أجرى الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" يوم الاثنين الماضي، جلسة مناقشات مطولة مع نظيره الأذري "إلهام علييف" ورئيس الوزراء الأرميني "نيكول باشينيان"، تركز البحث خلالها على تحديد أولويات التحرك المقبل، في إطار تعزيز اتفاق وقف النار في اقليم قره باغ، الذي توصل إليه الزعماء الثلاثة في التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وأسفر عن إنهاء العمليات العسكرية في جنوب القوقاز. وغدت القمة الثلاثية أول مناسبة يلتقي فيها "علييف" و"باشينيان" وجهاً لوجه منذ عام، عندما التقيا على هامش مؤتمر الأمن بميونيخ في شباط (فبراير) الماضي. وهو اللقاء الأول للأطراف الثلاثة على هذا المستوى بعد العمليات الحربية التي قلبت موازين القوى وأسفرت عن رسم ملامح جديدة لخرائط النفوذ في منطقة جنوب القوقاز. وتعمد بوتين مصافحة كل من الزعيمين الزائرين ومعانقتهما، متجاهلاً قواعد التباعد الاجتماعي بسبب تفشي "كورونا"، في حين تجنب "علييف" و"باشينيان" تبادل المصافحة واكتفى كل منهما بالترحيب بالآخر بإيماءة خفيفة. بعد ذلك، جلس الزعماء الثلاثة على طاولة بيضاوية محافظين على مسافات متساوية عن بعضهم. وبدا أن اختيار الطاولة وآليات الترحيب متعمدة من جانب الكرملين، لإنجاح الجلسة الأولى للحوار الثلاثي التي أولتها موسكو أهمية خاصة. وهذا ما ظهر من خلال كلمات الترحيب التي وجهها "بوتين" في مستهل اللقاء، وشكر من خلالها الرئيسين على استعدادهما لـمناقشة آليات تنفيذ الاتفاق الثلاثي بشأن قره باغ، وتحديد الخطوات اللاحقة لحل المشكلات في المنطقة، وقال إن الأولوية التي تحظى بأهمية خاصة في محادثات اليوم تتركز أولاً وقبل كل شيء، على تحديد الخطوات التالية في المجالات الرئيسية للتسوية، والتي تم تضمينها في البيان المشترك الصادر في 9 تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، وأعني القضايا المتعلقة بأنشطة فرق حفظ السلام الروسية، وتوضيح خطوط الترسيم، وحل المشكلات الإنسانية، وحماية مواقع التراث الثقافي، موضحاً أن الخطوة اللاحقة المهمة سوف تتولاها لجنة حكومية ثلاثية مشتركة برئاسة نواب رؤساء الوزراء في البلدان الثلاثة، وهدفها وضع الترتيبات اللازمة لإعادة تطبيع العلاقات الاقتصادية والتجارية والنقل، فضلاً عن فتح الحدود في قره باغ.
وكشف "بوتين" أن جهود الوساطة الروسية تهدف إلى تثبيت وقف نار دائم في قره باغ، ومواصلة تنفيذ بنود الاتفاق بشكل تدريجي، مشيراً إلى أهمية تحديد الخطوات التالية للتسوية، مؤكداً أن روسيا تثمن الشراكة وعلاقات حسن الجوار التي تربط بلادنا وشعوبنا، لذلك تابعنا اندلاع الصراع المسلح بقلق بالغ، معتبراً ان جهود الوساطة التي بذلها الجانب الروسي هدفت إلى المساعدة في وقف إراقة الدماء واستقرار الوضع وتحقيق وقف نار مستدام، مؤكداً ان اتفاق وقف العمليات القتالية بين أرمينيا وأذربيجان في قره باغ حيث تم نشر قوات روسية، هو تمهيد لتسوية هذا النزاع على المدى الطويل، وقال: نجد أن اتفاقاتنا الثلاثية يتم تحقيقها تدريجاً، ونحن مقتنعون بأن هذا يوفر الظروف التمهيدية لحل كامل للنزاع على المدى الطويل، معتبراً ان الوضع الآن هادئ في المنطقة، مشيراً إلى عودة 48 ألف لاجئ فروا من القتال بالفعل إلى قره باغ منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، موضحاً انه يولي اهتماماً خاصاً لرفع الحظر عن التبادلات الاقتصادية والتجارية والنقل وفتح الحدود.