تفاصيل الخبر

”قـصـــــور الـقـــــلـب“ هـــو وبـــاء الـعـصــــر والأكـثــــــر شـيوعــــــاً لــــدى كـبـــــار الـســـــــن

22/07/2016
”قـصـــــور الـقـــــلـب“ هـــو وبـــاء الـعـصــــر  والأكـثــــــر شـيوعــــــاً لــــدى كـبـــــار الـســـــــن

”قـصـــــور الـقـــــلـب“ هـــو وبـــاء الـعـصــــر والأكـثــــــر شـيوعــــــاً لــــدى كـبـــــار الـســـــــن

 

بقلم وردية بطرس

الدكتور-هادي-سكوري----1 

الملايين من الناس يعانون من <قصور القلب> في العالم، فـ<قصور القلب> أصبح يُعد وباءً منذ بداية القرن الحالي وهو السبب الأكثر شيوعاً لاستشفاء المرضى الذين تجاوزت أعمارهم الـ65 عاماً.

و<قصور القلب> هو حالة يواجه القلب فيها صعوبة في ضخ الدم في الجسم اي ان قوته تضعف عن معدلها الطبيعي، ونتيجة لذلك لا يعود القلب قادراً على توزيع الأوكسجين والمغذيات من خلال الدم الى الجسم ليتمكن هذا الأخير من العمل بشكل صحيح.

هذا لا يعني ان قلب الانسان على وشك ان يتوقف عن أداء وظيفته، بل انه يجد صعوبة في تلبية حاجات جسمه خصوصاً خلال قيامه بنشاط ما. ويحدث <قصور القلب> عندما تتضرر عضلة القلب او الصمامات ما يؤدي بالتالي الى عدم قدرة القلب على ضخ الدم في الجسم كما يجب. ويؤثر هذا الضرر على عملية انقباض القلب او تعبئته، وأحياناً الاثنين معاً، واذا لم يكن القلب قادراً على التفرغة والاسترخاء بشكل كامل فستدخل كميات أقل من الدم اليه.

صحيح انه لا يمكن الشفاء من <قصور القلب> بالاجمال، ولكن توجد تدابير كثيرة يمكن للشخص اتخاذها للاعتناء بنفسه، فمع وجود الرعاية والدعم لن يمنعه المرض من القيام بغالبية الأشياء التي يرغب القيام بها شرط ان يعرف ما يناسبه. وبالاضافة الى العلاج الذي يصفه الطبيب للمريض، فقد يحتاج أيضاً الى تعديل جوانب أخرى من نمط حياته مثل نوعية النظام الغذائي واعتماد التمارين الرياضية والاقلاع عن التدخين وتناول الكحول للتأكد من انه يستفيد تماماً من علاجه، وأيضاً من الضروري اجراء التحاليل والفحوصات بانتظام. وللحفاظ على حالة صحية جيدة يجب ان يتفادى المريض أي اصابة في الجهاز التنفسي مثل الانفلونزا او التهاب الرئة لأنها قد تزيد وضعه سوءاً، وقد ينصحه طبيبه بقياس ضغط الدم ومعدل ضربات القلب بانتظام في المنزل او قد يقرر بنفسه القيام بذلك لمتابعة وضعه، وفي جميع الأحوال فإنه من الضروري ان يتعلم كيفية اجراء قياس الضغط ومعدل ضربات القلب.

 

الدكتور هادي سكوري يشرح <قصور القلب>

فما هي أسباب حدوث <قصور القلب>؟ وما هي عوارضه؟ ولماذا مرضى السرطان معرضون أكثر من غيرهم للاصابة بـ<قصور القلب>؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على الدكتور هادي سكوري الاختصاصي بـ<قـصور القلب> وزرع القلب، وهو رئيس وحدة العناية القلبية في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، وأستاذ مساعد في الجامعة الأميركية، ونسأله:

ــ ما هي أنواع <قصور القلب>؟

- هناك فحص طبي يُسمى <الكسر القذفي> او نسبة الانقباض <Ejection Fraction> وهو يستخدم لقياس ضخ الدم مع كل نبض لتحديد نوع القصور الذي يعاني منه المريض. وهناك نوعان لـ<قصور القلب> ولكنهما يظهران بالطريقة نفسها:

النوع الأول هو <قصور القلب> الانقباضي بحيث تضعف قوة انكماش عضلة البُطين الأيسر (الكسر القذفي دون المعدل الطبيعي) ما يؤدي الى عدم ضخ كميات كافية من الدم الغني بالأوكسجين الى الجسم. أما النوع الثاني فهو عبارة عن <قصور القلب> مع المحافظة على وظيفة البُطين الأيسر (الكسر القذفي قد يكون طبيعياً) اي ان القلب ينكمش بشكل طبيعي ولكن البُطينين لا يسترخيان بشكل مناسب او يكونان يابسين ولا تدخل الكمية الكافية من الدم أثناء عملية التعبئة الطبيعية.

ــ وما هي أسباب <قصور القلب>؟

- يمكن ان ينتج <قصور القلب> عن حالات مرضية حالية او سابقة تضر بالقلب او تضع عبئاً اضافياً عليه. وأبرز أسباب <قصور القلب> هي: نوبات قلبية سابقة، انسداد شرايين القلب، ارتفاع ضغط الدم، خلل في صمامات القلب، مرض في عضلة القلب او التهاب القلب، اختلالات خُلقية في القلب، السكري، الافراط في تناول الكحول، تعاطي المخدرات، العلاج الكيميائي، أنواع معينة من العدوى والالتهابات، أمراض الكلى أي خلل في وظيفة الكلى، فقر الدم، عدم انتظام ضربات القلب، خلل في الرئتين، خلل في الغدة الدرقية، واذا تمت معالجة هذه المسببات من الممكن ان يتحسن وضع القلب في أغلب الأحيان.

ــ وما هي العوارض؟

- تختلف عوارض <قصور القلب> بين شخص وآخر تبعاً لنوع الحالة وخطورتها. فقد لا يعاني المريض من اي عارض على الاطلاق او قد تظهر جميعها او بعضها، كما انها قد تستمر او قد تظهر ثم تختفي. وتشمل العوارض ضيقاً او صعوبة في التنفس (عند الاستراحة او أثناء القيام بنشاط ما او عند الاستلقاء في السرير)، وفي بعض الحالات قد توقظ هذه العوارض المصاب فجأة في الليل ما يؤدي الى اختلال أنماط النوم الطبيعية لديه.

ــ هل من علامات انذار ومتى يجب ان تتم استشارة الطبيب؟

- يمكن التغلب على <قصور القلب> من خلال اتباع العلاج الصحيح واجراء بعض التعديلات على نمط حياة المريض بحسب ارشادات الطبيب، ولكن من المهم أيضاً ان تتم مراقبة العوارض بشكل منتظم لأن <قصور القلب> قد يتفاقم ببطء، ويجب ابلاغ الطبيب فوراً حالما تظهر العوارض التالية: ازدياد في ضيق التنفس. الاستيقاظ المتكرر في الليل بسبب ضيق النفس. الحاجة الى المزيد من الوسائد للشعور بالراحة أثناء النوم. السعال أثناء الليل. تسارع في دقات القلب او عدم انتظامها. زيادة سريعة في الوزن. انتفاخ تدريجي او ألم في البطن. ازدياد تورم الساقين او الكاحلين. فقدان الشهية أو الغثيان. ارهاق متزايد. تفاقم السعال.

 

<قصور القلب> والسرطان

 

وعن اصابة مرضى السرطان بقصور في القلب يشرح الدكتور هادي سكوري:

- ان علاج السرطان بات متقدماً لدرجة انه يخفض خطر الموت ويعيش المصاب به لفترة أطول، ولكن العلاجات الكيميائية عند المريض تسبب له آثاراً جانبية وأضراراً في القلب، وتشمل هذه الاضرار: ارتفاع ضغط الدم، جلطات في الأوردة والشرايين أو مشاكل في كهرباء القلب، وهذه الأضرار التي تنشأ عن العلاج الكيميائي عند المريض قد تظهر مضاعفاتها مباشرة أو في وقت لاحق.

ويتابع:

- تفيد الدراسات والاحصاءات ان مريض السرطان يموت بسبب أمراض القلب اي انه يُشفى من السرطان ولكن خطر الموت يبقى ماثلاً بعد سنوات من العلاج، فبسبب اصابته بمرض القلب يعاوده المرض وقد لاحظنا ذلك عند السيدات المصابات بسرطان الثدي، ولهذا نلقي الضوء على هذا الجانب لأنه يجب ان يكون هناك تنسيق بين أطباء العلاج الكيميائي وأطباء القلب. واليوم تُجرى دراسات في أوروبا حول هذا الموضوع اذ كانت هناك نظرة خاطئة بأن العلاج الكيميائي يضر بالقلب ويتسبب تحديداً بـ<قصور القلب>، ولكن اليوم مع الدراسات الحديثة تبين أنه يؤدي لجلطة في الأوردة والشرايين ولمشاكل في كهرباء القلب، وواحدة منها هو <قصور القلب>.

ويستطرد قائلاً:

- العلاجات القديمة في السبعينات والثمانينات كانت تعتمد على الأشعة، ولكن كان المريض الذي يتعرض للأشعة تحدث معه مشاكل بعد عشر سنوات من خضوعه للأشعة، مثلاً في الثمانينات كانوا يخضعون الثدي للأشعة بشكل كبير فيؤثر ذلك على القلب ولكن اليوم أصبح التعرض للأشعة أقل، فالأشعة بحد ذاتها تؤدي لظهور مشكلة وذلك بعد عشر سنوات، إذ ان العلاجات السرطانية تؤدي لموت الخلايا غير الجيدة في الجسم. ومن المعروف ان خلايا القلب عندما تموت لا تدب فيها الحياة من جديد (هناك نوعان من الأدوية: أدوية كيميائية تقتل الخلايا السرطانية ولا تبقى حية، وأنواع أخرى مثل أدوية سرطان الثدي لا تقتل العضلة بل توقف عملها لفترة وعندما يتوقف المريض عن تناول الدواء تحيا الخلايا).

ويتابع:

- فالأعراض الجانبية الناتجة عن العلاج الكيميائي تؤدي لـ<قصور القلب> الذي يحدث كثيراً والسبب ان الناس يعيشون أكثر، فالمريض بعمر الـ60 او 70 يكون مصاباً بمرض ما مثل السكري او ارتفاع الضغط أو مرض السرطان، وبالتالي كلما زادت العلاجات تزداد نسبة العوارض الجانبية. لذا على المريض عندما يقصد الطبيب ان يستشيره متى عليه ان يخضع لفحص الصورة، وبالتالي يجب ان يكون هناك تنسيق بين الطبيب المعالج لمرض السرطان وطبيب القلب او <Cardiac oncology> او أمراض القلب الناجمة عن الأمراض السرطانية. فالطبيب المعالج لمرض السرطان يجب ان يعرف ما هي أضرار العلاجات على القلب، وأهمية التشخيص المبكر، ومتى يتحول المريض الى طبيب القلب، اذاً يجب ان يكون هناك تنسيق تام بين الطبيب المعالج وطبيب القلب. وطبعاً يُنصح بالتشخيص المبكر ليس لمرض السرطان فقط بل للعوارض الناتجة عن أمراض القلب أيضاً.

 

طرق الحماية والفحوصات

ــ من هم الأشخاص المعرضون لحدوث ذلك اي هل كل مريض سرطان يكون معرضاً للاصابة بمشاكل في القلب؟

- أولاً اذا كان المريض يخضع للعلاج الكيميائي. ثانياً اذا أصيب بأمراض القلب اي إذا تعرض لجلطة او قصور في القلب او السكري وارتفاع الضغط، واذا كان لديه رجفان أذيني، وأيضاً الشخص المدخن، والنساء بعد انقطاع العادة الشهرية يصبحن معرضات أكثر، واللواتي خضعن لفحص الأشعة للثدي، والشخص الذي خضع للعلاج الكيميائي معرض أكثر من غيره، وبالتالي يجب ان ينسق الطبيب المعالج مع طبيب القلب قبل ان يخضع المريض للعلاج الكيميائي.

ــ وما هي أساليب الحماية؟

- اذا كان لدى الشخص ارتفاع بالضغط فعليه ان يعالج الضغط، واذا كان الشخص مصاباً بالسكري او انسداد في الشرايين فعليه ان يعالجهما أيضاً، واذا كانت لديه مشكلة في القلب فإنه مضطر لأن يتوقف عن تناول العلاج الكيميائي لأن القلب يتوقف نهائياً، ولهذا يجب التنسيق بين طبيب القلب والطبيب المعالج لمرض السرطان. وعندما يأخذ المريض العلاج الكيميائي يجب أن يأخذ دواء وقائياً لكي لا تحدث معه مشاكل، فالمريض الذي يخضع للعلاج الكيميائي ويأخذ الأدوية الوقائية تكون نسبة حدوث المخاطر لديه أقل مما هي عند المريض الذي لم يأخذ الدواء الوقائي، وبذلك يخفف من امكانية حدوث <قصور القلب>، كما ان التشخيص المبكر ضروري وكذلك علاج القلب المبكر عند حدوث المشكلة لكي لا نوقف العلاج الكيميائي.

ــ وماذا عن الفحوصات؟

- أولاً يجب تشخيص الحالة، ثانياً يجب إجراء الصورة الصوتية للقلب وهناك أساليب حديثة مثل الصورة الثلاثية الأبعاد <Strain Imaging> وهذا الفحص يجعلنا نرى تأثير العلاج الكيميائي على القلب قبل ان يبدأ هذا التأثير وقبل ان يضعف عضلات القلب، ولكن اذا وجدنا انه سيضعف القلب ولكن لم تظهر العوارض بعد نبدأ بالعلاج لأنه اذا ظهرت العوارض تكون الحالة متقدمة.

ويتابع قائلاً:

- كما سبق وذكرت ان <قصور القلب> يحدث مع الأشخاص المصابين بارتفاع الضغط والسكري أكثر من غيرهم، وتبين الدراسات انه في العالم العربي وخصوصاً في دول الخليج فإن نسبة الاصابة بارتفاع الضغط والسكري تزداد اكثر اذ تصل الى 40 في المئة. وتجدر الاشارة هنا الى انه عند الاصابة بـ<قصور القلب> يجب تخفيف استهلاك الملح، وقد تبين ان نسبة استهلاك الملح في العالم العربي هي أعلى من نسبة استهلاكه في أوروبا، مثلاً في أوروبا يُستهلك 5 غرامات من الملح خلال 24 ساعة بينما يُستهلك 7 غرامات من الملح في لبنان والدول العربية، وأيضاً عدم ممارسة الرياضة والسمنة الزائدة يؤديان الى إضعاف عضلة القلب.

ــ عندما نتحدث عن السرطان وأمراض القلب لا يمكننا الا التطرق الى مضار التدخين...

- طبعاً التدخين يؤدي للاصابة بسرطان الرئة، ولا ننسى انه اذا كان هناك عامل وراثي فتكون نسبة حدوث المرض أعلى. علماً أنه حتى لو لم يكن هناك عامل وراثي فقد يُصاب الانسان بسن الشباب بأمراض القلب أيضاً، وربما تكون الأسباب ناجمة عن استخدام بعض العقاقير او المنشطات او المخدرات، أو عن تناول الكحول وبعض مشروبات الطاقة التي تزيد نبضات القلب.

ويختم الدكتور سكوري بالقول:

- وبشكل عام على كل شخص ان يخضع للفحوصات الدورية مثل فحوصات الضغط والسكري، وعندما يشعر بالعوارض التي ذكرناها في سياق الحديث فعليه الا يهمل نفسه، وان يستشير طبيب القلب لأن الكشف المبكر والعلاج المبكر يساعدان في معالجة المرض. وعلى المصاب بـ<قصور القلب> ان يتناول دواء معيناً وان يغير نمط حياته وان يزور الطبيب باستمرار والا يهمل العوارض التي تظهر لأن الاهمال سيؤدي لادخاله الى المستشفى ليلقى العلاج، وبالتالي لا يمكن للشخص ان ينتظر حتى تصبح العوارض حادة لدرجة تستدعي العلاج الطارىء.