تفاصيل الخبر

قـطــــــــار الانـتـخابـــــــــات رهـــــن بـثـلاثــــــة: عــــــون وجـنـبــــــــلاط وفــرنـجـيـــــــــة!

10/02/2017
قـطــــــــار الانـتـخابـــــــــات رهـــــن بـثـلاثــــــة:  عــــــون وجـنـبــــــــلاط وفــرنـجـيـــــــــة!

قـطــــــــار الانـتـخابـــــــــات رهـــــن بـثـلاثــــــة: عــــــون وجـنـبــــــــلاط وفــرنـجـيـــــــــة!

بقلم وليد عوض

aoun-tamer---A

لا دخـــــان يعلــــــو فــــوق دخــــان الانتخابات. الكل مشغول بهذا الهم. ووزير الداخلية السابق في عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي العميد مروان شربل هو النجم المفضل في المقابلات التلفزيونية. ومشروعه الانتخابي يستمد وجوده من مبدأ تكرره قناة <أم تي في> وهو ناخب واحد لمرشح واحد، بحيث يستطيع الناخب في عكار أو طرابلس أو البترون على سبيل المثال أن يضع اسم مرشح واحد مثل مروان شربل، أو الرئيس نبيه بري. وبذلك لا تدخل العصبيات والطائفيات والحزبيات في تكوين مجلس النواب الجديد، ويكون المئة والثمانية وعشرون نائباً على مقاس طموحات كل اللبنانيين.

ومن يدري؟! فقد يصل مجلس النواب في النهاية الى اختيار النظام النسبي في القضاء والنظام الأكثري في المحافظة، أو يصبح مشروع حكومة الرئيس ميقاتي الانتخابي مقياساً لولادة البرلمان الجديد، ويصبح شعار <ناخب واحد لمرشح واحد> الذي تبشر به قناة <أم تي في> أو قناة آل المر. وهذا يعني ان ميشال المر نائب المتن الشمالي وحليفته نائبة بيروت نايلة تويني منخرطان في هذا المشروع التأسيسي.

وكل المطلوب الآن أن يرفع الرئيس نبيه بري يده بالموافقة، باسم كتلة التحرير والتنمية، وحزب الله باسم كتلة المقاومة والتحرير، ووليد جنبلاط باسم نواب اللقاء الديموقراطي، وطبعاً رئيس الوزراء سعد الحريري كرئيس لتيار <المستقبل>. وفي غير هذه الحالة يبقى قانون انتخاب عام 1960، وان احتاج الى بعض التعديلات وهذا ما جعل مروان شربل يقول لمقدمة برامج <أم تي في> دينيز خوري رحمة أصيل السبت الماضي: يا سيدتي.. لقد تعبنا وأضنانا التعب، ولا بد من التنازل عند كل فريق لتسيير قطار الانتخابات.

مروان شربل يقول <تعبنا وأضنانا التعب>، والرئيس ميشال عون يهدد بالعودة الى الشارع إذا لم يكن هناك قانون جديد للانتخابات، أو تم الابقاء على قانون الستين الذي أنتجته حكومة الرئيس أحمد الداعوق، وأعلنه وزير الداخلية ابن الكورة الخضراء الشيخ إدمون كسبار واعتبر هذا القانون بمروره في مجلس النواب برئاسة صبري حمادة انجازاً تاريخياً صار عمره الآن سبعاً وخمسين سنة، وأصبح مرجعاً لكل مشروع انتخابي جديد.

 

عقدة وليد جنبلاط

وعيون كل الفرقاء مصوبة الآن الى الرقم الصعب الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط. فالأشقاء الدروز، وفي نظرتهم التاريخية على الأقل، هم أساس مكونات لبنان الكبير في قصر الصنوبر عام 1920، وبدونهم ليس هناك لقاء بين الجبل والشاطئ. وعلى هذا الأساس لا يمكن بناء خريطة أي قانون انتخابي يؤدي الى بناء لبنان سياسي جديد. هاتوا موافقة وليد جنبلاط وطلال ارسلان ووئام وهاب على أي قانون انتخابي وخذوا تأييد الأشقاء الدروز. وواهم كل من يتصور ان بناء القوانين الانتخابية يمكن أن يتم ويستكمل عدته بدون إشارة الموافقة من الطائفة الدرزية وعلى رأسها الزعيم وليد جنبلاط.

وموضوع شائك بهذا القدر هو عملية بناء وطن سياسية من جديد، ومن أجل ذلك يتعين الحصول على مرضاة كل الطوائف السبع عشرة التي يتألف منها لبنان، وخصوصاً الطائفتين المارونية والدرزية اللتين ارتضتا الانضمام الى ساحل رياض الصلح وعبد الحميد كرامي وسليم علي سلام وصائب سلام وعمر الداعوق ومحمد العبود ووالده عبود عبد الرزاق وخالد عبد القادر في عكار.

وعندما يرد اسم عكار فلا بد من استرضاء اسمين: الأول هو الرئيس سعد الحريري رئيس تيار <المستقبل>، والثاني نائب رئيس الوزراء الأسبق عصام فارس، ولا بد من مرضاة الاثنين على أي قانون انتخابي يؤسس لمستقبل البلد.

وفي هذا السياق لا بد من العودة الى مشروع الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية في حكومته العميد مروان شربل، لأنهما قبل أن يعرضا مشروعهما الانتخابي اتصلا بجميع القنوات الشعبية وصولاً الى القانون الذي يرضي أغلبية الشعب اللبناني، لأن الاجماع صفة لا يملكها إلا رب العالمين.

ووليد جنبلاط، مثل والده الزعيم الاشتراكي الراحل كمال جنبلاط، يعطل مفعول كل مشروع قانون لا يكون على قياس مصالحه. فمشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي سحب من سلطته انتخاب النائبين المارونيين في دير القمر جورج عدوان ودوري كميل شمعون، ومن الدامور النائب ايلي عون، ومعنى ذلك ان نفوذ وليد جنبلاط يجب أن يبقى محصوراً في الدائرة الدرزية، فقط لا غير، وممنوع عليه الامتداد باتجاه طوائف أخرى. وبدون القابلة السياسية القانونية وليد جنبلاط تبقى ولادة القانون الجديد جد عسيرة.

 

لا تغفلوا عن فرنجية!

-Minister-Saad-Hariri-meets-Head-of-Lebanese-Forces-Samir-Geagea-1----A 

وما يسري على جنبلاط ينسحب أيضاً على النائب سليمان فرنجية. صحيح ان القانون الجديد أبقى على زغرتا دائرة انتخابية من ثلاثة نواب موارنة، ولكنه مد يده الى الكورة لتكون له حصة في دائرتها الانتخابية، وفي حصص الطائفة الارثوذكسية الممثلة في نقولا غصن ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري. ومن غير الجائز الابقاء على نفوذ انتخابي في دائرة وسحب هذا النفوذ من دائرة أخرى.

وهنا يبقى الدور الكبير لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

فالرئيس ميشال عون لا يستطيع أن يكون مثل باقي الرؤساء. فقد أعلن تحرره من ثوب رئيس التيار الوطني الحر، حيث كان يمثل فريقاً من اللبنانيين، وانه ارتدى ثوب زعامة كل اللبنانيين، وليس هناك عنده لبناني<بريمو> ولبناني <تيرسو>، والكل عنده سواء، ولا تفضيل لمواطن عنده على الآخر، وهكذا هي الصفة الوالدية الخالصة.

ويكاد الرئيس نبيه بري الذي خرج من جراحة المرارة في مستشفى كليمنصو يكون أكثر السياسيين اللبنانيين راحة. فهو خارج كل تجاذب سياسي في موضوع القانون الانتخابي. لقد كان أول سياسي، بالتحالف مع حزب الله، يتبنى مشروع قانون النسبية، وقال عند عرض هذا المشروع انه قد ينتزع منه نواباً محسوبين عليه وعلى كتلة الانماء والتحرير، ولكن مقابل سلامة وطن لا بد من التضحية بالمقاعد النيابية مقابل المقعد الوطني الذي ينبغي أن تتحلق حوله جميع الفئات.

جمهورية عون

 

والرابح الثاني أو الموازي للرئيس نبيه بري في هذا السياق هو رئيس الجمهورية ميشال عون الآتي الى قصر بعبدا بروح التغيير، ومن حق اللبنانيين في حسابه أن يدخلوا في عهد مختلف عن العهود الأخرى، ويتخلصوا من متاعب متوارثة من عهد الى عهد.

والوطن كله الآن أمام المأزق. فيوم 27 شباط (فبراير) الجاري يتوقف قطار القانون الانتخابي عن ارسال صفيره، على أساس ان كل شيء انتهى، وما على اللبنانيين في أيار (مايو) المقبل إلا ان يتوجهوا الى صناديق الاقتراع لاختيار برلمانهم الجديد، بل مستقبلهم السياسي الجديد، فلا يبقى مشروع الموازنة عالقاً في مجلس النواب اثني عشر عاماً بدون الوصول الى حق أو باطل..

وأكثر من يحن الى يوم 27 شباط (فبراير) هو الفقراء المغلوب على أمرهم والذين يعيشون تحت خط الفقر. فالوطن فقراء ومعسورون أولاً. أما أغنياء الوطن فلهم حساباتهم، ولهم وسائل اتصالهم بالناس. وأول ما يشد على أيدي الفقراء هو قانون انتخابات يحمي الفقير من المرض، ويمنع أصحاب المستشفيات من اهمال الجرحى والمصابين على أبوابهم إذا لم يكونوا يملكون أجرة المداواة والمبيت.

وطن بدون حرمان. ذلك ما جاء لأجله العماد ميشال عون، وهو يحمل عقلاً تغييرياً لا بد له أن يصحح الخطأ في قانون انتخاب 1960، إذا لم يكن هناك مفر من تعديل بعض بنوده، أو إضافة بند خاص الى اتفاق الطائف الذي أصبح الميثاق الوطني المولود من شجرة اتفاق الطائف، بحيث لا يشعر اللبناني ان نائبه لا يمثله، وان عليه أن يتعرف الى نائبه إذا جمعهما مجلس أو أذنت لهم مناسبة.

ولأن الحاضر غصن في شجرة التاريخ، فيوم السابع والعشرين من الشهر الجاري هو الحد الفاصـــــل عند المواطن اللبناني بين ما يريد وبين ما يمكن أن يتيسر له في حياته اليومية، وبـــــدون برلمـــــان جديــــد يبقى الوطن جسداً بلا.. روح!