجاوب مع طلب اسرائيل توسيع مهام ”اليونيفيل“!

28/12/2018
”قطوع“ الأنفاق الحدودية مرّ بلا مضاعفات... ومجلس الأمن لم يتجاوب مع طلب اسرائيل توسيع مهام ”اليونيفيل“!

”قطوع“ الأنفاق الحدودية مرّ بلا مضاعفات... ومجلس الأمن لم يتجاوب مع طلب اسرائيل توسيع مهام ”اليونيفيل“!


لم تحقق اسرائيل ما هدفت إليه عندما أثارت مسألة وجود أنفاق محفورة من الأراضي اللبنانية الحدودية في اتجاه المستعمرات الاسرائيلية، وبدا أن <عملية درع الشمال> التي قيل الكثير عن أهدافها في اسرائيل وخارجها، تكاد تنتهي على <إنجاز> واحد وهو تدمير الأنفاق التي تمّ العثور عليها من جهة الأراضي التي تحتلها اسرائيل، فيما بدا أن الضغط الدولي الذي مورس عليها لعدم ضرب الاستقرار في الجنوب أعطى ثماره، حتى في مجلس الأمن الذي دعي على عجل مكتفياً بالاستماع الى خطاب للمندوبين المعتمدين في الأمم المتحدة، بمن فيهم مندوبة لبنان السفيرة أمل مدللي ومندوب اسرائيل.

وإذا كان لبنان قد <تنفس الصعداء> بعد اكتفاء اسرائيل بتدمير الأنفاق الممتدة في الأراضي الحدودية المحتلة، فإن قراءة أولية لما سُمي بـ<عملية درع الشمال> تظهر جملة من وقائع تؤكد على أن نظرية <توازن الرعب> التي تتحكم بالوضع الجنوبي منذ حرب 2006 لا تزال تعطي ثمارها بدليل غياب أي تصعيد على الحدود، باستثناء بعض الأحداث التي ظلت محدودة، إضافة الى ان وجود القوات الدولية <اليونيفيل> على الحدود يساهم بشكل أو بآخر بالحفاظ على الاستقرار الذي تريده اسرائيل، وإن كانت تواصل من حين الى آخر انتهاك السيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً.

استثمار داخلي اسرائيلي!

ومن ابرز الوقائع المستخلصة من مسار عملية <درع الشمال> أن ما زاد في <تطويق> النهم الاسرائيلي للاعتداء على لبنان، بروز قناعة لدى الدول الكبرى، لاسيما تلك المعنية بالاستقرار على الحدود، بأن رئيس وزراء اسرائيل <بنيامين نتنياهو> أراد استثمار موضوع الأنفاق لتحصين وضعه السياسي في الداخل الاسرائيلي بعد الاهتزازات التي توالت خلال الفترة الأخيرة وكادت أن تسقط حكومته بسبب مسلسل الفضائح المتتالية التي تهز المجتمع الاسرائيلي. وما زاد في هذا الانطباع ما حرص كل من رئيس الحكومة الاسرائيلية السابق <ايهود باراك> ووزيرة الخارجية الاسرائيلية السابقة <تسيبي ليفني> على إعلانه علناً من أن هذه الانفاق التي <ادعى> رئيس وزراء اسرائيل الكشف عنها <مؤخراً> هي معلومة من القيادة العسكرية الاسرائيلية منذ ما قبل العام 2004، وبالتالي ليست جديدة على هذه القيادة التي أكدت أن لـ<نتنياهو> أن الأنفاق موجودة منذ ما قبل حرب 2006 لكنها لم تستعمل منذ إعلان وقف إطلاق النار في آب/ أغسطس 2006 حتى يومنا هذا، وبالتالي نادى <باراك> و<ليفني> رئيس وزراء اسرائيل الى <عدم استغلال> هذا <الاكتشاف> ما أسقط الحجج التي كان <نتنياهو> ينوي استثمارها للقيام بعدوان جديد على لبنان. وقد تفاعلت مواقف <باراك> و<ليفني> حيال مسألة الأنفاق على نحو أحرج رئيس وزراء اسرائيل الذي أدرك أن <البروباغندا> التي استخدمت في مسألة الأنفاق لم تحقق ما كان يسعى اليه، حتى ان جلسة مجلس الأمن التي انعقدت على وقع الضجيج الاسرائيلي في ما خص الأنفاق، تجاوزت ما كانت اسرائيل تسعى اليه من خلال إثارة هذا الموضوع <المستأخر> منذ سنوات، ولم تحصد بالنتيجة أي شيء يذكر.

لا تعديل لمهام <اليونيفيل>!

في غضون ذلك، لا يمكن الفصل بين ما رافق اكتشاف هذه الخنادق وبين وجود واقع خلاصته أن ثمة رغبة اسرائيلية وأميركية قديمة في تعديل مهام <اليونيفيل> لإعطائها مهاماً <ردعية> لم تجد هي الأخرى صداها لدى المجتمع الدولي الذي رفض للسنة العاشرة على التوالي تعديل مهام <اليونيفيل> وأبقاها على حالها، لاسيما لجهة السماح للقوات الدولية بتفتيش المنازل او القيام بأعمال عسكرية في إطار تطبيق القرارات الدولية. كذلك فإن مجلس الأمن لم يصدر قراراً جديداً حول مهمة <اليونيفيل> لا بل نوّه بما تقوم به القوات الدولية، مركّزاً على أهمية الاستقرار والتعاون بين الجيش اللبناني المنتشر جنوباً وبين هذه القوات... وقد تجاهل المجلس عملياً وعلى نحو غير مسبوق الادعاءات الاسرائيلية التي أرفقت بطلبات عدة استهدفت وجود مقاتلين لحزب الله في منطقة العمليات الدولية.

وتقول مصادر متابعة إن من اسباب <إخفاق> الاسرائيليين في استغلال مسألة الأنفاق في مداولات مجلس الأمن، سلسلة المواقف التي صدرت عن لبنان سواء ما أعلنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أو رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، إضافة الى الإجراءات الميدانية التي اعتمدها الجيش فوراً بدءاً من إعلان حالة الاستنفار الى استدعاء كل القوى المشاركة في الجنوب للوقوف على الحدود في مواجهة الاسرائيليين ومنعهم بالنار - عند الضرورة - من التسلل الى الأراضي اللبنانية، وفي هذا السياق اعتبر ما أقدم عليه احد الضباط اللبنانيين عندما شهر سلاحه في وجه جندي اسرائيلي حاول التقدم في اتجاه الاراضي اللبنانية، من ردود الفعل الجديدة على اسرائيل والتي اضطرت ان تحسب لها ألف حساب.

ومع ارتفاع نسبة التأكيد على أن <ملف الأنفاق> في الطريق الى المعالجة بالتنسيق مع الجانب العسكري اللبناني والقيادة الدولية، ظلت التساؤلات مشروعة عما يمكن أن تحدثه اية انتكاسة في الوضع الأمني على طول الحدود، وسط جوار اقليمي ودولي واضح خلاصته أن الوقت غير متاح لـ<ترف> التصعيد الميداني راهناً، وبالتالي ما يمكن أن تحدثه على البنى التحتية اللبنانية في ضوء ما وزعت اسرائيل من تهديدات سبقت الحفر بحثاً عن الأنفاق، حول عملية تدمير ممنهجة وواضحة وإعلامية لوضع المسألة في إطار كسب ود الرأي العام الاسرائيلي الذي بدأ يتعاطف - استناداً الى الأرقام - مع دعوات لوقف السرقة ومكافحة الفساد، وإن كان لا يقر بأي حق لحفر مثل هذه الأنفاق.

حرفية دولية وتعاون لبناني!

وتسجل مصادر رسمية ارتياحها لموقف قائد القوات الدولية في الجنوب الجنرال الايطالي <ستيفانو ديل كول> الذي حرص، منذ تسليمه <الإنذار> الاسرائيلي، على إبلاغ القيادة العسكرية الاسرائيلية بأنه يرغب بعدم الاكتفاء بالتقارير الاسرائيلية حول وجود الأنفاق والمداخل اليها، بل يريد تشكيل بعثة تحقيق ميدانية. وقد تجاوب المسؤولون الاسرائيليون مع طلب الجنرال <ديل كول> الذي توجه على رأس وفد من المسؤولين والخبراء في <اليونيفيل> وكشفوا على أحد الأنفاق ليجدوا أنه يبدأ من الأراضي اللبنانية وصولاً الى الاراضي المحتلة، أي انه يخرق <الخط الأزرق> بمساحة قدّرت بثلاثة أمتار فيما يبلغ طول النفق نحو 30 متراً وعمقه نحو مترين. وتكرر اكتشاف النفق الثاني الذي تجاوز ايضاً <الخط الازرق> الأمر الذي اعتبره قائد الطوارئ انه انتهاك لقرار مجلس الأمن الرقم 1701، فيما بدا الجنرال <ديل كول> راغباً في <معالجة هادئة> لهذا الملف الذي أشار الى أنه <حساس ودقيق>.

وفي وقت أعلن فيه أكثر من مسؤول اسرائيلي الرغبة في <توسيع> مهام <اليونيفيل> لاسيما لجهة دخول الأملاك الخاصة للبنانيين ونزع اسلحة منها، أكدت الأمم المتحدة أن هذا الأمر لا يدخل ضمن التفويض المعطى لـ<اليونيفيل>، منوهة بالتعاون القائم بين القوات الدولية والجيش في رد آخر على ادعاءات اسرائيل بأن الجيش اللبناني لا يسهّل مهمة <اليونيفيل>، علماً أن لبنان ملتزم تطبيق القرار 1701، وهو ما أعلنه الرئيس عون والرئيس الحريري إضافة الى وزير الخارجية جبران باسيل، وكررته السفيرة مدللي في جلسة مجلس الأمن. وأشارت المصادر الدولية الى أن الجنرال <ديل كول> تلقى تأكيدات من الجانب اللبناني بأن إجراءات ميدانية ستتخذ من الجهة اللبنانية للحدود لمعالجة أوضاع الأنفاق عندما يتم العثور على مداخلها.

ومع توقف أعمال الحفر الاسرائيلية وإقفال الحفر التي استحدثتها الآليات الإسرائيلية قبالة الحدود وصب الإسمنت في هذه الأماكن لاسيما في الجهة المقابلة للطريق الداخلية التي تربط بوابة فاطمة بسهل الخيام قرب الجدار الإسمنتي، تم سحب حفارة الآبار التي استخدمت في عمليات الحفر، كذلك توقفت الأعمال قبالة ميس الجبل وبليدا والوزاني، علماً أن الضجة التي احدثتها اسرائيل حول الأنفاق تراجعت حدّتها، لاسيما وأن بعض وسائل الإعلام الاسرائيلية تحدثت عن <استثمار> رئيس الوزراء لهذا الملف لحسابات داخلية.