تفاصيل الخبر

كورونا... "السلام عإسما"!

16/04/2020
كورونا... "السلام عإسما"!

كورونا... "السلام عإسما"!

 

 بقلم كوزيت كرم الأندري

    [caption id="attachment_77043" align="alignleft" width="168"] كوزيت كرم الأندري[/caption]

سبحان مُبدّل الأحوال. سبحانك كورونا.

فقد جعلتِ العالم يتابع أخبار العلوم أكثر من أخبار أنجي وقمر، وكايت وميغان... إنهمكوا فيكِ، ففاتتهم أخبارنا الفنية التي تدعونا، باستمرار، لأخذ قرارات حكيمة ردا عن أسئلة مصيرية، مثل: "على من يبدو الفستان أجمل، على نادين أم على جينيفير لوبيز؟ أو "هل الشعر الأحمر يليق بمايا أم بأحلام أكثر؟". عناوين دسمة من صحافتنا الفنية تؤكد لي، في كل مرة أقع عليها، أننا نعيش في زمن "الأحمر" من هيك ما في.

وبالحديث عن الفن، كيف لا أشكرك، يا كورونا العجائبية، وقد جمعتِ الديفا وملكة الإحساس في كليب واحد؟ "شو بدنا أحسن من هيك"! صحيح أنني لم أشاهده بعد، لكنني سأسعى جاهدة إلى مشاهدته "قبل ما يتقبّروا من جديد"...

سبحانك كيف بات بإمكاننا، فجأة، أن نزور المتاحف والمعالم الأثرية بشكل رقمي ومجانا، وأن نستمع إلى أهم الفرق الموسيقية وأغلى الفنانين أجراً مجاناً، وأن نقرأ الكتب ونشاهد الأفلام مجاناً، فهل كانت تلزمنا مصيبة كونية لنتثقّف ونستمتع... مجانا؟! 

سبحانك كورونا، فبفضلك ثمة من يتغنون اليوم بدينهم، ولطالما عرفناهم وعرّفوا عن أنفسهم بأنهم ملحدون. لهم، طبعاً، مطلق الحرية في ذلك وهذا أمر لا يعني أحداً، لا أنا ولا سواي، إلا أنني أستغرب الاستنسابية في الإيمان...

سبحانك كيف انكبّ بسببك (أم بفضلك) الناس على مساعدة بعضهم البعض، فعامت صفحات الفيسبوك بـ"غروبات" تطوعية توزّع، من كل حدب وصوب، الطعام والشرب والثياب على المحتاجين، أمام الكاميرات ووراءها. صَدَق من قال "لِمْصيبة بْتِجمع"...

أما وقد تبيّن بأنكِ فائقة القوى والقدرات يا كورونا، وبأنك، يا عزيزتي، نجحت حيث فشل الآخرون، فإنني أتمنى عليك الآتي:

قولي لضحاياك، المحتمَلين والمؤكدين، إن الإيمان شيء جميل جداً، وإن القرآن الكريم وتراب القديس شربل بِقَلبنا، لكن لا بأس في أن تذكّري هؤلاء بضرورة الاحتكام إلى الطب والعلم والمنطق، بالدرجة الأولى، في الوقاية والعلاج والشفاء. فإن أقوال وتصرفات البعض، في هذه الفترة، زادتني يقينا بأن العقل نعمة!

وقولي للّبناني السّمج، الذي يتباهى بشعار "نحنا شعب منحب الحياة"، (الكليشيه القاتل بسذاجته)، أنه إن كان يحب فعلاً الحياة، فعليه أن يكون حذراً كي يبقى على قيد... الحياة!

عزيزي الفيروس، حاول أن تُقنع البعض (ولا أظنك ستفلح) بأن تناول الثوم والبصل يقوّيان المناعة نعم، لكن كما لا نعالج السرطان بحبة بنادول، فإن المرض الكوروني هذا، الذي ركع أمامه الكوكب، لا يُعالَج بالبصل والثوم، "وِحياة زين الأتات ومن لفّ لفيفه"! 

وأخبِر، بالمناسبة، "الإنفلونسرز" أنهم إن أرادوا أن يسجلوا شريطا توعويا حول مخاطرك، داعين الناس إلى عدم الخروج من بيوتهم، فليصوروه في منازلهم لا في سياراتهم وهم في طريقهم إلى الاختلاط الذي ينبّهون منه.

وقُل لهم ألّا يعربشوا على ظهر المرض بهدف التسويق لأنفسهم. "إي وعلى فكرة"، إن أراد المواطن الكادح أن يصفّق للطاقم الطبي فحسناً يفعل، إذ ما في يده حيلة سوى التصفيق، أما السياسيون والفنانون والفاشِنِستاز، فيا ليتهم يعفوننا من استعراضهم هذا. مساعداتهم المادية أجدى من تصفيقهم العقيم.

في أي حال، ورغم مصائبكِ المهولة، أحببت حِس التساوي الذي تتمتعين به يا كورونا. فقد جعلتِني أشعر، لأول مرة منذ جئت إلى الدنيا، بالتساوي لا بل بالتفوق على الأميركي والفرنسي والإيطالي والإسباني وغيرهم، ولأول مرة أشعر بشيء من الحظ لوجودي في هذا البلد النامي. نعم، سيذكر الـ"غينيس بوك" أنه، لربما لأول مرة في التاريخ، هرب الناس إلى لبنان وليس منه. لعلّ كارلوس غصن كان بادرة الخير!