تفاصيل الخبر

قرض البنك الدولي للأسر الفقيرة: إقراره معلق... وتوزيعه مؤجل

20/01/2021
قرض البنك الدولي للأسر الفقيرة: إقراره معلق... وتوزيعه مؤجل

قرض البنك الدولي للأسر الفقيرة: إقراره معلق... وتوزيعه مؤجل

[caption id="attachment_85097" align="alignleft" width="375"] وزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني.[/caption]

 وسط الصورة القاتمة التي يعيشها لبنان هذه الفترة، أتت موافقة البنك الدولي على قرض قيمته 246 مليون دولار، ليشكل محطة مضيئة ولو بنور خافت، في العتمة التي تلف لبنان. الا ان هذا القرض اوجد مخاوف عدة ابرزها عدم اقراره في الوقت المناسب، وسوء استخدام الأموال المخصصة أساساً لدعم الفقراء لتخطي الازمة الاقتصادية الناتجة عن الانهيار الاقتصادي والمالي، وتداعيات وباء "كورونا". القرض الذي يؤمن مساعدة طارئة للبنان على شكل تحويلات مالية وخدمات اجتماعية لنحو 786 الف لبناني يعيشون تحت حافة الفقر ويرزحون تحت وطأة ازمتين اقتصادية وصحية خانقتين، يواجه بعض الملابسات قد تجعل طرق الاتفاقية غير مسهلة لا قانونياً ولا عملياً.

وفي هذا الاطار تقول مصادر رسمية إنه بعدما وقع وزير المال غازي وزني محضر التفاوض حول بنود الاتفاقية 10/12/2020 وبعد موافقة البنك الدولي على هذه البنود يفترض ان يحيل وزير المال مسودة الاتفاقية الى مجلس الوزراء الذي يفوضه التوقيع على الاتفاقية النهائية الا ان عدم وجود حكومة ينقل الامر الى الطريق الاستثنائية، حيث يتوقع ان تحيل رئاسة مجلس الوزراء الاتفاقية الى وزارة الخارجية لابداء الرأي، قبل ان يفوض الوزير بالتوقيع، والمشكلة ان وزارة المال لم تتسلم بعد نص الاتفاقية من البنك الدولي، كما انها لم تعمد الى ترجمتها قبل احالتها الى رئاسة مجلس الوزراء . قد يكون من السهل تنفيذ كل هذا خلال أيام. لكن بعد توقيع وزير المال، يفترض إعادة الاتفاقية الى مجلس الوزراء لإعداد مشروع قانون بشأنها وتحويله الى مجلس النواب، وهنا لب المشكلة، فدوائر مجلس النواب لم يسبق ان وافقت على تسلم مشروع قانون تعده حكومة مستقيلة، انطلاقاً من ان إحالة مشاريع القوانين لا تدخل في اطار المعنى الضيق لتصريف الاعمال. مع ذلك، ثمة من يأمل ممن شاركوا في المفاوضات مع صندوق النقد بأن يجد رئيس المجلس نبيه بري فتوى لهذا الامر، نظراً الى الأهمية القصوى للحصول على المبلغ، خصوصاً انه كان شجع على تحريك المفاوضات، ومن الخيارات المطروحة ان تعقد الحكومة جلسة استثنائية لاقرار مشروع القانون، الا ان ذلك أيضاً دونه عقبات عديدة، ابرزها ان الرئيس حسان دياب لا يزال يرفض عقد اجتماع كهذا، وثانيها ان اجتماعاً كهذا سيفتح الباب امام التشكيك في كل القرارات الاستثنائية التي اتخذت من دون اجتماع الحكومة.

كذلك، هناك من يدرس امكان تقديم الاتفاقية ضمن اقتراح قانون يقدم من عدد من النواب، الا ان ذلك ان حصل يمثل سابقة، لأن عقد الاتفاقيات الدولية من صلب عمل السلطة التنفيذية.

عائق أمام صرف المساعدات

ووفق المصادر نفسها انه لن يكون في الإمكان صرف هذه المساعدات قبل ثلاثة اشهر، علماً ان عملية التوزيع ستستغرق مدة مماثلة او اكثر، فضلاً عن ان لوائح المستفيدين لم تكتمل بعد. لكن العامل الإضافي الذي طرأ على هذا الملف هو موافقة البنك الدولي على اقتراح وزارة المال بدفع الأموال لمستحقيها بالليرة اللبنانية على سعر 6250 ليرة للدولار أي بزيادة 60% على سعر المنصة بهدف الاستفادة من القرض بالدولار لتعزيز احتياطات مصرف لبنان من العملات الأجنبية. صحيح ان هذه الخطوة اثارت اعتراضات عدة منها ان هذا الامر سيزيد من التضخم الناتج عن طرح كتلة نقدية كبيرة  بالليرة اللبنانية تفوق قيمتها 1500 مليار ليرة وسحب الدولارات من ايدي الاسر الأكثر فقراً وتوزيعها على المقيمين في لبنان، ولكن الصحيح أيضاً ان برنامج دعم الاسر الأكثر فقراً برنامج حكومي تتكفل به الدولة، والقرض هو قرض للدولة اللبنانية، وبالتالي فإن الدولة، خلافاً لما يشاع، لم تحرم المسجلين في البرنامج من الدولارات، بل على العكس، فحرصاً منها على ان تكون المبالغ التي يحصلون عليها غير مجحفة لم تشأ ان تدفعها على أساس سعر المنصة، بل على أساس سعر 6250 ليرة للدولار، من هنا فإن القرض، في هذه الظروف يجب ان يكون له دوران: مساعدة الأكثر فقراً ومساعدة الاقتصاد. كل ذلك لا يلغي حقيقة ان البنك الدولي وافق على تمويل الاسر التي تنضوي في البرنامج بـــ 27 دولاراً للفرد، لكن الدولة اللبنانية ارتأت اقتطاع 30 في المئة من هذا المبلغ لصالح دعم السيولة في مصرف لبنان.

واذا كانت المشكلة ببعدها الحالي قد وجدت حلاً او على طريق الحل، فإن الوجه الآخر للاشكالات يتصل بطريقة تنفيذ القرض الذي يفترض ان يمول ما بين 140 الف اسرة و160 الف لمدة سنة، مع معدل عدد افراد الاسرة ستة اشخاص. الا ان البيانات التي تحدد هذه الاسر لا تزال في طور الإنجاز اذ تجري وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع شركات خاصة زيارات منزلية لنحو 300 الف اسرة تمهيداً لتحديد الأسر المستفيدة من البرنامج الذي يعيل حالياً 43 الف اسرة. وفي المعلومات ان الطلبات الموجودة في وزارة الشؤون الاجتماعية تصل حالياً الى 300 الف طلب للاستفادة من مشروع استهداف الأسر الأكثر فقراً. وتأمل الوزارة انه من خلال الزيارات الميدانية لمنازل مقدمي هذه الطلبات، ان تتوضح الاعداد الحقيقية بحيث يبقى من اصل الـ 300 الف، النصف أي 150 الف اسرة أي ما يعادل 800 الف شخص يستفيدون من البرنامج لمدة سنة. صحيح ان حصة الفرد لم تتغير اذ سيحصل كل فرد على 100 الف ليرة الى حد اقصى يصل الى ستة افراد، فإن 200 الف ليرة إضافية ستدفع بشكل مقطوع لكل أسرة بما يجعل المبلغ الشهري الإجمالي يصل الى 800 الف ليرة. الا ان هذه المبلغ اذا ما احتسب على أساس 6250 ليرة للدولار يتبين انه لا يساوي اكثر من 21.3 دولاراً للفرد الواحد!.

وتأمل مراجع رسمية ان يصار الى تذليل العقبات القانونية والإدارية والتنظيمية في وقت قريب حتى يستفيد اللبنانيون من القرض وكذلك مصرف لبنان لأن الدولارات ستصب فيه، فيما الدفع سيكون بالليرة اللبنانية.