تفاصيل الخبر

قطب هيئة التنسيق النقابية ورئيس أساتذة التعليم الثانوي حنا غريب: لسنا أولاد جارية ومن حقنا أن نحصل على الزيادة ذاتها التي نالها الأساتذة الجامعيون والقضاة!

16/05/2014
قطب هيئة التنسيق النقابية ورئيس أساتذة التعليم الثانوي حنا غريب:  لسنا أولاد جارية ومن حقنا أن نحصل على الزيادة ذاتها التي نالها الأساتذة الجامعيون والقضاة!

قطب هيئة التنسيق النقابية ورئيس أساتذة التعليم الثانوي حنا غريب: لسنا أولاد جارية ومن حقنا أن نحصل على الزيادة ذاتها التي نالها الأساتذة الجامعيون والقضاة!

 5-(9)سلسلة الرتب والرواتب تجرجر أذيالها منذ أكثر من سنتين وتنتقل بين مجلس الوزراء واللجان النيابية في مجلس النواب الى اللجان الفرعية لتحط رحالها مجدداً في الهيئة العامة، بعدما سبق أن حركت الشارع عبر الإضرابات والاعتصامات والتظاهرات التي دعت إليها هيئة التنسيق النقابية، ما يهدد العام الدراسي بالضياع بعد تهديد الهيئة بالإضراب المفتوح ومقاطعة الامتحانات الرسمية وإعلان العصيان المدني. فما قصة السلسلة وأين العقدة فيها، ولماذا لا يعطى أصحابها ما يطالبون به من حقوق؟!

<الأفكار> التقت عضو هيئة التنسيق النقابية رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي حنا غريب داخل مقر الرابطة قرب قصر الأونيسكو عشية اجتماع المجلس للنظر في مشروع السلسلة وحاورته في هذا الخضم المتلاطم  بدءاً من السؤال:

ــ مأزق السلسلة ناتج كما يقال عن تكبيركم حجر المطالبة بزيادات لا تستطيع المالية العامة تحملها ولا الاقتصاد وتنعكس سلباً عليه وترفع الأسعار. ما هو ردّك هنا؟

- نحن في الحقيقة لم نكبّر الحجر، ومن كبره هو التضخم الحاصل منذ العام 1996 حيث بلغ 121 بالمئة، والقانون يقول انه من المفروض ان تعمد الدولة كل سنتين وحسب نسبة التضخم الى زيادة الرواتب، لكن الدولة لم تفعل ذلك ولم تعدل السلم المتحرك للأجور، بل وحده السلم المتحرك للأسعار هو القائم عملياً، ولذلك تراكمت المشكلة منذ ذلك الوقت. ونحن كنا نتحرك ونحصل على <اذن الجمل> من الحقوق، حيث تحركنا عام 2008 فأعطونا زيادة تصل الى 200 ألف ليرة. ثم تحرّك الاتحاد العمالي العام عام 2012 وأصرّ على زيادة 120 بالمئة بما يتناسب مع نسبة التضخم، فسرنا معه، لكنه أجرى اتفاقاً على ظهرنا وحصّل ما نسبته 200 الى 300 ألف ليرة كزيادتين، وذلك يوم 1 شباط (فبراير) عام 2012، لكن قيمة هاتين الزيادتين بالنسبة للأساتذة والمعلمين بشكل عام تصل الى حدود 55 بالمئة من الحقوق، وبالتالي فالخسارة تصل الى 65 بالمئة. هذا بالنسبة للبداية، لكن بالنسبة للنهاية أي بعد أربعين سنة من الخدمة ينقصنا ما نسبته 85 بالمئة بسبب إنزال نسبة الدرجة وقيمتها، وبالتالي خسرنا من فوق 65 بالمئة ومن تحت 85 بالمئة، وبالتالي الكلام عن ارتفاع معاش الأساتذة والمعلمين بنسب كبيرة غير صحيح، وإنما يصبح معاش المعلم 4 ملايين ليرة بعد 40 سنة من الخدمة، أي عام 2054 وهذا عدوان فعليّ علينا.

ــ هل صحيح أن أساتذة التعليم الثانوي يطالبون ان تصبح معاشاتهم كمعاشات الأساتذة الجامعيين والقضاة؟

 

- هذا غير صحيح، لأن نسبة الزيادة التي نالها الأساتذة الجامعيون والقضاة هي 120 بالمئة، ونحن نطالب بهذه النسبة لكي نحافظ على مركزها، لاسيما وان السلسلة مترابطة، وليس هذا معناه أن المعاشات تصبح متساوية للجميع، ولأن السلسلة واحدة فالراتب هو للوظيفة وليس للموظف كمبدأ قانوني. وهناك فروقات بين المراكز، وبالتالي نطالب بالنسبة فقط لغلاء المعيشة، إذ لا يعقل أن ينال الأستاذ الجامعي أو القاضي نسبة 120 بالمئة كغلاء معيشة والأستاذ الثانوي نسبة 50 بالمئة وهناك مثلاً بين الفئة الرابعة والخامسة 6 درجات ومن المفترض أن تبقى الفروقات بين الفئات ولا تحدث هوات واسعة بين الوظائف، علماً أن هناك 54 درجة اليوم بين أساتذة التعليم الثانوي وبين الأساتذة الجامعيين والقضاة،أي 108 سنوات، وهذا ظلم لأنه من المفروض مبدئياً أن تكون هناك 6 درجات فقط، وبالتالي إذا اشترطنا أن يكون الأستاذ الثانوي من حملة الماجستير <أم د> لرفع مستوى الأعداد من الإجازة الى الماجستير، فهذا معناه ان الأستاذ يلزمه بين سنة وسنتين فقط ليحمل شهادة الدكتوراه، ولا يعقل بالتالي أن يكون الفارق بينه وبين الأستاذ الجامعي 54 درجة. وهذا يعني أن لا أحد يأتي الى التعليم الثانوي بهذه الرواتب ما يساهم في انهياره وهو الذي يقدم نوعية تعليم معقولة.

الالتفاف على الحقوق

ــ هل كان الخطأ يوم تبنت حكومة الرئيس ميقاتي المشروع دون أن يحسب التكلفة المتوجبة عليه أم ماذا؟

55-(15)

- لا بالعكس، فالمبدأ أن يحصل تصحيح للرواتب لأن التضخم 121 بالمئة ولكنهم حاولوا الالتفاف على الحقوق، ونحن قلنا ان الخطأ كان يوم أعطي القضاة والأساتذة الجامعيين نسبة 120 في المئة، وهذا من دون أن يعطوا للموظفين الآخرين النسبة ذاتها، ونحن كنا نطالب بما حققه الاتحاد العمالي عام 2012 كزيادة تصل الى 300 ألف ليرة، فإذا بنا نكتشف أنهم أعطوا القضاة والأساتذة الجامعيين نسبة 120 بالمئة، مما دفعنا للتحرك حفاظاً على السلسلة وعلى مواقفنا وفرضت علينا بالتالي المعركة فرضاً وبدأنا نطالب بنسبة 120 بالمئة وقلنا إننا حصلنا على 55 بالمئة ونريد أن يكملوا لنا الباقي، وإلا لو أعطي الأساتذة الجامعيون والقضاة نسبة 60 بالمئة مثلاً كنا وافقنا على هذه الزيادة أسوة بهم، لكن التمييز لا يجوز حتى ان المدير العام وهو أعلى رتبة من الأستاذ الجامعي والقاضي وأيضاً أجهزة الرقابة الأعلى في الوظائف الإدارية ينالون رواتب أدنى منهم، وأصبح من هو فوق تحت، ومن هو تحت فوق.

ــ ما هو الفارق بين المشروع الذي أقرته الحكومة وأرسلته الىالمجلس الذي عارضه وبين مشروع اللجنة الفرعية خاصة وانكم أرسلتم  ملاحظاتكم للرئيس نبيه بري بهذا الخصوص؟

- كل مشروع أسوأ من الآخر ولا تجوز المقارنة لأن الحقوق غير مؤمنة في أي مشروع. فأولاً نحن أصحاب حق ولا بد من الاعتراف بذلك كما حصل مع الآخرين، وثانياً العمل على إعطائنا هذه الحقوق.

ــ وإذا كانت حجة الدولة انها مفلسة ولا تقدر على تسديد كلفة السلسلة في ظل هذه الأوضاع إلا عبر الضرائب؟

- هذه ليست حجة بل إدانة، فنحن لا نريد فرض ضرائب على الفقراء، واللجنة النيابية تريد أن توقع الخصام بيننا وبين الناس لتمويل السلسلة من جيوبهم وتحصيل مبلغ 1742مليار هي قيمة التكلفة بل تريد أن يوقفوا الهدر والصفقات والنهب والقيام بإصلاح شامل، ومن خلال الوفر الحاصل يتم تمويل السلسلة، لكنهم لا يسمعون ويصرون على رفع الضريبة على القيمة المضافة وهي تطاول كل الناس وكذلك وضعوا ضريبة على فواتير الهاتف بنسبة 1500 ليرة وغيرها، وهذا لا يجوز بل يجب التركيز على أماكن النهب والسرقة وأرباح المصارف. فالدولة لا تريد الإصلاح بل تعمد الى اجتياح الوظيفة العامة وتفكيك الدولة وهذا موضوع أبعد من السلسلة، ويصل الى البنيان الوطني حتى انهم احتجوا على الرئيس نبيه بري لأنه أعطانا نسخة عن المشروع، وهم يريدون تمريره في العتمة.. فهل هي لصوصية للقيام بهذا العمل سراً في الليل؟

الهيئة متماسكة

ــ طالما ان هيئة التنسيق تمثل كل الاطراف السياسية، ألا يفترض أن يكون هناك موقف ضد الكتل التي صوّتت ضدكم؟

- نحن أولاً هيئات نقابية تمثل الأساتذة والمعلمين والإداريين وتضم الهيئة كل المكونات السياسية وإذا كان النواب قد وقفوا ضدنا بشبه إجماع، فنحن بإجماع نصر على حقوقنا، وسبق لبعض الزملاء أن اتخذوا موقفاً من الكتل النيابية والتيارات التي يمثلونها والتي وقفت ضدنا، والبعض الآخر <على الطريق> وهؤلاء في النهاية يتحملون مسؤولية وعلى كل حال، فأهمية ما تقوم به أن يصطف الناس مع حقوقنا ليس من منطلق حزبي أو طائفي أو مذهبي، لكن للأسف لم يصل الأمر الى المستوى المطلوب، وبالأمس حذر أحد أعضاء اللجنة من أن تأخذ الأمور منحى طبقياً (جورج عدوان) حرصاً على ألا تتفكك الأحزاب الطائفية والمذهبية.

ــ هل العلة أساساً في نظامنا الطائفي الذي يورث كل هذه المشاكل؟

- أكيد، فنظام الهدر والفساد هو نظام محاصصة طائفية ومذهبية، وما نقوم به هو رفع مستوى الوعي عند الناس بعدما سبق لأهل هذا النظام أن صادروا الحركة النقابية ووضعوا يدهم عليها.

ــ كيف تفسرون قيام الاتحاد العمالي بإعلان التظاهر يوم الأول من أيار/ مايو ودخوله على الخط. وهل الأمر مرتبط بهيئة التنسيق التي أصبحت ضمير الناس والخوف على نفسه بعدما أصبحتم البديل عنه عملياً؟

- لسنا البديل عنه، بل نحن نملأ الفراغ النقابي في البلد، فمن حق الاتحاد العمالي أن يتحرك وسبق أن فعل، وعليه أن يتحرك لرفع الظلم عن القطاع الخاص خاصة لاسيما ان الأسعار زادت بين 2012 و2013 بنسبة 10 بالمئة لما فيه مصلحة الأجراء والعمال، ولكي يؤمن التغطية الصحية للناس، لاسيما وأن 50 بالمئة من الشعب اللبناني بدون تغطية صحية.. فأنا مسؤول عن رابطة الأساتذة وتضم 6 آلاف أستاذ وأستاذة، فهل من المعقول أن أصبح مسؤولاً عن كل الناس؟ فهـــــــذا أمر غير طبيعي. لا بــــــد أن يوجد من يطرح الأمور كما هي وهيئــــــة التنسيق هي ضمير وصوت الشعب ويجب على الناس أن تلتف حولها وكذلك وسائل الإعلام.

SAM_5198

ــ من حق الناس ايضاً أن لا تفرض الضرائب عليهم بسبب السلسلة خاصة وأن اساتذة التعليم الخاص مشمولون بالسلسلة، في وقت تهدد المدارس الخاصة برفع الأقساط إذا أقرت السلسلة. فهل يجوز أن يكون المواطن هو الضحية؟

- طبعاً لا.. فالطفل يجب ألا يدفع قسطاً لأن حقه بالتعلّم مكفول في شرعة حقوق الانسان في كل دول العالم، ولكن عندنا لا يضمن الدستور اللبناني هذا الحق للطفل، وكذلك حقه في تكافؤ الفرص، إذ لا يجوز إجراء فرز بين الأطفال حسب الفئات الاجتماعية وتحويل المدارس الى أوتيلات خمسة نجوم وأربعة نجوم ونجمتين وأن يكون التعليم الرسمي فقيراً، فالدولة مسؤولة عن التعليم. والقانون ينص على أن المدرسة الخاصة تستقبل الطفل في عمر الثلاث سنوات، والمدرسة الرسمية تستقبله في عمر الأربع سنوات، وأسبقية السنة للمدرسة الخاصة معناها جمع كل الأطفال، ومرحلة الروضة تضعها الدولة من حيث طاقتها الاستيعابية، بحيث لا توسع هذه المرحلة ولا تعد معلمين ومعلمات من خريجي كلية التربية، علماً أن الدولة تدفع للدكاترة لتخريج الأساتذة والمعلمين للحضانة، ولكن التعليم الخاص يستوعبهم لأنها تريد أن تبقى هذه المرحلة ضعيفة بضغط من أصحاب المدارس الخاصة. أضف الى ذلك أنهم لا يوسعونها ويقيمون مراحل متعددة ويؤمنون التجهيزات لها، وكل ذلك لضرب التعليم الرسمي من أساسه لصالح التعليم الخاص حتى ان مشروع السلسلة يتضمن بنداً عن رصد 56 مليار ليرة للمدارس الخاصة المجانية ومرحلة الروضة. فلماذا لا يذهب هذا المبلغ لتوسيع مرحلة الروضة في المدرسة الرسمية؟!

ــ صحيح لكن الدولة مسؤولة عن التعليم الرسمي وليس الخاص؟

- هم عمدوا الى ضرب التعليم الرسمي لصالح التعليم الخاص. فبعد أن  كان اليسار ينهض بالتعليم الرسمي تحت الضغط ولكن عندما ضعف اليسار ضعف التعليم الرسمي وضعفت الجامعة اللبنانية.

ــ في الماضي كان الطالب المجتهد هو من يدخل المدارس الرسمية بعد إجراء اختبار، لكن اليوم أصبح التلميذ الكسول هو من تضمه المدرسة الرسمية، واختلفت الآية بسبب تقهقر المدرسة الرسمية. أليس هذا صحيحاً؟

- مئة بالمئة، كانت هناك حصانة للموظف الذي يأتي بالكفاءة، وبالتالي كما اليوم يأتي بالواسطة فقد ضربت حصانة الموظف عن طريق التعيين بالتعاقد وعبر الواسطة وأصبح هناك جيل كامل بعدما أغلقوا المباراة المفتوحة في مجلس الخدمة المدنية وكلية التربية كدور لتحضير الأساتذة وإعدادهم وكذلك أغلقوا دار المعلمين كدور لإعداد المعلمين في التعليم الأساسي، وصار معيار الدخول الى الوظائف عبر الواسطة السياسية، وبالتالي الزعيم الطائفي أصبح هو المفتاح وسلبت الحصانة الوظيفية من قبل السياسيين وضربت الوظيفة، لأن السياسة العامة اعتمدت ضرب القطاع العام وتفكيكه لما فيه القطاع الخاص.

ــ يعني الخصخصة دون إعلان؟

- التعليم مخصخص من زمن بعيد وأصبح ما نسبته ثلث الى ثلثين، وما نراه هو اثمان سياسات الخصخصة والتعاقد الوظيفي.

ــ بعدما أقر المشروع في مجلس النواب، فهل سترضخون للواقع، أم سترفعون من سقف التحرك نحو مقاطعة الامتحانات وإعلان العصيان المدني كما صرّحت؟

- هذا المشروع يقرونه للناس، لكن كل الناس لا يريدونه، فهل هو استفزاز لنا وللناس؟! فلا الإداريون موافقون ولا الأساتذة ولا المعلمون موافقون ولا المتعاقدون والأجراء، إضافة الى ان الإصلاح الحقيقي غير موجود والتوظيف أوقف لسنتين، وهناك زيادة لساعات العمل. فكيف سيمر المشروع وهو تحدٍ للناس واستفزاز لهم؟ فنحن لا نتحمل المسؤولية وهم سرقونا وسرقوا الناس وفرضوا عليهم الضرائب. فهذه سرقة موصوفة وقرصنة، وليس لدينا خيار إلا أن نرفض هذا الواقع ونواجهه على أن يتحمل الناس المسؤولية معنا ويواجهوا هذه السلطة، وكذلك الأحزاب والقوى السياسية لا بد أن تتحمل مسؤوليتها وأن تدل على اللص بالإصبع.. لقد أصبح من المفروض أن يدل عليه بالإصبع.

ــ منذ الآن فقط؟

- صحيح، كان يجب أن يحصل هذا من زمن بعيد.

ــ ومصير العام الدراسي؟

- مصير البلد كله على المحك.. فالبلد يسير من سيئ الى أسوأ خاصة وان النواب لا يفعلون شيئاً.. فهم لم ينتخبوا رئيساً للجمهورية ولم يعطوا الحقوق للناس، ولم ينجزوا قانون الانتخاب، فهل المجلس شاطر فقط في ان يجتمع خلال عشر دقائق ويجدد لنفسه؟! فالقضية أصبحت وطنية ولم تعد مسألة سلسلة رتب ورواتب..

5-(10)

- السرقة في كل مكان وليس في مكان واحد، ومن يسرق الراتب يسرق سقف البيت خاصة وأن المشترع هو ذاته والطبقة هي ذاتها، ومشكلتنا أن يعي الناس خصمهم الذي يسرقهم، فهو واحد: من يسرقني في البيت وفي الوظيفة وهو ذاته.ــ بعض الموظفين يقولون انهم لا يريدون زيادة على الرواتب شرط أن توقفوا قانون الإيجارات الذي يهجر آلاف العائلات. فهل هذه معادلة صحيحة؟

ــ هل من الممكن الموافقة على حل وسط؟

- لا.. لسبب بسيط وهو أن الوضع الوظيفي لا يقبل بالحلول الوسط..  فالدولة ارتكبت خطأ عندما أعطت نسبة 120 بالمئة للقضاة والأساتذة الجامعيين ولا بد للدولة أن تعامل أولادها بالعين ذاتها، وألا  تعاملهم كأولاد ست وأولاد جارية، ونحن لا نقبل أن نكون أبناء جارية ولا نقبل بالحل الوسط..

أربعاء الغضب

لم تكتفِ هيئة التنسيق النقابية بالإضراب العام الذي استمر لأسبوع وأقفلت معه المدارس والثانويات الرسمية والإدارات العامة والبلديات، بل توجت كل هذه الاحتجاجات بيوم الغضب بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس النواب لدرس مشروعي سلسلة الرتب والرواتب يوم الأربعاء الماضي، حيث احتشد الآلاف من الأساتذة والموظفين والمتعاقدين والأجراء وغيرهم، وتوجهوا بمسيرة حاشدة هي الأكبر منذ سنوات ملأت شوارع وسط بيروت نحو ساحة رياض الصلح قبالة البرلمان في ظل حضور أمني كثيف للجيش وقوى الأمن ومكافحة الشغب لمنع وصول التظاهرة الى مبنى المجلس، وسط هتافات تدعو الى ثورة اجتماعية لإحقاق الحق، ما يذكر بتظاهرات أيام زمان يوم كانت الحركة العمالية والطالبية اليسارية تملأ الشوارع بجماهير الشعب اللبناني وتسيّر تظاهرات مطلبية أو وطنية عروبية، الأمر الذي أعاد الاعتبار الى الحركة المطلبية ممثلة هذه المرة بهيئة التنسيق النقابية التي كما قال عضوها ورئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي حنا غريب ملأت الفراغ النقابي الحاصل بعد مصادرة الاتحاد العمالي وتلكؤ الأحزاب عن أن تكون صوت الشعب، بعد تحويلها الى أحزاب طائفية ومذهبية تناست هموم الطبقة الشعبية الفقيرة، لا بل تآمرت عليها أكثر من مرة سواء في مجلس الوزراء أو في مجلس النواب، وأكبر دليل ان نواب الأمة أقروا قانون الإيجارات الظالم بمادة وحيدة ولم يكلفوا أنفسهم عناء مناقشته مادة مادة، الأمر الذي يضع آلاف العائلات في الشارع ويهجرهم من بيوتهم، فيما غاب الاتحاد العمالي العام عن السمع واكتفى بتظاهرة (الأول من أيار/ مايو) يوم عيد العمال.

وحمل المتظاهرون لافتات دعت الى تمويل سلسلة الرتب والرواتب من الأملاك البحرية والنهرية والمصارف ومصادر الهدر والفساد في المرفأ والمطار، ودعوا الى تثبيت الأجراء والمتعاقدين والمياومين بحسب الخبرة والفئات الوظيفية، وشددوا على عدم المس بالحقوق وعدم تجزئتها وخفضها وتقسيطها، أو فرض ضرائب جديدة على الطبقة الشعبية من الـ T V A أو رفع تسعيرة الهاتف وما شابه، وهتفوا متوعدين بثورة مليونية شعبية واجتماعية، داعين النواب لعدم الخضوع للهيئات الاقتصادية والوقوف الى جانب شعبهم وعدم بيعه، فيما دعت هيئة التنسيق الى إقرار الحقوق وحدّها الأدنى 121 بالمئة على أساس رواتب 1996 و1998 والحفاظ على الحقوق المكتسبة لجميع القطاعات الوظيفية وحفظ خصوصية كل قطاع منها وفتح باب التوظيف وإلغاء التعاقد الوظيفي ورفض أي ضرائب على الفقراء واصحاب الدخل المحدود، وحملت الهيئة النواب مسؤولية عدم إجراء الامتحانات الرسمية في موعدها المحدد ما لم يقروا مطالب المعلمين والأساتذة وباقي القطاعات..

وعلى وقع النشيد الوطني، هتف المتظاهرون: حسّوا معنا يا نواب بكرا جاييكم الحساب يوم الانتخاب، إسمع وافهم يا نايب هالشعب عم يطالب، سلسلة بدنا بكرا، اسمع منا شي مرة، مطلبنا واحد بسيط 121 بالمئة، لا خفض ولا تقسيط ما منقبل أي تعديل ولا أي تأجيل، امشِ بطريق هيئة التنسيق بكرا الطوفان الزلزال البركان، قل للنائب بكرا بدو يشوف عشرات الألوف...

وفيما أعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي ترأس اجتماع الهيئة العامة لدرس مشروعي السلسلة رفضه الكلام الذي صدر عن حنا غريب بحق النواب وقال: إن المجلس لا يشرع تحت الضغط،

5-(3)

أوفد وزير التربية الياس بو صعب الى ساحة رياض الصلح لإبلاغ قادة التظاهرة وأركان هيئة التنسيق هذا الكلام وهدد بتقديم دعوى بحق غريب.

وخلال الاعتصام أمام المجلس أشار غريب الى انه وصف حيتان المال بالحرامية ولم يصف النواب بهذه الصفة بما يشبه الاعتذار، وقال: <نحن صامدون الى حين إقرار سلسلة الرتب ونطالب المجلس بسماع أصواتنا بإسقاط مشروع اللجنة النيابية الفرعية لأنه ينقض على الحقوق ويضربها، ولن نتزحزح عن حقوقنا ونريد السلسلة كاملة وزحفنا اليوم لنسقط هذا المشروع المسخ>.

من ناحيته، توجه رئيس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض الى النواب بالقول انه يجب أن تقر السلسلة لتحصلوا على جزء من ثقة الشعب لأنه فقد الثقة بكم كلياً، وقال: <مددتم لأنفسكم في مدة 10 دقائق، فيما أنتم تدرسون السلسلة منذ 3 سنوات وهي يجب أن تقر>، موضحاً أن الإيرادات موجودة لكن الفساد مستشرٍ في الجمارك والمرفأ والأملاك البحرية والكهرباء والاتصالات ومجلس الوزراء، رافضاً أن يسمح لأحد بضرب العمل النقابي، مهدداً بالبقاء في ساحة رياض  الصلح الى حين إقرار السلسلة.

بدوره أوضح رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة محمود حيدر بأننا أصحاب حق ولن نتخلى عن حقوقنا وكفى تهويلاً، مشيراً الى أن اليوم هو الامتحان الكبير ونطالب بزيادة 130 بالمئة وليس 121 بالمئة، رافضاً أن يكون إقرار السلسلة على حساب الفقراء وذوي الدخل المحدود، إنما من خلال تغيير النظام الضريبي، كاشفاً عن الاتجاه الى الإضراب المفتوح إذا لم يتم إقرار السلسلة.