تفاصيل الخبر

قــــــوة الـتـصـديــــــر والاستـثـمـــــــار فـــي لـبــــــنان بديــــــل الاسـتـحـكــــام الـعـسـكـــــري والـحـضــــــور الأمـنــــــي!

26/10/2017
قــــــوة الـتـصـديــــــر والاستـثـمـــــــار فـــي لـبــــــنان بديــــــل الاسـتـحـكــــام الـعـسـكـــــري والـحـضــــــور الأمـنــــــي!

قــــــوة الـتـصـديــــــر والاستـثـمـــــــار فـــي لـبــــــنان بديــــــل الاسـتـحـكــــام الـعـسـكـــــري والـحـضــــــور الأمـنــــــي!

 

بقلم وليد عوض

الصفدي-ريفي-b

أقرب دولة في أوروبا للبنان هي إيطاليا التي لم تعترها الحرائق والاشتباكات الدامية، على عكس جيرانها أهل فرنسا وأهل بلجيكا واليونان وأهل انكلترا وأهل ألمانيا، حتى قيل إن الإرهاب لا يحب أن يمر من ايطاليا.

وأغرب ما يكون ان هذه القوة الاوروبية البارزة التي هي ايطاليا ذات الـ60 مليون انسان باقية خارج التداول في احداث أوروبا. ومع ذلك فهي حاضرة، وإن كان الحديث عنها قليلاً، ولها دور مميز في القارة الافريقية، وخصوصاً في ليبيا وأثيوبيا وإريتريا التي كانت من مستعمراتها في الماضي. ومصفاتها البترولية <ايني> من أنشط الشركات البترولية في العالم، ولها حضور واسع في البلدان المستوردة للمحروقات في أفريقيا والشرق الأوسط. وإن لم تكن ايطاليا تثير اهتمام الجمهور الواسع ولاسيما اولئك الذين يلاحقون أعمال الإرهاب، فهي تنام على لغز، على أساس أن هذا البلد الاوروبي الكبير الذي يملك ادوات الصراع مع الارهاب، ولاسيما في ليبيا التي جاء عليها زمان استحكمت فيه بكل أمن المدن، ولاسيما تلك التي تغتني بالآثار مثل مصراتا وصبراتا، ولا يزال الفندق الإيطالي الوحيد من حيث الطراز في طرابلس الغرب من الظواهر اللافتة في البلاد، لم يواجه حتى الآن  أي عمل إرهابي.

وأغرب ما يكون أيضاً، أن مصفاة ايطاليا البترولية <ايني> التي تعمل بكل نشاط في افريقيا والشرق الاوسط لم يهددها أي عمل ارهابي. وشواطئها عند البحر الابيض المتوسط تستقبل كل سنة برضائها أو عدم رضائها، عشرات الآلاف من المهاجرين، ومع ذلك فليس من عمل ارهابي واحد استهدف ايطاليا. وهذا ما يميز ايطاليا عن باقي جيرانها الاوروبيين.

والصورة مختلفة في اوروبا وخاصة فرنسا واسبانيا وبلجيكا وألمانيا وانكلترا التي كانت ضحايا لأعمال ارهابية على عكس تونس، وبلدان الساحل الافريقي باستثناء موريتانيا التي قيل عن رئيسها محمد ولد عبد العزيز إنه وقّع معاهدة مع القوى الارهابية لترك موريتانيا وعاصمتها نواكشوط خارج أي عمل ارهابي. لكن ايطاليا لا تسلم من احتمالات الغد السلبي، طالما أنها تضم أربعة ملايين مسلم يقطنون مدنها ولاسيما نابولي ولوكارنو. وتلك الظاهرة تستحق الدراسة.

لكن الماضي في ايطاليا مختلف عن الواقع الراهن. ففي أواخر القرن العشرين عادت الى الذاكرة المنظمة الارهابية <الألوية الحمراء>، وقد كلفت ايطاليا ردحاً من الزمن في سبيل الخلاص من هذه الظاهرة الارهابية، وخسرت بطريق الاغتيال رئيس وزراء من الاهمية في مكان هو <الدو مورو> الذي عثر على جثته في صندوق سيارة. وكان للزمن أن يفعل فعله لاستيلاد ايطاليا سلام وأمان وطمأنينة وسياح. فمن ذا الذي يتعلم من الآخرين الاثنين: حكومة ايطاليا التي يرئسها <باولو جينتيلوني> أم حكومة لبنان برئاسة سعد الحريري؟

الجواب يكمن في المسؤول الذي يدير شؤون البلاد، وقد تبدل في ايطاليا عدة رؤساء حكومات ومع ذلك لم يقع أي انفجار ارهابي أو الكشف عن خلايا ارهابية نائمة.

موارد ايطاليا

شعب ايطاليا يسعى يومه، ليلاً ونهاراً، على واردات السياحة وقوى الاستثمار، ويبدو أن هذين العاملين مؤهـــــلان للدخـــــول في دولــــــة آمنــــــة مستقرة تعمل على جبهتين: واحدة تمثل الصناعات الاستثمارية والكيماوية مثل شركة <ايني>، وأخرى تمثل السياحة التي تضخ في البلاد، وخصوصاً المدن ذات القيمة الأثرية، مثل نابولي ولوكارنو أموالاً طائلة.

صحيح ان ايطاليا ليست بلداً محارباً بل هي جزء من الاتحاد الاوروبي، إلا أن ايطاليا تبقى صاحبة دور، وليس همها الوحيد زيادة مبيعات <البيتزا> وأطباق المعكرونة وهي مطلوبة مثل لبنان لدور على ساحل البحر المتوسط يعيد أمجاد الأولين. وحسب ايطاليا بعد العهد العسكري أن يكون انتاجها السينمائي مطلع الخمسينات بأفلام مثل <الرز المر> من بطولة <سلفانا مانغانو> قد وفّر لها ثروة لا تقل أبداً عن الثروة التي يوفرها لها السياح. وأسماء مثل المخرج <كارلو بونتي> والنجمتين <جينا لولو بريجيدا> و<صوفيا لورين> ما زالت مصدراً للثروة الايطالية.

ولبنان لا يقل وهجاً وبريقاً عن ايطاليا، ففيه الآن صناعة سينمائية ذات مردود عالمي، والمباريات الرياضية دوارة بأعلى المستويات ومركز للقرى الإعلامية في العالم.

وميزة اللبنانيين في هذه الايام أنهم منفتحون بما فيه الكفاية في العالم، فنجد الرئيس سعد الحريري بين واشنطن والفاتيكان وباريس ولندن، ونجد رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع وعقيلته نائبة بشري ستريدا طوق ضيفين على اوستراليا لحث المهاجرين اللبنانيين على استرجاع جنسياتهم اللبنانية، والمشاركة في انتخابات أيار/ مايو المقبلة. وهذا الانفتاح لا يجاريه أي انفتاح مماثل من الايطاليين. والسياح الآتون من ايطاليا الجريري-ميقاتيلهم خصوصيتهم ولا يمثلون مجتمع ايطاليا بشكل رسمي. وكذلك هناك اللبنانيون الذين زاروا استراليا في عملية تواصل مع اللبنانيين.

وهكذا أقمنا المقارنة بين ايطاليا ولبنان للتدليل على أن لبنان يماثل في الحضور العالمي ايطاليا ويزيده، وأول ما يتوجب على أهل لبنان استدرار المياه وهم يمثلون بلد المياه أو الاستعداد للمرحلة الذهبية المقبلة، مرحلة البترول والغاز في أعماق البحر، وهي خصوصية لا تتمتع بها ايطاليا، وتعتمد على استيراد النفط من روسيا والولايات المتحدة، كذلك فهو في الجغرافيا البلد الواصل لثلاث قارات هي الشرق الاوسط وأوروبا وافريقيا، ويحتل موقعاً متقدماً على الخريطة، وما الجثث التي تأتي في نعوش طائرة إلا الدليل على أن الانتشار اللبناني ما زال سارياً ودواراً من زمن الفيلسوف جبران خليل جبران.

وأول ما ينبغي أن يكتسبه النواب هو الحصانة الدستورية، ولم يكن ذلك ممكناً عندما يقف النائب حسن فضل الله رئيس لجنة الاعلام ويعلن بأن الجلسة النيابية غير دستورية، وكل ما ينتج عنها غير دستوري، ويقف رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ليجرد مقررات مجلس النواب من المكاسب الدستورية ويعدد المواقع التي جرت فيها مخالفة الدستور ذهاباً من التصديق على مقررات لا تأخذ في النهاية صفة الحصانة الدستورية، ولاسيما صفقة بواخر الكهرباء التركية، وأعطيت جلسة الخميس ما قبل الماضي صفة الجلسة الماراتونية التي جرى إتمامها على عجل، رغم ما تخللها من مناقشات. ولذلك ختم سامي الجميل على الوضع البرلماني بعبارته: <نهنئ النواب بهذه المخالفة الجماعية للدستور>.

ويفاخر الرئيس الحريري بأنه أنقذ الطائفة السنية التي كان دورها على مستوى الوطن لبنان، لا على مستوى زعاماتها في بيروت وطرابلس عبر الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق أشرف ريفي. وكما طرابلس كذلك صيدا التي حافظت على نائبتها بهية الحريري التي كانت تتابع الأحداث الفلسطينية في مخيم عين الحلوة لحظة بلحظة وتمثل حزام أمان للعلاقات اللبنانية الفلسطينية حتى صار اسمها في مخيم عين الحلوة لا يقل حضوراً عن زعامات فلسطينية مثل عزام الأحمد.

وقد عرفت السيدة بهية كيف تسوس علاقاتها مع حزب الله من جهة، والرئيس نبيه بري من جهة ثانية. كذلك يراهن المراقبون على الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق اشرف ريفي والنواب محمد الصفدي وسمير الجسر ومحمد كبارة للاطلالة على المجلس النيابي الجديد معتمدين على خدمات قدموها طوال فترة نيابتهم، وتواصلهم مستمر مع الناس.

ويأتي الاحتفال بجادة الملك سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين في ميناء طرابلس ليدعم الموقع الثقافي والاجتماعي في طرابلس.

وفي كل الأحوال ستبيضّ وجوه وتسودّ وجوه في انتخابات طرابلس المقبلة، ومن لم يحط بالظروف الجديدة ينطبق عليه المثل القائل: <في الصيف ضيعت اللبن>.

وما أكثر من ضيع اللبن في طرابلس!