تفاصيل الخبر

”كرون“ مرض مزمن يسبّب التهاباً في الجهاز الهضمي...

28/02/2020
”كرون“ مرض مزمن يسبّب التهاباً في الجهاز الهضمي...

”كرون“ مرض مزمن يسبّب التهاباً في الجهاز الهضمي...

بقلم وردية بطرس

الاختصاصية في الجهاز الهضمي الدكتورة سينتيا شرفان:ليس هناك سبب واضح للاصابة بمرض ”كرون“ ولكن للعوامل الوراثية والعوامل البيئية تأثير في هذا الصدد!

 

 

داء <الكرون> هو مرض التهاب الأمعاء ويسبب التهاباً في الجهاز الهضمي ويمكن أن يؤدي الى ألم في البطن، واسهال شديد، وشعور بالتعب، وفقدان الوزن وسوء التغذية. وقد سُمي هذا المرض بهذه التسمية تقديراً للطبيب الأميركي <بيريل بيرنارد كرون> حيث كُتب عن المرض في العام 1932 ثم تغيّر اسم المرض بعد ذلك الى <كرون> تقديراً لجهوده في دراسة طبيعة هذا المرض وفهمه.

وسبب حدوث داء <الكرون> غير معروف حتى الآن، ولكن يبدو ان هنالك خليطاً من الأسباب التي تتضافر معاً لدى الانسان المصاب، منها عوامل وراثية وعوامل بيئية وجراثيم معويّة، وثمة عامل خارجي معين يسبب اختلال التوازن في الجهاز الهضمي يتبعه الالتهاب المزمن.

ويركّز الباحثون على العوامل والمسببات الاتية التي قد تؤدي الى داء <كرون>:

الجهاز المناعي حيث من المحتمل جداً ان يكون فيروس معين او جرثومة ما المسبب لمرض <كرون>. ويعتقد بعض الباحثين بأن خللاً وراثياً معيّناً يستثير ردة فعل شاذة تجاه الجرثومة لدى أشخاص معيّنين، اذ يعتقد غالبية الباحثين بأن الأشخاص المصابين بمرض <كرون> يُصابون به نتيجة لردة الفعل الشاذة التي يصدرها جهازهم المناعي لنوع معين من الجراثيم الموجودة بشكل دائم في الأمعاء.

الوراثية: حوالى 20 بالمئة من المصابين بمرض <كرون> لديهم آباء، أخوة أو أبناء مصابون بمرض <كرون> أيضاً.

 أما ذروة ظهور مرض <كرون> فتكون عادة في العقد الثالث من العمر، وغالباً ما تنتشر العدوى الناتجة عن مرض <كرون> عميقاً في الطبقات المصابة في أنسجة الأمعاء، ويمكن ان يكون مرض <كرون> من الأمراض المؤلمة والتي قد تسبب ضعفاً ووهناً للشخص المصاب به، وفي بعض الأحيان قد يتسبب هذا المرض في حدوث مضاعفات قد تهدد حياة الشخص. ويُعتبر مرض <كرون> من الأمراض المزمنة، ولكن هناك أدوية متعددة يمكن ان تساعد على ابقاء المرض تحت السيطرة حتى يمارس المريض حياة طبيعية ومنتجة، واذا لم تتمكن الأدوية من السيطرة على الأعراض، فالجراحة قد تكون خياراً لازالة الجزء المصاب من الأمعاء... ولا توجد أطعمة معينة تسبب مرض <كرون> ولم يثبت اي نظام غذائي خاص تأثيره في هذا المجال، ومع ذلك فقد تتسبب بعض الأطعمة في اشتعال أعراض المرض. وكانت دراسة قد أجريت في جامعة <غوته> في المانيا أوضحت بأن تطور المرض يتفاقم بشدة لدى المدخنين، وبأن التدخين يشكّل أحد أكثر المؤثرات السلبية على المرض الذي يُصاب به الأشخاص خلال الفئة العمرية 20 و40 عاماً، ويتعرّض المدخنون تحديداً لعملية جراحية في حال اصابتهم بهذا المرض.

الاختصاصية في الجهاز الهضمي الدكتورة سينتيا شرفان وأسباب مرض <كرون>!

فهل هناك أسباب او عوامل تؤدي للاصابة بمرض <كرون>؟ وما هي الأعراض؟ وماذا عن العلاج؟ وغيرها من الأسئلة أجابت عنها الاختصاصية في الجهاز الهضمي الدكتورة سينتيا شرفان ونسألها:

ــ هل هناك سبب واضح لحدوث مرض <كرون>؟

- ليس هناك سبب واحد، ولكن ربما هناك عامل وراثي بحيث يكون لدى المريض استعداد للاصابة بمرض <كرون>، وطبعاً هناك العامل البيئي، وأيضاً هناك ما يتعلق بجهاز المناعة الذي يؤدي الى الالتهاب المزمن في الجهاز الهضمي. ونعتقد بأن البكتيريا التي هي موجودة طبيعياً بالمصران يحدث لها تغيّر معين، اذ هناك بكتيريا تحمي وأخرى تسبب الالتهاب، أما العامل البيئي فاستناداً إلى العوارض نعرف ان الدخان من الممكن ان يؤثر بهذا الخصوص ويصبح لدى الشخص استعداد للاصابة بالمرض، وأيضاً للطعام تأثير اذ أثبتت الدراسات ان الطعام المدهن والوجبات السريعة اي الأطعمة الدسمة ممكن ان تؤثر ايضاً، وعلى العكس تماماً فالطعام الذي يحتوي على الألياف والخضار ممكن ان يحمي الشخص، كذلك فان التوتر يلعب دوراً اذ في البداية يكون التهاباً ومن ثم يتطور ويتحول الى مرض <كرون>، كما ان أدوية الالتهاب مثل الاسبرين والبروفينال وغيرها ممكن ان تسبب هذا المرض اذا كان لدى المريض استعداد للاصابة به.

ــ وهل تختلف العوارض بين شخص وآخر؟

- أكثرية العوارض هي وجع في البطن، واسهال، وغثيان، وخسارة الوزن بدون معرفة السبب، وأحياناً اذا كانت هناك بكتيريا <اي كولاي> التي تتواجد أكثر في المصران الغليظ اجمالاً فيصاحب المرض خروج دم مع البراز ولكن لا يحصل ذلك دائماً، واذا أُخضع المريض لفحص الدم ورأينا مثلاً ان لديه فقر دم ونقصاً في فيتامينات معينة فممكن ان يكون ذلك مؤشراً لبداية <كرون>، وأحياناً تظهر العوارض خارج الجهاز الهضمي كالألم في المفاصل أو في الجلد حيث يظهر نوع معين من الاحمرار وأحياناً تظهر تقرّحات في الجلد ممكن ان تكون مرتبطة بـ<الكرون>. وغالباً ما يصيب <كرون> آخر جزء من المصران الصغير اي المكان الذي يوصل بالمصران الكبير.

الشباب هم الأكثر عرضة للاصابة بمرض <كرون>!

ــ ولماذا يصيب مرض <كرون> الشباب بنسبة اكبر؟

- للأسف هذا صحيح، فالمرض يصيب الشباب أكثر اذ ان الأشخاص ما بين سن 15 و30 سنة هم الأكثر عرضة للاصابة بهذا المرض، وهناك احتمال الاصابة بسن الخمسين او الستين سنة ولكن بنسبة أقل.

ــ وهل ان زيادة نسبة المرض تعود لعوامل جديدة أدت لحدوثه او انها تعود للتشخيص المبكر؟

- صحيح، اذ ان التشخيص مهم لكشف المرض، وان مرض <كرون> تاريخياً كنا نسميه <مرض الغرب> اذ كانت نسبة الاصابة به في أوروبا وأميركا واستراليا هي الأعلى، ولكن اليوم في القرن الواحد والعشرين أصبحنا نعتبره مرضاً عالمياً لأننا نراه في بلدان في الشرق الأوسط حيث تغير نمط عيشنا وأصبح يشبه نمط العيش في الغرب، فقد استغنينا عن طعامنا الذي يحتوي على الحبوب والخضار وبتنا نتناول أطعمة غير صحية، كما ان التوتر ازداد في يومنا هذا. اذاً تغيّر نمط العيش أدى الى زيادة حالات الاصابة بمرض <كرون> اسوة بالبلدان الصناعية.

التشخيص والسيطرة على المرض!

 

ــ وكيف يتم التشخيص؟

- أولاً نبدأ بفحص الدم لنعرف اذا كان هناك اي خلل لان الشخص قد يشعر بألم في البطن او باسهال ولكنه لا يكون مصاباً بـ<كرون>، وبالتالي من خلال فحص الدم او فحص الخروج واذا تبين ان هناك نقصاً في الحديد او في فيتامينات معينة فعندها نخضع المريض لفحص الناضور ونأخذ خزعة عبر الناضور، واجمالاً يتبين ما اذا كان هناك التهاب، واذا كان الأمر مشكوكاً به يُجرى للمريض فحص <ERM> و<SCAN> بحيث يتبين اذا كان هناك نوع من الالتهاب.

ــ ماذا عن العلاج؟

- طبعاً هناك مراحل عدة للعلاج، فهناك علاج للمرض اذا كان خفيفاً، وهناك علاج آخر اذا كان المرض شديداً، ففي الحالات الخفيفة ممكن ان توصف للمريض الحبوب، وبأول العلاج توصف له أدوية الكورتيزون ولكن المهم الا يأخذها لمدة طويلة اي ان يأخذها الى ان يشعر بأنه قد تحسّن، ولكن اذا كان الالتهاب أقوى فهناك أدوية معينة تُؤخذ عبارة عن حقن اذ يُحقن المريض بالوريد او تحت الجلد، ولكن للأسف ليس هناك علاج للمرض فما نفعله هو مجرد السيطرة على الالتهاب، ومبدئياً فان العلاج يُتبع لمدة طويلة الا اذا تحسّن وضع المريض.

ــ ومتى يستدعي الامر اجراء عملية جراحية للمصاب بمرض <كرون>؟

- أحياناً يستدعي الأمر اخضاع المريض لعملية جراحية اذا حصل انسداد في المصران لأنه أحياناً هذا الالتهاب يؤدي الى انسداد في المصران، كذلك عندما يكون الالتهاب شديداً ولا يتجاوب المريض مع الدواء فممكن ان يحتاج للجراحة، ولكننا نحاول ان نبتعد عن اجراء العملية الجراحية لأنه كلما خسر المصاب من معدته كلما ازدادت نسبة حصول الاسهال وما شابه.

ــ اذاً ليس هناك علاج شاف... ولكن هل من الممكن ان يصل المريض الى مرحلة يرتاح فيها لمدة طويلة؟

- ممكن ذلك فهناك درجات للمرض، فاذا كان <الكرون> خفيفاً تكون السيطرة عليه ممكنة، ولكن هذا المرض هو مرض مزمن مثل السكري، وليس هناك شفاء تام منه ولكن تتم السيطرة على المرض من خلال أخذ الأدوية، فكل يوم هناك أدوية جديدة لهذا المرض لأنه يزداد عالمياً، كذلك هناك حوالى عشرين دواء يتم دراستها لأن الهدف ايجاد دواء بدون مضاعفات... والأهم انه يجب الامتناع عن التدخين وعدم تناول أدوية <INFLAMMATOIRE> التي تزيد الالتهاب... وطبعاً يجب الانتباه لنوعية الطعام لأن هناك أطعمة تزيد من نسبة الاصابة بـ<كرون> خصوصاً عندما يكون هناك التهاب... وكوني تخصصت بمرض <كرون> وعاينت الحالات التي تتعلق بمرض <كرون> في مستشفى جامعي في الولايات المتحدة الأميركية في جامعة واشنطن، أرى انه في المستقبل يجب ان يكون هناك فريق من الأطباء يتعاونون لأن الامر لا يتوقف على الاختصاصيين في الجهاز الهضمي، بل انه في المستقبل لا بد ان يوجد مركز ليعالج المريض من كل النواحي وليس فقط بأخذ الأدوية.