تفاصيل الخبر

كونفكس انترناشيونال” تفتتح “منتدى المال والاعمال “ تحت عنوان : ”استعادة الثقة.. السهل الممتنع“

21/04/2017
كونفكس انترناشيونال” تفتتح “منتدى المال والاعمال “  تحت عنوان : ”استعادة الثقة.. السهل الممتنع“

كونفكس انترناشيونال” تفتتح “منتدى المال والاعمال “ تحت عنوان : ”استعادة الثقة.. السهل الممتنع“

 

بقلم طوني بشارة

1  

افتتحت <كونفكس انترناشيونال> بالتعاون مع مصرف لبنان، <منتدى المال والاعمال> بعنوان <استعادة الثقة: السهل الممتنع>، في فندق <فينينسا> يوم الثلاثاء الماضي، برعاية رئيس الحكومة سعد الحريري، وحضور عدد من الشخصيات السياسية والاقتصادية ورجال الاعمال، وقد عقدت جلسات عمل تحت عنوان <أولوية خطة النهوض الاقتصادي>، شارك فيها نائب رئيس الحكومة وزير الصحة العامة غسان حاصباني، ووزراء الصناعة حسين الحاج حسن، الاتصالات جمال الجراح، الاقتصاد والتجارة رائد خوري، والمدير العام لوزارة المالية ألان بيفاني ممثلا وزير المال علي حسن خليل.

 

زنتوت وطائر الفينيق

وألقى رئيس شركة <كونفكس انترناشيونال> رفيق زنتوت كلمة اعتبر فيها ان لبنان يقع تحت ضغط اقتصادي مهول، وتلفح به العواصف الأمنية من كل الإتجاهات، وتحاصره المتغيرات الجيوسياسية التي تضرب المنطقة بأسرها، لكن، <طائر فينيق> لا يستسلم أبداً، ويحاول دوماً النهوض من كبوته مبلسماً جراحه، فيما شعبه محب لثقافة الحياة، وللوطن الواحد الموحد، وقال : قبل الإنحياز إلى التفاؤل المطلق، لا بد من التذكير بإن وطننا جريح اقتصادي يستغيث، أرهقته السياسة والتعطيل، وكبحت حالة عدم الإستقرار مؤشرات نموه، لتتضاعف معها نسب البطالة، لذا اليوم علينا أن نستغل الإنفراج السياسي القائم بالعمل على خطة انعاش اقتصادية، تمسّ مباشرةً مطالب المواطن الأساسية، قوامها تحسين قطاعي الكهرباء والمياه، وخفض تكلفة الإتصالات وتحسين نوعية الشبكة، وحلّ أزمتي السير والنفايات، ومعالجة الفقر المدقع والبطالة. هذه الأمور وغيرها اذا ما بدأنا بتحقيقها، ستسهم بإعادة ثقة المواطن بدولته، وستنعش الحركة الإقتصادية وترفع نسبة النمو، كما ستعزز مناعة إقتصادنا الوطني وتدعمه من جهة، وتصب في مصلحة القطاع الخاص والشركات التي ترزح تحت الأعباء التشغيلية من جهة ثانية.

وأضاف زنتوت: <دعونا نستغل فترة الخروج من العرقلة السياسية، لتشريع موازنة عامة للمرة الأولى منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تعيد للدولة انتظامها المالي، ما يمكنها من استعادة ثقة المؤسسات المالية العالمية وصناديق التنمية وحكومات العالم، لكن مع العمل على ترشيق الضرائب والرسوم، لتكون مدروسةً وعادلة، تراعي واقع المؤسسات المنهكة والعمال، وتأخذ بعين الإعتبار ركود القطاعات الإقتصادية المستمر منذ 6 سنوات، وصولاً إلى انهاء ملف <سلسلة الرتب والرواتب> لتحقيق العدالة الاجتماعية، وإنصاف موظفي القطاع العام من دون أن ينعكس ذلك سلباً على الشعب بأكمله، بعيداً من المتاريس الشعبوية وسياسة تبادل الإتهامات، مع تأكيد ربطها بموارد ثابتة وإصلاحات جدّية تبدأ بوقف الفساد والهدر، وتحسين الجباية، وافساح المجال لتعزيز ثقة المستثمر، وجذب التحويلات الخارجية، ولا تنتهي بإقرار مشروع قانون الشراكة بين القطاعين>.

وختم زنتوت قائلا: <لبنان وطن تسمح تركيبته الجيو- سياسية والديموغرافية، بإلتقاء الجميع في سبيل النهوض. وليس أمامنا إلا التضامن في هذه الظروف الدقيقة، لكون الوطن ينتظر منا المبادرة.. فلنلتحق جميعاً بقطار الإصلاح قبل اقلاعه، وذلك لأجل لبنان>.

وبدوره أوضح كبير مستشاري <المنتدى العالمي للشركات الصغيرة والمتوسطة <WSF> - فادي صعب قائلاً: <نعلم جميعاً أن موضوع استعادة الثقة هو أمر سهل للغاية من الناحية النظرية، فعبر سنوات طويلة، دعا أصحاب القرار اللبنانيين إلى التفاؤل بغدٍ أفضل، معتمدين على خطط افتراضية واقتراحات أكاديمية وطروحات شعبية، إلاّ أننا مع التجربة، نصطدم بحقيقة الأوضاع على أرض الواقع، فيرتفع منسوب خشيتنا المحقّة، على المستقبل المشرق للبنان، الذي نصبو إليه جميعاً، كوطن يحقق طموحات الأجيال الصاعدة>.

4 (4) وأضاف صعب: لكن بعيداً من التمنيات العاطفية، تأتي بعض المؤشرات الرئيسية لتسلط الضوء على المركز المتدني الذي انحدر إليه لبنان مقارنة مع البلدان الأخرى في المنطقة والعالم، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

- تقرير البنك الدولي الصادر حول <سهولة القيام بالأعمال للعام 2017 <The World Bank – Ease & Doing Business Report>، الذي وضع لبنان في المرتبة 126 من أصل 195 بلداً، وفقاً لـ11 مكوّناً لقدرات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم <SME> على القيام بأنشطة تشغيلية.

- كذلك مؤشر <التنافسية العالمية للعام 2016 و2017 <The Global Competitiveness Index>، الذي يصدره المنتدى العالمي <The World Economic Forum> والذي يقيّم فيه لبنان بالمرتبة 138 من أصل 151 بلداً مستنداً إلى 12 محوراً لقياس أداء الدولة، ونشاطها، وسبل تشجيعها للعوامل الدافعة للإنتاجية والازدهار.

- بالإضافة إلى مقياس <الحرية الاقتصادية للعام 2017> the Index & economic Freedom>، الذي تعدّه <The Heritage Foundation > بالتعاون مع <The world Street journal>، والذي بدوره أعطى لبنان ترتيباً في الـ137 من 180 بلداً، وذلك وفقاً لـ12 عاملاً نوعياً لدراسة مدى الحرية والسيطرة على قدرة الأفراد للعمل، والإنتاجية، والاستهلاك، والاستثمار، من دون إكراه أو قيود.

- وتابع صعب : فضلاً عن مؤشر <مدركات الفساد للعام 2017>، <The Corruption PerceptionIndex> لقياس مستوى النزاهة واجراءات تعزيز الشفافية والقدرة على مكافحة الفساد (وهنا حدِّث ولا حرج!)، وللأسف، جاء لبنان في المرتبة 136 من أصل 176 بلداً. من دون أن ننسى مؤشر <ثقة المستهلك> للربع الأخير من العام 2016 Consumer Confidence Index>، الذي يصدره <بنك بيبلوس> بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت(AUB)، والذي جاء ليظهر أنه رغم ايجابيات انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بعد فراغ دام أكثر من 30 شهراً، وما تبعه من سرعة في تولي الرئيس سعد الحريري لرئاسة حكومة العهد الاولى، واندفاع الجهود لتفعيل الحركة الحكومية والبرلمانية، إلا أن ثقة المستهلك تجاه الاقتصاد عامة، ونظرته لتطور الوضع المالي للأسرة بصورة خاصة، لا تزال ضئيلة في انتظار تحسينات ملموسة في نوعية الظروف المعيشية، ومستويات الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية.

سلامة والحفاظ على الاستقرار النقدي

كما تحدث رئيس جمعية المصارف في لبنان جوزف طربيه، فقال ان لبنان السياسي يعود الى فرح الحياة ولو مع الكثير من المعاناة وآلام المخاض، بعد خطوات التوافق السياسي الموفقة التي أدت الى إكتمال عقد السلطات الدستورية بإنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتأليف حكومة وفاق وطني برئاسة دولة الرئيس سعد الحريري، معتبراً أن الأمل معقود بولادة لقانون إنتخاب يعيد تكوين السلطة بالرجوع الى تجديد خيارات الشعب اللبناني بإنتخابات تعبر عن تطلعاته في التقدم والإزدهار، موضحاً ان هذا المنتدى يرمي الى ملاقاة وتثمير التطورات الداخلية الايجابية المتمثلة بعودة انتظام مؤسسات الحكم وانتاجيتها، بما يساعد على إعادة ثقة اللبنانيين ببلدهم ودولتهم ومؤسساتهم، وتاليا اعادة تمتين جسور التواصل بين لبنان ومحيطيه الاقليمي والدولي.

وأعلن طربيه ان منسوبي الامل والثقة قد إرتفعا فعلا بعد الانطلاق الانسيابي للحكومة، وما يظهر من تفهم وتفاهم بين أركان الحكم. هذا ما تؤكده حيوية مجلس النواب ولجانه وإنتاجية الحكومة مجتمعة والوزراء في مواقعهم. عمليا، نحن ندرك جيدا صعوبة التقدم السريع والانجاز في ظل وهن مؤسسات الدولة والركود المتمادي للاقتصاد منذ العام 2011، وعنف العواصف <الربيعية> وتداعياتها التي ضربت في طول المنطقة وعرضها، ولم تزل تنتج القتل والتدمير والتهجير الذي كان للبنان الحصة الوافرة منه، وقال: نحن نراهن على همة أهل العزم في إستكمال المهام الاساسية لتثبيت حضور الدولة ومرجعيتها. ولا مفر من مقاربات توافقية في القانون الأوسع قبولا والأكثر تمثيلا، وفي تحديد المواعيد الملائمة لحسم استحقاق الانتخابات النيابية. فالمرجعية التشريعية جزء أساسي ومفصلي في جسم الدولة، وهي الكافلة للصلاحيات وللتوازن وللمراقبة وللتقويم. ومن المهم إعادة إنتظام المرجعية المالية المتمثلة بمشروع قانون الموازنة وقطع الحسابات، مؤكداً ان الاستقرارالنقدي يمثل عنوانا رئيسيا لسياسة متكاملة انتهجها لبنان والبنك المركزي، وتحظى بأوسع قبول سياسي واجتماعي واقتصادي. وأثبتت التجربة المتواصلة على مدى عقدين متتاليين صوابية هذا الخيار الاستراتيجي ونجاعته. فهو درع حام للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في الظروف الصعبة، وهو محفز للنمو في الظروف الملائمة.

ثم ألقى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كلمة قال فيها: <في عالم النقد، سواء في لبنان أم في الخارج، يصعب للغاية استعادة الثقة في حال فقدانها. ففقدان الثقة يهدد النمو الاقتصادي وامكانيات تمويل الاقتصاد، ويعطل بالتالي إمكانية خلق فرص عمل. لبنان يرتكز منذ سنوات وبإرادة وطنية وإرادة رسمية على قاعدة استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية. نحن اليوم نؤكد أن البنك المركزي لديه الإمكانيات اللازمة للحفاظ على هذا الاستقرار. لكن ذلك لا يعني عدم ضرورة القيام بإصلاحات 5 (1)بنيوية في ميزانية الدولة اللبنانية لتكون هذه الثقة ايضا مرتبطة بأداء المالية العامة>.

وأضاف: <نحن متأكدون أنه في ظل حكومة دولة الرئيس سعد الحريري، سيكون هناك مبادرات لتحسين أوضاع المالية العامة. أما القطاع المصرفي، فقد حقق في عام 2016 نموا نسبته 9%، وذلك يعود بشكل رئيسي لنجاح الهندسة المالية التي قام بها مصرف لبنان، هذه الهندسة التي سمحت أيضا بإعادة تكوين احتياطيات مهمة للمركزي وساعدت في الحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة وفي جلب أموال وتحسين ميزان المدفوعات دون رفع الفوائد، باعتبار أن أي زيادة في الفوائد تشكل خطرا على الاقتصاد وكلفةً أكبر بكثير من جميع التكاليف التي تم التحدث عنها بخصوص الهندسة المالية، فإن زيادة بنسبة 1% على قاعدة الفوائد في لبنان تشكل كلفة اضافية بحدود مليار و300 مليون دولار، وهذه الكلفة ستبقى ولن تزول، لأن الدين العام بلغ اليوم نحو 75 مليار دولار وهو على تزايد، كما وأن الدين الخاص في القطاع الخاص هو بحدود 58 مليار دولار>.

وأكد سلامة <ان ارتفاع الفوائد في لبنان يزيد الكلفة على ميزانية الدولة وعلى ميزانية القطاع الخاص ويمكنه بالتالي تعطيل النمو الاقتصادي. نحن ملتزمون بفضل الامكانيات التي نملكها، ليس فقط بالحفاظ على سعر صرف الليرة، بل أيضا بالحفاظ على استقرار الفوائد، مع أن هذه الفوائد ترتفع عالميا وإقليميا. اليوم، إن الفوائد التي تدفع على الليرة اللبنانية هي أقل من الفوائد التي تدفع على الجنيه المصري أو على الليرة التركية. ونحن نشهد أيضا ارتفاعا للفوائد في الخليج العربي>، وقال: <لبنان يرتكز إلى حد بعيد على اللبنانيين غير المقيمين الذي يحولون أموالهم الى لبنان. هذه التحاويل هي التي تسد عجز الميزان التجاري وتفيض عنه. لذا يهمنا أن يبقى القطاع المصرفي منخرطا عالميا ومتقيدا بالقوانين العالمية، مع الحفاظ بالتأكيد على سيادة لبنان، لتبقى حركة التحاويل من وإلى لبنان ميسرة>.

وأعلن <ان هيئة الأسواق المالية ستطلق قريبا منصة إلكترونية يقوم القطاع الخاص بتشغيلها، إنما تحت رقابة هيئة الاسواق. وبما أن هذه المنصة إلكترونية، فيمكن لكل من يهتم بالسوق اللبنانية، أينما وُجد في العالم، أن يتواصل مع هذه المنصة ويتداول عليها بمعظم الأوراق المالية والتجارية الموجودة في السوق اللبنانية. ونأمل أن نتمكن مجددا، بفضل هذه المنصة، من استقطاب رؤوس الأموال للقطاعات الإنتاجية وللاقتصاد عموما في لبنان>، مؤكداً ان الامكانيات والمبادرات متوافرة لعودة لبنان الى نسب نمو أفضل، مما يسمح باطلاق مشاريع من خلال مشاركة القطاع الخاص لتحسين وتطوير البنية التحتية. وإذا اطمأن اللبنانيون من الناحيتين السياسية والأمنية، دخل الاقتصاد حلقةً ايجابية عامة سرعان ما تعالج الاوضاع الاجتماعية وتؤدي الى التنمية الحقيقية.

 

الحريري وشعار استعادة الثقة

وأخيراً القى الرئيس الحريري كلمة قال فيها: <إنه لمن دواعي سروري أن اخترتم للقائكم هذا العنوان <استعادة الثقة> الذي هو عنوان حكومتنا. وعندما اخترنا هذا العنوان أو هذا الشعار كنا نقصد الثقة بكل معانيها: ثقة اللبنانيين بدولتهم ومؤسساتها، ثقة المغتربين بوطنهم الأم واقتصاده، ثقة العرب والمجتمع الدولي بلبنان وثقة المستثمرين عامة بالاقتصاد اللبناني. قد تكونون أكثر من يعلم أن اكتساب الثقة صعب، والمحافظة عليها أصعب، واسترجاعها أصعب وأصعب>، مضيفاً: <نحن واجبنا أن نسترجع الثقة، بعد سنين من الفراغ الدستوري، ومن الجمود بعمل المؤسسات، ومن الانقسام السياسي العامودي، ومن التشنج في العلاقات العربية والدولية ومن الكساد بالاقتصاد والاستثمارات>.

وأعلن الحريري <ان انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة كانا الخطوة الأولى على هذا الطريق الطويل. والحكومة خطت خطوات سريعة بعد ذلك باتجاه استعادة الثقة، بإقرار مراسيم حيوية وقرارات مؤجلة، وليس آخرها إقرار موازنة بعد 12 سنة من الغياب، أي 12 سنة من غياب المحاسبة والشفافية>، وقال: <إن استعادة ثقة المواطنين تتطلب أيضا تفعيل عمل المؤسسات والإدارات العامة بالتعيينات الكفوءة وبمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين بغض النظر عن الاعتبارات السياسية والطائفية، وهذا يتطلب تفعيل أجهزة الرقابة لتقوم بواجباتها بقوة القانون والقضاء النزيه>.

 وتطرق الحريري الى زياراته الخارجية، وقال: <الحمد لله، في لقاءاتي العربية والدولية، وفي فرنسا وألمانيا، وفي لقاءات مؤتمر بروكسيل وجدت تجاوبا مع رؤية الحكومة الجديدة لا بل تهنئة على المقاربة للحل. نحن بلد يتفاعل بسرعة وتحسن كبير مع الصدمات الإيجابية. وهذا واحد من أسرار مناعتنا. والصدمات الإيجابية منذ انتخاب رئيس للجمهورية إلى تشكيل حكومة والقرارات التي اتخذتها، إلى الإنجازات التي حققها الجيش وقوى الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية كلها، كان لها أثر إيجابي كبير على طريق استعادة الثقة، وهذا يتضح بتحسن نظرة المجتمع الدولي لبلدنا، وبرفع المؤسسات الاقتصادية والمالية العالمية لمؤشرات لبنان الاقتصادية في المرحلة المقبلة. وفي الوقت نفسه، شكلت زيارات فخامة الرئيس إلى السعودية وقطر ومصر، ومشاركتنا معا بالقمة العربية، والزيارة الأخيرة التي قمت بها إلى السعودية، شكلت كلها خطوات باتجاه تعزيز الثقة مع إخوتنا العرب، وقريبا بإذن الله، سنعقد أول اجتماع لجنة عليا لبنانية - سعودية في الرياض وسنعمل على عدة قرارات واتفاقات نعلن عنها في هذا الاجتماع>.

4 (1)وختم بالقول:

- كما تعلمون جميعاً، فإن استعادة الثقة طريق صعب وطويل. ولكن إن كانت هناك ثقة واحدة لا لزوم لاسترجاعها، لأنها لم تفتقد لحظة، فهي ثقتي بلبنان، وباللبنانيين واللبنانيات، ثقتي بكم جميعا، بقدرتكم على الإبداع والإنجاز والانطلاق وإدهاش العالم. هذه ثقة، بعد ثقتي بالله سبحانه وتعالى، فعلاً ليس لها حدود. دعونا نعمل سوية، لمصلحة كل شيء يجمعنا، ونمنع عودة الانقسامات، ونعزز وحدتنا الوطنية لنحمي وطننا في هذه المنطقة الخطرة، ولنستعيد الثقة بدولتنا وباقتصادنا، ونضمن للمواطن اللبناني الحياة الكريمة التي يستحقها.

 

الوزراء الحاج حسن وخوري وحاصباني والجراح واولوية النهوض الاقتصادي

بعد ذلك، عقدت الجلسة الاولى بعنوان <أولوية خطة النهوض الاقتصادي>، وتحدث الوزير حسين الحاج حسن فأوضح ان عملية إعادة الثقة بلبنان واقتصاده صعبة وليست سهلة، ولكن بأخذنا التدابير الاقتصادية نستعيد الثقة من خلال رؤية اقتصادية متكاملة، فنحن اليوم نعيش حالة تراجع في الرساميل من الخارج لذا لا بد من اتخاذ قرار سياسي كبير من الصناديق الدولية والمتاحة أمامنا لتحديث البنى التحتية وهذا من شأنه أن يحرك الاقتصاد، وقال: <أمامنا مجموعة من الاصلاحات الادارية والاقتصادية والضريبية تطال كل الجوانب، ولبنان لا يمكنه أن يستكمل وضعه الاقتصادي الا بحسب رؤية واضحة، ونحن نعمل على تقريب وجهات النظر بين الوزراء في الحكومة، لأن هناك خلافاً واضحاً بين بعض الوزراء في نظرتهم الى الملفات المطروحة>، كاشفاً <إن صادراتنا تراجعت من 4,4 مليارات دولار بالعام 2011 إلى 2,2 مليار دولار في العام 2016>، لافتاً الى أن <كل الشركاء الاقتصاديين في العالم (طاحنينا) ويضعون عقبات أمام بلدنا، وفي هذا المجال تمّ إقفال 300 مصنع في لبنان لتصنيع مواد البناء نتيجة استيراد تلك المواد من الخارج>.

وأوضح الوزير خوري أن <لبنان بين العامين 1990 و2011 مر بوضع أمني غير مستقر، لكن الاقتصاد كان ينمو بشكل أفضل نتيجة المداخيل التي تأتي من الخارج والتي وصلت الى 8 بالمئة، ونحن اليوم نشهد وضعاً امنيا أفضل وتوافقا سياسيا في أعلى مستوياته مع تراجع المداخيل الآتية من الخارج>.

ونوه خوري بأن لدينا 10 ملايين لبناني يقيمون في الخارج، أسهموا كثيراً في إنماء الاقتصاد اللبناني، لكن هذا الاقتصاد بدأ يتراجع مع استمرار النزوح الى لبنان>، وشدد الخوري على <أهمية إعادة الحكومة النظر بموضوع الموازنة التي هي غير مبنية على قواعد تراعي حالة الاقتصاد الحالية، فيما قانون الانتخاب يسهم في كبح (كربجة) الاقتصاد، ونحن في حاجة الى وضع هوية لبنان الاقتصادية والتكلم باللغة نفسها>، مشيراً الى أن <خسارتنا في الكهرباء على سبيل المثال تبلغ ملياراً ونصف المليار دولار في السنة، وقد تصل الى 3 مليارات دولار إذا لم يكن لدينا خطة واضحة لتحسين وضع الكهرباء>.

وبالنسبة لموضوع النازحين السوريين فوصفه الخوري بـ«الكارثي>، لافتاً إلى أن <بعض الدول التي تعهدت بالالتزام بدعم لبنان في موضوع النازحين تراجعت عن تعهدها، ولكن الأمل كبير بعد مؤتمر بروكسل حيث كان هناك التزام واضح للدعم، وتعهد بإعطاء القروض لمواجهة هذه المشكلة، وهذه الدول استشعرت الخطورة من موضوع النازحين على الوضع القومي الدولي، ولذلك فإنها ستقوم بدعمنا وتقديم القروض لنا>، مؤكداً أن نتائج اتفاقية التجارة الحرة بين لبنان والخارج ليست في صالحنا، ومن دون مساعدات وقروض دولية لا يستطيع لبنان مواجهة المستقبل، لأن اقتصادنا غير منتج.

من جهته، رأى وزير الاتصالات جمال الجراح، بأن <لدى الحكومة إمكانيات كبيرة لتنمية الاقتصاد، ونحن في حاجة لمقاربة هذا الأمر للوصول الى حلول تأتي بالإنفراج على الجميع>، ودعا الجراح الى <تهيئة أنفسنا لنواكب التطور في نظام الاتصالات في العالم>، مضيفاً: <حاولنا تكوين شبه رؤية لتطوير قطاع الاتصالات، ولدينا خطة قريبة ومتوسطة المدى لتحسين الشبكات، وقد أعددنا رؤية طموحة تؤمّن الخطوط الخلوية والأرضية في جميع المناطق اللبنانية>.

وأشار الجراح الى أنه في <التاسع عشر من الشهر الجاري سنعقد مناقصة لتأمين أكثر من مليون خط أرضي وإيصال الإنترنت الى المواطنين. وقد أجرينا تجربة حية حيث وصلنا الى سرعة 19 ميغابايت لتطوير شبكات الاتصالات، وسنعمل على معرفة مكامن الخلل في الشبكات لإصلاحها>.

وأعلن الجراح أن <أسعار الإنترنت ستهبط بين 30 و50 بالمئة مما هي عليه حالياً، بالتزامن مع زيادة سرعة الشبكة وإعطاء خدمات جديدة لمستخدمي الإنترنت، وسنستكمل الشبكات في المرحلة المقبلة لتصل الى معظم المناطق اللبنانية>.

ورأى الجراح بأن <الأسعار ستكون مدروسة لطلاب الجامعات في موضوع الإنترنت، وستصل سرعتها الى 50 ميغابايت بسعر يوازي الـ 25 ألف ليرة>، ولفت الى أن <المناخ السياسي الجديد سيساعد على إنجاز ما نقوم به من خطط سياسية واقتصادية واجتماعية لتحسين حياة المواطنين>.

حاصباني وتحريك عجلة عمل الحكومة

4 (3)

اما وزير الصحة غسان حاصباني، فنوه بأنه قبل تناول موازنة الدولة وعملية استعادة الثقة لا بدّ من نظرة نستشرف بها الموازنة، مع وضع خطة اقتصادية شاملة لإعادة تحريك عجلة عمل الحكومة واستعادة ثقة المؤسسات المالية العالمية بنا>.

وأشار حاصباني الى أنّ <المجتمع الدولي ينظر لنا عبر أربعة تحديات ومعوقات تكبح نمونا الاقتصادي وهي: الفساد، وعدم الاستقرار بالحكومة، والبنى التحتية التي أصبحنا بها في أواخر البلدان في العالم وتحديداً في شبكة الكهرباء والمياه، والبيروقراطية خاصةً بالقطاع العام إذ علينا معالجتها لكونها تعرقل الاستثمارات وعمل المؤسسات اللبنانية ما ينعكس بشكل خاص على الاقتصاد>.

وقال حاصباني: <يجب علينا ألا نتّكل على الدولة فقط للاستثمار، فأمام القطاع الخاص الفرص الاستثمارية الكبيرة وهو بطبيعة الحال يملك قدرات وطاقات هائلة للعمل فيها>، مضيفاً إنه <بالعودة الى مكافحة الفساد فعلينا العمل على قطع عمليات التهريب على المعابر لتعزيز مداخيل الخزينة، وكذلك تحسين عملية جباية الضرائب والرسوم، وتحقيق استقرار على المدى الطويل لأن الاستقرار على المدى القصير لا ينعكس ايجاباً على الاقتصاد، وقد رأينا ذلك بإنهاء الفراغ الرئاسي بانتخاب رئيس للجمهورية وتكليف الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة، كذلك علينا النظر الى قطاع السياحة المهم لكونه أحد الأركان الرئيسية لدعم الاقتصاد، ونحن نرى أن حالة عدم الاستقرار السياسي والأوضاع الأمنية بالجوار، كل ذلك يطيح بعائدات هذا القطاع>.

صراف والجميل والحلو

والرؤية التكاملية

وبعيداً عن رأي السياسيين فقد شدد رئيس <مجلس رجال أعمال البحر المتوسط> جاك صراف على فكرة <إعداد سياسة اقتصادية مرنة وواضحة وإعادة هيكلة وزاراتنا لكوننا ورثنا حكومات بالتاريخ>، وأضاف صراف: <المطلوب إعادة الهوية لكل الإدارات اللبنانية مع إعادة هندسة مالية الدولة، كل ذلك يسهم بإعادة الثقة بمؤسساتنا>، متسائلاً في السياق عينه: <أين أصبح قانون التجارة اليوم الذي لا يزال موجوداً منذ العام 1996 في أدراج مجلس النواب؟، وأين قانون العمل الذي يُجرَ تعديل عليه إلاّ القليل الذي فُرض علينا دولياً؟ علماً أن تحديث هذا القانون يشجع الاستثمار ويجذب الرساميل الأجنبية>.

وأكد صراف <بأن لبنان يشهد معوقات إدارية كبيرة فهو في المرتبة 168 عالمياً بمؤشر الفساد>، داعياً الى <إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لكون ذلك ينعكس إيجاباً على البنية التحتية السيئة>، مؤكداً ان <المصارف قوتنا، وهي استثمارنا الوحيد الناجح، في وقت أن ثُلثي المجتمع اللبناني ثروته أقل من 10 آلاف دولار، فلولا المصارف لا أحد يستطيع الاستثمار في البلد، وعلى المعنيين عدم وضع معوقات تكبح عمل تطور المصارف لكونه القطاع الوحيد الرابح نسبياً>.

بدوره، نقيب المقاولين مارون الحلو أكد بأنه وللأسف في لبنان كل وزير يأتي مع أفكاره وطروحاته، ويبقى بالحكم بنظام الاستمرارية، فالنظام اللبناني ديموقراطي، وأنا أستغرب من وزراء يشكون من مشاكل في القطاع العام، وقال: <نحن صنّاع حاضرنا ومستقبلنا وبإدارتنا المشتركة قادرون على استنباط الحلول من السياسة الى الاقتصادي وما بينهما، فالحوار هو المفتاح السري لبناء الدولة الحديثة، وإذا كنا اليوم نشهد استقراراً أمنياً فالأولى أن نعمل على تحصين الاستقرار بتفاهمات وطنية كبرى>، وأردف قائلاً: <المجتمع ثائر يريد التغيير، وهو زاخر بالطاقات التي تسعى لبناء الدولة الناجحة التي تقوم على مجموعة أعمدة، منها بناء اقتصاد سليم، ومجتمع منفتح على أفكار جديدة في زمن العولمة>.

من جانبه، لفت رئيس <جمعية الصناعيين اللبنانيين> فادي الجميّل الى أن <هناك مشاكل في الوضع الاقتصادي القائم، فقبل عام 1975 كانت نسبة الثروات المالية أكثر من سويسرا وأميركا، أما اليوم فلدينا موجودات من الطاقات البشرية التي تتبوأ المراتب الأولى بالعالم، ونحن الآن نعاني من 25 مليار دولار من تداعيات تفاقم نسبة البطالة، ونحتاج إلى 40 ألف فرصة عمل سنوياً>، وقال: <علينا العمل على ربط طاقات المغتربين مع نظيرتها اللبنانية، لكوننا ننظر إلى الإقتصاد اللبناني برؤية تكاملية، لكن القطاع الصناعي عندما يبدأ بالعمل يستطيع أن يشغل غيره من القطاعات. ولبنان قادر على التنافس، ولدينا منتجات يتم تصنيعها محلياً ويصار إلى تسويقها لأكبر الشركات العالمية، فنحن نقوم بتصنيع الأدوية والمعدات الطبية>.

وتطرق الجميل إلى قطاع التكنولوجيا وقدرة لبنان على تصنيع تقنيات وتصديرها نحو العالمية، لافتاً في السياق إلى <المرونة التي يتمتع بها القطاع الصناعي والخبرات التي يكتنزها في كيفية إدارة الأزمات>، مؤكداً ان <لا مشاكل تواجه الصناعات من ناحية الإبداع والإبتكار، لكن تواجهنا مشكلتان، الأولى تعتبر من ضمن التكاليف الإضافية التي تفرض علينا، والثانية المزاحمة التنافسية القوية>، لافتاً إلى أن لبنان <يستورد 19 مليار دولار من الصناعات، في حين أن لدينا القدرة على تصدير ما يوازي بقيمته الـ3 إلى 4 مليارات دولار>.