تفاصيل الخبر

قـطـــــار الـتـألـيـــف علـــى سـكـــــة الـتـنــــــازلات!

09/08/2018
قـطـــــار الـتـألـيـــف علـــى  سـكـــــة الـتـنــــــازلات!

قـطـــــار الـتـألـيـــف علـــى سـكـــــة الـتـنــــــازلات!

بقلم علي الحسيني

لم يُترجم حتى الساعة التفاؤل الذي عاشه اللبنانيون في موضوع تأليف الحكومة بعد اللقاء الأول الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالرئيس المكلف سعد الحريري واللقاء الأبرز الذي جمع بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل برعاية نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي،إنما بقيت الأمور تراوح مكانها من دون حتى تحديد موعد افتراضي للخروج برؤية سياسية موحدة لمواجهة التحديات الاقتصادية والأزمات السياسية التي بدأت تأكل ما تبقّى من رصيد ما اختزنه لبنان منذ بداية العهد الحالي إلى حين <نكبة> الانتخابات وقانونها <المسخ>.

 

إيجابية مُعقدة!

هي أجواء إيجابية ترافق الزيارات التي يقوم بها السياسيون لقصر بعبدا، فكيف إذا كانت الزيارة للرئيس سعد الحريري الذي يبدو أن تصوره في عملية تأليف الحكومة المنتظرة، لم يرتق بعد إلى مرحلة القبول عند بعض الاطراف خصوصاً المسيحية. أمّا بالنسبة إلى ما يُسمّى بالعقدة الدرزية، فهي أصلاً غائبة عن البحث في ما يتعلق بإيجاد المخارج اللازمة لحلها كونها متعلقة أو عالقة بشكل مباشر بين رئيس الجمهورية الذي يُصرّ على توزير النائب طلال إرسلان، وبين رئيس الحزب <التقدمي الإشتراكي> وليد جنبلاط الذي يرفض التراجع قيد أنملة عن أن تكون الحصّة الدرزية أي ثلاثة وزراء من حقه حصراً. وعلى خط التعقيدات هذه تغيب محاولات تدوير الزوايا والبحث عن مخارج توافقية وكأنها لعبة <عضّ الأصابع> بانتظار من يصرخ أوّلاً.

أمّا بالنسبة الى العقدة المسيحية، فهناك رأي وحيد لدى <التيار الوطني الحر> يقول: لسنا مسؤولين عن التأليف، ولا عن حل العقد، فتلك مهام رئيس الحكومة المكلّف. فلماذا يرمي الكرة في ملعبنا؟ وعن زيارة باسيل المرتقبة الى بيت الوسط، يُجمع <التيار> على أن لا جديد في شأن التشكيلة، يحتّم الزيارة الآن والتي يُمكن أن تتم في أي لحظة إذا ما رفعنا مسؤولية التأليف عن <التيار> ورئيسه. ووسط هذا الزحام غير المنتج، راح البعض يفرد توقعاته على طاولات البحث ليتكهن بأن الحريري سيقوم قريباً بخطوة إيجابية تدفع بالحكومة الى الولادة، وقد تكون على حساب حصّة تيّار <المستقبل>. وهنا ربما الجميع تنبّه، إلى أن كل هذا التعطيل سببه القانون الانتخابي الذي وضع البلد على صفيح المواجهات الساخنة التي بدأ غليانها يظهر بين الطوائف وداخل المذهب الواحد، كل هذا والساسة نائمون على <حرير> يحصدون نتائج <زرعهم> رواتب وامتيازات في وقت يئن فيه المواطن تحت وطأة العوز والفقر حيث يعجز عن دفع تكاليف الحياة من طبابة وتعليم ودواء و<كهرباء> ومياه...

 

طرح لم يمر واتفاق <ثلاثي!

على خط تعبيد الطرق الذي يحاول الرئيس الحريري من خلال مسعاه مع فريق عمله فتحها بكل الإتجاهات ليتسنى له تمرير رؤيته الحكومية بأمن وسلام باتجاه بعبدا، تشير المصادر إلى أن الحريري أبلغ سيد بعبدا خلال الأيام الفائتة بـ<تنازلين> تمكن من الحصول عليهما من القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، الاول مرتبط بموافقة رئيس <القوات> سمير جعجع بالحصول على 4 وزارات بدل الـ 5، اما الثاني فهو موافقة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالحصول على حقيبتين وزاريتين ووزارة دولة. ويكشف البعض أن ردة فعل الرئيس ميشال عون تجاه ما حمله الحريري جاءت على الشكل الآتي: اذا كنت تعتبر أن التنازلات ترضي الآخرين، فشكّل حكومتك واذهب بها الى المجلس النيابي كي تنال الثقة، لكن الحقيقة ان طرح الحريري أو <التنازلات> التي حصل عليها أو تم إبلاغه بها، لم يستسغها الثنائي الشيعي الذي رأى فيها <كميناً> مُعلّباً يُراد من خلاله الالتفاف على التوازنات السياسية بشكل دبلوماسي.

في السياق ذاته، تشير المصادر المقربة من <الثنائي الشيعي> الى ان الطرح الحريري الأخير يعني حصول الثلاثي جعجع - جنبلاط - الحريري على 13 وزيراً أي ما ما يفوق الثلث المعطل من خلال اعطاء <المستقبل> 6 وزراء، <القوات> 4 والاشتراكي 3، لافتة الى ان هذه الصيغة تعني للفرقاء الآخرين وبالتحديد لـ<الثنائي الشيعي> والتيار الوطني الحر خسارة مُسبقة داخل مجلس الوزراء، فيما المطلوب ان تكون الحكومة الجديدة انعكاساً لانتصارات المحور في المنطقة وسوريا بالتحديد. وتضيف المصادر: في حال كان هناك اصرار على المضي بطرح صيغ مماثلة فلن يكون مستبعداً ان يوقع الرئيس عون احدى التشكيلات

ليذهب بها الحريري الى المجلس النيابي فيتم اسقاطها هناك.

وفي مقلب آخر، طرح فكرة حكومة أكثرية، حدد الحريري خياره النهائي بكلام بعد اجتماعِ كتلة <المستقبل> انه يرفض حكومةَ الأكثرية وأنه رئيس جاء بمئة واثني عشر صوتاً لينجز حكومةَ وفاق وطني. وأبلغ الحريري كتلتَه والصحافيين استحالةَ زيارتِه لسوريا حتى ولو انقلبت كل المعادلة في المنطقة. وكلام الحريري هذا، أعقبه كلام منسوب إلى زواِر رئيسِ الجمهورية يقول فيه عون إن الواقع اللبنانيَّ والمصلحةَ الوطنيةَ لا بد أن يُبدلا في رأيِ الرئيس الحريري>. والأبرز ما حصل على خط التأليف بحسب ما أكدته مصادر لـ<الأفكار>، أن ثمة اتفاقاً <ثلاثياً> بين الرؤساء الثلاثة، على ضرورة تفعيل العمل وتذليل العقبات من أجل الخروج برؤية واضحة حول نوعية التشكيلة الحكومية والاتفاق على مسودة بيان وزاري ينال قبول الأكثرية، وذلك في غضون أقل من شهر.

زوّار بعبدا: هي حكومة ثلاثينية!

بالنسبة الى زوّار القصر الجمهوري خلال الأيام الماضية، معظمهم لم يخرج بتفاؤل يوحي بإخراج ملف التشكيل من عنق الزجاجة خلال الفترة المقبلة، بل على العكس فهم يعتبرون ان أحد أبرز المعوقات الذي يؤخر ولادة الحكومة، هو التفاؤل الذي تُبديه الأطراف المعنية بشكل مباشر بهذا التأليف، إذ إنهم ومن خلال رميهم الكرة في ملعب الآخرين، ينزعون عن أنفسهم مسؤولية العرقلة ويخرجون بتصريحات إيجابية ليوهموا جمهورهم أنهم يبذلون قصارى جهدهم في عملية التأليف. ويشير الزوار إلى أن المساعي والاتصالات حول تشكيل الحكومة لم تتوقف خلال الأيام الفائتة بل تعثرت لأسباب بات يعلمها الجميع، لكن الفترة المقبلة يمكن أن تحمل تطورات إيجابية يُمكن أن تراعي في الاعتبار رغبة الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري في إنهاء هذا الملف وتشكيل الحكومة وفق المعايير التي تم الاتفاق عليها بينهما.

وبرأي الزوار، فإن سبب التعثر هو مطالب الكتل وبعض الشروط التي أطلقتها في وجه الرئيس المكلّف، لكن الامور ستأخذ منحى أفضل، وزخم الاتصالات سيعود خلال الساعات المقبلة وفقاً لمبدأ <الصيغ والبدائل>، بمعنى أن الرئيس الحريري حين التقى الرئيس عون منذ أيام، طرح أكثر من صيغة والبدائل عن هذه الصيغ، وما سيجري في الساعات والأيام المقبلة هو تكثيف الاتصالات حول هذه البدائل لأن المشكلة ليست من سيتمثل في الحكومة، بل في العدد الذي ستتمثل فيه الكتل في الحكومة والأحجام التي تطلبها، لذلك يجب وضع معيار واحد للجميع سواء أكان حليفاً أو خصماً. كما لا يستبعد الزوار أن يُكثف الرئيس الحريري زياراته الى قصر بعبدا خلال هذه الفترة ليعرض في كل مرة على رئيس الجمهورية ما توصلت إليه مشاوراته مع الكتل، أو لتقديم صيغة حكومة لرئيس الجمهورية، أو أن يلتقي وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل في <بيت الوسط>، ويؤكدون أن هدف الرئيس عون هو المساعدة في عملية التشكيل وتسريع ولادة الحكومة التي ستكون حتماً ثلاثينية وليس أقل أو أكثر.

 

آلان عون لـ<الأفكار>: الكتل بانتظار المعارك!

عضو تكتل <لبنان القوي> النائب آلان عون يؤكد في حديث لـ<الأفكار>، ان من واجب رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ان يطرح تشكيلة حكومية، ويفاوض الافرقاء ويأخذ الالتزامات منهم، مشدداً على ان الموضوع ليس عن أي عقدة يجب ان نفكها قبل الاخرى وهذا المنطق هو ما يؤدي الى التخبط في ايجاد حل للتشكيلة الحكومية. وشدد على أن ما يعنينا في لقائنا مع الحريري ان يطبق معياراً واحداً معنا كما مع غيرنا، لافتاً الى اننا نفضل حكومة الوحدة الوطنية الميثاقية ولكن بين لا حكومة وأخرى أكثرية نختار حكومة اكثرية.

وإذ اوضح ان الاستثناءات لا تعطى في ظل اوضاع غير مريحة مثل الاجواء التي نمر بها اليوم، كشف ان بعض الكتل النيابية مستنفرة منذ الان لخوض معارك في مجلس الوزراء ضد الاخرين، ولذلك لن يتنازل أحد عن حقه ويعطي هدايا للآخر.

 

علوش لـ<الأفكار>: تسهيل  التأليف بيد الوطني الحر!

عضو المكتب السياسي في تيار <المستقبل> النائب السابق مصطفى علوش يُشير من جهته الى ان الرئيس الحريري عرض تشكيلة حكومية على عون الذي استمهله للقاء باسيل، لكن يبدو ان باسيل لا يريد أن يطرّي مواقفه. الآن علينا أن ننتظر لنرى كيف سيتصرف الحريري، لأنه لن يعرض أي تشكيلة لا تلقى رضا وقبول جميع الأطراف وقادرة أن تصل الى مجلس النواب. وعن أجواء التفاؤل التي سادت لقاء عون - الحريري قال: باسيل قادر على إلغاء أي تفاؤل موجود في البلد. أنا لم أتوقع أي شيء لأنني قابلت الحريري وشعرت أن الأمور ما زالت معلقة مع أنه متفاهم مع الرئيس عون، ولكن طالما القصة مرتبطة بطرف ثالث فالأمور ما زالت جامدة.

والسؤال حول ربط عون التأليف بباسيل؟ يُجيب علوش: لا اعتقد ان الموضوع يقتصر على باسيل، هناك تفاهم بين عون وصهره بالطبع. ورمي أحدهم الكرة على الآخر هو في النهاية للمماطلة، أحدهم يعلن الايجابية والآخر يعلن السلبية، أحدهم يشدّ والآخر يرخي، هذا أسلوب تقليدي في المفاوضات. أما كتيار <مستقبل> - يقول علوش - إن الأولوية هي لعدم إعطاء ثلث معطل لأي طرف من الاطراف بشكل انفرادي، وأن تكون حكومة جامعة لكل الاطراف بشكل أساسي وأن تكون <القوات اللبنانية> و<التقدمي الاشتراكي> وكل الذين يحملون <فكر> 14 آذار في وضع وازن داخل الحكومة. وعن توقعاته للفترة التي ستخرج بها الحكومة الى النور، يؤكد ان العنصر الاساسي الذي يُسهل ولادة الحكومة، هي القبول بتخفيف ما يُطالب به <الوطني الحر>. وعن سؤال ماذا قدمتم انتم كتيّار <مستقبل>؟ أجاب: نحن منذ البداية دخلنا بتسوية وعملياً جزء منها انه اذا كان لرئيس الجمهورية حصة، فإن رئيس الحكومة لا يُطالب بالشيء نفسه.

هل مصطفى علوش سيكون وزيراً في الحكومة المقبلة؟.. أجاب: للحقيقة لا أعلم حتى الساعة، فالأمور مرتبطة بقرار وخيار رئيس تيّار <المستقبل> الرئيس سعد الحريري.

مصادر جنبلاط للوطني الحر: تواضعوا واحترموا موقعنا!

مصادر مقربة من زعيم المختارة وليد جنبلاط، أكدت لـ<الأفكار> أن ما يُعبر عنه الرئيس الحريري سواء في الإعلام او ضمن مجالسه الخاصة، يعكس نياته الصادقة في عملية تأليف الحكومة ولكن في المقابل هناك محاولات ضغط لإنتاج معادلة معينة للتأليف، وهذا ما يُعطل تأليف الحكومة في وقت قريب ويمنع الوصول الى صيغ واتفاقات تُسهل ولادتها. ولفتت الى ان هناك من يتصرف على قاعدة انه هو الذي يشكل ويقرر ويخلق المعادلات ولذلك المطلوب من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان يكون له موقف جريء من الموضوع. ورداً على سؤال عن الحديث عن سقوط التسوية الرئاسية، تؤكد المصادر أن ما يعنينا هو ان يبقى البلد وان لا يسقط وان نخرج بتسوية تفيد الشعب الذي ينتظر حكومة تلاقي شجونه كافة، ولذلك نحن نجدد الدعوة للمسارعة الى تجاوز العقد والتحلي بموضوعية وجدية أكثر.

وترى أن موضوع سحب التكليف غير منطقي بل هو هرطقة. علينا ان نحترم الدستور لناحية ان ليس هناك من مهلة زمنية للتأليف. وعن حصة التقدمي في الحكومة وما يعرف بالعقدة تقول ان العقدة الدرزية مفتعلة، ونريد أن نسأل اين كان الحزب التقدمي الاشتراكي في موقع المعطل او المعرقل؟. نحن مكوّن أساسي في هذا البلد وخيضت في وجهنا إنتخابات نيابية كان الهدف منها تصغيرنا، لكنّنا خرجنا منها منتصرين. ولم نطلب حقائب سيادية مثلاً، بل طالبنا بحقّ مكتسب. وأوضحت أن الخطوط ليست مقطوعة بين التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي، لكن المطلوب من التيار الحر القليل من التواضع في النبرة، فعلى الجميع ان يحترم موقع التقدمي والتضحيات التي قدمها في سبيل تأمين الاستقرار وتثبيت الامن في البلد بالإضافة الى التسهيلات التي ما زال يُقدمها في كل المجالات.

وفي إشارة إلى عمليات <الاستهداف> السياسي التي تطال بعض الأحزاب، كان قد شعر الحزب التقدمي الاشتراكي وفقاً لرأي قيادي بارز فيه، بأنه كان مستهدفاً في الانتخابات النيابية التي جرت، وكان هناك قرار واضح بتحجيم رئيسه وليد جنبلاط من جهات متعددة، محلية وخارجية، وقد ساهم النافذون بدوائر العهد في تنفيذ هذا القرار بمختلف الوسائل، بما فيها استخدام النفوذ في دوائر الدولة عن طريق الترغيب والترهيب، وفي دعم خصومه، وشد ازرهم إبان عملية التصويت. وبرأي قادة في الحزب، فإن عملية الاستهداف كانت قد بدأت منذ اكثر من عام، واسفرت عن إنتاج قانون انتخابي طائفي ومذهبي مشوه، كان خصوم جنبلاط يعتقدون انه سيفتت قوة <الاشتراكي>، وحلفائه، ويزعزع نفوذه في الجبل على وجه التحديد. لكن كل هذا لم يكن سوى نتاج مخيلات مريضة لا ترتقي الى الواقع ولا تُريد أن تعترف بحجم وليد جنبلاط ودوره السياسي وموقعه.

 

<قطار التنازلات>.. هل ينطلق؟

يمكن القول إنّ <قطار التنازلات> انطلق عملياً بعد اجتماع قصر بعبدا الأخير، فالمعطيات المتوافرة تشير إلى أن أول غيث هذه التنازلات قد يكون موافقة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر على حصّة من عشرة وزراء تقسّم بين سبعة لـ<التيار> وثلاثة ضمن ما باتت تُعرَف بـ <الحصّة الرئاسية>، ما يعني أنّ الفريق المحسوب على الرئيس قد يتخلى عن مطلبه بالحصول منفرداً، دون الأصدقاء والحلفاء، على <الثلث الضامن> في الحكومة، وهو ما كان يمكن أن يشكل <سابقة> في تاريخ الحكومات، بأن يصبح فريق واحدٌ متحكماً بها شكلاً ومضموناً. وإذا كانت المعطيات المتوافرة تفيد بأنّ <الحلحلة> التي رُصدت لم تؤد حتى الآن إلى حل العُقد بشكل كامل ونهائي، فإن اعتقاداً راسخاً يسود بأن التنازلات المتبادلة لن تكون صعبة المنال، طالما أن الخطوة الأولى تحقّقت. فعلى خط العقدة الدرزية مثلاً، التي يحاول البعض تصويرها وكأنّها أم العقد حالياً، لن يكون صعباً أن يذهب التقدمي الاشتراكي إلى تنازلٍ مشروط، كأن يكون مقعده الثالث من خارج الحصة الدرزية، بشرط أن يكون الوزير الدرزي الثالث وسطياً، ولو كان جنبلاط يرفض مثل هذا الاقتراح حتى الآن.

اما لجهة العقدة المسيحيّة، وعلى الرغم من أن وزير الإعلام ملحم الرياشي أعلن منذ فترة أن <القوات> لن تأخذ أقل من خمس حقائب، ثمة من يقول إنها ستلاقي <التيار> في منتصف الطريق متى بدأت التنازلات، وستقبل بخفض حصتها إلى أربع، حتى لو لم تشتمل على حقيبة سيادية، بشرط أن تكون بينها حقيبتان أساسيتان ونوعيتان. ويبقى حل العقدة السنية مرهوناً بموافقة النواب السنة على حصر تمثيلهم بوزير واحدٍ من حصة رئيس الجمهورية، علماً أن ذلك لا ينطبق عليه مبدأ وحدة المعايير الذي ينادي بها الجميع، خصوصاً أنه سيأتي عن طريق التبادل بين رئيسي الجمهورية والحكومة، ما يعني أن الحريري يحتفظ بحصة السنة بستة وزراء، تماماً كالسابق.

في المحصلة، مع هذا التفاؤل المحدود أو ما يُصطلح على تسميته بـ<تدوير الزوايا>، ثمة تعقيدات ستخرج بكل تأكيد الى العلن خلال موسم <التنازلات> تتمثل بمسألة <الحقائب السيادية> التي يمنّي الجميع النفس بها، ما يعني أنه يمكن أن نشهد في المرحلة المقبلة <تناتشاً> عليها بكل ما للكلمة من معنى، وهو ما كان بدأ أصلاً في وقت سابق قبل أن يُغيب عن البحث ريثما يتم الاتفاق على الأحجام أولاً. كما أن ثمة تخوفاً لدى البعض من أن مَن كان يقدم في السابق التنازلات لحلفائه على هذا الصعيد تسهيلاً لتأليف الحكومة، على غرار حزب الله مثلاً، قد لا يفعل ذلك هذه المرة، بعدما أعلن صراحةً أنه يريد دخول <البازار الحكومي> من الباب العريض، من خلال التمسّك بحقّه في الحصول على حقيبة أساسية تتعدى الحقائب الخدماتية المحصورة والتي لن تُمكنه من تعويض جمهوره عن الإجحاف الذي لحق به طوال السنوات الماضية لأسباب سياسية أرغمت حزب الله على غض الطرف عنها.