تفاصيل الخبر

”كرسي بعبدا“ فرّقت نهائياً بين عون وفرنجية واستحضار التاريخ يعزز القطيعة وينكأ الجراح!  

07/10/2016
”كرسي بعبدا“ فرّقت نهائياً بين عون وفرنجية  واستحضار التاريخ يعزز القطيعة وينكأ الجراح!   

”كرسي بعبدا“ فرّقت نهائياً بين عون وفرنجية واستحضار التاريخ يعزز القطيعة وينكأ الجراح!  

عون-و-فرنجيةلم يكن ينقص التردي في العلاقات بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس <المردة> النائب سليمان فرنجية، إلا تلك <التغريدة> التي أطلقها <أبو طوني> بعد ساعات من زيارة رئيس تيار <المستقبل> الرئيس سعد الحريري له في بنشعي مستهلاً جولات التشاور التي اجراها الأسبوع الماضي تمهيداً لتحديد خياره الرئاسي النهائي. ذلك أن الكرسي الرئاسي فصّل بين الرابية وبنشعي ورسم حدوداً لعلاقات ما عادت كما كانت لأعوام خلت يوم أطلق فرنجية قوله الشهير: <أنا خلف الجنرال حتى يصل الى قصر بعبدا>!

إلا أن تلك <التغريدة> التي ذكّر فيها النائب فرنجية الرئيس الحريري بما حصل بعيد تكليف الرئيس أمين الجميل في العام 1988 العماد عون رئاسة حكومة العسكريين الانتقالية، كانت كفيلة بإحياء محطات سلبية في مسار العلاقات بين التيار الوطني الحر و<المردة> قد يكون من الصعب نسيانها في وقت قريب مهما آلت إليه مسيرة الاستحقاق الرئاسي من نتائج، بحيث بات من الصعب سماع عبارات الاطراء والدعم والإشادة في كل من الرابية وبنشعي، في وقت يحمّل فيه كل فريق، الفريق الآخر مسؤولية ما وصلت إليه العلاقة بين <حليفي الامس> على رغم ما جمعهما على صعيد شخصي أولاً، وثانياً على صعيد <الخط الممانع> الذي انتميا إليه، إضافة الى العلاقة مع كل من قيادة حزب الله وسوريا.

بنشعي ونبش التاريخ!

في بنشعي، يسمع زوار البلدة الشمالية الكثير من <العتب> على العماد عون وفريقه، والكثير من التبرير لموقف النائب فرنجية ولـ<تغريدته>، وغالباً ما يستعين فريق بنشعي بالتاريخ الحديث لدعم موقفه سواء لجهة الجهد الذي بُذل لسنوات خلت لعدم <استفزاز> العونيين في مناطق انتشارهم في جبل لبنان، ولو على حساب الرغبة في تمدد <المردة>، أم لجهة <التخلي> عن مقعد وزاري لصالح <التيار>، أم لجهة القبول بما يسميه <المرديون> بـ<تهميش> الزعيم الزغرتاوي في كل مفصل ولدى كل استحقاق الى درجة بدت فيها الرابية المكان الوحيد لـ<القرار الماروني> خارج 14 آذار من دون أي حساب للوزن الذي تمثله الزعامة الزغرتاوية على الساحة المارونية خصوصاً واللبنانية عموماً.

ويضيف هؤلاء أن <الانزعاج> العوني من وجود <المردة> في لجان التنسيق داخل 8 آذار كان ظاهراً للعيان في كل مرة تلتقي هذه اللجان، علماً أن <الجنرال> لم يذكر يوماً أنه ينتمي وتياره الى فريق 8 آذار، ومع ذلك، كان <المردة> يتجاوزون تلك الاعتراضات من أجل المحافظة على <وحدة الموقف>. وعندما بدأت مفاوضات الرابية ومعراب  - يضيف <المرديون> - لم يخسر العماد عون كلمة واحدة على النائب فرنجية ولم يضعه في صورة ما يجري على رغم أن <الجنرال> يعرف تاريخ العلاقات بين <المردة> والقوات اللبنانية عموماً ورئيسها الدكتور سمير جعجع خصوصاً، ويدعو <المرديون> من يشكك بملاحظاتهم للعودة الى تسجيلات المقابلات التي أجريت مع كل من العماد عون والنائب فرنجية، فالأول  - يقول هؤلاء  - ولا يذكر النائب فرنجية في أحاديثه إلا نادراً أو إذا سُئل عنه، في حين كان يأتي فرنجية على ذكر عون عشرات المرات للتأكيد على العلاقة المميزة معه. أما في الحاضر، وبعد دخول فرنجية سباق رئاسة الجمهورية، فإن الموقف اختلف وانتقلت <حالة الفتور> التي سادت العلاقات الثنائية الى مرحلة المواجهة <التي لها ما يبررها> حسب <المردة>، خصوصاً بعدما بات العماد عون في موقف الرافض بالمطلق لترشيح فرنجية وللخطة <ب>، وبعدما أصبح الخطاب السياسي عند <العونيين> مختلفاً عن خطاب <المردة>، لا بل مناقضاً له، ما سيؤدي لاحقاً الى مواجهته بالطرق السياسية المتاحة.

وعندما يُسأل <المردة> عن التناقض في المواقف السياسية مع <التيار>، يسارعون الى القول بأن نقاط الخلاف كثيرة ليس أقلها الخلاف على مسألة <الخطر الوجودي على المسيحيين> الذي يتحدث عنه <التيار>، في حين لا يقرّ <المردة> بوجوده راهناً، وإن كانوا - مثل العونيين  - يطالبون بـ<شراكة كاملة> في الدولة. وفيما يستبعد <المردة> حصول أي مصالحة بين العماد عون والنائب فرنجية في المدى المنظور، يرون في المقابل أن لا شيء يرضي <العونيين> الا انسحاب النائب فرنجية من المعركة الرئاسية.. وهذا لن يحصل إلا في حالة واحدة وهي توافر الاجماع الوطني على مرشح مقبول للرئاسة، لاسيما وأن النائب فرنجية حظي بدعم شخصيات سياسية ووطنية، وليس من الأصول تجاهل مواقف هذه الشخصيات أو عدم استشارتهم عند الضرورة، وأبرزهم الرئيس نبيه بري الذي يعامل <البيك> الزغرتاوي على أنه المرشح الأوفر حظاً لرئاسة الجمهورية، وهو منحه تأييده مع كتلته النيابية سلفاً، والى حد بعيد أيضاً رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط و<المستقلون>.

 

الرابية: فرنجية بدّل موقفه

 

أما في الرابية، فيبدو <العتب> على النائب فرنجية كبيراً لاسيما عندما يستذكر من فيها الفترة التي تلت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه في العام 2005، يوم بدا النائب فرنجية في <عزلة> سياسية بعد جريمة الاغتيال مارسها حلفاء قبل الخصوم، ما أزعج العماد عون  - حسب مصادر الرابية  - وجعله <يحتضن> فرنجية وتياره ويحافظ عليه مسيحياً ويحجز له مقاعد في ثلاث حكومات توالت بعد الجريمة، خصوصاً عندما رفض <الجنرال> المشاركة من دون وزير عن <المردة>، ثم اكتمل الأمر بانضمام نواب <المردة> الى تكتل التغيير والإصلاح. وينفي من في الرابية ما يردده <المردة> عن <تهميش> لزعيمهم بدليل أن العماد عون كان يتشاور في كل مرة يكون فيها أمام استحقاق سياسي أساسي، مع النائب فرنجية مباشرة أو بواسطة الموفدين، لاسيما وأن العماد عون نادراً ما يتحرك من الرابية في مواعيد معلنة، وذلك لأسباب أمنية، إضافة الى أن النقاش في <التكتل> يدور بشفافية وصراحة أمام ممثلي فرنجية الذين يفترض <الجنرال> أنهم ينقلون الى بنشعي حصيلة المداولات وعندما لا يعترضون على القرارات، تكون الشراكة في اتخاذها كاملة.

وفيما يفضل من في الرابية عدم <نكء الجراح> والعودة الى الماضي للرد على <تغريدة> فرنجية التي تزامنت مع حضور النائب اسطفان الدويهي للمرة الاولى الجلسة التي دعا إليه الرئيس بري لانتخاب الرئيس العتيد، ثم التحدث إعلامياً على غير عادة، يرون في المقابل، أن العلاقات بين <الجنرال> و<البيك> استمرت طبيعية بعد الانتخابات النيابية في العام 2009، على رغم ما قيل عن ان <المردة> في البترون لم يقترعوا لصالح الوزير جبران باسيل، ووصل الأمر الى حد <تعاطف> نواب في <التيار> مع فرنجية من خلال الاقتراع بأسماء الشهيد طوني فرنجية وزوجته فيرا في الصندوقة التي دارت يومذاك بين العماد عون والدكتور سمير جعجع. إلا أن الصورة  - يضيف من في الرابية  - اختلفت فجأة بعيد الاعلان عن صياغة ورقة <اعلان النوايا> مع القوات اللبنانية تحت حجج مختلفة، على رغم أن <مشاورات> حول الاستحقاق الرئاسي كانت قد حصلت بين فرنجية و<القوات> على مدى ستة أشهر قبل أن تتوقف بعيد اتفاق عون وجعجع على <اعلان النوايا>، وأكثر من ذلك - يقول من في الرابية - أن فرنجية كان على علم بالاتصالات التي دارت بين عون والرئيس الحريري قبيل اجتماع باريس وبعده، في حين أن فرنجية <أخفى> عن العماد عون تواصله مع تيار <المستقبل> الى حين تسريب معلومات عنه من باريس ثم بعد عودة فرنجية الى بيروت. وهنا يرسم رواد الرابية الكثير من علامات الاستفهام حول <التجاوب> الذي أبداه فرنجية مع مرجعيات رسمية وسياسية للوقوف في وجه عون رئاسياً والتراجع عن مواقفه السابقة من ان عون هو المؤهل لهذا المنصب.

ولم يكتفِ فرنجية بالقبول بلعب هذا الدور بل <عاش التجربة> كاملة حين راح يطلق التصريحات المتتالية ضد العماد عون واتهامه بأنه لا يريد إلا نفسه رئيساً للجمهورية تحت عنوان <أنا أو لا أحد>، وصولاً الى <سلسلة إساءات> تغاضى <الجنرال> عن الرد عليها حفاظاً على العلاقة مع فرنجية، الى درجة أنه عمم على وزرائه ونوابه بعدم مهاجمة فرنجية رغم انتقاداته اللاذعة بحقه والتي وصلت مع الجلسة الأخيرة لـ<هيئة الحوار الوطني> الى حد التهجم شخصياً على العماد عون من دون أي رد من الوزير باسيل الذي حضر الاجتماع ممثلاً عمه.

وعندما يورد من في الرابية أمثلة على عدم تعاون فرنجية معهم والتنسيق في المحطات المصيرية، يتحدثون بإسهاب عما فعله وزير الدفاع فايز غصن في مجال التمديد للقيادات العسكرية، على رغم أن إعطاء ممثل <المردة> حقيبة سيادية هي حقيبة الدفاع تم بموافقة العماد عون الذي حُرِم من أي حقيبة سيادية إلا في حكومة تمام سلام ونتيجة تسوية معروفة. كذلك وقف فرنجية مع التمديد للمجلس النيابي وكذلك لقائد الجيش وعارض <القانون الأرثوذكسي> وغيرها من المشاريع التي وقف نواب <التيار البرتقالي> الى جانبها.

وبين <تغريدة فرنجية> و<زعل الجنرال>، بدا واضحاً أن العلاقة بين الرجلين انتهت على نحو دراماتيكي، وأن ما جمعه الماضي من توافق وتنسيق وتعاون، فرّقته رئاسة الجمهورية، وفي وقت وجد فيه القريبون من فرنجية ما يحصل فرصة لـ<نبش القبور> عبر العودة الى التاريخ واستحضار بعض محطاته، فإن محيط العماد عون يكتفي بتذكير زعيم <المردة> بتصريحات سابقة كان يردد فيها انه مع العماد عون رئيساً للجمهورية مهما كانت الظروف!