تفاصيل الخبر

كلود ابو ناضر: خبأت الشريط في مكان عصي على التفتيش!

03/03/2017
كلود ابو ناضر: خبأت الشريط في مكان عصي على التفتيش!

كلود ابو ناضر: خبأت الشريط في مكان عصي على التفتيش!

 

بقلم عبير انطون

1

من علامات استفهام كبيرة طُرحت، ولدت النية بالتوجه الى اسطنبول، الى مسرح الجريمة المقفل تحديدا والى لقاء اصحاب ملهى <رينا> الشهير، علهم يضيئون بـ<تحرياتهم> ومعلوماتهم الجديدة عمن حدد ليل الاول من كانون الثاني (يناير) 2017 موعدا لانهاء حياة سبعة وثلاثين شخصا وجرح عشرات الساهرين وخطف الروح من ثلاثة لبنانيين ارادوا الاحتفال بالعام الجديد بفرح وسلام، فكان الاحتفال معمدا بالدم.

التحقيق المهني من ملهى <رينا> التركي الذي ترك للمشاهد مهمة الاستنتاج بعد عرض ميداني مفصل وسط بحر من التناقضات، ليس سوى تتمة لسلسلة من الحلقات التي تميز بها برنامج <تحقيق> للاعلامية كلود أبو ناضر هندي عبر شاشة <ام تي في>، والذي يهدف الى تناول مواضيع آنية تطرح حدثا او تعرض حالة، وما أكثرها في عالمنا اليوم..

 فكيف وصل الفريق الى الملهى واصحابه؟ ما هي المخاطر التي تجاوزها برئاسة هندي مع طلب الشرطة التركية الحصول على الشريط الذي تم تصويره، وما هي الحقائق الجديدة التي اضافها؟ وبعيدا من الحادثة، ما هو التحقيق الوحيد الذي صورته هندي بين مئتين وخمسين تحقيقا حتى اليوم عرضت جميعها الا هو؟ وأيضا، ما علاقتها <بالسلفيين> الذين ستمضي بينهم ليلة كاملة؟

 مع الاعلامية الجريئة كان حوار <الافكار> وسألناها بداية:

 ــ كنتم الفريق الاعلامي اللبناني الوحيد الذي دخل ساحة الجريمة، كيف انطلقتم بفكرة السفر الى اسطنبول وما هي الصعوبات التي واجهتموها؟

- شكلت تركيا الحدث بهذا الاعتداء الارهابي الضخم، خاصة وانه تزامن مع الاحتفال بالسنة الجديدة، وأن الرصاصات انصبت على أشخاص فرحين يحتفلون، وكان يمكن لاي منا ان يكون هناك، فتركيا وجهة مقصودة من اللبنانيين لانها قريبة من حيث المسافة ولا تحتاج الى فيزا، كذلك فان ملهى <رينا> هو <الملهى> بالخط العريض اي انه الاكثر شهرة في المدينة ومن يرتادونه يجدون فيه ما يشبههم. انتظرنا قليلا، ووجدنا ان هناك تناقضا كبيرا في الاقوال وتضاربا في المعلومات، فمنهم من يقول ان اطلاق النار امتد لساعة ونصف الساعة، ومنهم من حصر العملية بدقائق الى ما هنالك...لبنانيا، تمت تغطية الخبر عبر وسائل الاعلام يوم وقوع الجريمة، ومع وصول الجثامين الثلاثة والجرحى، توقف الحديث هنا. في برنامج <تحقيق> اردنا في ذكرى الاربعين أن نغوص في الجريمة المروعة بشكل أكبر وقد تكون عملية مخابراتية كبيرة، فعقدنا العزم لمحاولة الحصول على معلومات أدق وعلى تفاصيل جديدة، وقررنا الدخول الى مسرح الجريمة حيث لا يزال الدخول ممنوعا لانه لا يزال تحت رقابة الاجهزة الأمنية.

ــ وكيف استطعتم الدخول، ومقابلة أصحاب الملهى حتى؟

- قمنا باتصالاتنا الخاصة والتي بالطبع لن أكشف جهاتها، واجرينا تحرياتنا للوصول الى أصحاب الملهى. لم يكن الأمر سهلا على الاطلاق لانهم لم يريدوا بأي شكل الظهور والحديث الى الاعلام. سافرنا الى اسطنبول ونحن غير أكيدين بأننا سنتمكن من الدخول الى ساحة الجريمة او اننا سنقابل أصحاب الملهى. توسط ما بيننا أشخاص اقنعوهم بالظهور معنا، لكنهم وضعوا شروطهم عما يمكن ان يتناوله الحديث، الا انه، وبعد استضافتنا لهم ارتاحوا الينا وبنينا معهم نوعا من الثقة عبر تطمينهم بان ما لا يريدونه فانه لن يظهر ويبقى خارج التسجيل. دخلنا الى <رينا> بطريقة غير شرعية. فاجأتنا الشرطة ونحن هناك ومنعونا من التصوير وطلبوا حيازة الشريط الذي معنا، الا انني استبقت الأمر واخرجت الشريط من الكاميرا وخبأته داخل ثيابي في مكان عصي على التفتيش ووضعنا غيره بسرعة البرق.

ــ هل كنتم مستعدين لهذا السيناريو، هل تمرنتم عليه قبلا بحال داهمتكم الشرطة؟

- للحقيقة لا، وأنا في الكثير من التحقيقات الميدانية لا اضع تصورا لسيناريو معين ولا <سكريبت> حتى في اشد الحلقات خطورة كالتحقيق من <ناغورني كاراباخ> في أرمينيا، او من العراق.. اترك للموقف، للارض التي انا عليها و للموقع أن تتحدد الخطوات وفقها.

ــ ما كان الجديد الذي قدمتموه للمشاهدين عن الجريمة وكان حصريا لـ<تحقيق>؟

- بغير الدخول الى الملهى ولقاء اصحابه، فقد اثار ما صورناه الكثير من التساؤلات خاصة حول وجود خرق أمني، فقد اقترب الارهابي بارتياح من الملهى مستقلا سيارة اجرة، علما ان سيارات الاجرة في تلك الليلة لم تفتش بعكس اجراءات الايام التي سبقت، فنزل منها وبقي يجهز سلاحه في الصندوق لحوالى ثلاث دقائق دون اية ريبة وكأنه في <كزدورة>... قضية الـ<درون> او الطائرة الصغيرة المزودة بكاميرا والتي حلقت فوق الملهى قبل أيام وكان رآها الـ<بارمان> واعتقد ان أصحاب الملهى ارسلوها... سبب تخفيض الاجراءات الأمنية الى حد كبير بعد منتصف الليل وأسباب تأخر الشرطة بالدخول الى الملهى، فضلا عن تصويرنا للكلب الذي لم يغادر الساحة حتى الساعة منتظرا عودة صاحبه وكان برفقته ليلة الجريمة، كذلك فقد سلمنا القنصل اللبناني في اسطنبول هاني شميطلي آخر هاتف خليوي لبناني كان لا يزال بحوزة السلطات التركية، وسلمناه بدورنا الى كريم صديق الشاب المرحوم الياس ورديني، من دون ان ننسى شهادات الشهود واهالي الضحايا.

 

الخلاصة..

ــ هل خرجتم بخلاصة، بتصور محدد؟

- نترك الامر للأجهزة الامنية، حتى لو كان لنا تصورنا الخاص من خلال اعادة بناء الاحداث مع الوقائع على الارض، وحين ذكرت امر الخرق الامني فقد أتى ذلك بطريقة التساؤل اذ لسنا أكيدين من ذلك.

ــ هل من محققين لبنانيين خاصة وان الفاجعة اودت بحياة ثلاثة لبنانيين؟

- لا اعتقد.

ــ ماذا عن التعويضات للضحايا التي يطالب بها بعض الاهالي وهي محقة؟

- شرح الامر في <تحقيق> سعادة القنصل شميطلي، وهو ان التعويضات لهذه الجريمة تقع تحت خانة الارهاب الدولي، وبهذا الشأن يصار الى التواصل بين السلطات الرسمية في الجانبين اللبناني والتركي عبر القنوات الديبلوماسية.

ــ هل تم الاتصال بكم بعد بث الحلقة من قبل السلطات التركية او غيرها؟

- أبدا.

ــ يمكن اعتبار هذه الحلقة برأيك الابرز في مسيرة برنامجك؟

- هي من الأبرز بكل تأكيد لكنها ليست الابرز علما انها عرفت ضجة كبيرة ونسبة مشاهدة عالية، حتى انني اتساءل شخصيا عن أسباب ذلك. صحيح ان توجهي مع الفريق الى اسطنبول محفوف بالمخاطر، اذ ان الخطر الامني لا يزال جاثما والاجواء متوترة والبلد مستهدف، والدليل انه اثناء وجودنا فيه حصل انفجار في احد المطاعم في العاصمة ايضا، الا اننا سبق وصورنا حلقات اخرى لم يكن منسوب خطرها أقل، كحلقة <داعش>، والاكراد، وعلى الجبهات العراقية وكنت الصحافية اللبنانية الاولى التي دخلت الى العراق في تحقيقات مع النساء الكرديات، والايزيديات، ودخلت ايضا الى <ناغورني كراباخ> وكنت على الجبهة في <أذربيجان>، كذلك في سهل نينوى على بعد 15 كيلومترا من الموصل. الى ذلك، سبق وقدمنا حلقات استثنائية في لبنان من جرود بعلبك مع الطفار وتجار السلاح ومزارعي الحشيشة وهذه جميعها توازي حلقة <رينا> من حيث اهميتها.

3 

ليلة مع السلفيين

ــ والى اي مخاطر تتوجهين بعد؟

- انا ذاهبة لقضاء ليلة في مركز للسلفيين ستكون واعدة، كما انني احضر لحلقة اسافر فيها الى الموصل.

ــ هل كسرتم ببرنامج <تحقيق> احصاءات <الرايتنغ> ونسب المتابعة التي تتسابق عليها البرامج والمحطات واثبتم ان المشاهد يهتم للبرامج الجدية أيضا؟

- المشاهد اللبناني ليس غبيا، وهو يعرف ماذا يختار، ولما يهمه الموضوع فانه يتابعه. وهنا على البرامج الجدية والثقافية والتحقيقات ان تتنبه للموضوعات التي تختارها فلا تكون من مجاهل التاريخ، وانا اجزم بان برنامجي ليس موجها الى النخب الفكرية كما يشاع، وما اكثر الاحيان التي يستوقفني فيها المشاهدون، وفي أكثر الاماكن شعبية، ليسألوني عن هذا التحقيق او ذاك.

 ــ الى اي مدى يساعد فريق العمل في بلورة ما تريدينه انت؟

- هو فريق جيد ومنظم، معي معدون ثابتون والبعض تتم الاستعانة بهم من خارج الفريق المعتاد، ونحن بحاجة دائمة الى صحافيين في التحقيقات الاستقصائية اذ ليس في لبنان الكثيرون منهم، علما ان شروط العمل معي ليست بالسهلة، فأنا والفريق نعمل بجدية كبيرة، نلاحق كافة التفاصيل لنقدم المعلومة والصورة الصحيحة، ما يضطرنا للذهاب الى الموقع او المنطقة عينها أكثر من مرة، فالتقرير مثلا في الحلقات حول النازحين السوريين، او ذلك الذي تناول المتسولين تطلبا جهدا بالغا.

ــ هل من تحقيق اعددته ولم يبث، وما كان سبب المنع؟

- نعم، وهو تحقيق واحد من مئتين وخمسين حول جريمة قتل طلب مني ان لا ابثها، تفهمت الأسباب واقتنعت. في برنامجي ما من ضغط من اية جهة، وهذا ما انجح البرنامج وهناك انفتاح من المسؤولين، خاصة وان مرجعيتي الوحيدة في المحطة هو السيد ميشال غبريال المر، والذي جل ما يتدخل به هو الخطر الذي يمكن ان نتعرض له. السنة الماضية سافرت الى العراق من دون اعلامه ولما عدت عرضت عليه ما صورته، وفي رحلتنا الى <ناغورني كرباخ> وصفنا بـ<المجانين>.

ــ على مدى الحلقات، هل تلقيت تهديدات معينة؟

- كلا ولسبب بسيط، علما اننا صورنا حلقات خطيرة كما سبق وأسلفت، وذلك لانني اتمتع بصدقية عند الناس، ففي التحقيق حول <الحشيشة> على مدى حلقتين من جرود بعلبك، رافقنا المزارعين الى الحقول ورأينا الشتول عن قرب وشممناها وتذوقناها لنعرف طعمها وتحدث الينا السيد علي شمص حول كل آلية تصنيع الحشيشة، وكان قد سألني عن سبب قيامي بهذا التحقيق، فقلت له لانني مع المطالبين بتشريع زراعتها وقوننتها وتنظيم القطاع كقطاع الدخان مثلا. انا لا أكذب على من استضيفهم ولا أخدعهم. في عرسال مثلا، طلب مني السيد معروف والد الجندي محمد حمية ان لا اظهر المنطقة التي يختبئ فيها وهذا ما فعلته، وهناك مثلا في جرود بريتال مواقع لحزب الله بالقرب من مواقع الجيش ولم نصورها.

ــ زوجك الدكتور توفيق الهندي المنغمس في السياسة وشؤونها، اي الحلقات ميزها عن غيرها؟

- أحب الحلقة التي تناولت أرمينيا، فضلا عن حلقات العراق، فهو يميل بحكم طبعه وعمله الى الحلقات التي تحمل الدسم السياسي.