تفاصيل الخبر

قـــرار المجلــس الدستـوري إبطـال نيابـــة ديمــــا جمالــــي ”حاكم“ العملية الانتخابية برمتها مبرزاً شوائب فيها!

01/03/2019
قـــرار المجلــس الدستـوري إبطـال نيابـــة ديمــــا جمالــــي  ”حاكم“ العملية الانتخابية برمتها مبرزاً شوائب فيها!

قـــرار المجلــس الدستـوري إبطـال نيابـــة ديمــــا جمالــــي ”حاكم“ العملية الانتخابية برمتها مبرزاً شوائب فيها!

كل ما قيل اعتراضاً على قرار المجلس الدستوري بإبطال نيابة السيدة ديما جمالي عن المقعد السني الخامس في طرابلس بعد طعن منافسها المرشح طه ناجي بنيابتها، لن يغير في الواقع شيئاً، ذلك أن قرارات المجلس الدستوري مبرمة ولا تقبل أي نوع من أنواع المراجعة، وبالتالي فليس أمام القيادات السياسية المعنية في طرابلس والشمال، وكل لبنان ربما، سوى أن تستعد للانتخابات الفرعية عن المقعد الذي شغر، والتي قد تجري في منتصف شهر نيسان/ أبريل المقبل قبل أن تدخل البلاد في عطلة عيدي الفصح لدى الطوائف الشرقية والغربية على حد سواء. ولأن الانتخاب الفرعي يتم وفق القانون الجديد الذي جرت الانتخابات على أساسه، فإن النظام المعتمد للانتخابات الفرعية هو النظام الأكثري ونظام الدائرة الواحدة التي ترشحت السيدة ديما جمالي فيها، أي دائرة طرابلس، ما يعني أن إمكانية إعادة انتخاب جمالي واردة إذا ما توافر التعاون بين <المستقبل> وتيار <العزم> والنائب السابق محمد الصفدي.

القرار الذي صدر عن المجلس الدستوري، أتى بعد ثمانية أشهر ونيّف من تقديم المرشح طه ناجي الطعن، وبعد تدقيق كشف بعض العيوب التي شابت العملية الانتخابية، خصوصاً التدقيق في محاضر لجان القيد وفي بعض محاضر أقلام الاقتراع، إضافة الى قلم بلدة قرصيتا الذي تم إبطاله لمخالفته القانون. وقد اعتبر رئيس المجلس الدستوري الدكتور عصام سليمان أن قرار المجلس بقبول الطعن وإبطال نيابة جمالي وعدم اعتبار طه ناجي فائزاً لوجود شوائب لم يتمكن المجلس من التأكد منها لإعلان فوز ناجي، هو قرار <مدروس>، رافضاً الحملة السياسية التي شنها البعض، ذلك أنه عندما يصدر المجلس قراراً فهو ملزم ويجب ألا يُقال انه غدر أو نكد سياسي، و<نحن نمنع أي تدخل سياسي بدليل أننا أبطلنا نيابة جمالي ولكننا لم نعلن فوز الطاعن طه ناجي>.

 

<محاكمة> قاسية للعملية الانتخابية!

 

وفيما أثار القرار اعتراضاً لاسيما من كتلة <المستقبل> النيابية، اعتبرت مصادر سياسية أن أعضاء المجلس الدستوري الثلاثة الذين خالفوا القرار وهم نائب رئيس المجلس القاضي طارق زيادة والقاضي سهيل عبد الصمد والمحامي زغلول عطية، أكدوا بمخالفتهم المعللة أن النقاش داخل المجلس الدستوري كان نقاشاً قانونياً وعلمياً لا تأثير للسياسة فيه ولا للسياسيين، الأمر الذي يشــــير الى أن المجــلس استطــــــاع وهــــــو في نهايـــــــة ولايته أن يقول كلمته ليس فقط في انتخابات دائرة واحدة، وفي طعن واحد، بل في كل العملية الانتخابية التي حصلت في شهر أيار/ مايو 2018، بدليل أن ملاحظات المجلس شملت أيضاً 17 طعناً آخر ردها المجلس بالإجماع لعدم توافر معطيات تؤدي الى الأخذ بها، أو بإحداها.

وبعيداً عما إذا كان قرار المجلس الدستوري بعدم إعلان فوز المرشح الطاعن طه ناجي صائباً أم لا، لأن مجال الاجتهادات واسع جداً في هذا الصدد والفرضيات كثيرة ومتشعبة خصوصاً لناحية لغة الأرقام والنسب في قانون النسبية والصوت التفضيلي، فإن العبر التي يمكن استخلاصها من قرارات المجلس الدستوري في حالتي قبول الطعون أو ردّها كثيرة لكنها تشكل كلها <محاكمة قاسية> للعملية الانتخابية خصوصاً لجهة التأخير في تسليم هيئة الإشراف على الانتخابات تقريرها النهائي في المهل المنصوص عنها، أو لجهة الإشارة الى ضعفٍ في الخبرة والتدريب غير الكافي للذين أجروا الانتخابات من رؤساء أقلام وكتبة ورؤساء وأعضاء لجان قيد، إضافة الى استخدام نظام الكومبيوتر للمرة الأولى في لبنان لإعلان النتائج. كما أظهرت هذه <المحاكمة> عدم قدرة المرشحين والفائزين على حد سواء، من الحصول على كل المستندات المتعلقة بالانتخابات على رغم ان الجهات التي تحوز على هذه المستندات ملزمة بتسليمها الى المجلس الدستوري.

وتقول مصادر متابعة ان الصعوبات التي واجهت عمل أعضاء المجلس الدستوري خلال درس الطعون التي قدمت كانت كثيرة، وهو ما يفرض بوزارة الداخلية والبلديات وكل من هو معني بالانتخابات النيابية، إعادة النظر بالكثير من الإجراءات والآليات المعتمدة، والدليل الغموض الذي رافق وضع قلم بلدة قرصيتا الذي وصل ــ حسب تقرير لجان القيد - مفتوحاً وفارغاً من أية مستندات أو جدول بلائحة الشطب والناخبين، وقد تثبتت هذه المعطيات من خلال شهادة عضوين من هذه اللجان هما القاضية مايا عويدات والقاضية روى شديد، وليظهر لاحقاً وبعد تجميع الأوراق أنه تم فرز 56 ورقة من أصل 322 ناخباً شاركوا في العملية الانتخابية. وتضيف المصادر نفسها ان من الصعوبات ايضاً التي كشفت خللاً في العملية الانتخابية،

رفض وزارة الداخلية تسليم المجلس الدستوري ما يتصل بقلم قرصيتا على رغم المراجعات المتكررة من المجلس.

 

انتخابات وتعيينات

 قريبة للمجلس الدستوري!

في أي حال، <ودّع> أعضاء المجلس الدستوري مجلسهم بعد سنوات من العمل بالقرارات التي أصدروها في الطعون النيابية المقدمة، رافضين أية انتقادات وُجّهت اليهم حول القرار المتعلق بنيابة السيدة جمالي، وهم يستعدون لتسليم <الأمانة> الى هيئة جديدة يفترض أن ينتخب مجلس النواب نصف أعضائها ويعين مجلس الوزراء النصف الثاني (5 ــ  5)، لكنهم يبقون في المجلس الى حين انتخاب وتعيين البدلاء العشرة، وذلك وفق ما ينص عليه قانون المجلس الدستوري. وبالتالي، فإن الأنظار ستتجه الى التركيبة الجديدة للمجلس الدستوري التي سوف تستمر لسنوات لاسيما وان العهد الرئاسي انتصف وبديهي أن يستمر المجلس الى نهايته وبداية العهد التالي.

ولأن الحديث عن <التدخلات> السياسية في عمل المجلس يبقى طاغياً في كل موسم انتخابي، فإن الجهات السياسية المؤثرة بدأت تعد العدة لخوض <معركة> المجلس الدستوري الذي يتوزع الأعضاء فيه طائفياً، على عضوين لكل من الطوائف المارونية والأرثوذكسية والسنية والشيعية، وعلى عضو لكل من الطائفتين الدرزية والروم الكاثوليك. ويفترض أن يتوافر ثلاثة أو أربعة مرشحين عن كل طائفة ليتم اختيار الأعضاء من بينهم. وما هو  واضح حتى الآن أن الترشيحات التي قُدّمت مؤخراً وتلك التي كانت قُدّمت سابقاً، لا تزال تحتاج الى اكتمال التمثيل الطائفي فيها. وقد اتضح أن ترشح قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا (عن الطائفة الدرزية) لم يكتمل قانوناً لأنه استقال من منصبه في القضاء وقُبِل في مجلس الشرف بعد انتهاء مهلة الشهر القانونية لقبول طلبات الترشح لعضوية المجلس. كذلك تبيّن أنه لم يعد هناك مرشح ارثوذكسي ثانٍ لموقعين في المجلس بعد تعيين القاضي ألبرت سرحان وزيراً للعدل، ولم يعد هناك سوى مرشح ارثوذكسي واحد هو القاضي ميشال عيد. لذلك ثمة من يتحدث عن احتمال فتح باب الترشيح مجدداً لاستكمال الترشيحات، لكن الأمر يحتاج الى تعديل قانون المجلس الدستوري مجدداً في مجلس النواب وهو أمر قد يأخذ وقتاً ما يعني أن الأعضاء الحاليين سوف يستمرون في مواقعهم وقتاً إضافياً، وبالتالي فإن التدخلات السياسية سوف يرتفع منسوبها خصوصاً أن معظم المرشحين الذين قدموا ترشيحاتهم لعضوية المجلس الدستوري على اتصال مع مرجعيات سياسية سوف تسعى الى حجز مقاعد لـ<ممثليها> في المجلس الذي يتردد منذ اليوم اسم رئيسه العتيد، وهو قاضٍ متقاعد وعضو سابق في مجلس القضاء الأعلى ويتمتع بحضور قضائي لافت وبثقة مرجع عالٍ في الدولة!