تفاصيل الخبر

قتل طائر النورس يخالف الاتفاقيات الدولـيـــــة التــــي وقعـهــــا لبـــــنان...

03/02/2017
قتل طائر النورس يخالف الاتفاقيات  الدولـيـــــة التــــي وقعـهــــا لبـــــنان...

قتل طائر النورس يخالف الاتفاقيات الدولـيـــــة التــــي وقعـهــــا لبـــــنان...

 

بقلم وردية بطرس

900x450_uploads,2017,01,14,13bdc33067----B

قتل طائر النورس جريمة أخرى تُضاف الى الجرائم التي ترتكب بحق البيئة في لبنان... فالجميع يعلم ان نسبة تلوث الهواء في لبنان تتخطى النسب العالمية بأشواط، بالإضافة الى مشكلة النفايات التي لم يُوجد لها حل جذري رغم ما تسببه من ضرر على البيئة وصحة الانسان، ولكن اصدار القرار الجائر بقتل طائر النورس بمحيط مطار رفيق الحريري شكل صدمة كبيرة لدى اللبنانيين الذين اعربوا عن غضبهم واستيائهم من القرار الجائر الذي اتخذ بقتل النورس بدل ايجاد حل سريع لمطمر نفايات <الكوستابرافا> الا وهو اغلاق هذا المطمر الذي لم يعد يستوعب كميات النفايات التي ترمى فيه بشكل عشوائي... ولقد أصدر مركز الشرق الأوسط للصيد المستدام في بيان ان الخطأ أصلح بخطيئة في معالجة موضوع مكب النفايات <الكوستابرافا> في محيط مطار رفيق الحريري الدولي، واستهجن الانتقام الجائر من طيور النورس عبر قتلها بصورة بشعة، موجهاً تحية اكبار واحترام لمجموعات الصيادين المحترفين الذين شنوا حملة استنكار كبيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي على خلفية هذه الجريمة التي نفذت بدعم وتغطية من الدولة، مؤكدين بردة فعلهم هذه أنهم صمام الأمان للطبيعة والبيئة بالرغم من الظلم الذي لحق بهم جراء اهمال الدولة تنظيم هوايتهم لمدة 20 عاماً. وأعلن المركز سنة 2017 سنة النورس بصفته شهيد الجهل وكاشف الحقيقة لأنه قتل ظلماً وهو المؤشر الحقيقي لسلامة البحر ونظافته، وان كثرته في هذا الموقع هي فضيحة فشلنا في معالجة النفايات، وهو الذي أعاد ملف الفشل الى الواجهة ليتحرك الناس عن جديد دفاعاً عن صحتهم وصحة أولادهم. واعتبر البيان ان ما يحدث مجرد هروب الى الأمام، وان الحل للقضية يقضي بإقفال مطمر النفايات فوراً لأن طيور النورس محمية بمعاهدات دولية.

ان قتل النورس يخالف اتفاقيتين دوليتين وقع عليهما لبنان وهما: اتفاقية برشلونة لحماية البحر المتوسط، واتفاقية حماية الطيور التي وقع عليها في العام 2002، لكن من يعاقب لبنان لدى اخلاله بهذه الاتفاقيات؟

النورس واسمه العلمي <LARUS> هو أحد الطيور المائية التي تتبع فصيلة النورسية التي تراوح أحجامها ما بين 30 و 75 سنتمتراً ووزنها ما بين 120 و1750 غراماً. وللنورس أجنحة طويلة وعريضة وأذيال مربعة. المنقار والأرجل صفراء عند معظم الفصائل، وتختلف الوان النورس ما بين الأبيض والأسود والبني والرمادي مع تغير الفصول ومع اختلاف عمر الطائر.

وخلال فترة التزاوج تشكل طيور النورس مستعمرات كبيرة بالقرب من المسطحات المائية وتصيح صاخبة. وتستعمل طيور النورس الأعشاب المائية لتبني أعشاشها على الأرض او بين الصخور في المناطق الرملية الصخرية او الجزر او على منحدرات يصعب الوصول اليها بغية توفير الحماية لها ولبيضها من الرياح وبعض الأعداء مثل الغربان والثعالب. وتتغذى طيور النورس على القمامة بشكل رئيسي، فهي تنظف الشواطىء بالتهامها الفضلات، كما انها تتغذى على الأسماك والديدان والحشرات والرخويات المائية وبيوض وصغار الطيور. وهي تملك غدداً متخصصة تمكنها من شرب الماء المالح والعذب من دون ان تصاب بأي ضرر. ويعيش طائر النورس بالقرب من الأجسام المائية الساحلية والداخلية كضفاف البحيرات والمستنقعات والأنهر وشواطىء البحار. وطيور النورس في أشكالها الأربعة عشر الموجودة في لبنان لا تعتبر طريدة صيد، وهي محمية دولياً حسب اتفاقية حماية الطيور المائية الاوراسية - الافريقية.

 

ميرنا شاهين تشرح واقع البيئة

IMG-20170116-WA0041-----A  

فما مدى خطورة قتل النورس الذي يقوم بتنظيف البحر؟ والى اي مدى يهدد ذلك البيئة؟ وما هي الحلول وغيرها من الأسئلة أجابت عنها المهندسة الزراعية الاستاذة ميرنا شاهين المتخصصة في هندسة وتنسيق الحدائق والمستشارة البيئية، وهي ناشطة بيئية في جمعيات عدة نذكر منها: لجنة البيئة في نقابة المهندسين في طرابلس، و<لجنة رعاية البيئة> في لبنان، وهي رئيسة لجنة <رعاية البيئة> في لبنان، الاردن والعراق في <جمعية أندية الليونز الدولية> لعامي 2012 - 2013، وهي كذلك مستشارة ومحاضرة في <الشؤون الزراعية والبيئية> لعامي 2011 - 2012 في <غرفة التجارة والصناعة والزراعة> في طرابلس والشمال، ولها اصدارات شهرية تعنى بشؤون زراعية وبيئية، وصاحبة مكتب هندسي لتنسيق الحدائق في الشمال وبيروت، وقد انتخبت من بين النساء الرائدات في لبنان من أصل 132 سيدة، ولها العديد من الدراسات والمشاريع البيئية بالتعاون مع البلديات في لبنان لاسيما في محافظة الشمال، ومنها برسا الكورة حيث اقيمت اول حديقة لشهداء الجيش اللبناني، وقد قامت بتوزيع الأشجار المتنوعة التي لها منافع عدة على الصعيد البيئي والزراعي لمعظم بلديات لبنان من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال، ونسأل المهندسة الزراعية السيدة ميرنا شاهين:

ــ كونك ناشطة بيئية، كيف تقيمين وضع البيئة في لبنان وما هي أبرز المشاكل البيئية؟

 - لا شك ان هناك مشاكل بيئية عديدة ومنها: أولاً التلوث البيئي الناتج عن انبعاثات السيارات والشاحنات والذي له تأثير كبير على صحة الانسان. ثانياً: زيادة عدد السكان في البلد وعدم توافر وسائل النقل اذ يتم استعمال السيارات بشكل كبير مما يزيد من نسبة تلوث الهواء، وتجدر الاشارة هنا الى انه عالمياً يتم وضع <Catalyseur> في السيارة وهو من شأنه أن يخفف آثار التلوث الذي يصدر عن السيارة، ولكن عندما تصل السيارات الى لبنان يزيلون هذا المحرك الذي يخفف من الانبعاثات وبالتالي تزيد نسبة تلوث الهواء. ثالثاً: عدم زراعة أصناف على الطرقات من الشتول التي تمتص ثاني أوكسيد الكربون من الجو، وبالتالي كل هذه الأمور تؤثر على صحة الانسان والتربة. رابعاً: عدم فلترة دخان المصانع والمعامل الموجودة في المدن لتخفيف التلوث. خامساً: حرق النفايات وتأثيره على صحة الانسان. سادساً: حرق الدواليب وأثره على البيئة وصحة الانسان، ولا ننسى الأسهم النارية وما تسببه من تلوث، وبحسب منظمة الصحة العالمية التي تقوم بدراسة تلوث الهواء فإن نسبة التلوث في لبنان تتخطى النسب العالمية بأشواط.

اذاً كل هذه العوامل تؤثر على الهواء وتزيد من نسبة التلوث، فاذا نظرنا الى نسبة التلوث وما يسببه من أمراض فسيتبين ان الأمر مخيف لأن نسبة الاصابة بمرض السرطان قد ازدادت بسبب تلوث الهواء، ناهيك عن تلوث الطعام الناتج عن استخدام الاسمدة الكيماوية في الزراعة العشوائية، فالتلوث الناتج عن المزروعات أمر مضر بصحة الانسان كما انه ليس هناك توعية كافية لدى المزارعين، فالمفروض ان يُقلل من استخدام المواد الكيماوية التي تستخدم في زراعة الشتول وخصوصاً الخضار، ولهذا نرى ان الاصابة بالسرطان اصبحت اليوم بنسبة عالية ولهذا نقوم بحملات توعية التي تهدف لتوجيه المزارع.

مشاريع لخفض نسبة التلوّث

ــ هل من مشاريع لتخفيف التلوث؟

 - يجب ان نلجأ لزراعة السطوح الخضراء إذ تعتبر زراعة السطوح من التكنولوجيا التي توفر مجموعة من الفوائد الملموسة وغير الملموسة للمجتمعات المهتمة بتحسين وتعزيز بيئة جيدة. وللسطوح الخضراء فوائد عديدة فهي تعمل على تنظيم حرارة المبنى فتقوم بتدفئته خلال الشتاء وتبريده خلال الصيف، كما تساهم في تقليل مياه الأمطار المتسربة من السطوح، ذلك لانها تعمل كاسفنجة ماصة للمياه وفي الوقت نفسه تستفيد النباتات من هذه المياه، كما تقوم السطوح الخضراء بتخفيف نسبة التلوث اذ أنها تعمل كـ<فيلتر> لتنقية الهواء. ومن فوائد السطوح الخضراء قيامها بدور مهم في تقليل الضوضاء والتي تعتبر من أولى مشاكل العصر الحديث خصوصاً في المدن، كما ان للسطوح الخضراء فوائد اقتصادية عديدة فهي تزيد من عمر المباني حيث تعمل كعازل حراري بحجبها أشعة الشمس عن أسطح المباني.

وتتابع قائلة:

- كما نرى في مختلف بلدان العالم كيف تزرع السطوح وتبدو خضراء هكذا نطمح ان تتم زراعة السطوح في لبنان، وطبعاً يجب أن تُجرى دراسة للسطح للتأكد ما اذا كان يحتمل الزراعة، وفي حال كان لا يحتمل ذلك فيمكن زرع الشتول في الأحواض لتخفيف نسبة التلوث، كما باستطاعة السيدات ان يزرعن أنواعاً من الخضار في تلك الأحواض مثل البصل والبندورة والنعناع والحبق والبقدونس والحامض والليمون، فمن جهة تستخدم السيدة تلك الخضروات التي زرعتها بنفسها في الأطعمة التي تحضرها لأفراد الأسرة، ومن جهة أخرى تساعد تلك الشتول والخضراوات في تخفيف نسبة التلوث والغبار. ولا ننسى تلوث المياه الناتج عن رمي النفايات في الأنهر وأحياناً تلتقي المياه بالمجارير، ناهيك عن ري البساتين والحقول بمياه المجارير وما قد يسببه ذلك من تلوث وامراض.

 

الناشطة-البيئية-ميرنا-شاهين---Aقتل النورس ومطمر <الكوستابرافا>

 

ــ نأتي الى مشكلة قتل النورس وما قد يسببه من مشاكل على الصعيد الصحي والبيئي؟

 - ما يحصل في لبنان الآن أمر غير مقبول لأنه بالأساس لا يجب ان يكون هناك مطمر للنفايات بالقرب من المطار، ففي كل دول العالم لا نرى اي مطمر للنفايات بالقرب من المطارات لأن السائح او الزائر ما ان يطأ أرض البلد سينفر من رؤية النفايات ناهيك عن الضرر الصحي الناتج عن ذلك. وما يحصل اليوم في مطمر <الكوستابرافا> أمر غير مقبول. وأولاً، ان  قاضي الأمور المستعجلة في جبل لبنان حسن حمدان كان قد أصدر في نيسان (ابريل) الماضي قراراً باقفال مطمر <الكوستابرافا> ومنع ادخال النفايات اليه بسبب وجود طيور النورس وما تشكله من خطر على الطيران، والجميع كان يدرك ان مطمر <الكوستابرافا> لن يتحمل المزيد من النفايات لأن مساحته لا تسمح بذلك. ثانياً، بما ان هذا القرار قد صدر فيجب ان يُنفذ نظراً للآثار المترتبة سواء على البيئة او السلامة العامة ولا يجب التساهل مع هذا الموضوع. والمفروض ان تشكل كل من وزارة الصحة والبيئة والزراعة والمديرية العامة للطيران يداً واحدة لمعالجة هذه المشكلة واغلاق المطمر لأنه يهدد صحة الناس ويشكل خطراً على السلامة العامة، وتحديداً الطيران مع وجود كميات كبيرة من النورس بسبب تزايد كميات النفايات في المطمر، لأن النورس يتغذى على القمامة وبالتالي تتزايد أعداد النورس وبذلك يشكل خطورة على الطيران ولكن الحل ليس بقتل النورس بل باغلاق المطمر، ويجب الاشارة هنا الى ان هذه المشكلة لا تؤثر على البيئة فحسب بل تشكل كارثة لأنها تؤثر على الطيران، اذ ان هذه النفايات تصدر غاز الميثان مما يؤثر بمرور الوقت على مولدات الطيران ويؤثر بالتالي على البيئة والسلامة العامة.

ــ وما هي برأيك الحلول في ما يتعلق بمطمر <الكوستابرافا> وبهذه الجريمة التي ترتكب بحق الطبيعة من خلال قتل النورس الذي بالأساس يقوم بتنظيف البحر؟

 - كما قلت ان هذا الأمر مرفوض تماماً لأنه يؤثر سلباً على البيئة، كما يجب الاخذ بعين الاعتبار ان دور طائر النورس كبير اذ أنه يأكل الديدان والأسماك الصغيرة وينظف الشواطىء، ولكن اذا ازدادت كميات النفايات فعندئذٍ ستشكل الرواسب مشكلة كبيرة وتؤثر على البيئة والماء وسيقتات منها السمك والطيور، وهذه جريمة أخرى تُضاف الى الجرائم التي ترتكب بحق الطبيعة والأرض والبيئة. اذاً قتل النورس او اخافته بالأصوات ليس هو الحل لأن هذا الطائر ذكي وسيعتاد على الأصوات التي تصدر لإخافته، بل الحل يقضي بإقفال المطمر، ومنع رمي النفايات بالقرب من المطار، والأهم اعادة تدوير النفايات للتخلص من هذه المشكلة البيئية الخطيرة. أيعقل اننا نعيش في عصرنا هذا ولا نقوم بإعادة تدوير النفايات اسوة بكل بلدان العالم؟!

ــ واذا استمر قتل النورس بهذه الطريقة الوحشية، فما هي الآثار السلبية لعدم وجود النورس على شواطىء لبنان؟

 - طبعاً سيشكل ذلك خطورة كبيرة على البيئة في لبنان، فكل مخلوقات الأرض لها فوائد، وكما ذكرت سابقاً النورس من الطيور التي تقوم بتنظيف البحر وهو يأكل الديدان واذا انقرض فسيشكل ذلك تهديداً كبيراً. ولكن يجب الاشارة هنا الى ان قتل الطيور يُسمح به في حال تكاثرت جداً بحيث أصبحت تشكل خطورة على الكرة الأرضية بما فيها سلامة الطيران، وكما نقول بالعامية <الزائد اخ الناقص> فإذا تكاثرت الطيور بشكل زائد فإنها ستغطي الكرة الأرضية. ولكن طبعاً ما شاهدناه على شاشات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي من صور قتل النورس من قبل الصيادين وأبنائهم أمر مؤسف وغير مقبول. أولاً لأن اصطحاب الأولاد الى مثل هذا المكان واطلاق النار على النورس أمر مرفوض تماماً لأن الطفل سيعتاد على فكرة قتل الطيور وكأنه يقوم بعمل عادي وممتع، وهذه بحد ذاتها مشكلة اخرى تُضاف الى المشاكل التي ذكرناها، ولهذا يجب ان تكون هناك حملات توعية بهذا الخصوص. وثانياً، نعود ونكرر ان اقفال مطمر <الكوستابرافا> هو الحل وليس قتل النورس بهذه الطريقة الخطأ.

وختمت قائلة:

- يجب ان نعلّم أبناءنا على حب الطبيعة والحفاظ على البيئة، لأن البيئة هي الحياة وهي تشمل عناصر الحياة الخمسة: التربة - المياه - الثروة الحيوانية - الهواء - والانسان. وعلينا ان نحافظ على البيئة بدل ان ندمرها اذ ان الانسان هو الذي يدمر الطبيعة بيده، فمنذ خمسين عاماً لم نكن نتحدث عن الاحتباس الحراري وغيرها من المشاكل البيئية، ولكن في يومنا هذا اصبحنا ندرك المخاطر البيئية ونتحدث عنها لتلافيها قبل فوات الآون. وكما ذكرت ان هذه العناصر الخمسة مهمة واي خلل فيها يؤثر على الارض والطبيعة وستكون النتائج وخيمة ولن يقدر الانسان ان يعيش على هذه الأرض. لذا، المطلوب التحرك بسرعة وإقفال مطمر <الكوستابرافا> وإنقاذ النورس الذي يقوم بتنظيف البحر، إذ لا يجوز حل الخطأ بخطأ أكبر.