تؤكد مراجع على صلة بملف التنقيب عن النفط والغاز، ان لبنان لن يشهد اي نشاط جديد او عملية استكشاف في بحره او بره قبل نهاية العام 2021 اقله او ربما ليس قبل الربع الاول من 2021. وتشير المراجع نفسها الى حتمية تأجيل الموعد النهائي لتقديم طلبات الاشتراك في دورة التراخيص الثانية على البلوكات 1و2و5و8و01 للمزايدة وفقاً لاجراءات محدثة وضعتها الوزارة وهيئة ادارة قطاع البترول بعدما تم تأجيل هذا الموعد من 31/2/2020 الى 3/4/2020 ضمناً، والتاريخ الجديد لن يكون قبل نهاية العام 2021 في اقل تقدير نظراً للتطورات المحلية والاقليمية والدولية.
قد يبدو للوهلة الاولى ان قرار تأجيل دورة التراخيص وتمديد مدة الاستكشاف مرتبط بتطورات سياسية داخل لبنان نتيجة الظروف التي يمر بها، لكن الواقع ان جائحة "كورونا" تركت بصماتها ليس فقط على اجساد اللبنانيين بل ايضاً على الصناعة البترولية الامر الذي اضطرت فيه شركات نفطية عالمية الى "تقليص" انشطة الاستكشاف في معظم البلدان ويعود ذلك وفق مصادر مطلعة، الى اضطرار الشركات الى خفض موازناتها السنوية والى صعوبة العمل في المياه البحرية في ظل الاجراءات الوقائية المتخذة لمواجهة هذا الفيروس القاتل.
وتضيف المصادر نفسها ان كبرى شركات النفط والغاز والطاقة في العالم قد اعلنت خلال العام 2020 عن خفض انفاقها الرأسمالي نتيجة تبعات ازمـــة "كورونا" وانخفاض الاسعار ومن بينها شركات "اكسون" و"موبيل" و"رويال داتش شل" و BP، و"ارامكو" حيث بلغت التخفيضات 38 مليار دولار بانخفاض 22% من خطط انفاقها الاولية التي كان حجمها 175 مليار دولار. وكانت وكالة الطاقة الدولية قدرت في تقريرها السنوي من استثمارات الطاقة ان الانخفاض سيكون في حدود الخمس مقارنة بمستويات 2019 او ما يقرب من 400 مليار دولار. وتحدثت تقارير عن امكان خفض الشركات البترولية عموماً والغربية خصوصاً، نفقات الاستكشاف والانتاج في 2020 و2021 بنحو 250 مليار دولار في ردة فعل طبيعية على انخفاض اسعار النفط الخام.
تمديد الاستكشاف
هذا المشهد الدولي لن يمر مرور الكرام على الواقع النفطي في لبنان، بل سيترك اثره المباشر عليه كي لا تكتمل فرصة اللبنانيين بالبدء في التنقيب عن النفط والغاز في مياههم الاقليمية. ولعل هذا الواقع هو الذي دفع بوزير الطاقة والمياه ريمون غجر الى الاعلان بأن ائتلاف الشركات التي تعمل في لبنان والمؤلف من "ايني" الايطالية و"توتال" الفرنسية ، و"نوفاتك" الروسية، سوف يواصل نشاطه البترولي في لبنان تحت قيادة المشغل شركة "توتال" لاسيما وانه بعد تطبيق قانون تعليق المهل، مددت مدة الاستكشاف الاولى في كل من البلدين 4 و9 في المياه البحرية اللبنانية الى 13 آب (اغسطس) من العام 2022. واوضح الوزير غجر ان الائتلاف قدم برنامجي العمل والموازنة للبلوكين 4 و9 للعام 2021 واللذين يتضمنان القيام بدراسات وتحليل بيانات لاستكمال الانشطة في البلوك الرقم 4 التي تم حفر بئر استكشافية فيها انفاذاً للموجب الذي ينص عليه اتفاق الاستكشاف والانتاج، ولحفر البئر الاستكشافية الاولى في البلوك رقم 9 التي يتوجب على الائتلاف حفرها قبل نهاية مدة الاستكشاف الاولى.
مع العلم ان انفجار المرفأ في الرابع من آب (اغسطس) الماضي الحق اضراراً بالقاعدة اللوجستية المخصصة لتنفيذ الانشطة البترولية في المياه البحرية اللبنانية. وتتابع وزارة الطاقة والمياه وهيئة ادارة قطاع البترول مع الائتلاف تنفيذ برنامجي العمل للرقعتين. وتقول مصادر معنية بالملف النفطي ان لبنان حالياً ليس بأفضل احواله، بل على العكس كل التطورات يمكن اعتبارها معاكسة لمسار تطوير قطاع النفط والغاز. فمسألة تأجيل مفاوضات ترسيم الحدود واعلان شركة "توتال" عدم نيتها اجراء اي اعمال استكشافية على البلوك الرقم 9 قبل الانتهاء من مسألة الترسيم البحري، بالاضافة الى الوضع السياسي والمالي الداخلي، مروراً بتعديل الشركات الكبرى لاستراتيجياتها الاستثمارية، وتوسع الدول الاعضاء في منتدى "غاز شرق المتوسط" الذي يقاطعه لبنان لوجود اسرائيل فيه، كلها عوامل تؤكد ان لبنان لن يكون ميداناً لاي عمل نفطي جديد او استكشاف قريب في بحره.
ومعلوم انه ضمن البنود التقنية والادارية التي يتضمنها اتفاق الاستكشاف والانتاج الموقع بين لبنان وائتلاف الشركات المكون من "توتال" و"ايني" و"نوفاتك" فإن مدة العقد تنقسم الى فترتين: فترة الاستكشاف، وفترة الانتاج، وعلى الصعيد العالمي، تراوح مدة الاستكشاف ما بين 6 الى 10 سنوات. اما في لبنان، فقد التزمت الشركات حفر بئرين في البلوك (4) والبلوك (9) خلال السنوات الثلاث الاولى، وخلال التجديد لمدة سنتين تحفر بئران اضافيتان للتأكد من وجود كميات قابلة للاستخراج وذات مردود تجاري واعد. ونصت المادة 21 من قانون الموارد البترولية في المياه البحرية رقم (132/2010) على تمديد مدة اتفاق الاستكشاف والانتاج على الشكل التالي: "في حال كانت مدة مرحلة الاستكشاف، كما هي محددة في اتفاق الاستكشاف والانتاج، اقل من عشر سنوات، يحق لمجلس الوزراء بناء عل طلب مقدم الى الوزير بالاستناد الى رأي الهيئة، تمديد مدة مرحلة الاستكشاف ضمن حدود السنوات العشر".
اما المادة 7 من المرسوم الرقم 43/2010 الصادر بتاريخ 19/1/2017 والخاص بدفتر الشروط ونموذج اتفاق الاستكشاف والانتاج، فهي تنص على مدة مختلفة عما ورد في القانون المذكور، حيث "ان المدة القصوى لمرحلة الاستكشاف هي ست سنوات"، وهي المدة التي التزمتها الشركات العاملة في لبنان، فقد انطلقت مرحلة الاستكشاف في لبنان منذ بداية العام 2019 عبر اعمال التنقيب في الرقعة 4، لتمتد لثلاث سنوات قابلة للتجديد سنتين ومن ثم سنة، قابلة للتجديد سنتين، بالتالي، يمكن ان تستمر مرحلة الاستكشاف لمدة ست سنوات بحسب الاتفاق الموقع اي حتى العام 2025 حدا اقصى. فعلياً، وصلت سفينة الحفر TUNGSTEN EXPLORER في 24 شباط (فبراير) 2020، وبدأت اعمال التنقيب في البلوك 4 واستمرت اعمال الحفر لمدة شهرين حيث اعلن الائتلاف انه انهى الحفر في البلوك 4 على عمق 4086 متراً في 26 نيسان (ابريل) 2020. وقد لوحظت آثار للغاز، الامر الذي يؤكد وجود نظام هيدروكربوني غير انه لم يتم العثور على خزانات في تكوين تمار، الذي شكل الهدف الرئيسي لهذه البئر الاستكشافية، بحسب ما جاء في البيان الختامي لانتهاء الحفر في البلوك 4.