تفاصيل الخبر

قلق ديبلوماسي أوروبي عموماً وفرنسي خصوصاً لتأخير الاصلاحات والمفاوضات مع صندوق النقد!

24/06/2020
قلق ديبلوماسي أوروبي عموماً وفرنسي خصوصاً لتأخير الاصلاحات والمفاوضات مع صندوق النقد!

قلق ديبلوماسي أوروبي عموماً وفرنسي خصوصاً لتأخير الاصلاحات والمفاوضات مع صندوق النقد!

  

[caption id="attachment_79019" align="alignleft" width="476"] السفير الفرنسي "برونو فوشيه".[/caption]

 تبدي أوساط ديبلوماسية غربية قلقها من التأخير الحاصل في بدء المفاوضات بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي حول برنامج الاصلاحات الاقتصادية او "خطة التعافي المالي" كما يحلو لرئيس الحكومة حسان دياب تسميتها عندما يتحدث عنها. وتشير هذه الاوساط الى ان الوقت يمر والأزمة الى استفحال، وكل المؤشرات توحي بأن لبنان لن يكون قادراً على مواجهة الانهيار الاقتصادي الذي ينتظره، وأن كل ما يقال عن "إجراءات وتدابير" سرعان ما يتبين انه كلام غير دقيق لأنه لا يستند الى معطيات ثابتة بل على تمنيات تختلط مع مؤشرات تظهر من حين الى آخر عن بدء مسيرة التعافي. إلا أن هذه المؤشرات تفتقر الى الواقع الملموس.

 وتشير الأوساط نفسها الى أن ما يزيد من قلق الديبلوماسيين المهتمين بالواقع اللبناني والراغبين جدياً في الوصول الى نهايات سعيدة للأزمات المتلاحقة، ما ظهر من تباين في المواقف بين الفريق الحكومي المفاوض مع صندوق النقد، وعمل لجنــــة تقصي الحقائق المتفرعة عن لجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان، حيث بات الفارق بين ارقام الطرفين في ما خص الخسائر المترتبة على القطاعات المالية اللبنانية وسبل معالجتها. ولعل ما أعلنه الرئيس نبيه بري بعد الاجتماع الثلاثي الذي عقد في قصر بعبدا مع الرئيسين ميشال عون وحسان دياب من "رعاية" مجلس النواب لعملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي وفقاً للارقام التي توصلت اليها اللجنة النيابية، خير دليل على التخبط الذي يواجهه لبنان في مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي، خصوصاً أن الارقام متباعدة جداً والفروقات تزيد عن 140 الف مليار ليرة!

 

خلاف "المستشارين" والنواب

 

[caption id="attachment_79020" align="alignleft" width="376"] رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان[/caption]

 وتشير المصادر الى أن ما يصدر عن المستشارين في الفريق الحكومي من مواقف تتناقض مع توجه مجلس النواب رسم حدوداً "حديدية" بين المجلس والفريق التفاوضي الحكومي لاسيما وأن "تغريدات" الطرفين عبر مواقعهم في " تويتر" ألهبت الموقف أكثر فأكثر وجعلت الديبلوماسيين في حيرة من أمرهم، الى أي جهة ينحازون وأي طرف محق في مقابل الطرف الآخر "الغلطان". وليس من الممكن التوصل الى حل وسط بين أرقام الفريقين لأن الفروقات المالية كبيرة إضافة الى التوجهات المتعلقة بإجراء "الهيركات" الذي يتبناه الفريق الحكومي، ويرفضه الفريق النيابي ما يزيد الامور تعقيداً خصوصاً أن الرئيس بري أعلن سلفاً رفض تمرير مجلس النواب لأي نص قانوني يشكل "هيركات" للودائع لدى المصارف، في وقت يرى الفريق الحكومي ان هذا الخيار لا بد منه. وهذا التباين في وجهات النظر يجعل الديبلوماسيين في موقف لا يحسدون عليه، فـــــهم من جهة يريدون دعم الحكومة في "خطة التعافي المالي" ومن جهة أخرى يرون ان الاتفاق على اي تدبير لا يحظى بموافقة مجلس النواب لن يكتب له النجاح ما سيزيد تأخير الحلول المنتظرة للأزمة ويجعل مفاعليها اكثر خطورة من أي وقت مضى.

 

ماذا دار في اجتماع باريس؟

 

ولعل ما يزيد الوضع دقة وحساسية هو ان كل ذلك يحصل في وقت يجتاز فيه لبنان أخطر مرحلة سياسية واقتصادية وهذا ما يلمح إليه الديبلوماسيون عموماً، والديبلوماسية الفرنسية خصوصاً. وفي هذا السياق سمع مسؤولون لبنانيون من السفير الفرنسي في بيروت "برونو فوشيه" كلاماً غير مطمئن عن نتائج اجتماع عقد في باريس في 5 حزيران (يونيو) الجاري، إستضافه الاليزيه جمع مسؤولين كباراً تناول الوضع في لبنان، وشارك فيه "فوشيه" من بعد. في الاجتماع اكد الحاضرون ان ثمة خطوات على الحكومة اللبنانية المسارعة الى اتخاذها من اجل الحصول على مساعدة فرنسية او دولية، مبدين ارتياحهم الى الخطة الاصلاحية الحكومية، ودخول لبنان في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي. تقدم كهذا بالنسبة اليهم، موضع ترحيب، بيد انه غير كاف من دون اصلاحات اساسية، وهو مصدر قلق كبير لباريس من جراء تزامن التأخر في الاصلاحات مع حوادث واضطرابات امنية.

 فالفرنسيون غير متحمسين في الوقت الحاضر لعقد اجتماع لاصدقاء لبنان، في انتظار ان تنفذ السلطات اللبنانية التعهدات التي قطعتها في مؤتمرات سابقة. وأوضح "فوشيه" ان المجتمعين ركزوا على شقين، لاحظوا ان من المهم ايلاءهما اهمية رئيسية نظراً الى ما يمثلانه، هما الجيش والاسلاك العسكرية والامنية والقضاء، مع تأكيد الحاضرين على الرهان عليهما. وتوقفوا، تبعاً للمعلومات التي نقلها "فوشيه" الى المسؤولين اللبنانيين، عند الاسباب التي حالت الى الآن دون غصدار مناقلات وتشكيلات قضائية، فاطلعهم السفير على حيثيات الخلافات المحيطة بها، ناهيك بأنه سبق ان سأل محدثيه اللبنانيين عن دوافع التأخر في اصدارها. من بين الاجوبة التي تلقاها ان المناقلات والتشكيلات إجراء دوري يجريه مجلس القضاء الاعلى، وتأخر إصدارها، في معرض تبرير التعثر لا يتسبب في شغور في هذه الادارة اللبنانية الرئيسية. اضف الى انها لا تندرج في نطاق الاصلاحات التي تود الحكومة اللبنانية اجراءها في هذا القطاع.

 

 وتقول مصادر ديبلوماسية إنه في حصيلة ما أخطره "فوشيه" الى المسؤولين اللبنانيين، ان التأخر في بت المناقلات والتشكيلات يعد اشارة سلبية يرسلها لبنان الى "المجتمع الدولي" الذي ينتظر منه اصلاحات بنيوية وجوهرية، في رأسها القضاء الى قطاع الكهرباء والتهرب الضريبي والجمارك، بيد انه ابرز اعتقاده، في ضوء ما نجم عن اجتماع باريس، ان ثمة فرصة اخيرة امام الحكومة اللبنانية لاظهار جديتها وعزمها الفعلي على تحقيق اصلاحات اقتصادية ومالية ومباشرتها سريعاً. سوى ذلك- اضاف – لا مساعدات متوقعة من فرنسا، ولا من اي من دول مجموعة الدعم الدولية للبنان.