تفاصيل الخبر

قلـــق أوروبـــي على مفاعيــل ”مؤتمـــر سيــدر“ وقراراتـــه يواكب تخوّفاً من احتمال تأجيل زيارة ”ماكرون“ لـبيـروت!

04/01/2019
قلـــق أوروبـــي على مفاعيــل ”مؤتمـــر سيــدر“ وقراراتـــه يواكب تخوّفاً من احتمال تأجيل زيارة ”ماكرون“ لـبيـروت!

قلـــق أوروبـــي على مفاعيــل ”مؤتمـــر سيــدر“ وقراراتـــه يواكب تخوّفاً من احتمال تأجيل زيارة ”ماكرون“ لـبيـروت!

تبدي مصادر ديبلوماسية أوروبية قلقاً متزايداً من استمرار الأزمة الحكومية في لبنان بعد دخولها الشهر الثامن وأثر فشل كل الوساطات الجارية داخل لبنان والتي تلقى دعماً خارجياً ظاهراً، حيث لم يتم التوصل الى اتفاق يؤدي الى تشكيل الحكومة الجديدة وينهي الوضع الشاذ في السلطة التنفيذية المعطلة عملياً، لأن حكومة تصريف الأعمال لم تجتمع ولو مرة واحدة لمواجهة التطورات التي حصلت على الحدود الجنوبية، ولا هي التأمت استثنائياً لدرس الأوضاع الاقتصادية على رغم إجماع مرجعيات مالية على القول بأن الواقع المالي في البلاد غير مشجع مطلقاً.

وترى المصادر نفسها أن الانعكاسات السلبية للتأخير في تشكيل الحكومة ستكون حادة على جبهتين: الأولى تتعلق بمصير نتائج <مؤتمر سيدر> التي التزمت باريس متابعتها ووجهت أكثر من رسالة الى المسؤولين اللبنانيين بضرورة الاسراع في وضع مقررات <سيدر> قيد التنفيذ لئلا تسقط الالتزامات التي أعلنت خلال المؤتمر وتذهب الاستثمارات الموعودة الى دول أخرى. وفي هذا السياق - تضيف المصادر نفسها - ان الرسالة التي تلقاها لبنان خلال الاسبوعين الماضيين ركزت على أهمية إعطاء إشارات واضحة الى الدول المعنية بـ<مؤتمر سيدر> عن التزام الدولة اللبنانية تنفيذ ما وعدت به على لسان رئيس الحكومة سعد الحريري، لاسيما لجهة اقرار الاصلاحات المطلوبة ولو تدريجاً لتشجيع الدول على الثبات في موقفها حيال لبنان. ولعل التحذير عبر المباشر الذي صدر عن البنك الدولي في هذا الاتجاه أبلغ دليل على أن استمرار الاوضاع على ما هي عليه سيؤدي الى تراجع حماسة الدول حيال إمكانية المساهمة في إنعاش الاقتصاد اللبناني ومعاونة الدولة اللبنانية على النهوض من جديد. وقد صارح أحد الديبلوماسيين الأوروبيين مرجعاً كبيراً بأن بلاده تشعر بـ<الاحباط> حيال <اللامبالاة> التي يتعامل فيها المسؤولون في لبنان مع <الرعاية الدولية> ما جعل دولاً أوروبية ترغب في مساعدة لبنان، قلقة من ردود الفعل التي تصدر عن مسؤولين رسميين وسياسيين في كل مرة يتم النقاش معهم حول مستقبل الحياة السياسية اللبنانية إذا ما استمر التراجع في العمل للاسراع في تشكيل الحكومة الجديدة.

 

هل يؤجل <ماكرون> زيارته؟!

وكشفت مصادر مطلعة ان استمرار الوضع على ما هو عليه قد يدفع بالرئيس الفرنسي <ايمانويل ماكرون> الى تأجيل زيارته الرسمية لبيروت والمحددة بـ11 و12 من شهر شباط/ فبراير المقبل، مع ما يعني هذا من انعكاسات تطاول مستقبل مسار  <مؤتمر سيدر> المهدّد بالتوقف. وتضيف المصادر إن مسؤولين فرنسيين، بينهم وزير الخارجية <جان ايف لودريان>، أرجأوا زيارات كانت مقررة لبيروت للبحث في العلاقات الثنائية اللبنانية - الفرنسية وتفعيل قرارات  <مؤتمر سيدر>، بعدما شعروا أن مثل هذه الزيارات لن تؤتي ثمارها في ظل غياب السلطة التنفيذية التي يمكنها أن تتخذ قرارات وإجراءات تترجم حرصاً لبنانياً في التعاطي بجدية مع قرارات  <مؤتمر سيدر> وتوصياته. وقد سعى رئيس الحكومة سعد الحريري خلال مشاركته في المنتدى الذي عُقد في لندن  قبل أيام الى <طمأنة> هؤلاء المسؤولين الدوليين القلقين من خلال تأكيده أن حكومة تصريف الاعمال قادرة على اتخاذ إجراءات بالتنسيق مع مجلس النواب في انتظار إعادة إنضاج السلطة التنفيذية وصلاحياتها، لكن المصادر نفسها تشير في هذا السياق الى أن تطمينات الرئيس الحريري لم تكن كافية لإقناع مسؤولي الدول المشاركة في منتدى لندن، ثم في مرحلة لاحقة المجتمع الدولي برمته، بأن لبنان عازم جدياً - أو قادر عملياً - على اعتماد إجراءات مطلوبة منه لمواجهة الاوضاع الاقتصادية القائمة وتشجيع الدول المانحة على وضع قرارات  <مؤتمر سيدر> موضع التنفيذ.

ماذا عن القمة الاقتصادية؟!

أما الجبهة الثانية التي يخشى أن تتلقى ايضاً <ضربة> معنوية على الأقل، فهي جبهة مؤتمر <القمة العربية التنموية والاقتصادية والاجتماعية> المزمع عقدها في 17 كانون الثاني/ يناير الجاري، حيث تبدي المصادر الديبلوماسية قلقاً متزايداً من إمكان غياب عدد من القادة العرب عن <قمة بيروت> والاكتفاء بتمثيل عادي هو غير مألوف في الاجتماعات على مستوى القمة، وهذا الأمر يتطلب مقاربة سريعة لتأمين حضور قادة عرب يغنون بوجودهم النقاش في جدول الاعمال الذي تم الاتفاق عليه من حيث المبدأ في اجتماعات المجلس الاقتصادي العربي. إلا أن المصادر الديبلوماسية رأت أن معاودة مجلس النواب لجلساته لإقرار مشاريع واقتراحات وقوانين لها ارتباط بـ<مؤتمر سيدر> يمكن أن يخفف وطأة المراجعات ويدفع بالذين شاركوا في هذا المؤتمر الى الاستمرار بالتزاماتهم تجاه لبنان.

في أي حال، يبقى تشكيل الحكومة العتيدة حاجة ملحة لا يمكن استبدالها بأية اعتبارات اخرى، يقول السفير الفرنسي في بيروت <برونو فوشيه> الذي كان قد طلب موعداً على عجل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فاستقبله ناقلاً اليه قلق الرئيس <ماكرون> من استمرار الأزمة الحكومية على حالها. وما يعزز القناعة بضرورة صدور المراسيم في أسرع وقت ممكن، هي التطورات الاقليمية المتسارعة لاسيما في سوريا حيث شهدت الايام الماضية <كراً وفراً> من المتضررين من أي تسوية يمكن التوصل اليها برعاية فرنسية إذا اقتضى الأمر، لاسيما وان معظم التقارير الديبلوماسية تحدثت عن <تطورات متسارعة> في عدد من الدول العربية - وخصوصاً سوريا - يمكن أن تؤثر على لبنان بأشكال مختلفة، ما يحتم وجود حكومة اما للمشاركة في الحل، وإما للبحث عن تسويات مماثلة لتلك التي حصلت في زمان آخر!

وإذا كان القلق الاوروبي حيال لبنان له ما يبرره، فإن اللافت - وفقاً للمصادر نفسها - ان الولايات المتحدة تتجاهل كلياً الوضع في بيروت، ولا تبدي أي موقف حيال الوضع الحكومي المتأزم، على رغم أن ثمة مسائل يمكن مقاربتها تساعد على <التخفيف> من وطأة عدم الاتفاق على حكومة جديدة. إلا أن المعلومات الديبلوماسية تشير الى أن واشنطن غير راغبة البحث في الوضع الراهن لبنانياً أو المساعدة على حلحلة العقدة من دون <ثمن> يرتبط بقوة وبواقع حزب الله ودوره في لبنان وتعاطيه في التفاصيل المحلية والاقليمية على حد سواء، وهو ما يزعج المجتمع الدولي الذي لا يريد أي دور بارز لحزب الله سواء على الصعيد النيابي أو على الصعيد الحكومي، لذلك لا يبدو من السهل الطلب الى واشنطن مع حلفائها والقادرين على استحداث واقع جديد، السعي لإعطاء الأولوية للبنان في المحافل الاقليمية والدولية.

في أي حال، ترى المصادر الديبلوماسية ان الايام القليلة المقبلة مع بداية السنة الجديدة، قد تكون مهلة إضافية لن تتكرر كي يستفيد لبنان من الاهتمام الدولي بأوضاعه، لأنه متى تحركت الحلول للازمة السورية سينصب الاهتمام الدولي على إعادة إعمار سوريا مع ما يعني ذلك من مفاعيل مادية ومعنوية، بحيث تصبح الأولوية لما يجري في سوريا سواء لجهة العمليات الواسعة لإعادة الاعمار، أم من خلال الحراك الجاري لإعادتها الى جامعة الدول العربية والمشاركة بكل الاجتماعات والقمم المتوقعة. لكن ذلك - تضيف المصادر الديبلوماسية - لا يعني ان الحلول جاهزة أو معلبة بل ان البحث يدخل في العمق والتفاصيل... والشيطان يكمن بهذه التفاصيل!