تفاصيل الخبر

كلام دياب عن زيارة" لودريان" يتفاعل... فهل أخطأ أم أنه يعتمد أسلوب المصارحة؟

05/08/2020
كلام دياب عن زيارة" لودريان" يتفاعل... فهل أخطأ أم أنه يعتمد أسلوب المصارحة؟

كلام دياب عن زيارة" لودريان" يتفاعل... فهل أخطأ أم أنه يعتمد أسلوب المصارحة؟

[caption id="attachment_80062" align="aligncenter" width="608"] وزير الخارجية الفرنسي "جان إيف لودريان" ضيف رئيس الحكومة حسان دياب في السراي الحكومي[/caption]

 انقسم اللبنانيون مرة جديدة في تقييمهم لموقف رئيس الحكومة حسان دياب من زيارة خارجية فرنسا "جان ايف لودريان" الى بيروت خصوصاً بعد ردود الفعل التي انهمرت كالسيول الجارفة على ما قاله الرئيس دياب  من ان الضيف الفرنسي لديه نقص في المعلومات حول مسيرة الاصلاحات الحكومية، مقللاً بذلك من اهمية الزيارة التي قام بها رأس الدبلوماسية الفرنسية الى العاصمة اللبنانية وامضى فيها يومين يجري لقاءات ويتنقل من موقع الى آخر. بعض ردود الفعل رأى في كلام دياب بعيداً عن الادبيات الدبلوماسية، نمطاً جديداً من السلوك الرسمي حيال الخارج وممثليه، والبعض الاخر رأى فيه مساساً بالمصالح العليا للدولة اللبنانية وبرصيدها من العلاقات الدولية، فيما رأى البعض الثالث تصويباً لخلل مزمن في طريقة التعاطي مع لبنان واستعادة لكرامة وطنية منتقصة.

 قد يكون من غير المنطقي اعتماد ردة فعل واحدة على كلام الرئيس دياب خصوصاً انه استتبع بلقاء مع اركان السفارة الفرنسية في بيروت ( بغياب السفير"برونو فوشيه") صدرت بعده مواقف لرئيس الحكومة تتحدث عن العلاقات "المتجذرة" بين لبنان وفرنسا، والاستعداد للتعاون وغير ذلك من الكلام الذي اختير ربما لــ " تصحيح" الخلل الذي نشأ عن الكلام الاول، لاسيما وان ثمة مصادر ديبلوماسية اعتبرت ان رئيس الحكومة "أخطأ" في تعاطيه مع زيارة "لودريان" وانه كان من الافضل "احتضان" الموقف الفرنسي الداعم للبنان، علما ان "لودريان" حذّر محدثيه من خطر الانزلاق نحو الهاوية، وهو كلام اتى في محله قياسا الى التطورات التي يشهدهــــا الوضع الاقتصادي والمـــــالي في البلاد. وقد وصلت الى مسامـع الرئيس ديــــاب "ملاحظات" كثيرة حول كلامه، منها ما قاله احد الديبلوماسيين الذي تساءل "ما مصلحة دياب في التفريط بالدور الذي تلعبه باريس لانقاذ لبنان، خصوصا انها نجحت في اقناع دول الاتحاد الاوروبي بضرورة اعطاء فرصة لهذه الحكومة قد تكون الاخيرة لانقاذ لبنان، مع انها تأخذ على هذه الحكومة كغيرها من الحكومات السابقة عدم التزامها بما ورد في البيانات الوزارية بسياسة النأي بالنفس وتحييد لبنـــان عن الحروب الدائرة في المنطقــــة". وفي كــــلام "العتب" ايضاً ما اضافه ديبلوماسي اوروبي من ان باريس لم تترك مناسبة الا وتواصلت فيها مع الدول العربية القادرة، متمنية عليها الوقوف الى جانب لبنان ومساعدته للنهوض من ازماته المالية والاقتصادية، خصوصا ان هذه الدول شاركت في مؤتمر "سيدر" ومن حقها التريث في مساعدة لبنان لاتهامه بالانحياز الى جانب "محور الممانعة" الذي تتزعمه ايران بدلاً من التزامه الحياد. ورأى ان باريس سعت الى التمايز في موقفها عن الولايات المتحدة واستمرت في مساعيها لتشكيل لوبي اوروبي لاعطاء فرصة للحكومة علها تستجيب لدفتر الشروط للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، لكنها اغرقت نفسها في "متاهات" حالت دون الدخول في مفاوضات جدية وهذا ما ازعج "لودريان" الذي لم يتردد في توجيه ملاحظات وصفت بــ "القاسية" الى الحكومة...

 

ماذا يقول دياب؟

 في مقابل ردود الفعل "المستغربة" لموقف لرئيس الحكومة وردة فعله، ثمة من يرى في محيط الرئيس دياب انه كان صريحا وواضحا لأن زيارة "لودريان" لم تسفر عن اي نتائج باستثناء المساعدة التي ستقدم للمدارس الفرنسية واللبنانية الفرانكوفونية لمنعها من الانهيار. صحيح ان زيارة "لودريان" كسرت الحصار الذي كان مفروضا على الحكومة واعادت وصلها مع العالم الخارجي، الا ان محيط دياب يرى انه في المضمون فإن الحصار لا يزال مستمرا وان الابواب ستظل مقفلة امام المساعدات الحقيقية حتى اشعار آخر، خصوصا ان الرئيس دياب استخلص من مواقف "لودريان" ان القرار الدولي حتى الان هو عدم مساعدة لبنان، وفي احسن الحالات يمكن ان تصل مساعدات تشكل "اوكسجين" لانعاش اللبنانيين ليس اكثر منعاً للاختناق التام. وفي رأي المحيطين برئيس الحكومة ان ما صدر عنه يؤشر الى ان الحكومة والمجتمع الدولي ليسا على موجة واحدة في مقاربة الاصلاحات، سواء لناحية تحديد طبيعتها او قياس وتيرتها، وان كلا منهما يفهمها على طريقته ووفق اولوياته. ولا يخفي احد الوزراء القريبين من دياب الانزعاج من الطريقة التي خاطب بها الوزير الفرنسي المسؤولين اللبنانيين خلال وجوده في بيروت، لافتا الى انه اعتمد سياسة " تهبيط الحيطان" علينا.

 ويكشف هؤلاء ان دياب عدد لضيفه الفرنسي الاصلاحات التي اقرتها الحكومة منذ تشكيلها شارحاً له اهميتها وحيويتها، من الخطة المالية الى التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان وغيرها، وان الوزير الفرنسي كان يسجل ملاحظات على دفتر رافقه في جولته وان كان ابدى "تعجباً" حيال ما كان يسمع من تبريرات حول التأخير في انجاز الاصلاحات يعود الى مفاعيل التراكمات الثقيلة في مختلف المجالات، ومن جهة اخرى الى مكابرة المنظومة السياسية المالية التي تتحكم بمفاصل الدولة منذ عقود. وفيما يتحدث المحيطون برئيس الحكومة تفهم "لودريان" في مرحلة من مراحل المحادثات مع رئيس الحكومة، لكنهم يقولون ان الضيف الفرنسي بدا وكأنه لا يريد ان "يقتنع" بأن ثمة اصلاحات تحققت وان التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان هو قرار اصلاحي مفصلي وشديد الاهمية لانه سيسمح بتقفي اثر كل ما خرج من مصرف لبنان في الحقبة الماضية وبالتالي يمكن ان يقود الى كشف جفايا الهدر والفساد في عدد من ادارات الدولة ومؤسساتها بعيداً عن الاتهام السياسي والاحكام المسبقة.

وبين اتهامات المعارضة ودفاع المحيطين بالرئيس دياب يبدو ان هذا الملف مرشح للطي بعدما تفاعل كثيرا خلال الاسبوعين الماضيين، لكن اثره سيبقى ماثلاً ما يستوجب حركة اكثر من الرئيس دياب لتصحيح الصورة التي تكونت عنه لدى الفرنسيين، خصوصا انه لم يبق للبنان الا فرنسا للوقوف الى جانبه، وان زيارة "لودريان" اظهرت عدم عزلة حكومة الرئيس دياب، الامر الذي يفرض ردة فعل لبنانية توازي ابعاد الزيارة الفرنسية...