تفاصيل الخبر

"كورونا" ستفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية سوءاً الى حد الكارثة 

09/04/2020
"كورونا" ستفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية سوءاً الى حد الكارثة 

"كورونا" ستفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية سوءاً الى حد الكارثة 

بقلم طوني بشارة

[caption id="attachment_76764" align="aligncenter" width="619"] سعر الدولار الأميركي.. فلتان غير مسبوق في السوق[/caption]

البروفيسور جاسم عجاقة: لبنان سيخرج من أزمة "كورونا" بأضرار إنسانية وإجتماعية ومالية نأمل أن تكون محدودة!

 بعيداً عن التجاذبات السياسية فيما يتعلق بأفضلية إعلان حالة الطوارئ أو إعلان التعبئة  العامة الصحية نلاحظ أن أزمة "الكورونا "ما زالت قائمة في ظل إنعدام أي تحرك رسمي مسؤول لمعالجة تداعيات هذه الأزمة على الصعيد الاقتصادي بشكل عام والاجتماعي للمواطن بشكل خاص.

فما هي تداعيات الأزمة على الاقتصاد في الوقت الحالي؟ وما التدابير المفترض إتخاذها للحد من اضرار هذا الوباء؟

   

 

جاسم عجاقة والكارثة!

    [caption id="attachment_76763" align="alignleft" width="289"] جاسم عجاقة طريقة إدارة الشأن العام ستتغير حكماً نظراً للواقع الإجتماعي الذي وصلنا إليه[/caption]

"الأفكار" التقت البروفيسور جاسم عجاقة، وحاورته على هذا الخط وسألته بداية:

ــ كمتتبع للأمور هل يشهد لبنان حالياً نقصاً على الصعيد الغذائي وهل ستتطور الأمور إلى مجاعة ؟

- إن المشكلة الكبيرة التي تهدد لبنان في ظل هذه الكارثة، تتعلق بالمواد الغذائية لاسيما أن الدولة في حالة يرثى لها وهي عاجزة عن مساعدة المواطنين، إلا من خلال إعفائهم من الضرائب، لاسيما أنه وفي الكوارث سيزيد استهلاك الناس حيث يقومون بالتخزين تحسباً للأسوأ، وبالتالي الأكيد أن لبنان سيواجه صعوبة في الاستيراد لأسباب داخلية، وكذلك بسبب ظروف الدول الأخرى التي تعاني أيضا من "كورونا" والتي قل إنتاجها حتماً. ولذا أرى  أن استمرار الأزمة وتفشي الفيروس سيوصل لبنان إلى كارثة، فثمة عاملون في القطاع الخاص توقف مدخولهم الشهري، ومنهم من أصبح يتقاضى نصف أو ربع راتب بحسب الإجراءات المتخذة من قبل المؤسسة، لكن في وقت من الأوقات سوف يستهلك الناس جميع مدخراتهم، وهذا الأمر سيطاول أكثر من ثلث اليد العاملة في لبنان، وستكون له تداعيات اجتماعية كارثية خصوصاً على صعيد تأمين ثمن المواد الغذائية. وهذا الأمر قد ينتج عنه تسريع زيادة نسبة الفقر في لبنان التي كانت تتزايد أصلاً بسبب الأزمة المُستفحلة في لبنان.

ــ الأزمة واقعة لا محالة ولكن كم تبلغ نسبة الضرر مقارنة مع الناتج المحلي؟

 

- لا شك أن أزمة "كورونا" ستفاقم الوضع سوءاً في لبنان، وستكون لها تأثيرات سلبية على مختلف القطاعات، فقبلها  كنا في نفق مظلم، فكيف اليوم؟ وأرى أن هناك سيناريوهين يتعلقان بتطوّر الفيروس، السيناريو الأول وفي حال تمّ اكتشاف او اعتماد علاج لهذا الوباء في الأسابيع والأشهر القادمة، تشير التوقعات بأن الاقتصاد اللبناني سيخسر ما يزيد على 1 إلى 1.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي خسارة 500 مليون دولار أميركي إلى مليار دولار أميركي على كامل السنة. أما السيناريو الثاني أي في حال لم يتم اكتشاف علاج للفيروس هذا العام، وارتفع عدد المصابين إلى مستويات خطيرة يُصبح معها الوباء خارجاً كلياً عن السيطرة، فالتوقعات تقول إن الاقتصاد سيخسر ما يفوق 10 في المئة من حجمه مع تفاعل الأزمة الحالية مع أزمة تفشي الفيروس. وهنا أؤكد بأنه بما أن لبنان دولة ريعية لا تنتج، إذ يتم استيراد بما يقارب سبعة مليارات دولار سنوياً من المواد الغذائية، ففي ظل هذا الوضع الراهن ثمة كثير من الحاجيات سوف يقل استيرادها بسبب شح الدولار من جهة، ومن جهة ثانية بسبب توقف إنتاج المواطن الذي سيخفف من استهلاكه في الأيام المقبلة، وبالتالي كل ما هو كماليات سيتوقف مع مرور الوقت حتّى يحصر المواطن عملية استهلاكه بالمواد الغذائية البحتة.

وعاد ليقول:

ـ عملياً سيشهد المواطن تراجعاً في قدرته الشرائية وتراجعاً في مدخراته، والأهم أنه سيلاحظ تراجع مستواه الاجتماعي إلزامياً، بحيث سيضطر إلى الاستغناء عن جميع أساليب الراحة، واذا استمر اللاوعي عند المواطن فأرى أن أرقام المصابين ستنفجر مع الوقت في لبنان، ومن المتوقع أن يستمر هذا الارتفاع حتى بلوغ عدد الإصابات اليومية المئة في غضون أسبوع، وهو ما ينذر بأزمة صحية، ويطرح السؤال هنا عن كيفية حصول الدولة على المواد الطبية وقدرتها على الاستمرار في استيراد هذه المواد لعدة أشهر؟ إذاً ومن هذا المنطلق، يمكن أن يصل لبنان على الصعيد الصحي إلى مرحلة يكون فيها عاجزاً عن تأمين العناية الطبية اللازمة لجميع المصابين وهذه كارثة كبيرة، وقد نصل إلى مرحلة تزداد فيها نسب الوفيات في لبنان. أما المرحلة الأصعب فهي ما بعد وباء "كورونا"، عندما يكون لبنان قد استنزف كل قدراته المالية، وهنا الكارثة الكبرى.

 

التداعيات الاقتصادية والاجتماعية

ــ أشرت الى وجود كارثة ما بعد "الكورونا" فما هي التداعيات الاقتصادية لهذه الكارثة؟

 - النشاط الإقتصادي مبني على التواصل بين الناس وبالتالي منع التواصل يعني خفض النشاط الإقتصادي بحسب نسبة منع التواصل. وهنا يُمكن الاستنتاج أن القطاع السياحي والترفيهي سيكون من أكثر القطاعات تضرراً نظراً إلى أن الوجود الجسدي في مكان تقديم الخدمة هو أساسي للاستفادة منها. ويُشكل القطاع الخدماتي في لبنان 80 في المئة  من الناتج المحلي الإجمالي مما يعني أن التداعيات هي شبه تلقائية على الناتج المحلّي الإجمالي، علماً بأن الأزمة الإقتصادية المالية النقدية التي يتخبط فيها لبنان كانت لتُخفض الناتج المحلي الإجمالي في لبنان بنسبة تتراوح بين الـ 5 والـ 10 في المئة ، بدون "كورونا" إلا أن تفشي هذا الفيروس وما نتج عنه من تراجع النشاط الإقتصادي سيكون له تداعيات كارثية على الناتج المحلي الإجمالي تُلزمنا إعادة تقييمها. ومن المتوقّع أن يكون هناك ثلاثة سيناريوهات (إحصائية) مبنية على توقعات بتفشي الفيروس بحسب

[caption id="attachment_76958" align="alignleft" width="404"] الأزمة المالية والإقتصادية[/caption]

الإجراءات التي سيتم إتخاذها من قبل السلطات:

أولاً : سيناريو تشاؤمي وينص على تراجع قطاع الخدمات بنسبة 50 في المئة مما يعني تراجعاً في الناتج المحلي الإجمالي على المدى القصير بنسبة 40 في المئة وعلى المدى البعيد بنسبة 15 في المئة. هذه النسبة على المدى البعيد، تأتي من منطلق أن الأزمة الإقتصادية المالية النقدية هي من ستمنع عودة هذا القطاع إلى ما كان عليه سابقاً.

ثانياً : سيناريو تفاؤلي وينص على تراجع قطاع الخدمات بنسبة 15 في المئة مما يعني تراجعاً في الناتج المحلي الإجمالي على المدى القصير بنسبة 12 في المئة وعلى المدى البعيد في 5 المئة!

ثالثاً : سيناريو أكثر إحتمالاً وينص على تراجع قطاع الخدمات بنسبة 25 في المئة مما يعني تراجعاً في الناتج المحلي الإجمالي على المدى القصير بنسبة 20 في المئة وعلى المدى البعيد بنسبة 8 في المئة !

ــ وماذا عن  التداعيات الاجتماعية لـ"كورونا"؟

ـ "كورونا" فرضت على العديد من الشركات الخدماتية وقف نشاطها أو أقلّه خفض هذا النشاط. فمثلاً المطاعم أقفلت أبوابها وطلبت من موظفيها عدم الحضور إلى العمل بدون أجر، كذلك الأمر بالنسبة للأساتذة المتعاقدين بالساعة وغيرهم! ونحن نعلم أن الموظفين كانوا يقبضون أصلاً نصف أجرهم الشهري بسبب الأزمة الإقتصادية والمالية التي تعصف بلبنان. وهذا الأمر الذي سيطاول أكثر من ثلث اليد العاملة في لبنان ستكون له تداعيات إجتماعية كارثية خصوصاً على صعيد تأمين ثمن المواد الغذائية. وهذا الأمر قد ينتج عنه أيضاً تسريع زيادة نسبة الفقر في لبنان التي كانت تزيد أصلاً بسبب الأزمة المُستفحلة في لبنان.

 

 الحلول المطروحة وأسباب أزمة الدولار

 

- وما الحل الأفضل؟

ـ من هذا المُنطلق، يتوجّب على الحكومة رصد أموال لتأمين حاجات المواطنين بحصص غذائية بشكل أسبوعي على أساس تقديم إخراج قيد، علماً أن المناطق الأكثر تضرراً معروفة جيداً من قبل وزارة الشؤون الإجتماعية. أيضاً يتوجب على الحكومة الطلب من المؤسسات الدولية تقديم مساعدات غذائية للمواطنين اللبنانيين. ولا يجب نسيان أهمية التعاضد الإجتماعي حيث يتوجب أخلاقياً على الميسورين التبرع للجمعيات الخيرية بالمال (مثل كاريتاس) أو التبرع بمواد غذائية مباشرة في السوبرماركات أو لدى الجمعيات.

وتابع عجاقة قائلاً:

ـ أظهرت كارثة الوباء أن الشعب اللبناني لا يتمتع بأمان صحي نظراً للعولمة لكن أيضاً بحكم غياب هيئة تُعنى برصد الكوارث البيولوجية والوبائية. هذا الأمر يأتي كتحدٍ إضافي للحكومة مع التحدي الإقتصادي والمالي والنقدي. ومن المُتوقع أن يخرج لبنان من هذه الأزمة مع أضرار إنسانية وإجتماعية ومالية نأمل أن تكون محدودة، إلا أن ما هو أكيد أن طريقة إدارة الشأن العام ستتغير حكماً نظراً إلى الواقع الإجتماعي الذي وصلنا إليه.

- الى جانب "الكورونا" وتداعياتها، ماذا عن الدولار فهل سيستمر ارتفاع سعره مقارنة مع الليرة؟

- السبب الرئيسي لارتفاع سعر صرف الدولار هو ارتفاع الطلب على العرض، أما العوامل التي تؤثر على العرض والطلب في لبنان تحديداً فهي التالية:

1- فقدان الثقة بالاقتصاد والقطاع المصرفي، وهذا الأمر يزيد من مخاوف الناس ويرفع الطلب. 2- الوضع المالي للدولة اللبنانية خصوصاً بعد إعلان الحكومة التخلف عن دفع استحقاقاتها من "اليوروبوندز"، وهذا الأمر يوقف توافد الدولار إلى لبنان مما يُقلل العرض بحكم أن الدولارات المتوافرة في مصرف لبنان والمصارف اللبنانية محدودة. 3- الأفق السوداء للاقتصاد اللبناني مما يحدّ من قدرة التصدير خصوصاً مع تفشي فيروس "كورونا". وهذا الأمر يُقلل من التصدير وبالتالي يحدّ من العرض. 4- غياب خطة إنقاذية من الحكومة، مما يؤدي حكماً إلى فقد ثقة المستثمرين (إنخفاض العرض) والمواطنين (إرتفاع الطلب). 5- فلتان سوق الصيارفة غير المرخصين على الرغم من بدء عملية الملاحقة من قبل الأجهزة الأمنية، ما يزيد من مخاوف المواطنين ويرفع من سعر الدولار اصطناعياً (مضاربة). 6- التخزين الكثيف الذي قام به المواطنون في البيوت والشركات، ما قلل من قيمة العرض. 7- العقوبات الأميركية التي حدّت من توافد الدولار الأميركي إلى السوق اللبنانية.