تفاصيل الخبر

قمة عون - السيسي: تنسيق سياسي وأمني ”مفتوح“ و”جهد“ لإعادة لمّ شمل الدول العربية في جامعتها!

17/02/2017
قمة عون - السيسي: تنسيق سياسي وأمني ”مفتوح“  و”جهد“ لإعادة لمّ شمل الدول العربية في جامعتها!

قمة عون - السيسي: تنسيق سياسي وأمني ”مفتوح“ و”جهد“ لإعادة لمّ شمل الدول العربية في جامعتها!

 

 

عون-احمد-الطيب الخلفية العسكرية لكل من الرئيس اللبناني العماد ميشال عون والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جعلت اللقاء الأول بينهما داخل <قصر الاتحادية> في القاهرة الاثنين الماضي، وكأن معرفة قديمة جمعت بين الرئيسين.. فالأجواء التي سادت خلال الخلوة التي سبقت الاجتماع الموسع، وكذلك عندما انضم الوزراء أعضاء الوفد والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، انعكست بمودتها على نتائج المحادثات اللبنانية - المصرية التي أسست لبداية من التعاون الواسع في المجالات كافة، لاسيما في حقلين: الأول يتعلق بالتنسيق السياسي بين البلدين في جامعة الدول العربية وفي المحافل الإقليمية والدولية، أما الثاني فيتصل بالإطار الأمني والمخابراتي حيث وجد الرئيسان أن الظروف الراهنة في المنطقة العربية والتطورات المتسارعة في كل من سوريا والعراق واليمن وغيرها من الدول العربية التي اكتوت بنار الإرهاب وتنظيماته، تحتم التنبّه الى انتشار ظاهرة الإرهاب الذي ضرب في كل من لبنان ومصر، وإن كان أمكن في البلدين الحد من تمدد الإرهابيين بعد التمكن من تفشيل مخططاتهم وكشف خلاياهم السرية.

إلا أن مصادر الوفد اللبناني اعتبرت أن التنسيق في المجالين السياسي والديبلوماسي في جامعة الدول العربية لن يكون فقط محصوراً بلبنان ومصر، ذلك أن مثل هذا التنسيق لا بد أن ينسحب على العلاقات بين الدول العربية التي ستجتمع في نهاية شهر آذار/ مارس المقبل على ساحل البحر الميت في الأردن خلال الدورة السنوية للقمة العربية. وعلمت <الأفكار> في هذا السياق أن ثمة جهداً سيبذله كل من لبنان ومصر من أجل إعادة الحرارة الى العلاقات العربية - العربية وتوحيد الموقف العربي في مجالات كثيرة لاسيما منها طريقة مواجهة الإرهاب الذي يتمدد من دولة الى أخرى، ولم تشأ المصادر نفسها القول بوجود مبادرة لبنانية - مصرية مشتركة بل اكتفت بإعطاء ما اتفق عليه الرئيسان عون والسيسي صفة <الجهد المشترك>، وذلك منعاً لأية انتكاسة يمكن أن تواجه هذا العمل من جانب المتضررين.

 

تعزيز التنسيق المخابراتي

عون-تواضروس 

أما في الشق الأمني، فكان توافق على تعزيز التنسيق بين الأجهزة الأمنية والمخابراتية في كل من لبنان ومصر، لاسيما وأن التعاون السابق بين المخابرات والأمن العام في لبنان من جهة، والمخابرات المصرية من جهة أخرى أسفر عن نتائج عملية في مجال القبض على إرهابيين أو تسليم مطلوبين وغير ذلك من الجهد الذي يندرج في إطار تبادل المعلومات. أما المسألة الثانية في الإطار الأمني فقد تناولت موضوع الدورات التدريبية التي يشارك فيها ضباط من الجيش والأسلاك الأمنية اللبنانية الأخرى حيث أعطى الرئيس السيسي توجيهاته الى الوزراء المعنيين بزيادة عدد الأماكن المخصصة للعسكريين اللبنانيين في الكليات والمعاهد العسكرية ومعاهد الشرطة المصرية.

ولأن العلاقات اللبنانية - المصرية متشعبة، فقد ارتأى الرئيسان عون والسيسي دعوة اللجنة المشتركة اللبنانية - المصرية العليا الى الاجتماع في شهر آذار/ مارس المقبل، وسيكون الاجتماع على مستوى رئيسي حكومتي البلدين مع الوزراء المختصين من كل جانب، وسيكون من أولى مهام <اللجنة العليا> البحث في التعاون في المجالات الاقتصادية والإنمائية، وتوقيع جملة اتفاقات ثنائية تتناول القطاعات المشتركة، لاسيما منها القطاعات المالية والزراعية وغيرها من وسائل الإنتاج، علماً أنه تبين خلال المحادثات أن ميزان التعاون الزراعي بين البلدين يميل لصالح مصر، وهو ما دفع بالرئيس السيسي الى إعطاء تعليماته الفورية الى الوزراء المصريين الحاضرين في المحادثات لتصحيح هذا الخلل وإعادة التوازن إليه.

وكما وعد الرئيس السيسي بالاستمرار في دعم لبنان في المجالات كافة، كذلك وعد الرئيس عون بمعالجة قضية العمالة المصرية في لبنان بعدما أثار الرئيس المصري مسألة استرداد أموال منهم لصالح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وهم عملياً لا يستفيدون منه. وكان لافتاً أن يثير الرئيس السيسي هذه المسألة في لقاء القمة مع الرئيس عون وعدم انتظار موعد التئام <اللجنة العليا> بين البلدين، ما دلّ على مقدار اهتمام الرئيس السيسي بأوضاع العاملين المصريين المنتشرين في عدد كبير من الدول بينها لبنان وذلك لرفع أي ظلم عنهم أو إجحاف بحقوقهم. في المقابل، أشاد الرئيس السيسي باللبنانيين الموجودين في مصر والنشاطات التي يقومون بها معتبراً أن اللبنانيين على درجة عالية من الذكاء بحيث يمكن أن يتولوا مسؤوليات عدة في مجالات مختلفة.

 

عون-السيسيالأزمة السورية... طويلة!

والى المواضيع المشتركة، فقد حضرت الأزمة السورية بكل تداعياتها سواء بالنسبة الى الاجتماعات التي تعقد راهناً للوصول الى حل سياسي لهذه الأزمة، أو بالنسبة الى موضوع النازحين السوريين الذين يعاني لبنان كثيراً من وجودهم على أرضه، ويأمل أن تنتهي معاناتهم قريباً. وبدا من سياق النقاش أن مصر تقيّم عالياً الجهود الدولية والاقليمية المبذولة على صعيد تحقيق الحل السياسي، وإن كانت لا تملك بعد معطيات دقيقة عما دار في اجتماعات مدينة الاستانة عاصمة كازاخستان، وإن كانت المعلومات الأولية قد أشارت الى أن مسار الحل السياسي سيكون مساراً طويلاً قد يحصل فيه بعض التعثر، وهو ما يحذر منه المبعوث الدولي <ستيفان دي ميستورا>. في المقابل، فإن المخاوف كبيرة من عودة انتشار الإرهابيين في الدول إذا ما توقف القتال في سوريا وتراجع المسلحون من مواضع كانوا فيها الى الدول التي انطلقوا منها أساساً ما يعني أن هذه الدول سوف تشهد اضطرابات ينبغي التنبه من نتائجها سلفاً. وقد ساعد في جعل النقاش عميقاً حول هذه المسألة دقة المعلومات التي أدلى بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي قدم عرضاً مفصلاً اعتبر فيه أنه كلما اقترب الحل في سوريا، صارت مهمة الأجهزة الأمنية صعبة لأن العمل الإرهابي سينتقل من فوق الأرض الى تحت الأرض، مع ما يعني ذلك من جهد يفترض أن يُبذل في اتجاه تعطيل قدرة الارهابيين على النجاح في اعتداءاتهم.

 

القضية الفلسطينية

 

وفي المعلومات المستقاة من مصادر الوفد اللبناني، فإن القضية الفلسطينية لم تغب عن المحادثات اللبنانية - المصرية إذ بادر الرئيس عون الى طرحها انطلاقاً من استمرار الاعتداءات والخروقات الاسرائيلية في الجنوب اللبناني من جهة، وضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة من جهة أخرى. وتصدر هنا النقاش حول مدى القدرة على الوصول الى <حل الدولتين> الذي يلقى دعماً دولياً واسعاً، خصوصاً في ظل الإدارة الأميركية الجديدة التي <لم تكشف عن أوراقها بعد> ومدى استعدادها للانخراط في حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية. غير أن النقاش لحظ - حسب المصادر نفسها - أن عدم وحدة الصف الفلسطيني تبقى في نظر المصريين <مشكلة> لأن غياب هذه الوحدة أضعف إمكانية عون-الاردنالوصول الى حلول عملية وسريعة، في وقت ينمو فيه الجيل الفلسطيني الشاب على التطرف والجنوح الى الإرهاب.

ولأن مصر ولبنان يجمعهما قاسم مشترك هو التعددية الطائفية وكونهما مساحة تلاقٍ بين الأديان والمذاهب المختلفة، فإن الحرص المشترك على استمرار هذا الواقع عبّر عنه الرئيس السيسي وكذلك الرئيس عون في الكلمتين أمام الوفدين اللبناني والمصري والإعلاميين، علماً أن الرئيس اللبناني حرص أن يتوجه مباشرة من <قصر الاتحادية> الى مقر بطريركية الأقباط الأرثوذكس في الكاتدرائية المرقسية في القاهرة حيث التقى البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية للأقباط الأرثوذكس الذي وصف الرئيس عون بأنه <زعيم المسيحية المشرقية الأبرز>. ثم زار الرئيس عون مباشرة بعد ذلك مشيخة الازهر الشريف حيث عقد اجتماعاً مغلقاً مع الإمام احمد الطيب انضم إليه لاحقاً وكيل الأزهر عباس شومان وأمين عام <مجمع البحوث الإسلامية> الدكتور محيي الدين عفيفي، إضافة الى الوفد الوزاري المرافق الذي ضم وزراء الخارجية جبران باسيل والمالية علي حسن خليل والداخلية نهاد المشنوق والتجارة رائد خوري، ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، واللواء ابراهيم، والقائم بالأعمال اللبناني في القاهرة أنطوان عزام.

وفي الوقت الذي بدأت فيه الاستعدادات لانعقاد اجتماع <اللجنة العليا> اللبنانية - المصرية، فإن الرئيس السيسي لن يتأخر في زيارة لبنان وتلبية دعوة الرئيس عون الذي تمنى أن تتم في وقت قريب، لاسيما وأن الرئيس المصري كرر مراراً خلال المحادثات عبارة <عايزين ننزل لبنان>!