تفاصيل الخبر

كلـمـــــة واحـــــدة مـــن الــــــرئـيـس الـحــريـــــــري ويـصـبـــــح مـيـشـــــال عـــــون فـخـامـــــة الـــــرئـيـس  

25/08/2016
كلـمـــــة واحـــــدة مـــن الــــــرئـيـس الـحــريـــــــري  ويـصـبـــــح مـيـشـــــال عـــــون فـخـامـــــة الـــــرئـيـس   

كلـمـــــة واحـــــدة مـــن الــــــرئـيـس الـحــريـــــــري ويـصـبـــــح مـيـشـــــال عـــــون فـخـامـــــة الـــــرئـيـس  

بقلم وليد عوض

aoun-hariri------2

ما دامت الحرائق مشتعلة في مدينة حلب، واغتيال الأطفال دواراً، بدءاً من الطفل عمران الذي يشبه قطعة من الفحم بعدما دكت طائرات النظام وروسيا منزله العائلي، وتركته وحيداً بدون أهل، فعبثاً الوصول الى حلول لأزمات المنطقة ومنها الشغور الرئاسي في لبنان.

وحلب ليست تحت الطلب.

فهي الآن كل أزمة الشرق الأوسط بتعقيداتها، وآفاقها المسدودة. والكل فيها يبل يده. وأكثر الأطراف ذات الاهتمام بالموضوع هو الرئيس الأميركي <باراك أوباما> المتحالف مع الأكراد وشرطتهم العسكرية <البيشماركة>، ويحفظ لها الود بعد المعارك التي خاضتها في العراق وتمكنت من كسر شوكة تنظيم <داعش> بعدما اتخذ من شمال العراق، وشمال سوريا، واحداً من أهم معاقله، وعلى أجنحة المقاتلين الأكراد حلم الدولة الكردية التي تقضم جزءاً من جنوب تركيا، وجزءاً من غرب إيران، وجزءاً من شمال سوريا، وهو الجزء الأكثر ثقلاً، ويعوّل عليه الأكراد لبناء دولتهم كردستان الحقيقية، ويكونون بذلك واحدة من دول الشرق الأوسط مع صورة الجد الأكبر صلاح الدين الأيوبي، وصورة أديبهم الكبير محمد كرد علي.

ولطالما تحدث وكتب عن هذا الحلم الأديب الكردي اللبناني الراحل محمد قره علي الذي أقام له مكتباً في محلة الخندق الغميق، وكان واحداً من أدباء عصره.

ونأتي الى الدول ذات الانشغال في أحداث حلب، بدءاً من تركيا التي أعادت بلسان رئيسها <رجب طيب أردوغان> هذا الأسبوع على زائرها نائب الرئيس الأميركي <جوزف بايدن> طرح مشروع المنطقة الآمنة شمال سوريا بحيث تستوعب النازحين السوريين وتكون تحت مظلة أمنية دولية، وهذه المنطقة الآمنة التي تسعى لها تركيا مغايرة جغرافياً تماماً لمشروع الدولة الكردية الذي يحاربه <أردوغان> لأنه يقضم مساحة جغرافية من الجنوب التركي. ومن أجل إقامة هذه المنطقة الآمنة قلبت تركيا بلسان رئيس وزرائها <بن علي يالدريم> البوصلة 180 درجة عندما تحدث عن بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الفترة الانتقالية الى حين يأتي موعد الانتخابات الرئاسية عام 2018، ويكون لكل حادث حديث.

وهذا التراجع في الموقف التركي بعدما كان هدف أنقرة إسقاط بشار الأسد، مبعثه رغبة الأتراك في استمالة الرئيس السوري وحليفتيه روسيا وإيران الى مشروع المنطقة الحدودية الآمنة، مع شرطين للحكومة التركية أعرب عنهما <يالدريم> في مجلس النواب: الأول الحفاظ على وحدة الأراضي السورية والتركية، ومعنى ذلك صرف النظر عن الدولة الكردية، والثاني ألا تكون سوريا الجديدة دولة طائفية، وانما دولة يعيش فيها الجميع من عرب وأكراد وغيرهم بلا تفرقة تماماً كما هو النموذج اللبناني.

روسيا و<همذان>!

والحلف الروسي ــ الإيراني كشف عن وجهه بانطلاق القاذفات الجوية الروسية بعيدة المدى من طراز <توبوليف 22 إم 3> والقاذفات الجوية الروسية المقاتلة من طراز <سو 34> من القاعدة الجوية <همذان> في إيران وألقت قنابلها وصواريخها على مواقع <داعش> و<جبهة النصرة> (فتح الشام) في محافظات حلب ودير الزور وإدلب.

وفي سياسة رفع العتب أعلن مسؤول عسكري إيراني في التحالف الدولي انهم تبلغوا مسبقاً بانطلاق قاذفات روسية من إيران، ولكن ذلك يعتبر انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الرقم joe-biden-erdogan-----12231.

بالمفهوم العسكري يمكن من الآن فصاعداً اعتبار المطار العسكري <همذان> الإيراني بالنسبة للروس مثل قاعدة <انجرليك> في تركيا للطائرات الأميركية، علماً بأن <انجرليك> هي التزام أطلسي فيما <همذان> لا تشكل حتى الآن تحالفاً استراتيجياً بين روسيا وإيران، ولكنها في الطريق الى ذلك، بمعنى ان القوة الجوية الروسية والقوة الجوية الإيرانية أمران متلازمان في سوريا، وتشكلان وحدة موقف من نظام الرئيس الأسد لصالح بقائه حتى إشعار آخر، وقد انضمت تركيا مؤخراً بلسان رئيس وزرائها <بن علي يالدريم> الى إعطاء جرعة أوكسيجين لنظام الأسد، ومن هذه الإشارة ينبغي أن يفهم اللبيب اللبناني، فلا يعتبر ذهاب الرئيس الأسد مطلباً للجهات التي تطالب بسقوط نظامه، مقابل اتفاق تركي ــ إيراني ــ روسي ــ أميركي على بقائه فترة من الزمن، أي أين كنا وأين أصبحنا.

هذا التحالف الدولي الذي لا يطلب إزاحة الأسد من منصبه، يصب في مصلحة المرشح الرئاسي العماد ميشال عون، وقد ينعكس على الموقف الخليجي من انتخابات الرئاسة في لبنان، مثلما ينعكس على الموقف الفرنسي الذي يولي انتخابات الرئاسة في لبنان اهتماماً خاصاً وبلا حدود.

 

الحريري إن حكى!

ولا بد من السؤال الآن: ما هو موقف الرئيس سعد الحريري رئيس أكبر كتلة برلمانية اسلامو ــ مسيحية في البرلمان من هذه المتغيرات؟ وهل صحيح انه بدأ يراجع حساباته السياسية بالنسبة للعماد ميشال عون المدعوم من المحور الإيراني ــ الروسي ــ الأميركي. وهل يبقى متمسكاً بترشيح زعيم تيار <المردة> سليمان فرنجية؟ أم يترك الخيار لأعضاء كتلته، مقابل أن يتمسك هو شخصياً بسليمان فرنجية لأنه يجب أن يكون رجل مبادئ، ولا يغير مواقفه كما يغير ملابسه مثل بعض السياسيين، ولا يغاير الصورة الزعامية التي زرعها في بيروت وطرابلس وعكار والضنية والبقاع الغربي وصيدا.

وبانتظار جلاء المشهد الرئاسي في لبنان، يتعاطى سعد الحريري مع الرئيس التركي <رجب طيب أردوغان> كصديق وقت الضيق، ويخصه ببرقية عزاء بضحايا تفجير بلدة <غازي عينتاب> التركية، وهو التفجير الانتحاري الذي أودى بحياة أربعة وخمسين شخصاً. ومثله فعل العديد من رؤساء الدول استشعاراً بالمكانة التي يحتلها <أردوغان> بعد سحقه لمحاولة الانقلاب الفاشلة، واعترافاً بأن الرئيس التركي هو الآن من أكبر اللاعبين في مصير المنطقة، بعدما مد يداً الى موسكو، وأخرى الى طهران التي زارها بالأمس، وعلى سبيل التقرب من إيران كان لرئيس وزرائه <يالدريم> تصريح بعدم ممانعة تركيا في عدم تسريح الأسد مؤقتاً.

والكل الآن يطلب رضا سلطان تركيا. الولايات المتحدة ترى فيه نصيراً مهماً في الحرب ضد <داعش>، والبيت الأبيض يرسل الى أنقرة يوم الأربعاء الماضي نائب الرئيس الأميركي <جوزف بايدن>. والمعادلة التي نسجتها أنقرة مع واشنطن هي: ارفعوا أيديكم عن مشروع الدولة الكردية وخذوا ما تريدون. ورئيس كردستان ــ العراق مسعود بارزاني نزل ضيفاً على أنقرة يوم الثلاثاء الماضي وكان له اجتماع مطول مع الرئيس <رجب طيب أردوغان> ورئيس الوزراء <بن علي يالدريم>، ووزير الخارجية <مولود جاويش أوغلو> في محاولة لمعرفة كيفية التصدي التركي لمشروع الدولة الكردية، والدور الذي يتعين لاقليم كردستان العراق أن يلعبه في هذه الظروف المتشابكة.

بشار-الاسد-----3 

إيران واللعبتان!

والسؤال المطروح في طول المنطقة وعرضها هو: كيف كان مسموحاً للطائرات الروسية بالانطلاق من القاعدة الجوية <همذان> في إيران التي لا تقبل بأن يخرق سيادتها أحد؟! وكيف يسمح الناطق باسم الخارجية الإيراني <بهرام قاسمي> لنفسه بأن يقول في مقابلة متلفزة  ان استخدام الروس لقاعدة <همذان> كان حالة استعراضية، فيما سبق لوزير الدفاع الإيراني <حسين دهقان> أن قال في مؤتمر صحفي: سنمنح موسكو مزيداً من القواعد الجوية إذا لزم الأمر.

ومعروف ان استخدام أية قاعدة جوية في إيران من جانب قوة خارجية يتطلب موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وموافقة المرشد الأعلى السيد <علي خامنئي>. وهذا التراجع الإيراني في موضوع مطار <همذان> مبعثه ضجة ظهرت في الشارع الإيراني ضد هذا العبث بالسيادة الإيرانية، فلم يكن ممكناً إلا التصدي للاستخدام الروسي لقاعدة <همذان>، وشر البلية ما يضحك!

هذا ما يدور من حولنا، ونحن عنه غافلون، وكأنه لا يعنينا، مع انه يشكل ترتيباً في المنطقة يضم المحور التركي ــ الإيراني ــ الروسي ــ الأميركي، وهذا المحور يمد يده الى كل قطعة في جغرافيا المنطقة..

ولعل تريث الرئيس الحريري في كشف أوراقه الرئاسية من جديد هو لمراجعة حساباته السياسية وأخذه طريق يلتقي مع المنادين بتسليم العماد ميشال عون مفاتيح قصر بعبدا، دون أن يكون شخصياً ملزماً بالتصويت البرلماني للعماد عون، تماماً كما كان حال الزعيم كمال جنبلاط صيف 1970 وهو ينفلت من كتلة النهج، ليضع صوته البرلماني تحت تصرف المرشح الرئاسي سليمان فرنجية، وبذلك يمتطي حصانين في وقت واحد: حصان الياس سركيس عبر كتلته البرلمانية، وحصان سليمان فرنجية عبر صوته كزعيم للحزب التقدمي الاشتراكي.

والعماد ميشال عون يدرك منذ الآن ان باب حظوظه الرئاسية قد انفتح، وان دول المنطقة لا تمانع في وصوله الى كرسي الرئاسة.

وهذا ما يمسك بخيوطه الرئيس سعد الحريري، ويستعد بعد عودته من الإجازة لأن يكشف... الأوراق!