تفاصيل الخبر

"كورونا" يواصل سيطرته والإصابات إلى ارتفاع

13/05/2020
"كورونا" يواصل سيطرته والإصابات إلى ارتفاع

"كورونا" يواصل سيطرته والإصابات إلى ارتفاع

 

بقلم علي الحسيني

[caption id="attachment_77909" align="aligncenter" width="588"] الإصابات بـ"كورونا" في لبنان ..الإرتفاع الملحوظ[/caption]

 لا يزال الشأن الصحي في لبنان على حاله من الخطورة بحيث إزدادت لا مبالاة اللبنانيين مع تسهيل الحكومة حياة اللبنانيين من خلال تخفيف الإجراءات والقيود عن بعض الأمور التي كانت محظورة، وقد أعربت مصادر وزارة الصحة لـ"الأفكار" عن قلقها من عدم الالتزام بقرار التعبئة العامة وعدم استخدام الوسائل الوقائية من كمامات وسواها، ما قد يؤدي الى انتقال عدوى فيروس "كورونا" وعودة انتشار الوباء بسرعة كبيرة ما يعني استحالة السيطرة عليه.

العودة إلى الإقفال..والهواجس الى ارتفاع

[caption id="attachment_77924" align="alignleft" width="333"] وزير الداخلية محمد فهمي القرارات الحازمة[/caption]

 أصدر مجلس الوزراء خلال اجتماعه يوم الثلاثاء الفائت قراراً بالإغلاق الكامل لمدة 4 أيام اعتباراً من مساء الأربعاء 13 أيار(مايو) حتى صباح الإثنين 18 أيار (مايو) على أن يصدر وزير الداخلية محمد فهمي لاحقاً، بيانات بالاجراءات التي ستطبق والاستثناءات، وذلك في ضوء توصية من وزير الصحة حمد حسن وبعد شرحه ما آلت إليه الأوضاع الصحية في لبنان. وقال حسن في السياق "إن قرار الاغلاق أتخذ لاستكمال المسح الميداني المتعلق بالحالات المشخّصة وتدارك الإنزلاق إلى مرحلة التفشي المجتمعي". من جانبه، قال وزير الداخلية: الإقفال العام تقرر بسبب تزايد الإصابات بـ"كورونا" والاجراءات فيها استثناءات كما في المرحلة الاولى وإعادة التقييم نجريه الأحد عشية انتهاء المهلة وعودة اللبنانيين تستكمل وفق ما هو محدد.

 ونُقل عن رئيس الحكومة حسان دياب أنه أكد العودة إلى الإغلاق التام في الداخل من مساء الأربعاء حتى الإثنين، باستثناء المستشفيات والقطاعات الغذائية والزراعية، ومع إعادة النظر في مراحل إعادة فتح القطاعات ونحن في المرحلة الثالثة. وشدد على وجوب اتخاذ إجراءات صارمة بحق التجار الذين يتلاعبون بالأسعار. وقال: طلبت سابقاً من القوى الأمنية ضبط المتلاعبين بسعر صرف الدولار، وهذا ما جرى والملف اليوم بيد القضاء.

 واللافت أن قرار الإقفال هذا، كانت سبقته المرحلة الثالثة من إجراءات تخفيف التعبئة العامة، مع تعديل توقيت منع الخروج والولوج إلى الطرق بين السابعة مساء والخامسة فجراً، مع الإبقاء على تقييد حركة السير بالمفرد والمزدوج باستثناء يوم الأحد. وفي الموازاة،

[caption id="attachment_77911" align="alignleft" width="375"] جلسة مجلس الوزراء يوم الثلاثاء الماضي ..تعب التعبئة[/caption]

فإن ارتفاع عدد الإصابات قد بلغ رقماً قياسيّاً خلال الأيام الماضية القليلة، الأمر الذي دفع وزارة الصحة إلى تنبيه المواطنين لضرورة التشدد بشروط الحجر المنزلي، خوفاً من عودة الواقع الوبائي إلى مرحلة الإنتشار الواسع. كما دفع وزارة الداخلية إلى التحذير أنه في حال استمرار بعض المواطنين بعدم التزام التعليمات، سيصار إلى إلاقفال التام للإدارات والمؤسسات العامة والخاصة والشركات والمحال التجارية.

 هذه المخاوف، دفعت وزير الصحّة حمد حسن الى القول، إن هذا الإرتفاع يدفعنا لاتخاذ تدابير جديدة من نقطة الصفر لتتبع الحالات ومنع انتشار الوباء مجدداً، معوّلاً على ضمير الوافدين لحماية المجتمع المحيط بهم والالتزام بالإجراءات المتخذة من قبل الوزارة والسلطات المعنية. وأكد أن هناك عدم التزام تام من قبل المواطنين بالتدابير المتدرجة، وأن ​لبنان​ ما زال في مرحلة خطر انتشار الوباء وبالتالي يتوجب الابقاء على الضوابط. أما المدير العام للأمن العام​ ​اللواء عباس ابراهيم​ فقد أكد على اقتصار الرحلات من الخارج على معيار الأفضلية حيث إن الأولوية ستكون للبنانيين حصراً.

بين الخطأ والتريّث..الخوف سيد الموقف

[caption id="attachment_77915" align="alignleft" width="375"] وزير الصحة حمد حسن ..المرحلة الأصعب[/caption]

 مصادر خاصّة تكشف أن وزير الصحّة كان طلب الى مجلس الوزراء إصدار قرارات تدعو إلى التشدّد على الالتزام بالتعبئة العامة والتريث برفعها بشكل نهائي حتى ولو قررت الحكومة إعادة فتح المؤسسات، فهناك ضرورة تلزم المواطنين الاستمرار بإجراءات الوقاية تجنباً لاتخاذ قرارات صارمة، فطالما لا يوجد لقاح يجب أن تبقى اجراءات التعبئة قائمة. وقالت المصادر: إن وزير الصحّة كان وما زال من أشد المعارضين لقرار تخفيف الإجراءات ذات الصِّلة بالتعبئة العامّة، نظراً لإمكانية أن يترتّب عنه مخاطر فيما لو إجتاحت موجة ثانية من "كوفيد-19" البلاد لأنها قد تكون أشد فتكاً، وهذا الأمر مدار توقّع لدى المختصّين في مجال مكافحة الوباء الخبيث حول العالم.  وفي السياق، اعتبر وزير سابق مُطلع بشكل كبير على الوضع الصحّي القائم في لبنان وتحديداً ما يتعلّق بفيروس "كورونا"، أن سياسة الحكومة الصحيّة التي انتهجتها خلال الفترة الأخيرة من خلال تقليص الإجراءات الوقائية من شأنها أن تنعكس سلباً لناحية عددِ الاصابات بالوباء. ورأى عبر "الأفكار" أن التظاهرات التي تشهدها البلاد والتفلّت الواضح في موضوع الوقاية بالإضافة إلى التساهل الذي أبدته الحكومة تجاه المواطنين والسماح لنسبة كبيرة من اللبنانيين بالعودة إلى مزاولة أعمالهم ولو بفترات محددة، هي خطوات لن تحدّ من إنتشار "كورونا" بل قد نشهد خلال الأسابيع المقبلة نسبة كبيرة من الإصابات.

 ورأى الوزير السابق أن نسبة التقيد بالحجر المنزلي كانت أعلى بكثير في البداية، وقد أظهرت التقارير أنها لا تتعدى الـ 65  في بعض المناطق كعكار والبقاع والنبطية ما يستوجب التشدد في الاجراءات بالتوازي مع وعي الناس الذين التقوا العائدين من الخارج. أمّا الأمر الإيجابي في موضوع "كورونا"، كان ارتفاع عدد حالات الشفاء في لبنان هذا الاسبوع الى 234 حالة بعدما كان سجل منذ اسبوعين 150 حالة .

 وفي اطار تعديل رحلات المرحلة الثالثة من إعادة اللبنانيين العالقين في الخارج كشف سفير لبنان في الرياض فوزي كبارة أن طائرات "الميدل إيست" التي ستقلع من المملكة العربية السعودية من ١٤-٢٤ أيار (مايو) تقلص عددها  من ١٨ رحلة إلى ١١ رحلة مقسمة كالتالي: ٦ رحلات من الرياض، ٣ من جدة، رحلتان من الدمام وذلك نظراً لانخفاض الطلب والإجراءات الإحترازية المُتخذة من الحكومة اللبنانية للحد من إمكانية حدوث موجة ثانية من وباء "كورونا".  ولفت تنبيه السفير كبارة المقيمين في السعودية والراغبين بالعودة الى أنه لن يُراعى التباعد الإجتماعي في طريقة الجلوس بالطائرة نظراً لخضوع جميع الركاب، وحتى الأطفال منهم، لفحوصات الـ"بي سي آر".

دور الحضانة.. جنّة الأطفال منازلهم

[caption id="attachment_77923" align="alignleft" width="375"] دور حضانة الأطفال..جنّة الأطفال منازلهم[/caption]

 في ما يتعلق بدور الحضانة وهي المسألة التي كانت أخذت الكثير من الأخذ والرد بين وزير الصحّة من جهة ولجان أهالي الأطفال من جهة أخرى، كان أصدر وزير الصحة العامة قراراً ينظم عملية فتح دور الحضانة بحيث تفتح إداراتها  حصراً في 11 أيار(مايو) لإنجاز أعمال الاستعداد اللوجستي لاستقبال الأطفال في حزيران (يونيو) المقبل. وشدد القرار على ضرورة تقيد دور الحضانة الخاصة بالإرشادات المدرجة على الموقع الإلكتروني لوزارة الصحة العامة وتنفيذها قبل إعادة الفتح. كما لفت إلى أن دور الحضانة ستخضع للرقابة عبر كشوفات ميدانية وزيارات مفاجئة للتأكد من تطبيق جميع الشروط والإرشادات بهدف الحفاظ على السلامة العامة وصحة الأطفال فيها.

 أما بعد قرار الإقفال التام، فإن كل شيء سيعود إلى الوراء حتى القرارات الإستثنائية التي كانت اتخذت، هي اليوم مُعلّقة إلى أجل غير مُسمّى. وفي هذا الصدد يُشير مصدر نيابي أن الحكومة تتسرّع دائماً في قراراتها، وهذا ما يدعو الى الخيبة في معظم الأحيان، واليوم وفي ظل إنتشار الفيروس القاتل، وفي ظل الإستهتار الحكومي الذي يظهر بين حين وآخر، أصبحنا نخاف على أنفسنا من أي قرار غير مدروس خصوصاً أن ما شاهدناه خلال اليومين الماضيين من ارتفاع "جنوني" في عدد الإصابات، يدعوننا إلى مُسائلة الحكومة عن حقيقة الإجراءات التي تتخذها، ومصداقيتها.

نداء الطوارئ للبنان

 الإسبوع المنصرم، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها في لبنان، "نداء الطوارئ للبنان"، والذي تبلغ قيمته 350 مليون دولار أميركي، بهدف معالجة النواحي الحرجة للتدخلات الانسانية لحماية حياة الناس الذين هم الأكثر عرضة للخطر بسبب تفشي فيروس "كورونا" في لبنان، وما يترتب عن ذلك من تأثير اجتماعي واقتصادي فوري. وقال المنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان ومنسق الشؤون الإنسانية بالإنابة "كلاوديو كوردوني" إنه من خلال هذا النداء، تعمل الأمم المتحدة وشركاؤها على إعادة تركيز عملهم لدعم الحكومة والشعب خلال الظروف الحالية التي يمر بها لبنان. وأكد أنه من الضروري للبنان تأمين الأموال المطلوبة حتى يتمكن الأشخاص الأكثر حاجة ًمن تلقي المساعدة الإنسانية العاجلة.

 من جهتها قالت ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان الدكتورة إيمان الشنقيطي: حتى الآن، لا يزال لبنان قادراً على الالتزام بخطة محكمة ومنسقّة للإستجابة لفيروس "كورونا". ونحن بحاجة الآن الى أن نبقى حذرين ونواصل تقديم الدعم اللازم حيث إن مرحلة تفشي الوباء لم تنته بعد. ورأت أن ظهور فيروس "كورونا" في لبنان جاء في وقت صعب للغاية مما زاد نقاط الضعف الموجودة مسبقاً، وزاد تفشي المرض من الضغط على النظام الصحي الوطني المثقل أساساً بالأعباء ونقص الموارد.

كورونا يدخل المرحلة الأصعب

 كل التطورات توحي بأن تمديد العمل بمرحلة "التعبئة العامة" و"الطوارئ" على الطريقة اللبنانية ما زال مطلوباً بإلحاح. فعملية استيعاب الفيروس تحتاج الى مثل هذه الخطوات وسط التوقعات بأن لبنان سيدخل بعد أيام مرحلة الذروة في الانتشار الوبائي قبل البدء بعملية محاصرته إذا ما تهيأت الظروف الموضوعية لهذه العملية. وهي خطوة تفرض المزيد من الإجراءات المتشددة الواجبة على الدولة كما هي على عاتق المواطنين والمقيمين على الأراضي اللبنانية على السواء. والمؤكد حتى الساعة أن أعداد الإصابات الى ارتفاع مستمر وسيظهر هذا الارتفاع بشكل ملحوظ خلال الفترة المقبلة في ظل غياب الآلية الواضحة والفاعلة لمواجهة الوباء الخطير.

 من نافل القول، إن البلدات الواقعة في الاطراف ما زالت تنتظر الوعود المتعلقة بتحضير مستشفيات حكومية في ظل غياب فعلي وكليّ للمعدات الفاحصة لفيروس "كورونا" وسط ضيق معيشي يصل الى حد الإفلاس لدى هؤلاء العاجزين تماماً عن دفع تكاليف هذه الفحوصات في حال شعورهم بالعوارض. وهنا يصّح القول إن التخبط هو العنوان الذي يُفسّر الحالة التي وصلنا اليها في لبنان. إذ لا انضباط جماهيرياً فعلياً بالحجر الصحي وسط ارتفاع متزايد بحجم الإصابات وتسريبات عن إمكانية تضاعف حجم الإصابات المُعلن عنها في حال بقي الإستهتار الشعبيّ على حاله، وكل ذلك يعني أن الآتي صعب، سواء بعد شهر أو شهرين او ثلاثة. وكلما طال بقاء الفيروس كلّما زادت التداعيات.

 من جهتها ستتحمل الحكومة مسؤولياتها في هذا المجال، وستكون على بساط المساءلة الشعبية والسياسية، ليس من قبل معارضيها فحسب، بل من قوى شكّلت نسيجها. وعلى الخط نفسه يؤكد مصدر طبّي في وزارة الصحة أن "كورونا" في لبنان لم يعد في مرحلة الاحتواء، أصبحنا في المرحلة ما قبل الأخيرة وهي مرحلة التفشي، وإجراءات وزارة الصحة حتى الساعة إيجابية الى حد ما لكن ينقصها خطوات أكثر وأبعد، ونحن نتابعها، ويجب أن نعدلها حسب تطور انتشار الفيروس. في كل دول العالم، هناك حالات مرضية لم يعلن عنها، بسبب غياب العدد الكافي من الفحوصات، ولن يتوقف تفشي الفيروس قبل ان يحصد 40 في المئة من عالم الكرة الأرضية".

"كورونا" وطوفان الحقد والكراهية

 

[caption id="attachment_77910" align="alignleft" width="432"] الأمين العام للأمم المتحدة " أنطونيو غوتيريش".."كورونا" وخطاب الكراهية[/caption]

 وفي جانب متصل صرّح الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" في بيان أن وباء "كورونا" يُطلق العنان لطوفان من مشاعر الحقد وكراهية الأجانب. وقال "غوتيريش" في بيان: إن مشاعر معاداة الأجانب تفاقمت على الإنترنت وفي الشوارع، وفَشَت نظريات المؤامرة المعادية للسامية، وتعرض المسلمون لاعتداءات ذات صلة بالجائحة. أضاف: لقد شُنِّع على المهاجرين واللاجئين فاتهموا بكونهم منبعَ الفيروس ثم حُرموا من العلاج الطبي، وراجت أفكار شنيعة توحي بأن كبار السن الذين هم من أشد الناس تأثراً بالمرض، هم أيضاً أولُ من يمكن الاستغناء عنهم.

 وتابع الأمين العام للمنظمة الدولية: إن الأصابع تشير إلى الصحافيين والمبلغين عن المخالفات والأختصاصيين الصحيين وعمال الإغاثة والمدافعين عن حقوق الإنسان لا لشيء إلا لأنهم يؤدون واجبهم، داعياً إلى العمل من أجل العمل بكل ما في وسعنا لإنهاء خطاب الكراهية على الصعيد العالمي.