تفاصيل الخبر

"قلب لبنان" أغنية تجمع ثلاثين فناناً لأجل بيروت

21/10/2020
"قلب لبنان" أغنية تجمع ثلاثين فناناً لأجل بيروت

"قلب لبنان" أغنية تجمع ثلاثين فناناً لأجل بيروت

بقلم عبير أنطون

[caption id="attachment_82101" align="alignleft" width="250"] المشاركون في قلب بيروت.[/caption]

 ثلاثون وجهاً،هم فعلياً ثلاثون قلباً خفقوا لبيروت وقلبها الجريح في أغنية لافتة بعنوان "قلب لبنان" في مبادرة لـروبن كاراغوزيان وإنتاجهِ بالتّعاون مع باقة من الفنانين والمحترفين الّذين كرّسوا مهاراتهم لتجسيد هذه الأغنية، والهدف، المساهمة في إعادة إعمار مدينة بيروت.

 فكيف انطلقت الأغنية؟ لمن تتوجه وما الغاية منها؟ الى أي مدى تساهم من خلال الوجوه المعروفة التي ضمّتها وبينها ملكتا جمال للبنان (كليمانس أشقر ونادين ويلسون نجيم) أن تتحدى، بصدق المشاعر والحثّ على الأمل اللذين ارتكزت عليهما، بشاعة ما حصل؟ وما الذي قالته ملكة الجمال السابقة كليمانس أشقر لـ"الأفكار" عن مشاركتها في "قلب لبنان"  وهي بنت الأشرفية وما كانت الكلمات التي توجهت بها الى اللبنانيين والمسؤولين فيه ؟

 الأجوبة في جعبة "الأفكار"..

 في الملمّات الكبيرة، قد تستحيل الكلمات وتضحى عاجزة، كما حصل أمام انفجار المرفأ. والأنين الذي تصاعد من الأحياء والشوارع، والنبضات التي راحت تنخفض حتى استسلمت  تحت أنقاض الهدم والركام حفرت عميقاً في ضمائر أشخاص كثيرين هالهم ما حصل، ويأبون إّلا أن تبقى الذكرى الأليمة حيّة. من هذا المنطلق ، كانت أغنية " قلب بيروت" والتي يكتب القيمون عليها عنوانها بالعربية اللبنانية الدّارجة "ألب بيروت" للدلالة على عفويتها وصدقها ولو انها استخدمت اللغة الانكليزية ايضاً في كلماتها، لتصل ربما الى أكبر شريحة من المستمعين في لبنان وخارجه.

مطلق المبادرة روبن كاراغوزيان يقول :"نحن مدينون لضحايا هذه المأساة ومدينون لكلّ روح لبنانيّة أبت أن يذهب كلّ هذا الألم سُدًى". كنّا محظوظين بما يكفي للنّجاة من هذا الانفجار، لذا فمن واجبنا رفع أصواتنا بالنيابة عن أولئك الذين تمّ إسكاتهم ظلماً".

  جمعت الأغنية إذاً أكثرَ من ثلاثين مغنياً، موسيقيّاً وفنّاناً في باقةٍ متنوّعةٍ من الموهوبين من مختلف الفرق الموسيقيّة، وشركات الإنتاج والبلدان ليطلقوا معاً أغنية "قلب لبنان". وهذه المبادرة يعود ريعُها إلى المنظّمتين غير الحكوميّتين "تمنّى" و"ليف لوف" اللّتين تعملان من دون كللٍ على إشاحة السواد عن مدينة بيروت والمساهمة في إعادة إعمار ما تهدّم فيها، وبشكل خاص الى أولئك الّذين أضحوا من دون مأوى، ونحن اليوم على أبواب الشتاء.

كذلك، توجّهت الأغنية، بحسب صانعيها، الى الشّعب اللّبنانيّ كلّه، والذي "لا يزال يفقد الكثير كل يوم"، علّها تساعد في ترجمة آلام هذا الشعب الذي يُعاني مما حصل  في جميع أنحاء العالم، وتجسّد معاناته في نشيد الوحدة هذا، مع الأمل بأن تشكّل "قلب لبنان" بحسب ما يرمون إليه "قدوة للتضامن خاصة تجاه المنظمات غير الحكوميّة التّي تقوم بالمستحيل!".

وقد تمّ إطلاق أغنية "قلب لبنان" على وسائل التّواصل الاجتماعي من خلال فيديو موسيقيّ كما وزّعتها شركة ميوزيك از ماي لايف/وتري على جميع المنصّات الرّقميّة الموسيقيّة . وقد عمل كلٌّ من داني عريضي على التّأليف الموسيقيّ للأغنية بالإضافة إلى كتابته كلماتها إلى جانب أسيل بيضون. وقد أنتج كارنو بغدسريان هذه الأغنية ووزّعها بعد أن أضاف دارين ويتينغتون لمسته الموسيقيّة الرّائعة عليها وأدّاها عشرون مغنياً وفنّاناً وهم :عزيزة، كليمانس أشقر، كورين متني، سينتيا كرم، داني عريضي، ضيا عوده، انغريد نقّور، جوي فياض، كريستيان أبو عنّي، منال ملاط، ماتيو الخضر، نادين نجيم، نور نمري، فيليب بشّور، رالف عصفور، روبن كاراغوزيان، سمر أبي هيلا المنتجة المساعدة أيضاً، سيتا أبيل، يومنى شمشم بمشاركة الفنّانة الضّيفة صابرين ستابلز. وقد أدّى أوليفر المعلوف العزف على الكمان، وبيروت سترينغز وزياد حلو على الغيتار الكهربائي.   

أمّا الفيديو الموسيقيّ فكان من إخراج روبن كاراغوزيان وتصوير بالس بروداكشين، فضلاً عن إبداعٍ في الرّسوم المتحركة من إعداد رالف خوري.

 كليمانس .. ومفترق الطرق

[caption id="attachment_82102" align="alignleft" width="250"] كليمانس الأشقر: ليس لنا سوى الأمل[/caption]

 من جانبها ملكة جمال لبنان للعام 1998 كليمانس اشقر، المشارِكة في الأغنية من خلال الطلّة المميزة التي عرفت بها، كانت وجّهت قبل أغنية "قلب لبنان" رسالة الى بيروت وأهلها بعد أيام على الإنفجار الرهيب، من خلال أغنية أيضاً بعنوان "الحق في العيش" الّتي سبق وقدّمها النجم الفرنسي دنيال غيشارد في العام 1989 وأهداها إلى لبنان قبل 31 عاماً .

 وقبل ان نتحاور معها حول مشاركتها في "قلب لبنان"، استعدنا معها ظروف "الحق في العيش" التي كانت سجلتها من "حرقة قلب"، وتقول في هذا الصدد: لقد أهداها الفنان  دانييل غيشار للبنان منذ سنوات، وبما أنني استمع الى الكثير من الموسيقى الغربية ، بقيت  عالقة في ذهني، و لما حدث ما حدث استعدتها في ذاكرتي للتوّ. واخترت أن اغنّيها في هذه المرحلة بالذات.

وتشرح أشقر:  

 - كنا سوياً زوجي أليكو وهو موسيقي وأنا في الاستوديو نشتغل على بعض المقطوعات، وأشرت له عن هذه الاغنية التي أحبّها، فعزفها وأعاد توزيعها بطريقة جديدة، وسجلناها بطريقة تلقائية بشكل كبير، حتى إنه تم تصويرها بطريقة عفوية جداً وسريعة. إنّه لمؤلم حقاً انه مع كل السنوات التي مرّت على "بلد الأرز" الذي طالت معاناته ولم يشف من جراحه بعد، ان شيئاً لم يتغيّر، وكأن الاغنية بكلماتها هي وليدة اليوم، ومنبثقة من الواقع اللبناني البائس الذي نعيشه، في وطن لا مطلب له سوى"الحق في العيش".

وعن الصدى الذي لقيته تلك الاستعادة الناعمة والراقية التي تشبهها، تؤكّد كليمانس ان الأغنية لاقت التفاعل بشكل خاص عند الذين يحبّون الموسيقى الغربية. فـ"الموسيقى ثقافات وأذواق"، وهي تأخذ حيّزاً عند الذين يحبذون نوعها، كما ان الناس تفاعلت معها للموضوع الحساس الذي تتناوله، والذي يصيب كل لبناني في الصميم.. كذلك فإنّ الصور في الكليب المرافق للاغنية حملت رمزية كبيرة، وهي تبرز التناقض بين حركة الناس التي كانت في الجميزة وطرقات الاشرفية والحياة في بيروت قبل الانفجار حيث المقاهي المفتوحة والاماكن الحافلة بالرقص والغناء، وما أضحت عليه بعد الانفجار بعد أن لفّها السواد وقضّ الدمار مضجعها.

 وتختصر كليمانس المشهد بأنه ثقافة العيش والحياة التي تسري في دمنا في مقابل ثقافة الموت التي نمقتها والتي تجسّدت في هذا الانفجار بكل مفاعيله.

ثقافة العيش هذه، والأمل الذي انفطر اللبناني عليه، هي نفسها في صلب الرسالة التي أرادت كليمانس ايصالها من خلال مشاركتها في اغنية " قلب لبنان" أيضاً . وتقول في ذلك:

- شاركت في الاغنية لأنها اعجبتني جداً. صحيح ان المشاركة سريعة، إلا ان المشاركين كثر، وكل منا أراد ان يساهم على طريقته، "كل واحد حط ّمن حالو ولو لحظات لهذا العمل الجميل" . لقد اثّرت بي جداً، كذلك فإنّ الاشخاص والوجوه الموجودة فيها هم من الأصدقاء وآخرون اعرفهم بطريقة مباشرة او غير مباشرة، وأحب أصواتهم . اندفعت للمشاركة  خاصة وان الريع يعود لجمعيتي " تمنّى" و"ليف لاف" اللتين  تساعدان المنكوبين. فحتى لو شكلت مساهمتي واحد بالمئة في المساندة فإنني مستعدّة لها.

يوم الانفجار كانت كليمانس في بيتها في النقاش، وهو مواجه للبحر . "كنت أقيم سابقاً في الأشرفية، وانتقلت الى النقاش، ومنزلي مواجه للبحر:"تكسّر زجاج البيت ، واولادي صغار، ابني كان امام الواجهة الزجاجية ونجا الحمد لله، الا انني اخجل من الحديث عما تضرر امام هول ما حدث للمقيمين في المنطقة المحيطة للمرفأ وأمام مصائب الناس".

 اما المكان الأول الذي زارته كليمانس بعد الانفجار فكان حي الجميزة حيث كانت تقيم .  نزلت ، واستطلعت احوال بيتي الذي استقررنا فيه في سنوات زواجنا الأولى .. كانت البناية لنا وبيعت. لحقها "تكسير كبير" والشارع الذي لطالما مشيت فيه، وجدته مخيفاً وكذلك مطاعم زوجي التي كانت فيه، كلها مقفلة. كان مشهداً حزيناً فعلاً !

كل هذا الحزن هل يدفعها الى السفر من لبنان والرحيل عنه ؟ بواقعية تجيبنا كليمانس:

 - بقدر محبتي للبنان وشهادتي المجروحة فيه، وليس من فضل لي في ان احبّه وأبقى فيه،  الا ان بعض ناسه مذنبة كما الكثير من الطبقة السياسية . نحن أهل ،وعندنا اولاد .أعتقد أننا اليوم على مفترق طرق. اما ان تصطلح الامور ونبقى في البلد او سنتركه بالتأكيد. بما أنني أمّ، لا يمكنني الا ان افكر بأولادي وعيشهم في بلد لا قيمة للمواطن فيه، تزنّره المشاكل يومياً وأدنى حقوقه غير متوفّرة. هناك جيل جديد سيكبر ويسأل، ويريد ان يتطور ويتطلع الى الأمام. انظروا اين اصبح البلد واهله "اذا بقي هيك شي نهار بدنا نفل"!

 تعتبر كليمانس ان الاغاني "فشة خلق" بالطبع، لأن الانسان من خلالها يعبر عما بداخله ، الا انها ايضاً تصل الى متلق، الى مستمع، وتؤثّر به ويفش خلقه بدوره. الا ان الموسيقى أحياناً تصل الى ابعد من ذلك، وقد تحمل رسالة معيّنة، وحثاً على التغيير، علماً ان ذلك  صعب جداً في بلدنا حيث "مع هذا الطقم ما في شي بينفع . فهل ستؤثّر بهم أغنية" ؟

وعما اذا كان الامل بالثورة موجوداً عندها، ترى كليمانس ان الناس منهكة و"شاغلينهم بأمور يومية لا تنتهي".. الثورة عندنا خفيفة، عليها أن تقتلع!  برأيي يجب ان تكون الثورة جارفة، كتلك التي  نسمع بها على مرّ التاريخ.

 وبعيداً عن البلد واحواله نسأل ملكة الجمال السابقة إن كانت ستعود الى التقديم التلفزيوني، ولها في عالمه أكثر من برنامج، فتفصح لنا عن مشروع جديد، لبناني الهوية قد يبصر النور، وصورت منه حلقة تجريبية . قد يكون مضمونه لبناني او لبناني – عربي، الا انه لا يمكنها الاعلان الآن عن أي من خطوطه، سوى انه اجتماعي شامل .