تفاصيل الخبر

كتاب مفتوح لسماحة السيد حسن نصر الله!

15/11/2019
كتاب مفتوح لسماحة السيد حسن نصر الله!

كتاب مفتوح لسماحة السيد حسن نصر الله!

بقلم هشام جابر

صاحب السماحة الذي نجل ونقدر ونحب، المقاومة كانت دائماً ولم تزل فوق كل اعتبار. لأن على كل عاقل، ومخلص، ومنصف أن يعترف بأن المقاومة هي التي حررت الجنوب من رجس المحتل، والمقاومة هي التي دحرت العدوان الإسرائيلي عام 2006، والمقاومة هي التي تردع العدو من ارتكاب الحماقة والتفكير بأي عدوان على لبنان منذ تاريخه وحتى اليوم.

والمقاومة تصدت للإرهاب المقيت في سوريا، ولبنان، وقاتلته، ودحرته، وهزمته، ولولا مئات الشهداء الأبرار الذين ارتقوا، ولا نقول سقطوا، في معارك <القصير> وحظي تراب بلدنا الغالي في جبل عامل، والبقاع، وجبيل، بشرف احتضان جثامينهم الطاهرة إلى جانب رفات أجدادنا وآبائنا وأمهاتنا وأخواتنا، لوصل الإرهاب الداعشي الغاشم والمقيت إلى طرابلس وشواطئ جونيه وحتى العاصمة بيروت. هذه حقائق. لا جدل فيها ولا شك ولا ريب.

وليست قوة المقاومة بسلاحها، وعدد صواريخها على أهميتها، ولا بكفاءة مقاتليها، وعقيدتهم، وإيمانهم، على عظمتها..... بل بشعبها، وبيئتها الحاضنة الداعمة فعلاً وقولاً، فهذه الأكثرية الصامتة، المهمشة، المنسية منذ عقود تدعم المقاومة بقلبها وربها، منهم المزارع والعامل والمهندس والطبيب والمعلم والمحامي... وليعذرني من نسيت، يدعمونها كل في ما استطاع اليه سبيلاً.

سماحة السيد،

إن ما حصل في 17 تشرين الأول هو أمر غير مسبوق في تاريخ لبنان، انتفاضة عابرة للطوائف والأحزاب، هي انتفاضة الرغيف للجائع، والدواء للمريض، والمواطن للحصول على أدنى حقوق المواطنية. انتفاضة ضد من سرق الوطن، وخيراته، وجباله، وسهوله، ومشاعاته، وطويها لأبنائه وأحفاده وسلالته. انتفاضة ضد من لوث الهواء ولم يزل، ولوث الأنهار، وتمادى في استباحة المال العام، وبقي، واستمر، والشرح يطول.

إن ما حصل في صور الأسبوع الماضي وبعدها في النبطية هو جرح لا يلتئم، والضحايا جسديا ًومعنوياً هم جمهورهم. جمهور المقاومة. كانوا إلى جانبكم في الانتخابات الأخيرة وليس إلى جانبنا، وأسهموا في انجاح حلفائكم.... أبناء مدينة الحسين هم أبناء مدرسة الحسين وليس من اعتدى... وأنتم أدرى بمدرسة الإمام عليه الصلاة والسلام لأنكم منها ولها فكراً ونسباً وممارسة.

خطابكم الأخير وقد استمعت اليه بإمعان، شخّص الداء لكنه لم يصف الدواء... فالمسكنات لا تشفي من سرطان استشرى.

أنا أفهم وكذلك غيري، من الذين دافعوا عن المقاومة في المؤتمرات الدولية، ورفضوا رفضاً قاطعاً وصفها بالإرهاب عن قناعة، دفاعاً عن الحق وليس عن تزلف، أو طمعاً بالشكر أو المكسب، وأخذوا جانبها على شاشات العالم وفضائياته بموضوعية مقنعة، رغم شراسة الأعداء والخصوم وأدواتهم... نفهم أن كل انتفاضة شعبية هي هدف للأجهزة المشبوهة لاحتوائها واختراقها وامتطائها وتغيير اتجاه البوصلة إلى أهداف سياسية، واستراتيجية، تآمرية ومشبوهة.

وندرك، كما تدركون أن الحراك الشعبي معرض دائماً للاختراق من قبل العملاء، والمخربين، وشذاذ الآفاق.

من هنا انني اتمنى عليكم احتضان الجمهور المنتفض وحمايته، على الأقل في المناطق المحسوبة عليكم، ليس بالسلاح بل بعقول وقلوب وأذرعة المخلصين من بيئتكم... وليس بالنأي بالنفس، وفتح الطريق لأزلام الفاسدين لإجهاض الحراك المدني.

سماحة السيد،

إن تحالفكم مع رئيس الدولة هو شرعي وواجب لحماية الشرعية والوطن، فهو رمز الدولة ورئيس البلاد، وما رأيت منه وسمعت أنه مصمم، ومخلص، وجاهد في حل الأزمة وتلبية مطالب الشعب، فعسى أن تكونوا المبادرين إلى أخذ <استراحة محارب> من السلطة التنفيذية، فيحذو الجميع حذوكم، فيتم تشيكل حكومة انتقالية لمدة ستة أشهر من نخب تشهد سجلاتها لها بالكفاءة والنزاهة وعدم العمالة، في طائفتكم الكريمة كما في باقي الطوائف العشرات منها. ولدي ملء الثقة إذا أحسن الخيار والاختيار أنها لن تكون طابوراً خامساً، ولن تجرؤ على أن تطعنكم في الظهر.

سماحة السيد،

اكتفي بما ذكرت وبما ذكّرت. وأعذرني على صراحتي وأعتقد أنني صادق، فنحن من مدرسة الإمام الصادق (ع) ولسنا من المنافقين.

وأخيراً وليس آخراً ندعو الله عز وجل أن يحفظ هذا الوطن من أعداء الخارج والداخل، وأن يأخذ بيدكم ويوفقكم إلى ما تصبون إليه لما فيه خير البلاد... فالبلاد على مفترقين أحدهما يوصل إلى الدولة المدنية الديموقراطية العادلة فيما آخر يؤدي إلى الفوضى والخراب... وأعتقد أنكم ستحسنون الخيار.